العلاقات الإسلامية النصرانية رؤية شرعية في الماضي والحاضر والمستقبل

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

 

 

    

 

العلاقات الإسلامية النصرانية رؤية شرعية في الماضي والحاضر والمستقبل

النتائج 1 إلى 10 من 11

الموضوع: العلاقات الإسلامية النصرانية رؤية شرعية في الماضي والحاضر والمستقبل

العرض المتطور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    4,001
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-01-2019
    على الساعة
    06:55 PM

    افتراضي العلاقات الإسلامية النصرانية رؤية شرعية في الماضي والحاضر والمستقبل

    العلاقات الإسلامية النصرانية
    رؤية شرعية في الماضي والحاضر والمستقبل


    الجزء الأول :
    إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هـادي له، وأشـــهد أن لا إله إلا الله وحـــده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ أرسله الله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وأنزل عليه كتاباً لا يغسله الماء، ففتح الله به قلوباً غلفاً، وأعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وأقام به الحجة، وأضاء به المحجة، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار. فصلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله، وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد: فلقد كان أولى الناس باتباع محمد صلى الله عليه وسلم أهل الكتاب، وذلك لأسباب:
    أحدها: أنه البشارة المرتقبة التي زفها الأنبياء إلى أقوامهم، وخلعوا عليه وعلى أتباعه أجلَّ الأوصاف، وأكرم المعاني، فتعلقت أفئدتهم بذلك النبي المنتظر،ـ: على لسان عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَد} [الصف: 6]، وقال: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْـمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْـمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْـخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157].
    والثاني: أنه البينة التي بها افتكاكهم من دوامة الخلاف المرير الذي مزقهم كل ممزق، حتى كفَّر بعضهم بعضاً، وقتل بعضهم بعضاً،ـ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْـمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 1] .
    والثالث: أنه فَتْحٌ لأهل الإيمان على أهل الشرك والأوثان، ـ: {وَلَـمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّـمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة: 89] .
    ولكن هذا التوقع لم يقع إلا بصورة جزئية فردية، فقد تحددت مواقف أهل الكتاب؛ من يهود ونصارى، إبان العهد النبوي، وحين تنزل القرآن. وبدلاً من أن تنضوي زعامتا الديانتين (اليهودية والنصرانية) في الديانة الإسلامية التي تمثل الامتداد الطبيعي لملة إبراهيم عليه السلام؛ ناصبتاها العداء، وتفنَّنتا في ردها، ومحاولة وأدها في مهدها.
    ونقصد في هذه المقالة الإلمام بمجمل العلاقات التاريخية بين المسلمين والنصارى؛ بوصفها الجبهة الساخنة ذات الشوكة والمواجهة، والكر والفر، والمد والجزر، على مدار التاريخ، بينما تختفي اليهودية في معظم فترات التاريخ عن الصدارة بسبب القلة العددية، والشتات القومي ليهود، والذلة والمسكنة التي ضربها الله عليهم، دون التقليل من خطرهم وكيدهم الخفي.
    ولا شك أن الإحاطة بتفاصيل ومفردات العلاقات التاريخية بين المسلمين والنصارى عمل موسوعي ضخم؛ يتطلب توافر عشرات الباحثين عليه لِسِعَة رقعته الزمانية والمكانية، وتنوع مادته. والمقصود هنا وضع خطوطٍ عامة بارزة لتكوين خلفية تاريخية، يستصحبها الناظر للأحداث الراهنة، ويستشرف بها المستقبل؛ إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتداعياتها.
    يمكن أن نقسم تاريخ العلاقات الإسلامية ـ النصرانية إلى عدة مراحل متميزة:
    يتبع الجزء الثاني بإذنه تعالى
    :::::::::::::::::::::::::::::::::::::
    المسلم حين تتكون لديه العقلية الاسلامية و النفسية الاسلامية يصبح مؤهلاً للجندية و القيادة في آن واحد ، جامعاً بين الرحمة و الشدة ، و الزهد و النعيم ، يفهم الحياة فهماً صحيحاً ، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها و ينال الآخرة بالسعي لها. و لذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا ، و لا ياخذه الهوس الديني و لا التقشف الهندي ، و هو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، و في الوقت الذي يكون فيه سرياً يكون متواضعاً. و يجمع بين الامارة و الفقه ، و بين التجارة و السياسة. و أسمى صفة من صفاته أنه عبد الله تعالى خالقه و بارئه. و لذلك تجده خاشعاً في صلاته ، معرضاً عن لغو القول ، مؤدياً لزكاته ، غاضاً لبصره ، حافظاً لأماناته ، و فياً بعهده ، منجزاً وعده ، مجاهداً في سبيل الله . هذا هو المسلم ، و هذا هو المؤمن ، و هذا هو الشخصية الاسلامية التي يكونها الاسلام و يجعل الانسان بها خير من بني الانسان.

    تابعونا احبتي بالله في ملتقى أهل التأويل
    http://www.attaweel.com/vb

    ملاحظة : مشاركاتي تعبر فقط عن رأيي .فان اصبت فبتوفيق من الله , وان اخطات فمني و من الشيطان

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    4,001
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-01-2019
    على الساعة
    06:55 PM

    افتراضي

    الجزء الثاني :

    * المرحلة الأولى: (المرحلة النبوية ) :
    دعا النبي أهل الكتاب عامة، والنصارى خاصةً، إلى الإسلام، والتوحيد، ونبذ الشرك، كما أمره ربه بقوله: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64]. ونهاهم عن مقالة التثليث، والغلو في الدين، فقال: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلاَّ الْـحَقَّ إنَّمَا الْـمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ إنَّمَا اللَّهُ إلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} [النساء: 171]، وشـنَّع عليهم ادعـاء بنـوة المسيح لله ـ سبحانه ـ، فقال: {وَقَالَتِ النَّصَارَى الْـمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30] .
    فاستجاب لدعوتهمَنْ سبقت له من الله الحسنى، والذين أثنى الله عليهم بقوله: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (82)وَإذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْـحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 82 - 83]، فاتصلت علائقهم بملة إبراهيم، وآتاهم الله أجرهم مرتين، كماـ: {وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون(51) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إنَّهُ الْـحَقُّ مِن رَّبِّنَا إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْـحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [القصص: 51 - 54] .
    وأما من أصروا على مقالتهم، وغلبتهم شقوتهم، فقد حكم الله بكفرهم، فقال: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللَّهَ هُوَ الْـمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 17]، وقال: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إلَهٍ إلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِىنَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: 73]، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بقتالهم، فقال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْـحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْـجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29].
    وقد تذرع النبي صلى الله عليه وسلم بكل الوسائل لدعوة زعمائهم، ومراجعهم الدينية والسياسية؛ فكاتب ملوكهم: هرقل عظيم الروم، والمقوقس عظيم القبط، والحارث بن أبي شمر ملك غسان، والنجاشي ملك الحبشة الذي وليهم بعد أصحمة رحمه الله. كما ناظر أساقفتهم حين وفد عليه نصارى نجران، وحاجَّهم وباهَلَهم، ولكن القوم ضنوا بمُلْكهم وشرفهم في قومهم، فمنهم من أعطى الجزية، ومنهم من شهر السيف، وصد عن سبيل الله.
    ومن شواهد عداء النصارى للمسلمين في هذه المرحلة:
    - حَشْدهم مائتي ألف مقاتل من الروم، ونصارى العرب، في معركة «مؤتة»، مقابل ثلاثة آلاف مجاهد من المسلمين(1) .
    - قَتْلهم فروة بن عمرو الجذامي ـ عامل الروم على من يليهم من العرب ـ لما أسلم، وصَلْبهم إياه(1) .
    - قَتْلهم «صفاطر» الأسقف لما شهد شهادة الحق، وقد كان مقدماً معظماً عند الروم(2( .

    يتبع الجزء الثالث بإذنه تعالى
    :::::::::::::::::::::::::::::::::::
    المسلم حين تتكون لديه العقلية الاسلامية و النفسية الاسلامية يصبح مؤهلاً للجندية و القيادة في آن واحد ، جامعاً بين الرحمة و الشدة ، و الزهد و النعيم ، يفهم الحياة فهماً صحيحاً ، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها و ينال الآخرة بالسعي لها. و لذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا ، و لا ياخذه الهوس الديني و لا التقشف الهندي ، و هو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، و في الوقت الذي يكون فيه سرياً يكون متواضعاً. و يجمع بين الامارة و الفقه ، و بين التجارة و السياسة. و أسمى صفة من صفاته أنه عبد الله تعالى خالقه و بارئه. و لذلك تجده خاشعاً في صلاته ، معرضاً عن لغو القول ، مؤدياً لزكاته ، غاضاً لبصره ، حافظاً لأماناته ، و فياً بعهده ، منجزاً وعده ، مجاهداً في سبيل الله . هذا هو المسلم ، و هذا هو المؤمن ، و هذا هو الشخصية الاسلامية التي يكونها الاسلام و يجعل الانسان بها خير من بني الانسان.

    تابعونا احبتي بالله في ملتقى أهل التأويل
    http://www.attaweel.com/vb

    ملاحظة : مشاركاتي تعبر فقط عن رأيي .فان اصبت فبتوفيق من الله , وان اخطات فمني و من الشيطان

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    4,001
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-01-2019
    على الساعة
    06:55 PM

    افتراضي

    الجزء الثالث :

    * المرحلة الثانية: من عام 11هـ إلى عام 114هـ:
    تضم هذه المرحلة عصر الخلفاء الراشدين، وصدر الإسلام، وعلى وجه التحديد: من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، إلى معركة «بلاط الشهداء» في زمن الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، حيث بلغت الدولة الإسلامية الفتية أقصى اتساعها في غرب أوروبا، وشارفت جيوش عبد الرحمن الغافقي ـ رحمه الله ـ على اجتياح فرنسا. وتمثل هذه المرحلة «المرحلة الذهبية» للإسلام مع النصرانية، حيث تم طي بساط النصرانية عن الأقاليم المعمورة؛ في الشام، والعراق، ومصر، المغرب، بل وإسبانيا، وجنوب فرنسا، ونشرت أعلام الإسلام عبر سلسلة متتابعة من الفتوحات السريعة المذهلة، كان قوادها ولحمة سداها أصحـاب محمد صلى الله عليه وسلم .
    يقول برنارد لويس(3): (لقد وصل محمد إلى السلطة والحكم أثناء حياته، وقد أسس بنفسه أول دولة إسلامية، وحَكَمَها مع أصحابه، لقد انتهت مهمة الرسالة الروحية لمحمد بوفاته، ولكن رسالته الدينية والسياسية استمرت على يد خلفائه. وتحت حكم الخلفاء؛ تقدم المسلمون من انتصار إلى انتصار، وبالتالي نشأ خلال قرن واحد كيان شاسع الأصقاع، يمتد من حدود الهند والصين، إلى جبال البيرينيه، وسواحل المحيط الأطلسي. وهو كيان يحكم ملايين الأتباع، وبأعدادٍ هائلة؛ ممن اعتنقوا الدين الجديد... إن تاريخ الدولة الإسلامية المبكر الذي يحظى بالقداسة؛ يشكل جوهر ولب ذاكرة ووعي المسلمين في كل مكان، وهو يحكي قصة الفتوحات السريعة المتواصلة، والتي تساقط أمامها زعماء العقائد الفاسدة التي تضطهد شعوبها.
    لقد وصل الإسلام إلى الانتصار النهائي؛ سواء من حيث العقيدة أو السلاح، وأوصل كلمة الله إلى البشرية كلها، وفرض الشريعة الإلهية على العالم كله)(4). (.. وهكذا، فعندما وصل المسلمون في العصور الوسطى إلى صقلية، وإسبانيا، والبرتغال؛ شاهدنا بعد فترة قصيرة عمليات تحول ودخول جماعات كثيرة من النصارى إلى الدين الجديد)(5). ويقول «جيبون»: (لو انتصر العرب في تور ـ بواتييه، لتُلي القرآن وفُسّر في أكسفورد وكمبردج)(6( .

    يتبع الجزء الرابع بإذنه تعالى
    :::::::::::::::::::::::::::
    المسلم حين تتكون لديه العقلية الاسلامية و النفسية الاسلامية يصبح مؤهلاً للجندية و القيادة في آن واحد ، جامعاً بين الرحمة و الشدة ، و الزهد و النعيم ، يفهم الحياة فهماً صحيحاً ، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها و ينال الآخرة بالسعي لها. و لذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا ، و لا ياخذه الهوس الديني و لا التقشف الهندي ، و هو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، و في الوقت الذي يكون فيه سرياً يكون متواضعاً. و يجمع بين الامارة و الفقه ، و بين التجارة و السياسة. و أسمى صفة من صفاته أنه عبد الله تعالى خالقه و بارئه. و لذلك تجده خاشعاً في صلاته ، معرضاً عن لغو القول ، مؤدياً لزكاته ، غاضاً لبصره ، حافظاً لأماناته ، و فياً بعهده ، منجزاً وعده ، مجاهداً في سبيل الله . هذا هو المسلم ، و هذا هو المؤمن ، و هذا هو الشخصية الاسلامية التي يكونها الاسلام و يجعل الانسان بها خير من بني الانسان.

    تابعونا احبتي بالله في ملتقى أهل التأويل
    http://www.attaweel.com/vb

    ملاحظة : مشاركاتي تعبر فقط عن رأيي .فان اصبت فبتوفيق من الله , وان اخطات فمني و من الشيطان

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    4,001
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-01-2019
    على الساعة
    06:55 PM

    افتراضي

    الجزء الرابع :

    * المرحلة الثالثة: من عام 115هـ إلى عام 490هـ.
    تشغل هذه المرحلة حيزاً زمنياً طويلاً، يمتد من منتصف العقد الثاني من القرن الثاني الهجري، حيث بلغت الفتوحات الإسلامية أقصى امتدادٍ لها، وآذنت بالانحسار التدريجي البطيء. وينتهي بالإرهاصات السابقة لأولى الحملات الصليبية على بلاد الشام في العقد الأخير من القرن الخامس الهجري، أي ما يقارب أربعمائة سنة تقريباً.
    إن السمة المميزة لهذه المرحلة من ناحية العلاقات الإسلامية النصرانية، على جانبيها الشرقي والغربي (أي في خط المواجهة مع الإمبراطورية البيزنطية شرقاً، والفرنجة غرباً)؛ كونها مرحلة كرٍّ وفرّ، ومناوشات متبادلة، وحماية ثغور، ومعاهدات صلح، وتبادل أسرى، دون أن تشهد إضافة أقاليم كبار لدار الإسلام، كما كان الحال في المرحلة الأولى، وربما كانت الكفة راجحة للجانب الإسلامي في العقود الأولى من هذه المرحلة، وخاصة في خط التماس مع الإمبراطورية البيزنطية، ثم مالت الكفة لصالح الجانب النصراني في أواخر هذه المرحلة، وخصوصاً في بلاد الأندلس.
    في النصف الثاني من القرن الخامس؛ وقعت ثلاثة أحداث كبار في تاريخ العلاقات الإسلامية النصرانية:
    أولها: معركة «ملاذكرت» أو «مانزكرت» عام 463 هـ/ 1070م، بين جحافل الإمبراطورية البيزنطية بقيادة ملك الروم «أرمانوس»، والسلاجقة السُّنيين بقيادة السلطان ألب أرسلان؛ في معركة من معارك التاريخ الفاصلة، كان الظفر فيها حليف المسلمين(7).
    الثاني: سقوط مدينة «طليطلة» بيد «ألفونسو» ملك قشتالة، عام 478 هـ/ 1085م بعد حكم دام 372 سنة(1).
    الثالث: استيلاء الفرنج النورمانديين على جزيرة «صقلية» عام 484 هـ/ 1090م(2).
    إن لهذه الأحداث الكبار دلالات كباراً أيضاً:
    1 ـ لقد كانت معركة «ملاذكرت» إيذاناً بانهيار الخطر البيزنطي، وإخفاق محاولات النصارى من قِبَل المشرق، ومن ثم التفكير الجاد بالبحث عن سبل أخرى. (ولم تقم للروم مذ ذاك قائمة، وبعدها لم ينفك أباطرة بيزنطة يوفدون البعثات إلى الغرب، يروجون الدعوة للحروب المقدسة)(3).
    2 ـ كان سقوط «طليطلة» ـ عاصمة القوط قديماً ـ بيد النصارى إيذاناً بأفول شمس المسلمين في الأندلس، فقد كانت هذه المدينة واسطة عقد المدن الأندلسية، وسُرُّة الجزيرة، وقد عبَّر بعض الشعراء عن هذا المعنى بقوله:
    يا أهل أندلس حثوا مطيكم *** فما المقام بها إلا من الغلطِ
    الثوب ينسل من أطرافه وأرى *** ثوب الجزيرة منسولاً من الوسطِ
    ونحن بين عدوٍّ لا يفارقنا *** كيف الحياة مع الحيات في سفطِ
    (4 )
    3 ـ كان سقوط جزيرة «صقلية» بأيدي الفرنج إيذاناً بانتهاء سيادة المسلمين البحرية على بحر الروم (البحر الأبيض المتوسط)؛ بوصفها درة ذلك البحر، وكبرى جزره، والمسيطرة على طرق التجارة والأساطيل فيه. واطمأن النصارى على سلامة عاصمتهم الكبرى «روما» التي هددها الفاتحون المسلمون، وحاصروها عام 231 هـ/ 850 م، في عهد البابا «سرجيوس الثاني»(5).

    يتبع الجزء الخامس بإذنه تعالى
    ::::::::::::::::::::::
    المسلم حين تتكون لديه العقلية الاسلامية و النفسية الاسلامية يصبح مؤهلاً للجندية و القيادة في آن واحد ، جامعاً بين الرحمة و الشدة ، و الزهد و النعيم ، يفهم الحياة فهماً صحيحاً ، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها و ينال الآخرة بالسعي لها. و لذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا ، و لا ياخذه الهوس الديني و لا التقشف الهندي ، و هو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، و في الوقت الذي يكون فيه سرياً يكون متواضعاً. و يجمع بين الامارة و الفقه ، و بين التجارة و السياسة. و أسمى صفة من صفاته أنه عبد الله تعالى خالقه و بارئه. و لذلك تجده خاشعاً في صلاته ، معرضاً عن لغو القول ، مؤدياً لزكاته ، غاضاً لبصره ، حافظاً لأماناته ، و فياً بعهده ، منجزاً وعده ، مجاهداً في سبيل الله . هذا هو المسلم ، و هذا هو المؤمن ، و هذا هو الشخصية الاسلامية التي يكونها الاسلام و يجعل الانسان بها خير من بني الانسان.

    تابعونا احبتي بالله في ملتقى أهل التأويل
    http://www.attaweel.com/vb

    ملاحظة : مشاركاتي تعبر فقط عن رأيي .فان اصبت فبتوفيق من الله , وان اخطات فمني و من الشيطان

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    4,001
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-01-2019
    على الساعة
    06:55 PM

    افتراضي

    الجزء الخامس :

    * المرحلة الرابعة: من عام (490 ـ 690هـ: )
    تمثل هذه المرحلة فترة الحملات الصليبية المنطلقة من غرب أوروبا النصرانية ووسطها إلى بلاد المشرق الإسلامي (سواحل الشام، ومصر، وآسيا الصغرى)، في سبع حملاتٍ متعاقبة، استغرقت قرابة قرنين من الزمان (490 ـ 690 هـ)، بالإضافة إلى استمرار الزحف النصراني جنوباً على بقية الأندلس المسلمة، وبقية جزر البحر الأبيض المتوسط.
    إن السمة المميزة لهذه المرحلة هي انتقال المجابهة النصرانية من الإمبراطورية البيزنطية الأرثذوكسية إلى دول أوروبا الكاثوليكية وغربها؛ بقيادة بابوات روما، وبالتالي انتقال أرض المعركة من الحدود والثغور المتاخمة للإمبراطورية البيزنطية في آسيا الوسطى إلى العمق الإسلامي في السواحل الشامية، وبيت المقدس؛ بسبب عمليات الإنزال البحري التي تقذف بها هذه الحملات، أو الجموع الهوجاء التي تنطلق من الممالك الأوروبية لتلتقي عند أسوار القسطنطينية، وتُفوّج هناك.
    ويمكن أن يؤرخ لبدء الحملات الصليبية بالاجتماع الحاشد الذي دعا إليه البابا «أوربان الثاني» في مدينة «كليرمون»، في جنوب فرنسا، في نوفمبر من عام 1096م، وحضره كبار الأساقفة، والأمراء، والإقطاعيين. وقد ألهب البابا حماس المجتمعين بخطبة بليغة مؤثرة أثار فيها العصبية الدينية، بل والأطماع الدنيوية، وقد تمحورت حول أربع ركائز:
    الأولى: الدعوة إلى حملة مقدسة هدفها فلسطين؛ استناداً إلى نصوص من الإنجيل.
    الثانية: أنه يدعو إلى هذه الحملة باسم الرب؛ بوصفه نائباً عنه في الأرض.
    الثالثة: الحث على نبذ الخلافات بين المؤمنين بالمسيح، وتوحيد الجهود.
    الرابعة: منح غفران جزئي لكل من يشارك في هذه الحملة؛ سواءً مات في الطريق أو قتل(6).
    واستجاب الحاضرون لنداءات البابا التحريضية، وصاحوا جميعاً في ذلك الحقل الفسيح صيحة مدوية، صارت شعاراً في حروبهم المقبلة مع المسلمين قائلين: (الرب يريدها) أو (تلك إرادة الله). ثم شرع البابا أوربان الثاني يجوب أنحاء فرنسا للدعوة إلى حربه المقدسة. كما برز قادة كنسيون شعبيون، من أمثال «بطرس الناسك»، هجروا أديرتهم، وتفرغوا لتهييج الفلاحين والفقراء؛ لإنقاذ مهد المسيح ـ بزعمهم ـ، ودغدغة مشاعرهم بامتلاك الأرض التي تفيض لبناً وعسلاً(7).
    وعلى مدى قرنين من الزمان تمخضت أوروبا الصليبية عن سبع حملات شهيرة موجهة نحو بلاد المشرق الإسلامي، نوجزها بما يلي:
    أولاً: الحملة الصليبية الأولى:
    تكونت من خمسة جيوش جرارة قدمت من فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، التقت في عاصمة الإمبراطورية البيزنطية «القسطنطينية»، في أواخر عام 1096م، ثم عبرت مضيق البسفور متجهة نحو دولة سلاجقة الروم في آسيا الصغرى، فسقطت عاصمتهم «نيقيَّة» عام 1097م. وفي الطريق إلى «أنطاكية» جنح قسم من الصليبيين نحو الرها، وكوَّنوا أول إمارة صليبية في قلب العالم الإسلامي. وفي أواخر عام 1097م فرض الصليبيون حصاراً على أنطاكية التي صمدت صموداً باهراً أمام الحصار، لولا خيانة بعض الأرمن المستأمنين على أحد أبراجها، فسقطت في منتصف عام 491 هـ/ 1098م، وهكذا تكونت الإمارة الصليبية الثانية عام 1099م في أنطاكية. وكان الهدف الأخير، والحلم المنشود لهذه الجموع الهادرة مدينة «القدس»، فحاصروها على مدى خمسة أسابيع. قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ: (لما كان ضحى يوم الجمعة، لسبع بقين من شعبان، سنة ثنتين وتسعين وأربعمائة، أخذت الفرنج ـ لعنهم الله ـ بيت المقدس شرفه الله، وكانوا في نحو ألف ألف مقاتل، وقتلوا في وسطه أزيد من ستين ألف قتيل من المسلمين، وجاسوا خلال الديار، وتبروا ما علوا تتبيراً) (1).

    يتبع الجزء السادس بإذنه تعالى
    :::::::::::::::::::::::::::
    المسلم حين تتكون لديه العقلية الاسلامية و النفسية الاسلامية يصبح مؤهلاً للجندية و القيادة في آن واحد ، جامعاً بين الرحمة و الشدة ، و الزهد و النعيم ، يفهم الحياة فهماً صحيحاً ، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها و ينال الآخرة بالسعي لها. و لذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا ، و لا ياخذه الهوس الديني و لا التقشف الهندي ، و هو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، و في الوقت الذي يكون فيه سرياً يكون متواضعاً. و يجمع بين الامارة و الفقه ، و بين التجارة و السياسة. و أسمى صفة من صفاته أنه عبد الله تعالى خالقه و بارئه. و لذلك تجده خاشعاً في صلاته ، معرضاً عن لغو القول ، مؤدياً لزكاته ، غاضاً لبصره ، حافظاً لأماناته ، و فياً بعهده ، منجزاً وعده ، مجاهداً في سبيل الله . هذا هو المسلم ، و هذا هو المؤمن ، و هذا هو الشخصية الاسلامية التي يكونها الاسلام و يجعل الانسان بها خير من بني الانسان.

    تابعونا احبتي بالله في ملتقى أهل التأويل
    http://www.attaweel.com/vb

    ملاحظة : مشاركاتي تعبر فقط عن رأيي .فان اصبت فبتوفيق من الله , وان اخطات فمني و من الشيطان

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    المشاركات
    4,001
    الدين
    الإسلام
    آخر نشاط
    11-01-2019
    على الساعة
    06:55 PM

    افتراضي

    الجزء السادس :

    ثانياً: الحملة الصليبية الثانية:
    جاءت هذه الحملة رد فعل بطيء لسقوط إمارة الرها، في عهد البابا «إيجينيوس الثالث» (1145 ـ 1153م)، وتكونت من جيوش ألمانيا، بقيادة الإمبراطور «كونراد الثالث»، وفرنسا، بقيادة ملكها «لويس التاسع»، ووصلت إلى المنطقة نهاية عام 1147م، وقد مُنيت بالإخفاق الذريع، وعاد الملكان الصليبيان يجران أذيال الخيبة(2).
    وكان من آثار هذه الحملة على الجانب الإسلامي؛ مزيد من التوحد بين الممالك الإسلامية؛ فقد صارت بلاد الشام جبهة واحدة، تحت قيادة نور الدين محمود، في مواجهة الإمارات الصليبية على امتداد الساحل. وقد تصدى نور الدين محمود زنكي لجهاد الصليبيين، وانتزاع الحصون والبلاد من أيديهم، في بلاد الشام، في وقائع مظفرة، إلى أن توفي ـ رحمه الله ـ سنة تسع وستين وخمسمائة، بعد حياة حافلةٍ بالجهاد في سبيل الله.
    وتسلَّم الراية بعده الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي، وبعد أربعة عشر عاماً قضاها في لمِّ الشمل، وجمع الكلمة، والقضاء على الفتن الداخلية، والإثخان في الصليبيين، وإصلاح أمور الرعية(3)؛ تهيأ في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة للملحمة الكبرى مع الفرنج، والتي كانت مقدمة ضرورية لفتح القدس؛ فكانت معركة (حطين) الفاصلة في شهر ربيع الآخر، حشد فيها الجانبان قواتهما، وشهدها ملوكهما، ودارت رحى الحرب يومي الجمعة والسبت، لخمس بقين من ربيع الآخر، (ثم أمر السلطان بالتكبير، والحملة الصادقة، فحملوا، وكان النصر من الله عز وجل، فمنحهم الله أكتافهم، فقُتل منهم ثلاثون ألفاً في ذلك اليوم، وأُسر ثلاثون ألفاً من شجعانهم وفرسانهم، وكان في جملة من أسر جميع ملوكهم، سوى قومس طرابلس؛ فإنه انهزم في أول المعركة. واستلبهم السلطان صليبهم الأعظم، وهو الذي يزعمون أنه صُلب عليه المصلوب، وقد غلفوه بالذهب، واللالئ والجواهر النفيسة. ولم يسمع بمثل هذا اليوم في عز الإسلام وأهله، ودمغ الباطل وأهله)(4).
    وفي الخامس عشر من شهر رجب من السنة نفسها 583 هـ، سارت جحافل المسلمين إلى بيت المقدس، ففتحوه يوم الجمعة، في السابع والعشرين من رجب، بعد أن بقي بيد عبدة الصلبان اثنتين وتسعين سنة (492 ـ 583 هـ)(5) (1099 ـ 1187م). ثم اتجه صلاح الدين ـ رحمه الله ـ لفتح الحصون الممتنعة، واستنقاذ مدن الساحل الشمالية، حتى كاد يفتح أنطاكية.
    ثالثاً: الحملة الصليبية الثالثة:
    كان وقع أنباء انتصارات صلاح الدين مؤلماً في أوروبا، حتى إن البابا أوربان الثالث (1185 ـ 1187م) مات من هول الصدمة حين بلغته الأنباء(6). قال ابن الأثير: (ثم إن الرهبان والقسوس، وخلقاً كثيراً من مشهوريهم، وفرسانهم، لبسوا السواد، وأظهروا الحزن على خروج البيت المقدس من أيديهم، وأخذهم البطرك الذي كان بالقدس، ودخل بهم بلاد الفرنج، يطوفها بهم جميعاً، ويستنجدون أهلها، ويستجيرون بهم، ويحثونهم على الأخذ بثأر البيت المقدس. وصوروا المسيح عليه السلام، وجعلوه مع صورة عربي يضربه، وقد جعلوا الدماء على صورة المسيح عليه السلام، وقالوا لهم: هذا المسيح، يضربه محمد نبي المسلمين، وقد جرحه وقتله. فعظم ذلك على الفرنج، فحشروا، وحشدوا حتى النساء)(7).
    وقد تكونت الحملة الصليبية الثالثة من كبار ملوك أوروبا، وهم:
    الإمبراطور الألماني فردريك بربروسا (1152 ـ 1190م) الذي هلك غرقاً في أحد أنهار آسيا الصغرى، وتمزق جيشه، وملك إنجلترا ريتشارد الأول (1189 ـ 1199م)، وملك فرنسا فيليب أغسطس (1180 ـ 1223م).
    وقد وصل الفرنسيون عكا في ربيع الأول سنة سبع وثمانين، ثم وافاهم الإنجليز في جمادى الأولى من السنة نفسها، وحاصروها حصاراً شديداً، واستبسل أهلها وحاميتها في الدفاع عنها، ومن ورائهم الملك صلاح الدين، يُمدهم بالمؤن والأقوات عن طريق البحر، حتى سقطت بأيدي الفرنج في السابع من جمادى الآخرة. وقتل الفرنج ثلاثة آلاف أسير من أهلها صبراً ـ رحمهم الله ـ.
    ولم تتمكن هذه الحملة ـ التي علقت عليها الآمال ـ تحقيق أهدافها؛ من استعادة بيت المقدس ومدن الساحل، رغم ما بذلوه من محاولات، وتكبدوه من خسائر، وهزائم متكررة. وانحصرت مكاسبهم في الاستيلاء على عكا التي دافع عنها صلاح الدين الأيوبي سبعة وثلاثين شهراً. وحاولوا أخذ عسقلان، فصدهم المسلمون حتى يئسوا، وطلبوا الصلح والأمان. وجرت الهدنة بين المسلمين والنصارى في السابع من شعبان من سنة ثمان وثمانين وخمسمائة؛ على وضع الحرب ثلاثين سنة ونصف. وعاد ملوك أوروبا يجرّون أذيال الخيبة، وعاد صلاح الدين إلى بيت المقدس يصـلح شؤونها، ثـم إلى دمشق حيث توفي ـ رحمه الله ـ جاهداً مجاهداً، في السابع والعشرين من شهر صفر، سنة تسع وثمانين وخمسمائة(1).


    يتبع الجزء السابع بإذنه تعالى
    المسلم حين تتكون لديه العقلية الاسلامية و النفسية الاسلامية يصبح مؤهلاً للجندية و القيادة في آن واحد ، جامعاً بين الرحمة و الشدة ، و الزهد و النعيم ، يفهم الحياة فهماً صحيحاً ، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها و ينال الآخرة بالسعي لها. و لذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا ، و لا ياخذه الهوس الديني و لا التقشف الهندي ، و هو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، و في الوقت الذي يكون فيه سرياً يكون متواضعاً. و يجمع بين الامارة و الفقه ، و بين التجارة و السياسة. و أسمى صفة من صفاته أنه عبد الله تعالى خالقه و بارئه. و لذلك تجده خاشعاً في صلاته ، معرضاً عن لغو القول ، مؤدياً لزكاته ، غاضاً لبصره ، حافظاً لأماناته ، و فياً بعهده ، منجزاً وعده ، مجاهداً في سبيل الله . هذا هو المسلم ، و هذا هو المؤمن ، و هذا هو الشخصية الاسلامية التي يكونها الاسلام و يجعل الانسان بها خير من بني الانسان.

    تابعونا احبتي بالله في ملتقى أهل التأويل
    http://www.attaweel.com/vb

    ملاحظة : مشاركاتي تعبر فقط عن رأيي .فان اصبت فبتوفيق من الله , وان اخطات فمني و من الشيطان

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    2,576
    الدين
    الإسلام
    الجنس
    ذكر
    آخر نشاط
    30-08-2022
    على الساعة
    05:04 PM

العلاقات الإسلامية النصرانية رؤية شرعية في الماضي والحاضر والمستقبل

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-09-2014, 12:10 AM
  2. 2913 شخصاً يشهرون إسلامهم في "الشؤون الإسلامية" العام الماضي بدبي
    بواسطة نعيم الزايدي في المنتدى منتدى قصص المسلمين الجدد
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 01-02-2011, 11:19 AM
  3. قضايا المرأة وهمومها وفق رؤية شرعية
    بواسطة نسيبة بنت كعب في المنتدى منتديات المسلمة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 13-05-2010, 10:44 PM
  4. نصب المجانيق الإسلامية لدك حصون النصرانية
    بواسطة الفارس الملثم في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 08-04-2010, 08:14 AM
  5. مركز بيت المقدس رؤية شرعية في القضية الفلسطينية
    بواسطة مركز بيت المقدس في المنتدى المنتدى العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 13-10-2008, 11:28 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

العلاقات الإسلامية النصرانية رؤية شرعية في الماضي والحاضر والمستقبل

العلاقات الإسلامية النصرانية رؤية شرعية في الماضي والحاضر والمستقبل