بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و حده و الصلاة و السلام و علي من لا نبي بعده,
و انا اتصفح بعد اقوال المستشرقين عن الإسلام و جدت مقالة يدعي صاحبها ان الإسلام ما هو الي ردة فعل للوثنية و إن المسلمين اختلفوا قصة الوثنية في الحجاز تمهيداً لظهور للإسلام. القرآن طبعا يدين الوثنية، ولكنه لا يكتفي بذلك، بل ينتقدها وينهى عن جميع أنواع الانحرافات عن التوحيد وجميع ألوان الشرك التي كانت سائدة لا في الجزيرة العربية فحسب بل في العالم أجمع. فالقرآن يحرم عبادة الشمس والقمر والأجرام الفلكية الأخرى التي كانت سائدة في بعض مناطق الجزيرة العربية ولكنها جاءت من الشرق إلى الغرب، كما يدل على ذلك وجود معبد السماء (The Temple of Heaven) في بكين (Beijing, China) ووجود أهرامات لعبادة الشمس والقمر والأجرام الفلكية في جنوب شرق آسيا وعبر شمال إفريقيا إلى أمريكية الجنوبية. كذلك ينهى القرآن عن عبادة الجبال والأشجار والأنهار والظواهر الطبيعية مثل السحاب والبرق والرعد. قال تعالى: { لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ } (فصلت: 37) .وقال : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ } (الحج:18). قال : { هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ }{ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ } (الرعد: 12-13). كما ينهى الله في القرآن عن تأليه الملائكة والأنبياء والأشخاص البارزين كما كان الناس في شتى أنحاء العالم يفعلون ولا يزالون. يقول عزّ وجلّ : { وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا } (آل عمران: 80)، ويقول : { إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ } (الأعراف: 194). كذلك ينهى الله عز وجلّ في القرآن عن عبادة إلهين، إله للخير وإله للشر، أو إله النور وإله الظلمات، كما كان المجوس يفعلون. يقول عز وجل في القرآن { لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ } ،(النحل:51) { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } (الأنعام: 1) وفي السياق نفسه يستنكر القرآن تأليه عيسى عليه السلام وجعل الأبناء والبنات لله، وفكرة التثليث والتجسد، وغير ذلك من الشرك والانحرافات عن التوحيد، فالقرآن عالمي من ناحيتي المنطلق والرسالة على السواء، فلا داعي للمسلمين لاختلاق قصة للوثنية في الحجاز على غرار ما كان سائدا في النقب، كما يزعم هذا المستشرق وأمثاله.?