بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صنع الإسلام رجالا وعقولا عظيمة بنت كل الأمم ولسست تاريخا مجيدا يحق لنا أن نفخر به.
ومن العرب الملسمين من اشتهر بالذكاء والعبقرية في كل الأمور وكان فيه الخلاص من أشد المواقف وأصعبها...
وكم نجّى الذكاء صاحبه من الموت المحقق فكانت أجمل المواقف وأظرفها . هذه المواقف
تدعو للاعجاب بما فيها من سرعة الخاطرة وقوة الحافظة ونبل الهدف وبما تدل عليه من ذكاء فطري نقي...
أحب أن أنقل بعضا من هذه المواقف الطريفة لكي تكون كما يقال: " لشحذ الهمم والعلو الى القمم".
شاب أفحم الشعبي
قـــيل: تكلم شاب يوما عند الشعبي ، فقال الشعبي : ما سمعنا بهذا؟
فقـــال الشاب : أكلّ العلم سمعت ؟
قـــال : لا
قـــال : فشطره ؟
قـــال : لا
قـــال : فاجعل هذا في الشطر الذي لم تسمعه
فــأفحم الشعبي
لماذا أنقذتني..؟!
نزل الحجاج يوما الى البحر لكي يعوم وبعد قليل تعب وبدأ يغرق ، وفي هذه اللحظة رآه وهو يغرق
أحد علماء المسلمين وكان قد اشتهر بعدائه الشديد للحجاج، ولكنه خلع ملابسه بسرعة وانطلق
يقفز بالماء يصارع الأمواج لكي ينقذ الحجاج، وبعد أن أخرجه الى الشاطئ فوجئ الحجاج عندما أفاق
بأن الذي أنقذه هو أشد أعدائه.. فقال له ملاطفا ومتعجبا:
يقولون: انك عدو لي.
فقال الرجل: صدقوا والله.
فقال الحجاج متعجبا: إذن لماذا أنقذتني ولم تتركني لأغرق؟
فقال الرجل: والله ما أنقذتك حبا فيك ، ولكنني خشيت أن تموت شهيدا فتدخل الجنة..!
حيلة فاسق وفقه عالم
قال رجل لإياس بن معاوية: لو أكلت التمر تضربني؟ قال: لا.
قال: لو شربت قدرا من الماء تضربني؟ قال: لا.
قال: فشراب التمر(النبيذ) أخلاط منها، فكيف يكون حراما؟
فقال إياس: لو رميتك بالتراب أيوجعك؟ قال: لا.
قال: لو صببت عليك قدرا من الماء أينكسر عضو منك؟ قال: لا.
قال: لو صنعت من الماء والتراب طوبا فجف في الشمس فضرب به رأسك كيف يكون؟ قال: ينكسر الرأس.
قال إياس: ذلك مثل هذا
صورة شيطان
قال الجاحظ: أتتني امرأة وأنا على باب داري فقالت: لي إليك حاجة وأريدك أن تتمشى معي،
فقمت معها إلى أن أتت بي إلى صائغ وقالت له: مثل هذا! وانصرفت، فسألت الصائغ عن قولها، فقال:
إنها أتت بك تريدني أن أنقش لها على خاتمها صورة شيطان. فقلت لها: ما رأيت الشيطان لأنقش
صورته فأتت بك وقالت ما سمعت " مثل هذا ".
حياتك بحياتي
استدعى أحد الملوك منجما وقال له: أنت تدعي معرفة الغيب وكشف الأسرار وما يتم من سعد ونحس
، فأرني مهارتك وأخبرني عن طالعي، وكان الملك قد أضمر له السوء حتى إذا أتم أمكر بموته رميا من
نافذة القصر، فنظر من الملك مليا فعرف من ملامحه قصده، فقال: يا مولاي، إن حياتي تقارب حياتك تماما
وموتي يكون قبل موتك بيومين لا غير ساعاتهما معدودة فلما سمع الملك كلامه خاف وأمر ألا يمد إليه أحد بسوء.
هو للبيع..؟!
قيل: ان أبا بكرا رضي الله عنه رأى رجلا بيده ثوب، فقال له: هو للبيع؟ فقال الرجل: لا أصلحك الله!
فقال الصديق: هلا قلت لا، وأصلحك الله، لئلا يشتبه الدعاء لي بالدعاء علي!
المعتصم والغلام
ذهب المعتصم ليعود عاملا من عماله، وكان لهذا العامل ولد ذكي الفؤاد، سريع الخاطر، حاضر الجواب.
فلما رآه المعتصم قال له: ((داري أحسن أم دار أبيك؟)) فقال الغلام: ما دام أمير المؤمنين في دار أبي فهي أحسن.
فسر منه، ثم أراه خاتمه الذي بيده وقال له: ((هل رأيت أحسن من هذا الخاتم؟)) قال: نعم يا أمير المؤمنين،
اليد التي هي فيها. فسر المعتصم لذكاء الغلام، وسرعة خاطره،وانتزع الخاتم من يده، كافأه به وأنشد قائلا:
نعم الاله على العباد كثيرة** وأجلهن نجابة الأبناء
ماذا تحمل بالصحن
مر صبي يحمل بيده صحنا مغطى، برجل فضولي، فقال له: يا صبي ماذا تحمل بالصحن الذي معك؟
فأجابه الصبي: لو أرادت أمي أن تعرف ما فيه لما غطته..!
لم يصح منها شيئا
عن اسحاق بن محمد بن أبان الكوفي، حدثني بشر بن حجر قال: انقطع الى أبي علقمة النحوي غلام يخدمه،
فأراد أبو علقمة الدخول في بعض حوائجه فقال له: يا غلام أصقعت العتاريف؟ فقال له الغلام ((زقفيلم)).
قال أبو علقمة: وما زقفيلم؟ قال له: وما معنى صقعت العتاريف؟ قال: قلت لك أأصاحت الديوك؟ قال:
وأنا قلت لك لم يصح منها شيء....!
لم أعد أراه
قيل أن إياس خرج مع جماعة منهم أنس بن مالك لرؤية هلال رمضان فقال وقد قارب المائة من عمره:
قد رأيته هو ذاك، وجعل يشير اليه، فنظر إياس إليه وإذا شعرة حاجبه قد انثنت على عينه فرآها هلالا،
فمد اياس يده فمسحها وسواها بحاجبه ثم قال له: يا أبا حمزة أرنا موضع الهلال فجعل يدقق النظر ويقول لم أعد أراه.
البدرُ والفحم
اشترى الحجاج غلامين أسود وأبيض، فقال لهما: أريد أن يمدح كل منكما نفسه ويذم الآخر فقال الأسود:
ألم تر أن المسك لا شيء مثله ** وأن بياض اللفت حمل بدرهم
وأن سواد العين لا شك نورها ** وأن بياض العين لا شيء فاعلم
فقال الأبيض:
ألم تر أن البدر لا شيء مثله ** وأن سواد الفحم حمل بدرهم
وان رجال الله بيض وجوههم ** ولا شك أن السود أهل جهنم
فضحك الحجاج وكافأهما
سقطت عنه الصلاة
جاء أحد الموسوسين المتشككين الى مجلس الفقيه بن عقيل، فلما جلس، قال للفقيه:
إني أتغمس في الماء مرات كثيرة، ومع ذلك أشك: هل تطهرت أم لا، فما رأيك في ذلك؟
فقال ابن عقيل: اذهب، فقد سقطت عنك الصلاة.
فتعجب الرجل وقال له: وكيف ذلك؟
فقال ابن عقيل: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"رفع القلم عن ثلاثة: المجنون حتى يعقل".
ومن ينغمس في الماء مرارا مثلك - ويشك هل اغتسل أم لاـ فهو بلا شك مجنون.
الميراث درهم
جاءت امرأة الى أحد الفقهاء، فقالت له: لقد مات أخي، وترك ستمائة درهم، ولما قسموا المال
لم يعطوني الا درهما واحدا!
فكر الفقيه لحظات، ثم قال لها: ربما كان لأخيك زوجة وأما وابنتان واثنا عشر أخا. فتعجبت المرأة، وقالت
نعم وهو كذلك.
فقال لها ان هذا الدرهم حقك، وهم لم يظلموك: فلزوجته ثمن ما ترك، وهو يساوي 75 درهما، ولابنتيه الثلثين
، وهو يساوي 400 درهم ، ولأمه سدس المبلغ ، وهو يساوي 100 درهم ، ويتبقى 25 درهما توزع على إخوته
الاثنى عشر وعلى أخته، ويأخذ الرجل ضعف ما تأخذ المرأة، فلكل أخ درهمان - ويتبقى للأخت-
التي هي أنت درهم واحد... ففهمت المرأة أن إخوتها لم يظلموها.
لا يعرف شكله..
كان الحارس بن عباد (هو من حكام الأندلس) في حرب، وأراد أن يظفر بعدي بن أبي ربيعة لكي يثأر منه..
وبينما هو في معمعة الحرب أسر جنوده رجل فطلب الحارس بن عباد منه أن يدله على غريمه ابن أبي ربيعة،
(وكان لا يعرف شكله..) فقال له الأسير: أتطلقني من أسري اذا دللتك عليه؟
فقال الحارس: نعم أعدك بذلك.
فقال له: أنا عدي بن أبي ربيعة.. فأطلقه وفاء لوعده.
من قومك
سأل معاوية ابنه يزيد: لو سألك سائل يا يزيد فقال: من قومك؟ ماذا تقول له: قال: أقول له: سلاما.
قال أحسنت. يريد بذلك قوله تعالى: ((وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)) سورة الفرقان (الآية 63).
حوار بين غلام وكفيله
قال أبو أحمد بن خليفة الجمحي قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه قال: قال أبو علقمة لغلام له:
خذ من غريمنا هذا كفيلا، ومن الكفيل أمينا، ومن الأمين زعيما، ومن الزعيم عزيما، فقال الغلام للغريم:
مولاي كثير الكلام فمعك شيء؟ فأرضاه وخلاه فلما انصرف قال يا غلام: ما فعل غريمنا؟ قال سقع قال ويلك ما سقع؟
قال بقع. قال ويلك وما بقع؟ قال استقلع: قال ويلك ما استقلع؟ قال انقلع، قال ويلك لم طولت علّي؟ قال: منك تعلمت.
صبي يخجل الفرزدق!
قال الفرزدق : كنت أنشد بجامع البصرة وفي حلقتي الكميت بن زيد وهو إذ ذاك صبي ، فأعجبني حسن استماعه ، فقلت :
كيف سمعت يا بني ؟!
فقال لي : حسن يا عم .
قلت : أفيسرك أنى أبوك ؟
فقال : أما أبي فلست أبغي منه بديلاً ، ولكني وددت أن تكون أمي! فأخجلني !!
علموا أولادكم الأدب
لما تولى الحجاج شؤون العراق ، أمر مرؤوسه أن يطوف بالليل ، فمن وجده بعد العشاء ضرب عنقه ،
فطاف ليلة فوجد ثلاثة صبيان فأحاط بهم وسألهم : من أنتم حتى خالفتم أوامر الحجاج ؟
فقال الأول :
أنا ابن الذي دانت الرقاب له ** ما بين مخزومها وهاشمها
تأتي إليه الرقاب صاغرة ** يأخذ من مالها ومن دمها
فأمسك عن قتله ، وقال لعله من أقارب الأمير .
وقال الثاني :
أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره ** وان نزلت يوما فسوف تعود
ترى الناس أفواجا إلى ضوء ناره ** فمنهم قيام حولها وقعود
فتأخر عن قتله وقال : لعله من أشراف العرب
وقال الثالث :
أنا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه ** وقومها بالسيف حتى استقامت
ركاباه لا تنفك رجلاه عنهما ** إذا الخيل في يوم الكريهة ولت
فترك قتله وقال : لعله ابن أحد شجعان العرب.
فلما أصبح رفع أمرهم والى الحجاج ، فأحضرهم وكشف عن حالهم
فإذا الأول ابن حجام
والثاني ابن فوال
والثالث ابن حائك ..
فتعجب الحجاج من فصاحتهم ، وقال لجلسائه :
علموا أولادكم الأدب ، فلولا فصاحتهم لضربت أعناقهم . ثم أطلقهم وأنشد :
كن ابن من شئت واكتسب أدبا **يغنيك محموده عن النسب
إن الفتى من يقول ها أنا ذا ** ليس الفتى من يقول كان أبي
الفتى وال****
قال ثمامة : دخلت إلى صديق لي أعوده وتركت حماري على الباب ، ولم يكن معي غلام يحفظه ،
ثم خرجت فإذا فوقه صبي ، فقلت: لم ركبت حماري بغير أذني؟ قال: خفت أن يذهب فحفظته لك. قلت
لو ذهب كان أعجب إلى من بقائه، فقال: فان كان هذا رأيك في الحمار فاعمل على أنه قد ذهب وهبه
لي واربح شكري... فلم أدر ما أقول.
الشافعي وابن حنبل
إن الإمام الشافعي رضي الله عنه التقى بالإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه ذات يوم فقال:
أحب الصالحين ولست منهم ** لعلي أن أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي ** وان كنا سويا في البضاعة
فرد عليه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله قائلا:
تحب الصالحين وأنت منهم ** ومنكم سوف يلقون الشفاعة
وتكره من تجارته المعاصي ** وقاك الله من شر البضاعة
وقف أعرابي معوج الفم أمام أحد الولاة فألقى عليه قصيدة في الثناء عليه التماساً لمكافأة ، ولكن الوالي لم يعطه شيئاً وسأله :ما بال فمك معوجاً
فرد الشاعر : لعله عقوبة من الله لكثرة الثناء بالباطل على بعض الناس
كان أحد الأمراء يصلي خلف إمام يطيل في القراءة
فنهره الأمير أمام الناس وقال له : لا تقرأ في الركعة الواحدة إلا بآية واحدة
فصلى بهم المغرب .. وبعد أن قرأ الفاتحة قرأ قوله تعالى
( وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا )
وبعد أن قرأ الفاتحة في الركعة الثانية قرأ قوله تعالى
( ربنا ءاتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيرا )
فقال له الأمير يا هذا : طول ما شئت واقرأ ما شئت .. غير هاتين الآيتين
جاء رجل إلى الشعبي وكان ذو دعابة وقال
إني تزوجت امرأة ووجدتها عرجاء .. فهل لي أن أردها ؟
فقال إن كنت تريد أن تسابق بها فردها !
وسأله رجل : إذا أردت أن أستحمّ في نهر فهل أجعل وجهي تجاه القبلة أم عكسها ؟
قال : بل باتجاه ثيابك حتى لا تسرق !
وسأله حاج : هل لي أن أحك جلدي وأنا محرم ؟
قال الشعبي : لا حرج
فقال إلى متى أستطيع حك جلدي ؟
فقال الشعبي: حتى يبدو العظم
