-
:تلبيس إبليس !
رأيت إبليس قد احتال بفنون الحيل.
على الخلق وأمال أكثرهم عن العلم الذي هو مصباح
السالك فتركهم يتخبطون في ظلمات الجهل وشغلهم بأمور الحس ولا يلتفتون إلى مشورة
فإذا ضاق بأحدهم عيشه أو نكب اعترض فكفر.
فمنهم من ينسب ذلك إلى الدهر والدنيا لا يفعلان وإنما هو عيب للمقدر.
ومنهم من يخرجه الأمر إلى جحد الحكمة فيقول: أي فائدة في نقض المبنى.
وزعم بعضهم أنه لا يتصور عود المنقوض وأنكروا البعث.
ويقولون ما جاء من ثم أحد.
ونسوا أن الوجود ما انتهى بعد ولو خلفنا لصار الإيمان بالغيب عياناً ولا يصلح أن يدل على
الأحياء بالأحياء.
ثم نظر إبليس فرأى في المسلمين قوماً فيهم فطنة فأراهم أن الوقوف على ظواهر الشريعة حالة
يشاركهم فيها العوام.
فحسن لهم علوم الكلام وصاروا يحتجون بقول بقراط وجالينوس
وفيثاغورس.
وهؤلاء ليسوا بمتشرعين ولا تبعوا نبينا صلى الله عليه وسلم وإنما قالوا بمقتضى ما سولت لهم
أنفسهم.
وقد كان السلف إذا نشأ لأحدهم ولد شغلوه بحفظ القرآن وسماع الحديث فيثبت الإيمان في
قلبه.
فقد توانى الناس عن هذا فصار الولد الفطن يتشاغل بعلوم الأوائل وينبذ أحاديث الرسول
وأصحاب الحديث عندهم يسمون حشوية.
ويعتقد هؤلاء أن العلم الدقيق علم الطفرة والهيولي والجزء الذي لا يتجزأ.
ثم يتصاعدون إلى الكلام في صفات الخالق فيدفعون ما صح عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم بواقعاتهم.
فيقول المعتزلة إن الله لا يرى لأن المرئي يكون في جهة ويخالفون قول رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " إنكم ترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته ".
فأوجب هذا الحديث إيثار
رؤيته وإن عجزنا عن فهم كيفيتها.
وقد عزل هؤلاء الأغبياء عن التشاغل بالقرآن وقالوا مخلوق فزالت حرمته من القلوب.
وعن السنة وقالوا أخبار آحاد.
وإنما مذاهبهم السرقة من بقراط وجالينوس.
وقد استفاد من تبع الفلاسفة أنه يرفه نفسه عن تعب الصلاة والصوم وقد كان كبار العلماء
يذمون علم الكلام حتى قال الشافعي: حكمي فيهم أن يركبوا على البغال ويشهروا ويقال: هذا
جزاء من ترك الكتاب والسنة واشتغل بالكلام.
وقد آل بهم الأمر إلى أن اعتقدوا أن من لم يعرف تحرير دليل التوحيد فليس بمسلم.
فالله الله من مخالطة المبتدعة.
وعليكم بالكتاب والسنة ترشدوا.
رأيت العادات قد غلبت الناس في تضييع الزمان وكان القدماء يحذرون من ذلك قال الفضيل:
أعرف من يعد كلامه من الجمعة إلى الجمعة.
ودخلوا على رجل من السلف فقالوا: لعلنا شغلناك فقال: أصدقكم كنت أقرأ فتركت القراءة
لأجلكم.
وجاء رجل من المتعبدين إلى سري السقطي فرأى عنده جماعة فقال: صرت مناخ البطالين
ثم مضى ولم يجلس.
ومتى لان المزور طمع فيه الزائر فأطال الجلوس فلم يسلم من أذى.
وقد كان جماعة قعوداً عند معروف فأطالوا فقال: إن ملك الشمس لا يفتر في سوقها أفما
تريدون القيام.
وممن كان يحفظ اللحظات عامر بن عبد قيس قال له رجل: قف أكلمك قال: فأمسك
الشمس.
وقيل لكرز بن وبرة: لو خرجت إلى الصحراء فقال: يبطل الزوجار.
وكان داود الطائي يستف الفتيت ويقول: بين سف الفتيت وأكل الخبز قراءة خمسين آية.
وكان عثمان الباقلاني دائم الذكر لله تعالى فقال إني وقت الإفطار أحس بروحي كأنها تخرج
وأوصى بعض السلف أصحابه فقال: إذا خرجتم من عندي فتفرقوا لعل أحدكم يقرأ القرآن في
طريقه.
ومتى اجتمعتم تحدثتم.
واعلم أن الزمان أشرف من أن يضيع منه لحظة فإن في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه قال: من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له بها نخلة في الجنة.
فكم يضيع الآدمي من ساعات يفوته فيها الثواب الجزيل وهذه الأيام مثل المزرعة فكأنه قيل
للإنسان.
كلما بذرت حبة أخرجنا لك ألف كر فهل يجوز للعاقل أن يتوقف في البذر
ويتوانى.
والذي يعين على اغتنام الزمان الانفراد والعزلة مهما أمكن والاختصار على السلام أو حاجة
مهمة لمن يلقى.
وقلة الأكل فإن كثرته سبب النوم الطويل وضياع الليل.
ومن نظر في سير السلف وآمن بالجزاء بان له ما ذكرته.
ابوعبدالله
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة مجاهد في الله في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 10
آخر مشاركة: 27-02-2013, 06:04 PM
-
بواسطة أبو مريم المصري في المنتدى حقائق حول التوحيد و التثليث
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 18-08-2007, 02:01 AM
-
بواسطة أبو حمزة الأسد في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 02-08-2007, 05:40 PM
-
بواسطة عبد الله القبطى في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 07-05-2007, 10:18 PM
-
بواسطة الريحانة في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 4
آخر مشاركة: 17-06-2006, 09:46 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى
المفضلات