وانشق القمر

د. جمال الحسيني أبو فرحة
أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بكلية المجتمع جامعة طيبة
gamalabufarha@yahoo.com


يقول تعالى: " اقتربت الساعة وانشق القمر. وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر" القمر1. وكثيرًا ما كانت هذه الآية محلا للطعن من غير المسلمين والتأويل من بعض المسلمين ؛ بحجة أن هذه المعجزة لو وقعت لسجلها تاريخ الأمم الأخرى.
وجواب ذلك: أن هذا هو ما حدث بالفعل؛ فقد سجلتها كتب بعض مؤرخي الهند، وأرخت بها لبناء بعض الأبنية؛ ففي المقالة الحادية عشرة من تاريخ فرشته أن أهل مليبار من إقليم الهند رأوه أيضًا .
وقد نقل ابن تيمية عن بعض المسافرين أنه ذكر أنه وجد في بلاد الهند بناءً قديمًا مكتوبًا عليه: ( بني ليلة انشق القمر ) .
ثم إن انشقاق القمر لم يكن أحد من أمم أهل الأرض يترصده وينتظره، وكان في ليل، وفي زمان البرد، ولفترة وجيزة؛ فقلما يراه أحد.
ثم إنه قد يحول بين الرائي والقمر في بعض الأماكن سحاب كثيف؛ فلا يرى هذه المعجزة، هذا بالإضافة إلى اختلاف مطالع القمر؛ فهو لا يرى لكل أهل الدنيا مرة واحدة.
ومن ثمة فإنه من المتوقع ألا يكون رآه إلا عدد محدود من أهل الأرض متفرقين في بلدان شتى، ربما حمل معظم المؤرخين روايتهم على تخطئة الأبصار، أو على نوع من الخسوف.
أضف إلى ذلك أن وصفه تعالى لانشقاق القمر بأنه (آية) :" وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر "؛ يمنع أي محاولة لتأويل هذه المعجزة.
ثم إن نزول القرآن على العرب وتحديه لهم وفيه هذه القصة مع عدم اعتراض أحد منهم عليه ليؤكد حدوثها كما ذكرت الآية الكريمة.
أما في عصرنا الراهن فقد أعلن فريق من العلماء في الولايات المتحدة الأمريكية أنه قد ظهر لهم من الأدلة العلمية ما يؤكد أن القمر قد انشق بالفعل في يوم ما إلى فلقتين ثم التحم مرة أخرى.
والطريف في الأمر أن هؤلاء العلماء ليسوا مسلمين ولا علم لهم بنسبة هذه المعجزة لنبينا – صلى الله عليه وسلم - ؛ فصدق الله العظيم القائل في كتابه الكريم: " ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد " سبإ :6 .