حرية المرأة وكرامات الرجال
حرية المرأة وكرامات الرجال
يقول كاتب المقال :
"لا حُرِّيةَ للمرأةِ في أمةٍ من الأمم،
إلاَّ إذا شعرَ كلُّ رجلٍ في هذه الأمةِ بكرامةِ كلِّ امرأةٍ فيها؛
بحيثُ لو أُهينتْ واحدةٌ ثارَ الكلُّ فاستقادوا لها،
كأنَّ كراماتِ الرجالِ أجمعين قد أُهينت في هذه الواحدة؛
يومئذٍ تصبحُ المرأةُ حرةً، لا بِحُرِّيتِها هي،
ولكن بأنَّها محروسةٌ بملايينَ من الرجال".
هذا مِن كلامِ الأديب "مصطفى صادق الرَّافعي" - رحمه الله –
عندما قرأتُه تساءلتُ :
هل تشعرُ المرأةُ في مجتمعاتنا الآن
أنَّها محروسةٌ فعلاً بملايينَ مِن الرجال أو حتى بمئات؟
http://img190.imageshack.us/img190/8248/48738547.gif
قلتُ: "في مجتمعاتِنا"، لا في أمَّتِنا؛
فنحنُ فِعليًّا لسنا أمَّةً واحدةً على أرضِ الواقع؛
فالحواجز التي مَزَّقَ بها المُحتَلّونَ أمّتَنا
ليست على الأرض أو الخارطة فحسب،
بل إنها مزروعةٌ ومُتغلْغِلةٌ في العقولِ والنفوس،
يفوح منها نَتَنُ القوميات البغيضة،
وما أنْتَنَها مِن ريحٍ تزْكمُ الأُنوفَ!
وإنْ لَمْ نقْتَلِعْ هذه الجُدُرَ الفولاذيّةَ مِن نفوسنا،
فلن تُزالَ الحواجزُ الأرضيةُ ويُعْفى أثَرُها،
حتى يُمَهَّدَ الطريقُ إلى القدس.
http://img190.imageshack.us/img190/8248/48738547.gif
أعودُ لسؤالي:
هل المرأةُ في زمانِنا محروسةٌ بملايينَ مِن الرجال؟
إنْ كانَ جوابُكم: نعم، فأعطوني الدليلَ،
والدليل بالأفعالِ لا بالكلام الذي يُدَغْدِغُ العواطفُ،
أو الخُطبِ الرَّنّانةِ التي تُخدرُ الوجدانَ والإحساسَ.
كم مِن امرأةٍ أُهينتْ أو هُتِكَ عِرْضُها ولم يثأرْ لها أحدٌ!
فالرجلُ يغلي الدمُ في عروقِه إن دُنَّسَ عِرضُه،
ولكن هل تتحركُ فيه شعرةٌ
أو يشعر أن كرامتَه قد أهينت لو دُنّسَ عرضُ غيره؟
http://img190.imageshack.us/img190/8248/48738547.gif
كلُّكُم يعرفُ قصة تلك المرأةِ المسلمةِ
التي كشف ذلك اليهوديُّ الخبيث من بني قينقاع سوْءَتَها في المدينة،
فصرخَت تسْتنجِدُ، فثأرَ لها رجلٌ مسلمٌ غيور لم تحتمِلْ مروءَتُه أن تُهان
امرأةٌ مسلمة، وتُنتَهَكَ حُرمتُها، وأيُّ صاحب مروءة يحتملُ ذلك؟
أيُّ صاحبِ مروءةٍ لا يثورُ لما يرى مِن انتهاك لحُرُماتِ النساء ؟
إحدى الأخوات لِكثْرةِ ما سمِعتني أتحدثُ عن المروءةِ،
قالت لي: نحن لسنا في عصرِ الصحابة - رضي الله عنهم!
قلتُ لها: هذا صحيح،
فنحنُ غيَّرْنا وبَدَّلنا كثيرًا منذ ذلك العصر المبارك،
حتَّى صِرنا إلى ما صِرنا إليه،
ولكن هل يعني هذا أن نرضى بِنقائصِنا وعيوبِنا،
ولا نسعى للتغيير؟
http://img190.imageshack.us/img190/8248/48738547.gif
إنَّنا إن ثُرنا على الظُّلم والفسادِ الواقعِ علينا من غيرنا،
ولم نَثُرْ عليه في نفوسِنا،
فسريعًا ما سيدبُّ الضعف والفتور فينا مرَّة أخرى،
ونخسر حقوقنا التي ثُرنا من أجلها.
http://up.7cc.com/upfiles/DwJ02343.gif
منقول
من صور تكريم الإسلام للمرأة
لقد رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ فالنساء في الإسلام شقائق الرجال، وخير الناس خيرهم لأهله؛ فالمسلمة في طفولتها لها حق الرضاع، والرعاية، وإحسان التربية، وهي في ذلك الوقت قرة العين، وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها.
وإذا كبرت فهي المعززة المكرمة، التي يغار عليها وليها، ويحوطها برعايته، فلا يرضى أن تمتد إليها أيد بسوء، ولا ألسنة بأذى، ولا أعين بخيانة.
وإذا تزوجت كان ذلك بكلمة الله، وميثاقه الغليظ؛ فتكون في بيت الزوج بأعز جوار، وأمنع ذمار، وواجب على زوجها إكرامها، والإحسان إليها، وكف الأذى عنها.
وإذا كانت أماً كان برُّها مقروناً بحق الله-تعالى-وعقوقها والإساءة إليها مقروناً بالشرك بالله، والفساد في الأرض.
وإذا كانت أختاً فهي التي أُمر المسلم بصلتها، وإكرامها، والغيرة عليها.
وإذا كانت خالة كانت بمنزلة الأم في البر والصلة.
وإذا كانت جدة، أو كبيرة في السن زادت قيمتها لدى أولادها، وأحفادها، وجميع أقاربها؛ فلا يكاد يرد لها طلب، ولا يُسَفَّه لها رأي.
وإذا كانت بعيدة عن الإنسان لا يدنيها قرابة أو جوار كان له حق الإسلام العام من كف الأذى، وغض البصر ونحو ذلك.
وما زالت مجتمعات المسلمين ترعى هذه الحقوق حق الرعاية، مما جعل للمرأة قيمة واعتباراً لا يوجد لها عند المجتمعات غير المسلمة.
ثم إن للمرأة في الإسلام حق التملك، والإجارة، والبيع، والشراء، وسائر العقود، ولها حق التعلم، والتعليم، بما لا يخالف دينها، بل إن من العلم ما هو فرض عين يأثم تاركه ذكراً أم أنثى.
بل إن لها ما للرجال إلا بما تختص به من دون الرجال، أو بما يختصون به دونها من الحقوق والأحكام التي تلائم كُلاً منهما على نحو ما هو مفصل في مواضعه.
ومن إكرام الإسلام للمرأة أن أمرها بما يصونها، ويحفظ كرامتها، ويحميها من الألسنة البذيئة، والأعين الغادرة، والأيدي الباطشة؛ فأمرها بالحجاب والستر، والبعد عن التبرج، وعن الاختلاط بالرجال الأجانب، وعن كل ما يؤدي إلى فتنتها.
ومن إكرام الإسلام لها: أن أمر الزوج بالإنفاق عليها، وإحسان معاشرتها، والحذر من ظلمها، والإساءة إليها.
بل ومن المحاسن-أيضاً-أن أباح للزوجين أن يفترقا إذا لم يكن بينهما وفاق، ولم يستطيعا أن يعيشا عيشة سعيدة؛ فأباح للزوج طلاقها بعد أن تخفق جميع محاولات الإصلاح، وحين تصبح حياتهما جحيماً لا يطاق.
وأباح للزوجة أن تفارق الزوج إذا كان ظالماً لها، سيئاً في معاشرتها، فلها أن تفارقه على عوض تتفق مع الزوج فيه، فتدفع له شيئاً من المال، أو تصطلح معه على شيء معين ثم تفارقه.
ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أن نهى الزوج أن يضرب زوجته بلا مسوغ، وجعل لها الحق الكامل في أن تشكو حالها إلى أوليائها، أو أن ترفع للحاكم أمرها؛ لأنها إنسان مكرم داخل في قوله-تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) الإسراء.ومن إكرام الإسلام للمرأة أن جعل لها نصيباً من الميراث؛ فللأم نصيب معين، وللزوجة نصيب معين، وللبنت وللأخت ونحوها نصيب على نحو ما هو مُفَصَّل في مواضعه.
ومن تمام العدل أن جعل الإسلام للمرأة من الميراث نصف ما للرجل، وقد يظن بعض الجهلة أن هذا من الظلم؛ فيقولون: كيف يكون للرجل مثل حظ الأنثيين من الميراث؟ ولماذا يكون نصيب المرأة نصف نصيب الرجل؟.
والجواب أن يقال: إن الذي شرع هذا هو الله الحكيم العلم بمصالح عباده.
ثم أي ظلم في هذا؟ إن نظام الإسلام متكامل مترابط؛ فليس من العدل أن يؤخذ نظام، أو تشريع، ثم ينظر إليه من زاوية واحدة دون ربطه بغيره، بل ينظر إليه من جميع جوانبه؛ فتتضح الصورة، ويستقيم الحكم.
ومما يتبين به عدل الإسلام في هذه المسألة: أن الإسلام جعل نفقة الزوجة واجبة على الزوج، وجعل مهر الزوجة واجباً على الزوج-أيضاً-.
ولنفرض أن رجلاً مات، وخلَّف ابناً، وبنتاً، وكان للابن ضعف نصيب أخته، ثم أخذ كل منهما نصيبه، ثم تزوج كل منهما؛ فالابن إذا تزوج مطالب بالمهر، والسكن، والنفقة على زوجته وأولاده طيلة حياته.
أما أخته فسوف تأخذ المهر من زوجها، وليست مطالبة بشيء من نصيبها لتصرفه على زوجها، أو على نفقة بيتها أو على أولادها؛ فيجتمع لها ما ورثته من أبيها، مع مهرها من زوجها، مع أنها لا تُطَالب بالنفقة على نفسها وأولادها.
أليس إعطاء الرجل ضعف ما للمرأة هو العدل بعينه إذاً؟
هذه هي منزلة المرأة في الإسلام؛ فأين النظم الأرضية من نظم الإسلام العادلة السماوية، فالنظم الأرضية لا ترعى للمرأة كرامتها، حيث يتبرأ الأب من ابنته حين تبلغ سن الثامنة عشرة أو أقل؛ لتخرج هائمة على وجهها تبحث عن مأوى يسترها، ولقمة تسد جوعتها، وربما كان ذلك على حساب الشرف، ونبيل الأخلاق.
وأين إكرامُ الإسلام للمرأة، وجَعْلُها إنساناً مكرماً من الأنظمة التي تعدها مصدر الخطيئة، وتسلبها حقها في الملكية والمسؤولية، وتجعلها تعيش في إذلال واحتقار، وتعدها مخلوقاً نجساً؟.
وأين إكرام الإسلام للمرأة ممن يجعلون المرأة سلعة يتاجرون بجسدها في الدعايات والإعلانات؟.
وأين إكرام الإسلام لها من الأنظمة التي تعد الزواج صفقة مبايعة تنتقل فيه الزوجة؛ لتكون إحدى ممتلكات الزوج؟ حتى إن بعض مجامعهم انعقدت؛ لتنظر في حقيقة المرأة وروحها أهي من البشر أو لا؟ !.
وهكذا نرى أن المرأة المسلمة تسعد في دنياها مع أسرتها وفي كنف والديها، ورعاية زوجها، وبر أبنائها سواء في حال طفولتها، أو شبابها، أو هرمها، وفي حال فقرها أو غناها، أو صحتها أو مرضها.
وإن كان هناك من تقصير في حق المرأة في بعض بلاد المسلمين أو من بعض المنتسبين إلى الإسلام-فإنما هو بسبب القصور والجهل، والبُعد عن تطبيق شرائع الدين، والوزر في ذلك على من أخطأ والدين براء من تبعة تلك النقائص.وعلاج ذلك الخطأ إنما يكون بالرجوع إلى هداية الإسلام وتعاليمه؛ لعلاج الخطأ.
هذه هي منزلة المرأة في الإسلام على سبيل الإجمال: عفة، وصيانة، ومودة، ورحمة، ورعاية، وتذمم إلى غير ذلك من المعاني الجميلة السامية.
أما الحضارة المعاصرة فلا تكاد تعرف شيئاً من تلك المعاني، وإنما تنظر للمرأة نظرة مادية بحتة، فترى أن حجابها وعفتها تخلف ورجعية، وأنها لابد أن تكون دمية يعبث بها كل ساقط؛ فذلك سر السعادة عندهم.
وما علموا أن تبرج المرأة وتهتكها هو سبب شقائها وعذابها.
وإلا فما علاقة التطور والتعليم بالتبرج والاختلاط وإظهار المفاتن، وإبداء الزينة، وكشف الصدور، والأفخاذ، وما هو أشد؟ !.
وهل من وسائل التعليم والثقافة ارتداء الملابس الضيقة والشفافة والقصيرة؟!.
ثم أي كرامة حين توضع صور الحسناوات في الإعلانات والدعايات؟!
ولماذا لا تروج عندهم إلا الحسناء الجميلة، فإذا استنفذت السنوات جمالها وزينتها أهملت ورميت كأي آلة انتهت مدة صلاحيتها؟ !.