الاجابة على هذا السؤال من عدة وجوه :
أولاً : انه لما كان الكلب الاسود أشد ضرراً وقبحاً من غيره سمي شيطاناً من باب التشبيه لا أكثر .
ثانياً : أن يقال بأن الأمر على حقيقته وأن بعض الشياطين تتصور بصورة الكلاب السوداء ولا غرابة في ذلك .
فلقد أعطى الله سبحانه وتعالى الجن قدرة على التشكل بأشكال مختلفة ومنها :
1- التشكل في صورة إنسان كما ذكر في صحيح البخاري عندما جاء الشيطان لأبي هريرة رضي الله عنه في صورة رجل فقير وأخذ يحثو من طعام الصدقة
2- ومنها التشكل في صورة حيوان كالكلب الأسود كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( الكلب الأسود شيطان )
فالكلب الأسود شيطان والجن تتصور بصورته كثيراً لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره وفيه قوة الحرارة ولعل الجميع يعرف أن اللياس الرسمى لعبدة الشيطان هو اللون الأسود .
ثالثاُ : أو أن يقال بأن كون الكلب الاسود شيطاناً يحتمل أن يكون المعنى أنه على صفته أو مسخ من الشيطان أي أن الكلب كان في الاصل شيطاناً فمسخ بتلك الصورة وهي صورة الكلب .
رابعاَ : أن الشيطان لا يمتنع أن يختص بالدخول في الكلب الأسود لخصيصة فيه كما ذكر في الإنجيل : أن المسيح أخرج الشياطين من الناس المرضى المصروعين فدخلت في قطيع الخنازير (انظر انجيل مرقس الاصحاح الخامس) ثم اذا جاز في عقول النصارى ان الله خالق السموات والارض يظهر في مخلوقاته وتجسد فى المسيح فكيف يمتنع ذلك في بعض مخلوقاته وهو الشيطان أن يظهر في كلب أسود ؟
خامسا : وإن كان المراد به أن الكلب الأسود شيطان الكلاب فإن كل جنس من أجناس الحيوانات فيه شياطين وهي ماعتا منها وتمرد كما أن شياطين الإنس عتاتهم ومتمردوهم والإبل شياطين الأنعام وعلى ذروة كل بعير شيطان فيكون هذا النوع من الكلاب الذى هو من أخبثها وشرها شيطان الكلاب.
سُئل النبي كما فى حديث أبى ذر : ما بال الأسود من الأحمر و الأصفر و الأبيض ؟ فقال ( الكلب الأسود شيطان ) والمقصود أنه أنه شيطان كلاب لا شيطان جن والشيطان ليس خاصا بالجن قال الله تعالى : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ فالشيطان كما يكون في الجن يكون في الإنس و يكون في الحيوان فمعنى شيطان في الحديث أى شيطان كلاب لأنه أخبثها و لذلك يقتل على كل حال و لا يحل صيده.
والأمر بقتل الكلب الأسود صحيح ورد فيه حديث صحيح في الترمذي عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا كُلِّهَا فَاقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ)
معنى هذا الكلام: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَرِه إفناءَ أمَّةٍ من الأمم وإعدامَ جيلٍ من الخَلْق حتى يأتي عليه كله فلا يبقى منه باقيةٌ لأنَّه ما مِن خلقٍ لله تعالى إلا وفيه نوعٌ مِن الحكمةِ وضربٌ من المصلحة و إنما جعل الأسود منها شيطاناً لخبثها لأنَّ الأسود البهيم : أضرُّها وأعقرُها وهو مع هذا أقلُّها نفعاً وأسوؤها حراسةً وأبعدُها من الصيد وأكثرُها نعاساً.
ويجب ألا يغيب عنا أن للشارع في أحكامالعبادات أسرار لا تهتدي العقول إلى إدراكها على وجه التفصيل وإن أدركتها جملة