الخبر:



مفكرة الإسلام: حث المسجد الكبير في العاصمة الفرنسية باريس اليوم الاثنين على اتخاذ رد حازم من جانب السلطات العامة على خلفية محاولة إحراق مسجد يقع جنوب غرب فرنسا، وحذر من تزايد الاتجاهات المعادية للإسلام في البلاد.





التعليق:



كتبه : مصطفى محمود




كان مسلمو منطقة "كوليميار" في ضواحي مدينة "تولوز" الفرنسية، في صبيحة يوم الأحد الفائت، على موعد مع حريق شبَّ في مسجدهم (مسجد السلام)؛ حيث أتت النار بصورة شبه كلية على المسجد الذي يبلغ عمره سنتيْن، ويؤمه في صلاة الجمعة ما يربو على 500 مصلٍّ.



الحادث ليس الأول من نوعه في فرنسا، وبالطبع لا ينتظر أن يكون الأخير .. كما هو الحال في عموم أوروبا التي باتت تشهد في السنوات الأخيرة نموًا متزايدًا في الأعمال العدائية ضد كل ما له صلة بالإسلام، ولو كان قبرًا ضمَّ رفات مسلم قضى منذ سنوات بعيدة.



وليس حادث تدنيس عشرات المقابر في القسم الذي يخص المسلمين من مقبرة "نوتردام دو لوريت" العسكرية بالقرب من مدينة أراس شمالي فرنسا، منا ببعيد. وبالطبع لم يكن هذا الحادث الأول من نوعه فيما يخص تدنيس مقابر المسلمين، ولن يكون الأخير.



أوروبا، قارة الحريات والديمقراطية وما شئتَ من هذه الأوصاف التي خلعوها على أنفسهم، أضحت تشهد موجة عارمة من العداء للإسلام والمسلمين .. موجة طالت كل ما هو مباح ومحرَّم؛ طالت مساجد المسلمين ومقابرهم .. طالت معتقداتهم ومقدساتهم .. طالت حجاب نسائهم وبناتهم .. حتى بلغت القرآن والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم.



نحن -إذن- أمام موجة عداء ضد الإسلام والمسلمين عمت بلدان أوروبا حتى شكلت ظاهرة لا يستطيع أن ينكرها منكر أو يشكك فيها مشكك.



فهناك رفض لحجاب المرأة المسلمة في المؤسسات الرسمية بدأ في فرنسا، ومنها استشرى في غيرها من دول أوروبا، وهذا موضوع قديم حديث لا نريد أن نطيل النفَس فيه.



لكنَّ هذه الظاهرة دخلت مرحلة جديدة بالتطاول على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، والذي تمثل في هذه الرسوم الكاريكاتورية المسيئة التي نُشرت أولَ ما نُشرت في إحدى الصحف الدنماركية في سبتمبر من العام 2005، ثم لم تلبث أن تناقلتها وسائل إعلام مختلفة في عموم أوروبا والعالم؛ ما أثار موجة غضب عارمة بين المسلمين في شتى بقاع الأرض والذين هبوا للدفاع عن نبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم.



وفي تكرار لهذه الإساءة البالغة، أعادت 17 صحيفة دنماركية في منتصف فبراير الماضي، نشر أحد هذه الرسوم؛ ما جدد موجة الغضب بين المسلمين في العالم.



أحدثُ هذه العداءات الأوروبية المتتابعة ضد الإسلام والمسلمين، تمثل فيما أقدم عليه نائب هولندي متطرف يدعى "غيرت فيلدرز"، في مارس الماضي، من نشر فيلمه "فتنة" المناهض للإسلام، والذي كشف عن فهمٍ سقيمٍ لآيات القرآن الكريم.



تشدقت أوروبا في هذا العداء المتكرر ضد الإسلام بما تدعيه من "حرية التعبير"، وترفض حكوماتها ومؤسساتها الرسمية الاعتذار للمسلمين بدعوى "حرية التعبير" أيضًا ... وكأن "حرية التعبير" هذه لا تذكر إلا إذا تعلق الأمر بالإساءة للإسلام والمسلمين .. وكأن "حرية التعبير" تلك لا تُعرف إلا لتُرفع في وجه المسلمين المدافعين عن مقدساتهم ورموزهم.



أما إذا تعلق الأمر مثلا بإنكار "المحرقة النازية" فتقام "المحارق" والمحاكم لمنكريها، وكأنهم خاضوا في أمر مقدس ما كان لهم أن يقتربوا منه. وليس يغيب عنا ما حدث للمفكر الفرنسي "روجيه جارودي"، وليس ما ناله لأنه أنكر "المحرقة النازية"، ولكن لأنه شكك – فقط شكَّك- في أعداد الهالكين فيها.



"حرية التعبير" التي يتشدق بها الغرب تتجلى واضحةً في الضغوط القوية التي مارستها الكنيسة والمنظمات الكاثوليكية في أمريكا، مؤخرًا؛ لمنع عرض فيلم وثائقي، كتبه قسٌّ كاثوليكي سابق، يتهم الكنيسة بمعاداة اليهود ويتهمها بالعنف التاريخي وشن حروب دموية باسم الصليب!.



ليست المسألة -إذن- "حرية تعبير" بل هي واقع مرير تعيشه أوروبا والغرب كله في موقفها من المسلمين وعدائها الذي تُبديه ولا تُخفيه من الإسلام. ومع كل هذا باتت أوروبا تعيش حالة من "الخوف المرضيّ من الإسلام" أو إن شئتَ فقل كما تقول اللغات الأجنبية "إسلاموفوبيا".



هذا "الخوف المرضيَّ من الإسلام" الذي انتشر كالوباء في جميع بلدان أوروبا، مرده فيما يبدو إلى تزايد أعداد المسلمين حتى بين سكان القارة الأصليين في الوقت الذي تتصاعد فيه ظاهرة هجر الكنائس ويتراجع اهتمام الأوربيين بالمسيحية.



رابط الخبر : http://www.islammemo.cc/Al-Mesbar/2008/04/22/62783.html

ابو حنيفة المصرى