( ولسوف يعطيك ربك فترضى )
تقــــــول الفتـــــــاة :
تخرجت من الجامعة والتحقت بعمل ممتاز وبدأ الخطاب يتقدمون إلي,
لكني لم أجد في أحدهم ما يدفعني للارتباط به, ثم جرفني العمل والانشغال به عن كل شيء آخر
حتى بلغت سن الرابعة والثلاثين وبدأت أعاني من تأخر سن الزواج ..
وفى يوم تقدم لخطبتي شاب من العائلة وكان اكبر مني بعامين وكانت ظروفه المادية صعبة
ولكنى رضيت به على هذا الحال ..
وبدأنا نعد إلى عقد القران وطلب منى صورة البطاقة الشخصية حتى يتم العقد فأعطيتها له
وبعدها بيومين وجدت والدته تتصل بي وتطلب منى أن أقابلها في أسرع وقت
وذهبت إليها وإذا بها تخرج صورة بطاقتي الشخصية وتسألني هل تاريخ ميلادي في البطاقة صحيح ..
فقلت لها نعم ...
فقالت إذا انتى قربتي على الأربعين من عمرك ؟!
فقلت لها أنا في الرابعة والثلاثون ...
قالت الأمر لا يختلف فانتى قد تعديتي الثلاثين وقد قلت فرص إنجابك وأنا أريد أن أرى احفادى ..
ولم تهدأ إلا وقد فسخت الخطبة بيني وبين ابنها
ومرت علي ستة أشهر عصيبة قررت بعدها أن اذهب إلى عمرة لأغسل حزني وهمي في بيت الله الحرام
وذهبت إلى البيت العتيق وجلست ابكي وأدعو الله أن يهيئ لي من أمري رشدا,
وبعد أن انتهيت من الصلاة وجدت امرأة تقرأ القرآن بصوت جميل وسمعتها تردد الآية الكريمة
(وكان فضل الله عليك عظيما)
فوجدت دموعي تسيل رغما عني بغزارة,
فجذبتني هذه السيدة إليها وأخذت تردد قول الله تعالى
( ولسوف يعطيك ربك فترضى )
والله كأني لأول مره اسمعها في حياتي فهدئت نفسي
وانتهت مراسم العمرة وقررت الرجوع إلى القاهرة
وجلست في الطائرة بجوار شاب ووصلت الطائرة إلى المطار ونزلت منها
لأجد زوج صديقتي في صالة الانتظار وسألناه عما جاء به للمطار فأجابني
بأنه في انتظار صديق عائد علي نفس الطائرة التي جئت بها.
ولم تمض لحظات إلا وجاء هذا الصديق فإذا به هو نفسه جاري في مقاعد الطائرة ,
ثم غادرت المكان بصحبة والدي ..
وما أن وصلت إلى البيت وبدلت ملابسي واسترحت بعض الوقت حتى وجدت صديقتي تتصل بي
وتقول لي إن صديق زوجها معجب بي بشدة ويرغب في أن يراني في بيت صديقتي في نفس الليلة
لأن خير البر عاجله ..
وخفق قلبي لهذه المفاجأة غير المتوقعة.. واستشرت أبي فيما قاله زوج صديقتي
فشجعني على زيارة صديقتي لعل الله جاعل لي فرجا.
وزرت صديقتي .. ولم تمض أيام أخري حتى كان قد تقدم لي ..
ولم يمض شهر ونصف الشهر بعد هذا اللقاء حتى كنا قد تزوجنا وقلبي يخفق بالأمل في السعادة ...
وبدأت حياتي الزوجية متفائلة وسعيدة وجدت في زوجي كل ما تمنيته لنفسي في الرجل الذي أسكن إليه
من حب وحنان وكرم وبر بأهله وأهلي,
غير أن الشهور مضت ولم تظهر علي أية علامات الحمل,
وشعرت بالقلق خاصة أني كنت قد تجاوزت السادسة والثلاثين وطلبت من زوجي أن أجري
بعض التحاليل والفحوص خوفا من ألا أستطيع الإنجاب ...
وذهبنا إلي طبيبة كبيرة لأمراض النساء وطلبت مني إجراء بعض التحاليل,
وجاء موعد تسلم نتيجة أول تحليل منها فوجئت بها تقول لي إنه لا داعي لإجراء بقيتها
لأنه مبروك يا مدام..أنتي حامل !
ومضت بقية شهور الحمل في سلام وإن كنت قد عانيت معاناة زائدة بسب كبر سني,
وحرصت خلال الحمل على ألا أعرف نوع الجنين لأن كل ما يأتيني به ربي خير وفضل منه,
وكلما شكوت لطبيبتي من إحساسي بكبر حجم بطني عن المعتاد فسرته لي بأنه يرجع
إلى تأخري في الحمل إلى سن السادسة والثلاثين .
ثم جاءت اللحظة السحرية المنتظرة وتمت الولادة وبعد أن أفقت دخلت علي الطبيبة
وسألتني مبتسمة عن نوع المولود الذي تمنيته لنفسي فأجبتها بأني تمنيت من الله مولودا فقط
ولا يهمني نوعه.. فوجئت بها تقول لي:
إذن ما رأيك في أن يكون لديك الحسن والحسين وفاطمة !
ولم أفهم شيئا وسألتها عما تقصده بذلك فإذا بها تقول لي وهى تطالبني بالهدوء والتحكم في أعصابي
إن الله سبحانه وتعالي قد منَّ علي بثلاثة أطفال, وكأن الله سبحانه وتعالي قد أراد لي أن أنجب خلفة العمر
كلها دفعة واحدة رحمة مني بي لكبر سني, وأنها كانت تعلم منذ فترة بأني حامل في توأم
لكنها لم تشأ أن تبلغني بذلك لكي لا تتوتر أعصابي خلال شهور الحمل ويزداد خوفي
فبكيت وقولت
( ولسوف يعطيك ربك فترضى )
قال الحق سبحانه وتعالى
( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا )
منقول