الصلب و الكراسي و ألوهية يسوع
بسم الله الرحمن الرحيم .
معلوم لدى المسيحيين أن يهوذا الاسخريوطي قد وشى بالمسيح فقاده بذلك للصلب و الفداء .. وهو بذلك خرج عن تلاميذه الاثني عشر .. فأقحم بولس نفسه مكان يهوذا و ذلك بسبب خيانته للمسيح.
و اليوم سنتناول أمراً في غاية الأهمية ينفي الصلب و الفداء من جهة ، و ينفي ألوهية عيسى من جهة أخرى.. كما ينفي عالمية رسالة عيسى ..و يؤكد ما جاء به القرآن في أن عيسى مجرد رسول و أنه لم يصلب و أنه رسول إلى بني إسرائيل فقط.
فللمرء حرية الاختيار فيما ينفي في نهاية الأمر.
كيف ذلك ؟ وما علاقة ذلك بالكراسي و بيهوذا الاسخريوطي؟
تعالوا معاً برحلة مشوقة بين صفحات إنجيل متّى ..
يقول متّى في العدد [متّى 19: 28]:
((فقال لهم يسوع:الحق أقول لكم، متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً تدينون أسباط بني إسرائيل الاثني عشر))
فهل جلس ابن الإنسان على كرسيه؟ نقول لكم : نعم!
فقد ذكر متّى أثناء محاكمة يسوع في العدد [26: 46] ((.. من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة و آتياً على سحاب السماء))
كما سجل مرقس جلوس يسوع عن يمين الله بعد قيامته و صعوده في العدد [16: 19] ((ثم إن الرب بعدما كلمهم ارتفع إلى السماء،و جلس عن يمين الله))
و سجل أيضاً لوقا جلوس يسوع عن يمين الله أيضاً في العدد [22: 69] ((منذ الآن يكون ابن الإنسان جالساً عن يمين قوة الله))
بالإضافة إلى الأعداد [أعمال الرسل 7: 56] [رومية 8: 34] [كولوسي 3: 1] و غيرها الكثير..
و الآن تلقوا هذه الصدمات:
1- اثنا عشر كرسياً: هذا النص ينسف زعم الأناجيل في أن عيسى إله. كما ينسف خيانة يهوذا و انتحاره.
إذ لو كان عيسى إلهاً لعرف سلفاً أن يهوذا سيخونه و ينتحرو لقال (أحد عشر كرسياً). فمعنى ذلك أن رواية خيانة يهوذا التي أوردتها الأناجيل كاذبة.. فليخنار العقلاء واحدة : إما المسيح صادق و إما الأناجيل كاذبة.
2- كما ينسف هذا النص جميع التنبؤات الزائفة المتعلقة بآلامه و صلبه و التي وضعها كتبة الأناجيل على لسانه وهو متجه إلى أورشليم.. لأن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف عرف هناك أنه سيصلب و كرر القول بذلك عدة مرات، و لم يعرف هنا أن يهوذا سيخونه فقال (إثنا عشر كرسياً) ؟!
3- نقرأ في رؤيا يوحنا اللاهوتي [21: 14] أنه رأى في المنام سور المدينة كان له اثنا عشر أساساً و عليها أسماء رسل الخروف الثني عشر . مما يؤكد أن يهوذا لم ينتحر و بالتالي لم يخن المسيح كما زعمت الأناجيل. فإن بطلت الخيانة بطل الصلب و الفداء.. فمن سيكذبون؟ كتبة الأناجيل أم يسوع و يوحنا اللاهوتي؟
4- تدينون أسباط بني اسرائيل: و ليس العالم!! لقد بحت أصوات الكنيسة و هي تزعم لنا في الأناجيل و في كتبها التنصيرية أن عيسى إله العالم و أنه جاء ليخلص العالم. و لكن ليظهر الله كذبها هاهي تنسى أن تشطب هذا النص الذي يكذبها و يقول ((اثنا عشر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر)) و ليس العالم. لأن هذا النص يوضح تماماً أن دائرة عمل المسيح في الدنيا و الآخرة كانت محصورة في بني إسرائيل و أسباطها الإثني عشر و لم تتجاوزها إطلاقاً.. كما يؤكد كذب المزاعم التي ألحق في نهاية الأناجيل [متى 28: 29] [مرقس 16: 15] [لوقا 24: 47] و التي تزعم بأن المسيح قال ((إذهبوا و تلمذوا جميع الأمم و عمدوهم باسم الآب و الابن و الروح القدس)).
و هنا سؤالين يرميان بثقلهما على الموضوع يجب أن يلتفت إليهما كل من يحب المسيح و يعتقد أنه من أتباعه:
الأول: إذا كان عيسى و التلاميذ سيدينون أسباط بني إسرائيل الإثني عشر فقط - أي سيشهدون لهم أو عليهم - فمن سيشهد للمسيحيين أو عليهم يوم الدينونة وهم ليسوا من أسباط بني إسرائيل الثني عشر؟ فهل غريب أن يقول لهم المسيح يوم الدينونة ((من أين أتيتم؟ إني لا أعرفكم. إذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس و جنوده)) [متى 25: 41].
الثاني: إذا كان عيسى إلهاً سيحاكمهم كما تزعم الكنيسة لطوائفها فهو إله عنصري خاص ببني إسرائيل و ليس إله العالم. فمن سيدينهم هم و بقية العالم؟ ألا ينسف هذا زعمهم بأن عيسى إله العالم؟؟!
5- نلاحظ عند مقارنة النص مع بقية الأناجيل أن متّى جعلهم يجلسون على اثني عشر كرسياً، بينما مرقس [10: 28] لم يذكر هذه الجملة. و نرى أن لوقا قد اختار أن يحذو حذو مرقس .. و لكن ماذا عن يوحنا؟ للأسف لم ينزل الوحي بهذه الرواية عليه إطلاقاً!!
و سنتطرق إلى موضوع الإدانة هذا في مشاركة منفصلة إن شاء الله.
--------------------
مقتبس عن كتاب: إنزعوا قناع بولس عن وجه المسيح - بتصرف
الأعداد عن ترجمة فاندياك