بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
إن التاريخ تصنعه الدول بأممها وشعوبها وأفرادها ، والأمم تكتب وتسجل أمجادها بأسمائها وأسماء عظمائها من القادة الأفذاذ من أبنائها،إن من يصنع أمجاد التاريخ هم الرجال, وان المواقف عبر التاريخ هي التي تكشف وزن الرجال, وهنا لا بد من الوقوف وقفة مع الرجال وأشباه الرجال!، أم أن الذكورة في الرجال تكفي لأن يقف الإنسان موقف الرجال المشرف نعم فهناك فرق بين الرجولة والذكورة.
قال تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْقَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) و هنا تبين الآية أن هناك رجالاً، وهم ليسوا كل المؤمنين، ولم تقل الآية من المؤمنين ذكور، فليس كل ذكر رجلاً، ولا كل أصحاب العضلات المفتولة رجالاً، ولا كل أصحاب النياشين البراقة رجالاً، ولا كل الأمة الإسلامية ذات المليار ونصف المليار كلهارجالاً.وقد حددت الآية صفات للرجال، فوصف الرجال في القرآن منح لصنف معين من الناس، وهم الذين صدقوا ثم لم يغيروا ولم يبدلوا، فلم يهادنوا ولم يداهنوا ولم ينافقوا، ولم يتنازلوا عن أرض أو عرض ولاعن حكم شرعي واحد, هم أصحاب المبادئ الثابتين على الحق, ثم تكمل الآيات صفاتهم وطبيعتهم: (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ) لا ينغمسوا في لهو هذه الدنيا وحطامها على حساب ذكر الله والالتزام بشرعه والعمل لدينهم وإعلاء كلمة ربهم فالالتزام بشرع الله هو للرجال, ثم تأتي الآيات فتكمل : (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) وقال تعالى: (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ)] فالنصح والنصيحة وقول الحق وحمل الناس على الالتزام به هو للرجال, خاصة في زمن عز فيه قول الحق وبذل النصيحة بصدق وتفاني ,ثم تأتي الآيات على صفة أخرى . قال تعالى: (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) هذا الرجل الذي لم يخشَ الطاغية المتكبر المتجبر فرعون, تمثلت فيه الرجولة الحقة, إنها قول الحق في الله دون أن تخشى فيه أحدا حتى وان كان الهلاك والموت, يقول الرسول "ورجل قام إلى سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله" إنها التضحية في سبيل قول الحق صفة من أرقى صفات الرجال,.
هؤلاء هم الرجال الذين ذكرهم الله سبحانه وتلك صفاتهم وخصالهم ومقومات رجولتهم
وقد ورد عن سيدنا علي أنه قال: «أحمد ربي على خصال خص بها سادة الرجال: لزوم صبر وترك كبر، وصون عرض، وبذل مال» فالرجولة مكتسبة يحملها الإنسان أو يتخلى عنها وهي امر ليس خاصا بالذكور, فكم من النساء وقفت مواقف الرجولة وسطرت امجادا لهذه الامة.
فالأمر محرج أن نبقى نتغنى بالأمجاد ونفتخر بها وفي كتابتها، ولا نعمل بما يتوجب علينا فعله ونقتدي بهم ملتزمين بديننا. .
فقد اختفى الرجال من الساحات إلا من رحم ربي، واختفت المواقف وظهرت المواقف المخزية؛ فعطلت أحكام الشرع، وأسقطت الخلافة، وظهرت دول التشرذم والتمزيق، فأوقفوا صناعة التاريخ المشرف،
لاوالله.
إن التاريخ سوف يكتب ويسجل كما سجل سابقاً. كل من ارتبط اسمه بالخيانة والخنوع والعمالة للكفار، إن التاريخ سوف يكتب ويسجل ويربط الأحداث بالأشخاص تبعاً لمواقفهم،
فيجب علينا كتابة تاريخ جديد كما سطره أجدادنا، فما زالت أمتنا تنجب رجالاً ولا زالت صفحات التاريخ مفتوحة أمام المخلصين لكتابته من جديد. تاريخ يعيد للأمة مجدها وعزها، فكما خلَّد التاريخ اسم المعتصم بفتح عمورية لاجل امرأة استغاثت به , فان غزة الجريح تنتظر من تخلد اسمه, وكما خلَّد التاريخ اسم محمد الفاتح بفتح القسطنطينية, فإن روما تنتظر من يخلد اسمه في صفحات تاريخ مشرف في القريب العاجل إنشاء الله... وكذا فلسطين وسائر بلاد المسلمين المحتلة... وقبل كل ذلك، فإن الأمة كلها تنتظر من يقيم لها أمر دينها، خلافةً راشدةً على منهاج النبوة، يرضى عنها ساكن السماء والأرض. قال تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوااللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَابَدَّلُوا تَبْدِيلاً)
المفضلات