بسم الله الرحمن الرحيم

أصل الشبهة...

الشبهة من أقدم الشبهات التي أثيرت حول شخص النبي الكريم(ص) وحول رسالته(ص) قال تعالى "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا { 4} وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا { 5} قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا"الفرقان(4-6)
فالشائعات التي أثارها المشركون حول النبي الكريم(ص)كما حكى عنها القرآن "بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ" {الأنبياء/5}هذه الشائعات و الأكاذيب التي أثيرت عن النبي(ص) كما أثيرت على الرسل من قبله" مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ "{فصلت/43} لم تجب شائعات الكفار الأولى عن سؤال بديهي وهو...كيف علم محمد(ص) بقصص الأنبياء وهو أمي من أمة أمية لم يسبق لها العلم بقصص الأنبياء من قبل...فكان لابد من إضافة هذه الشائعة لصرف الناس عن دعوة النبي(ص) وقصص القرآن...وقد فند القرآن هذه الشبهة بأسلوبه المعجز ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لبيان ذلك...

ومع صولات المستشرقين في تراثنا و في إطار سعيهم الدائب للنيل من نبوة محمد(ص) أعادوا ترديد ما ردده أبو جهل و أبو لهب من الشائعات والتهم...ثم تلقفها منهم ببغاوات النصارى وجهلاؤهم من أمثال أنيس شاروس و زكريا بطرس...
مع العلم بأن الكثير من هؤلاء المستشرقين لا ينفون نبوة النبي محمد(ص) فقط ، و إنما ينفون الوحي الإلهي ابتداءا..فمثلا يرى بعض هؤلاء المستشرقين أن الديانة اليهودية و التشريع اليهودي أخذهما موسى عليه السلام من قدماء المصريين ، ولكن هؤلاء الببغاوات و الحمقى من المنصرين يرددون ما يردده المستشرقون وهم يجهلون أو قل يتجاهلون أنهم ينشرون كلاما و أسلوبا في التفكير يناقض الوحي الإلهي من الأساس ، و أن ما يلقنونه لتلاميذهم ومريديهم المساكين اليوم من أكاذيب لنقض نبوة سيدنا محمد(ص) سيقود هؤلاء التلاميذ غدا لنقض نبوة موسى و عيسى عليهم السلام...

ولللأسف الشديد فإن هذه الشبهة مع سخافتها وسماجتها وجدتها ذائعة السيط بين النصارى لا أعني المنصرين ولكن أعني عوام النصارى...

و لأن القرآن المعجز ماترك حجة ولا شبهة للكافرين إلا وأبطلها فسأحاول أن أناقش هذه الشبهة من خلال كتاب الله تعالى عسى الله أن يجعل الله هذا الكلام سببا في هداية نصراني يريد الحق أو يجعله سببا في تثبيت مسلم أكتنفته الشياطين أو أناقشه مع إخواني فننال به ثواب مدارسة القرآن إن شاء الله...

الرد على الشبهة...

أولا: نحن المسلمين نؤمن تمام الإيمان أن آيات القرآن الكريم التي أنزلها الله على محمد صلى الله عليه وسلم تحتوي على آيات أنزلها الله على الأنبياء من قبله سواءا بنصها أو معناها.وأن هذا لا يطعن أبدا في نبوة محمد(ص)بل يؤكدها ويعضدها...

والأدلة على هذا كثيرة جدا ، وفيما يلي بعضا منها و أرجوا من إخواني إضافة المزيد.

1 - أن الله سبحانه هو الذي الذي أوحي إلى النبي (ص)كما أوحى إلى الأنبياء من قبله وطالما أن المصدر واحد فلا يبعد أن تتكرر الآيات من كتاب لآخرفكلاهما وحي وكلاهما يخرج من مشكاة واحدة.
قال تعالى" إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا" {النساء/163}
وقال" وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" {الزمر/65}


2 - أن الله قص على نبيه قصص الأنبياء من قبله وما أوحاه إليهم وبديهي أن هذه القصص مذكورة في كتب هؤلاء الأنبياء قال تعالى عن موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام" وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ" {إبراهيم/6} وقال تعالى عنه أيضا "وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ "{الأعراف/145}
فلا شك أن القصة بتفاصيلها والألواح وما فيها من مواعظ وتفاصيل قد علمها موسى عليه السلام لقومه حفظها من حفظها ونسيها من نسيها ثم جاء القرآن وذكرها للنبي(ص) ليعلمها لقومه كما علمها موسى عليه السلام لقومه..وما ذكرناه على موسى ينطبق على إبراهيم وعيسى وغيرهم من الأنبياء.

3-أخبرنا القرآن عن بعض الكلمات و التشريعات التي أنزلها على الأمم التي قبلنا فهذه الكلمات والتشريعات موجودة في الكتب السابفة بشهادة القرآن نفسه.
قال تعالى عن التوراة" إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ { } وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" {المائدة44/45}

فهذا النص الموجود في القرآن مكتوب في التوراة بشهادة القرآن نفسه..

وقال تعالى:" أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى {النجم/36} وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى {النجم/37} أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {النجم/38} وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى {النجم/39} وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى {النجم/40} ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى {النجم/41} وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى {النجم/42} وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى {النجم/43} وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا {النجم/44}وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى {النجم/45} مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى {النجم/46} وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى {النجم/47} وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى {النجم/48} وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى {النجم/49} وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى {النجم/50} وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى {النجم/51} وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى {النجم/52} وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى {النجم/53} فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى"

وقال تعالى" قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى {الأعلى/14} وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى {الأعلى/15}
بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا {الأعلى/16} وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى {الأعلى/17} إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى {الأعلى/18} صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى {الأعلى/19}"
فهذه الآيات أيضا في صحف إبراهيم وموسى بشهادة القرآن نفسه....

أردت أن أبدأ بهذه النقطة لأني أجد هؤلاء المغفلين الذين يثيرون هذه الشبهة يفرحون ويههللون كلما وجدوا نصا يشابه القرآن من الكتب السابقة و كأنهم قد وجدوا بذلك اليتيمة النادرة التي يجهلها المسلمون ...
نقول لهم أننا نشكركم على كل نص يشابه القرآن تجدوه لنا في كتبكم لأنه يؤكد لنا ما أكده لنا النبي الأمي(ص) من قبل بأن الأنبياء أخوة و أن دينهم واحد.. و لكن لا تحسبوا انكم تخبرونا بشئ جديد فالآيات التي تعلمنا بخبركم وخبر ما تقولون يحفظها كل طفل مسلم..

ثانيا:الله أنزل القرآن بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه...

قال تعالى "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ..."الآية. {المائدة/48}
قال ابن جريرفيما نقله عنه ابن كثير" القرآن أمين على الكتب المتقدمة قبله فما وافقه منها فهو حق وما خالفه منها فهو باطل..."

وحتى نفهم هذه الآية ولنعلم لماذا تحتاج الكتب السابقة مهيمنا عليها لنقرأ سويا ما ارتكبه أهل الكتاب من جرائم في حق كتبهم.
1-النسيان.
قال تعالى عن اليهود" فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "{المائدة/13}
وقال عن النصارى "وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ "{المائدة/14}

2-الإيمان ببعض الكتاب و الكفر ببعض.
قال تعالى "أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ "{البقرة/85}

و لكن النسيان و الكفر ببعض الكتاب له ما بعده فقد يأتي آت ويقرأ الكتاب ثم ينكر على هؤلاء المجرمين أفعالهم.
فقام هؤلاء المجرمون بما هو أفظع من النسيان والكفر ببعض الكتاب ألا وهو.

3-الكتمان و الإخفاء.
قال تعالى" وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ" {آل عمران/187}

4-التحريف والكذب على الله.
قال تعالى "وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ "{آل عمران/78}

عنندما كنت أقرأ كتاب "تحريف مخطوطات الكتاب المقدس" لللأستاذ علي الريس , و قرأت بعض النماذج التي عرضها مشفوعة بالصور لهذه التحريفات الواضحة في المخطوطات الأصلية كنت أضرب كفا بكف ،
هؤلاء المجرمون يحرفون في المخطوطة الأصلية التي هي مرجع النصارى في العالم أجمع!!!
من ضعفت نفسه و أراد التحريف فليحرف فيما يقرأه للعوام أوليحرف في نسخته الخاصة أو في نسخة كنيسته أو حتى مملكته أو إمارته.ولكن يحرف ويعدل في المخطوطة الأصلية لكي تضيع الحقيقة إلى الأبد...فهذا نوع من الإجرام يعسر علي أن أفهم نفسية صاحبه!!!
ثم تذكرت وعيد الله لهؤلاء القوم فطابت نفسي وحمدت الله الذي ذكر لنا عقوبة هؤلاء القوم لكي يكونوا عبرة لغيرهم.
قال تعالى متوعدا هؤلاء المجرمين "إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ {البقرة/159} إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {البقرة/160}"
و قال أيضا "فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ" {البقرة/79}

أعلم أن النصارى لا يعترفون بتحريف وضياع كتبهم , و هذا موضوع آخر و لكن الحمد لله الأخوة قد أفاضوا وأجادوا في إثبات هذا التحريف ، ومن أراد الاستزادة فعليه بكتاب تحريف مخطوطات الكتاب المقدس للأستاذ علي الريس وهو موجود في مكتبة المنتدى.

و مما سبق يتبين أن الكتب المقدسة التي كانت موجودة على عهد النبي (ص)والموجودة إلى الآن قد وصلت إلى حالة مزرية بعد أن نسي منها ما نسي وكتم ما كتم وحرف ماحرف , و إن بقت فيها آثار من الوحي الإلهي ولكن بيان الوحي اللإلهي من غيره صار شيئا عسيرا إن لم يكن مستحيلا بعد ما فعله أجيال و أجيال من المحرفين والكتامين الذين لم تنقطع سيرتهم السيئة هذه إلى الآن .وأصبحت الوسيلة الوحيدة لبيان الحق في هذا الركام هي وحي إلهي جديد يأتي"... مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ..." فيثبت السليم وينفي الكذب ويبين ماتم إخفاؤه وتحريفه.

ومن هنا نعلم أن إعادة القرآن ما قصته الكتب السابقة مبينا السليم منها من السقيم هو نعمة عظيمة ورحمة من الله عز وجل بأهل الكتاب" يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ" {المائدة/15}
فماذا كان رد أهل الكتاب على تصحيحات الرب لما في كتبهم؟؟؟
آمن منهم من آمن فجزاهم الله خيرا عن إيمانهم.ولكن جلهم بقوا على متابعتهم للمحرفين والكتامين الذين أذاعوا لهم هذه الشبهات فما كان موافقا لما في كتبهم مما لم ينله التحريف قالو هذا منقول من عندنا فلن نؤمن أنه من عند الله . وما صحح الله به الأغاليط التي حرفوها قالوا هذا مخالف لما هو عندنا فلن نؤمن به أيضا.
وإذا قيل لهم أن معجزة النبي الأساسية والباقية إلى يوم القيامة هي القرآن قالوا وأين المعجزات الحسية ، فإذا رويناها لهم من القرآن و من كتب السنن قالوا إنا لم نرها فهي لا تلزمنا ولا أدري ما هي الوسيلة التي من الممكن أن يؤمن بها هؤلاء القوم أن هناك رسولا جاء بعد عيسى عليه السلام وصدق الله العظيم "وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ" {الأنعام/111}
وصدق الله العظيم" فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ {المدثر/49} كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ {المدثر/50} فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ {المدثر/51} بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفًا مُّنَشَّرَةً {المدثر/52}"
والحمد لله على نعمة الإسلام..

يتبع إن شاء الله