محمود سلطان : بتاريخ 13 - 5 - 2007

عشية مؤتمر الشريعة الذي عقد في نقابة الصحفيين يوم أمس 12 مايو 2007 ، دفاعا عن "الشريعة" وعن المادة الثانية من الدستور، نشر "تقرير واشنطن" إطلالة مختصرة على دور "الدين" في تحريك آلة الحرب الأمريكية لتدمير العالم الإسلامي، وهو الدور الذي كان الأعلى صوتا في الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث سبتمبر الدامية، رغم أنه كانت هناك أصوات "مسيحية" غربية عاقلة ورشيدة أدانت حروب بوش الدينية في الشرق الأوسط ، فيهم البابا يوحنا بولس الثاني وخلفه البابا بنديكت الـ16 وعشرات القساوسة الكاثوليك والبروتستانت والإنجيليين.
التقرير يحمل عنوانا لافتا يقول "الدين كمبرر للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط" ، ذكر محرره "عادل الدقاق" عددا من النماذج الدينية والسياسية التي لها سلطة اعتبارية كبيرة في التأثير على اتجاهات الرأي العام الأمريكي وفي صوغ قناعاته وأشواقه وأحلامه في الحاضر وفي المستقبل.
ومنها على سبيل المثال :
" تيم لاهاي" ، وهو أحد أبرز رجال الدين المقربين من الرئيس بوش والأكثر تأثيرا في الولايات المتحدة على مدى السنوات الـ25 الأخيرة من القرن العشرين، قال في أكثر من مناسبة على شاشات التلفزيون وفي البرامج الحوارية: إن الحرب سواء في أفغانستان أو العراق ضرورية بالنسبة للمؤمنين .. وإن "العراق يشكل نقطة محورية خلال أحداث نهاية العالم" ، حيث إن العراق سيلعب دورا أساسيا في معركة هرمجدون التي ستقع في مجدو في فلسطين".
"تيم لاهاي" يعتبرونه أكبر خبير ديني في شئون "الحشر ويوم القيامة" ، ومن منطلق هذا "التخصص" استطلع رأيه في عملية تدمير العراق في أكثر من مقال وفي سلسلة تصريحات صحفية ، وكان رأيه مستقرا عند هذه الجملة :"بعد غزو العراق وتخليصه من حكم الطاغية وإعتاق شعبه وإعادة إعماره سيصبح العراق الدولة العربية الوحيدة التي لن تدخل في حرب ضد إسرائيل وضد جيش الله خلال الحرب الأخيرة".
"بات روبرتسون" ، رئيس شبكة التلفزيون المسيحية CBN ومؤسس بعض المراكز والجامعات الخاصة بتدريس المسيحية ، قال أكثر من مرة في برنامجه الشهير"نادي السبعمائة" إن صدام حسين "يمثل قوى الشر المعادية للمسيح التي تحاول تقويض قيام الدولة الموعودة "دولة الله في الأرض" التي ستقام لمدة 1000 سنة بعد عودة المسيح" .

" جيري فالويل" ، المقرب من الرئيس بوش ورئيس قساوسة كنيسة طريق توماس المعمدانية في لينش بورغ بولاية فيرجينيا، ومؤسس بعثات فالويل المسيحية ومستشار ومؤسس جامعة الحرية الدينية بفرجينيا أيضا ، قال عنه تقرير واشنطن بالنص : "وفي الوقت الذي كانت فيه حكومة الرئيس بوش تدق طبول الحرب التي ستشنها على العراق ، كان فالويل يشدد خلال عظات يوم الأحد على ضرورة تأييد قرار الحرب لأنها حرب مقدسة، وقال "إننا عندما نشن الحرب في العراق سنقوم بذلك لإعادة المسيح إلى الأرض لكي تقوم الحرب الأخيرة التي ستخلص العالم من جميع الكافرين".
ونقل عنه أيضا قوله:" إن الإنجيل ينص على أن الله يوجب على المؤمنين معاقبة الكافرين" ، مستشهدا بسور من الإنجيل.. ونقل عن مقال له بعنوان "إن الله مؤيد للحرب" قوله: إن المسيحيين كانوا يجادلون بشأن قضية شن الحرب ضد قوى الشر منذ عقود طويلة ، وأن "الإنجيل لم يلتزم الصمت بشأن هذه القضية"، وأضاف أنه في الوقت الذي نص فيه الإنجيل مرات عدة على ضرورة أن يجنح المرء للسلم ، نص أيضا على الحرب. وقال "إنه في الوقت الذي يعتبر فيه رافضو الحرب أن السيد المسيح مثال للسلام غير المتناهي، يتجاهلون الرواية بكاملها التي وردت في الرؤية التاسعة عشرة ، ويظهر فيها المسيح وفي يده سيف حاد يصعق الأمم ويحكمهم". وأضاف "أن الإنجيل ينص على أن هناك وقتا للسلم ووقتا للحرب".
لم يكتف التقرير بنقل هذا الهوس الديني المعادي للعالم الإسلامي والداعي إلى تدميره بـ"اسم الرب" من قبل رجال الدين الإنجيليين، بل أشار إلى وجود اتجاه متطابق داخل النخب السياسية والعسكرية بالولايات المتحدة الأمريكية، وينقل عن النائب "توم ديلي" ـ عندما كان يتولى منصب زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب ـ قوله إنه يتعين دعم الحرب ضد العراق لأنها "البشير الذي يسبق عودة المسيح إلى الأرض ويفسح المجال لحدوثها".
ونقل عن قائد العمليات السرية في الجيش الأمريكي " الجنرال بويكن" والذي تولى مهمة القضاء على أسامة بن ولادن وصدام حسين وعُين فيما بعد نائبا لوزير الدفاع لشؤون الاستخبارات تصريحاته المتعددة بأن "الحرب التي تشنها الولايات المتحدة ضد ما تصفه بالإرهاب هي صراع بين القيم المسيحية اليهودية والشيطان" ، وقوله في يونيو 2003 في كلمة بإحدى الكنائس بولاية أوريغان إن "المتطرفين الإسلاميين يكرهوننا لأننا أمة مسيحية، ولأن أساسنا وجذورنا تنبعث من القيم اليهودية المسيحية". وتابع يقول إن الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة ضد الإرهاب "هي حرب ضد عدو اسمه الشيطان" ، وأن الرئيس بوش "تولى منصب الرئاسة في البيت الأبيض لأن الله اختاره لتولي ذلك المنصب". وقوله في كلمة بإحدى الكنائس عام 2002 وهو يرتدي الزي العسكري الأمريكي "إننا جيش الله، في بيت الله، وقد أقيمت مملكة الله لمثل هذه الأوقات التي نعيشها" .
هذا "الهوس" يحدث في "أرض الأحلام" .. الولايات المتحدة الأمريكية، بدون أن يشعروا بالخجل! فما الذي يحمل البعض لدينا على الخجل من "الشريعة" ويتطاول عليها ويصفها بما لا يليق ، غير مكترث بمشاعر أكثر من 70 مليون مصري مسلم ، رغم أن ثمة فارقا كبيرا بين "الشريعة" كمظلة آمنة للتعايش بين الأغلبية المسلمة والأقليات الدينية الأخرى، وبين الأساطير "العدوانية" التي يرتكز إليها اليمين المسيحي المتصهين في أمريكا


http://www.almesryoon.com/ShowDetailsC.asp?NewID=34205&Page=1&Part=5