.
أنـزل اللّه الـقرآن على رسولنا محمد (:salla-icon:) لهداية البشرية , فكان نزوله حدثا جليلا يؤذن بمكانته لـدى أهـل السماء وأهل الارض .
فلم يكن الرسول (:salla-icon:) ليتلقى الرسالة العظمى جملة واحدة , ويقنع بها القوم مع ما هم عليه من صلف وعناد, فكان الوحي يتنزل عليه تباعا تثبيتا لقلبه وتسلية له , وتدرجا مع الاحداث والوقائع , حتى أكمل اللّه الدين وأتم النعمة .
:kaal: : (وقرانا فرقناه لتقراه على الناس عـلـى مـكـث ونزلناه تنزيلا) , أي جعلنا نزوله مفرقا كي تقراءه على الناس على مهل وتثبت , (ونزلناه تنزيلا) بحسب الوقائع والاحداث .
أما الكتب السماوية الاخرى ـ كالتوراة والانجيل والزبور ـ فكان نزولها جملة , ولم تنزل مفرقة .
لـقـد نـزل القرآن منجما حسب الحوادث , فلنفهم هذه الحوادث , لنفهم حقيقة القضية ومنحى الحكم جـمـيـعـا, وهذه الحوادث ليس خصومة نَشَبت بين أفراد, بل هي سير حياة ,وطبيعة بشر, وحال مـجتمع , أو هي كما قلنا : مثل يتكرر على العصور لشؤون الحياة والاحياء, والقرآن النازل بازائها هو الارشاد الالهي الخالد لهذه النظائر المطردة .
أنظر إلى رد الله علي الكفار في قولهم :
(وقالوا مال هذا الرسول ياكل الـطـعـام ويـمـشـى فـى الاسـواق ) بقوله : ( وما ارسلنا قبلك من المرسلين الا ا نهم لـيـاكـلون الطعام ويمشون فى الاسواق ) .
وكما رد عليهم في قولهم : ( ابعث اللّه بشرا رسـولا ) بقوله : (قل لو كان فى الارض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ) وقـولـه : ( وما ارسلنا قبلك الا رجالا نوحى اليهم ) .
بل أجابهم اللّه تعالى ببيان وجه الحكمة في تنزيل القرآن منجما بقوله : ( كذلك لنثبت به فؤادك ) , أي كذلك أنزل مفرقا لـحكمة هي تقوية قلب رسول اللّه . (ورتلناه ترتيلا), أي قدرناه آية بعدآية بعضه اثر بعض , أو بـيـنـاه تبيينا, فان انزاله مفرقا حسب الحوادث أقرب الى الحفظ والفهم , وذلك من أعظم أسباب التثبيت .
فالحكمة كانت التحدي والاعجاز :-
فالمشركون تمادوا في غيهم , وبالغوا في عتوهم , وكانوا يسألون أسئلة تعجيز وتحد يمتحنون بها رسـول الله في نبوته , ويسوقون له من ذلك كل عجيب من باطلهم ,كعلم الساعة : ( ويسا لونك عن الـساعة ) , ومعرفة الروح : ( ويسا لونك عن الروح ) , واستعجال العذاب : ( ويـستعجلونك بالعذاب ) , فيتنزل القرآن بما يبين وجه الحق لهم , وبما هو أوضح معنى فـي مـؤدى أسـئلـتـهـم , كـمـا قـال تـعـالى : (ولا ياتونك بمثل الا جئناك بالحق واحسن تفسيرا ) , أي ولا يـأتونك بسؤال عجيب من اءسئلتهم الباطلة الا اءتيناك نحن بالجواب الحق , وبما هو اءحسن معنى من تلك الاسئلة التي هي مثل في البطلان .
وحـيث عجبوا من نزول القرآن منجما بين اللّه لهم الحق في ذلك , فان تحديهم به مفرقا مع عجزهم عـن الاتـيان بمثله أدخل في الاعجاز , وأبلغ في الحجة من أن ينزل جملة ويقال لهم : جيئوا بمثله , ولـهـذا جـاءت الاية عقب اعتراضهم : ( لولا نزل عليه القران جملة واحدة ), أي لا يأتونك بصفة عـجـيـبة يطلبونها كنزول القرآن جملة الا اءعطيناك من الاحوال ما يحق لك في حكمتنا, وبما هو أبـين معنى في اعجازهم , وذلك بنزوله مفرقا,ويشير الى هذه الحكمة ما جاء ببعض الروايات في حديث ابن عباس عن نزول القرآن : فكان المشركون اذا أحدثوا شيئا أحدث اللّه لهم جوابا.
يتبع :-
.