أما بالنسبة لسؤالك الثاني الذي تقول فيه: "كموقف أبي بن كعب اليهودي الذي
أله أحد اليهود: أهو هو ؟؟ قال نعم قال فماذا اعتزمت ؟؟ قال:
عدوته ما حييت".
لعلك تقصد أخي الفاضل الحوار الذي جرى بين (
حيي بن أخطب) وأخيه: (
أبا ياسر) وهما من يهود بني النضير:
ذكر ابن اسحاق عن عبد الله ابن أبي بكر عمن حدثه عن صفية بنت حيي أنها قالت: لم يكن من ولد أبي وعمي أحد أحب إليهما مني لم ألقهما في ولد قد إلا أخذاني دونه، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبا نزل في بني عمرو بن عوف، فغدا إليه أبي وعمي أبو ياسر ابن أخطب مغلسين، فو الله ما جاءا إلا مع مغيب الشمس، فجاءا فاترين كسلين ساقطين يمشيان الهوينا، فهششت إليهما كما كنت أصنع فوالله ما نظر إلي واحد منهما،
فسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي أهو هو؟ قال نعم والله، قال تعرفه بنعته وصفته؟ قال نعم والله، قال فماذا في نفسك منه قال عداوته والله ما بقيت.
وذكر موسى بن عقبة عن الزهري أن أبا ياسر بن أخطب حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ذهب إليه وسمع منه وحادثه ثم رجع إلى قومه فقال: يا قوم أطيعون، فإن الله قد جاءكم بالذى كنتم تنتظرون، فاتبعوه ولا تخالفوه.
فانطلق أخوه حيى بن أخطب، وهو يومئذ سيد اليهود، وهما من بنى النضير، فجلس إلى رسول الله وسمع منه، ثم رجع إلى قومه، وكان فيهم مطاعا، فقال: أتيت من عند رجل والله لا أزال له عدوا أبدا.
فقال له أخوه أبو ياسر: يا ابن أم أطعنى في هذا الامر واعصني فيما شئت بعده لا تهلك.
قال: لا والله لا أطيعك أبدا، واستحوذ عليه الشيطان واتبعه قومه على رأيه.
(راجع السيرة النبوية لابن كثير, ج 2 , ص ص 298, 299).
وقد خرج عدو الله حيى بن اخطب النضرى حتى أتى كعب ابن أسد القرظى صاحب عقد بنى قريظة وعهدهم وكان قد وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه وعاقده على ذلك فلما سمع كعب بحيى أغلق دونه باب حصنه فاستأذن عليه فأبى أن يفتح له فناداه حيى ويحك يا كعب افتح لى قال ويحك يا حيى إنك امرؤ مشؤم وانى قد عاهدت محمدا فلست ناقض ما بينى وبينه ولم أر منه إلا وفاء وصدقا قال ويحك افتح لى أكلمك قال ما أنا بفاعل قال والله ان اغلقت دوني إلا تخوفا على جشيشتك (أي أغضبه) ان أكل معك منها فأحفظ الرجل, ففتح له فقال ويحك يا كعب جئتك بعز الدهر وببحر طام جئتك بقريش حتى انزلهم بمجتمع الاسيال من رومة وغطفان حتى أزلتهم بذنب نقمي إلى جانب أحد قد عاهدوني وعاقدونى على ان لا يبرحوا حتى نستأصل محمدا ومن معه قال له كعب جئتني والله بذل الدهر وبجهام قد هراق ماءه يرعد ويبرق وليس فيه شئ ويحك يا حيى دعني وما أنا عليه فانى لم أر من محمد إلا صدقا ووفاء فلم يزل حيى بكعب يفتله في الذروة والغارب حتى سمح له على ان اعطاه عهدا من الله وميثاقا لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدا ان ادخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك فنقض كعب بن أسد عهده وبرئ مما كان بينه وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام.
فقد شرب حيى ابن أخطب عداوة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يزل ذلك دأبه لعنه الله حتى قتل صبرا بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قتل مقاتلة بنى قريظة.
فقد كان حيى بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب من أشد يهود العرب حسدا إذ خصهم الله برسوله صلى الله عليه وسلم فكانا جاهدين في رد الناس عن الاسلام بما استطاعا فأنزل الله فيهما "
وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ" (البقرة 109).
أما الصحابي الجليل
أبي بن كعب بن قيس بن عُبيد النجّار - أبو منذر - الأنصاري الخزرجي كان قبل الإسلام حَبْراً من أحْبار اليهود، مطلعاً على الكتب القديمة ولمّا أسلم كان في كتاب الوحي، شهد العقبـة و بدرا وبقية المشاهـد وجمع القرآن في حياة الرسـول -صلى الله عليه وسلم - وكان رأساً في العلم وبلغ في المسلمين الأوائل منزلة رفيعة ، حتى قال عنه عمر بن الخطاب أبي سيد المسلمين.
توفـي - رضي اللـه عنه - سنة ( 30هـ ) ، يقول عُتيّ السعـديّ: قدمت المدينة في يـوم ريحٍ وغُبْـرةٍ وإذا الناس يموج بعضهم في بعـض ، فقلت :( ما لي أرى الناس يموج بعضهم في بعض ؟)000فقالـوا :( أما أنـت من أهل هذا البلـد ؟)000قلت :( لا )000قالوا :( مات اليـوم سيد المسلمين ، أبيّ بن كعب )..
فمن المؤكد أخي قل هاتوا برهانكم أنك قصدت موقف حيي بن أخطب, وأخيه أبا ياسر من رسول الله صلى الله عليه وسلم..
ولم تقصد بسؤالك الصحابي الجليل أبي بن كعب الذي أسلم وحسن إسلامه!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته