السلام عليكم:
إن جعل الإنسان هو محور هذا الكون و حبيب الرب و أنه هو المخلوق الوحيد المُكلف من الله وحده دون بافى المخلوقات هو الذى أدى إلى إعتبار الأرض مركز الكون و أن الكون كله يدور حول الأرض و ما شابهه من هرطقات جاليليو و كوبرنيق ...... الذين كانا مُهددان بالموت حرقاً من قِبل الكنيسة لولا أن جاليليو تراجع عن موقفه و كوبرنيق لم تستطع يد الكنيسة أن تطاله....
هناك مخلوقات مُكلفة أخرى فى هذا الكون و هم الجن.... الذين كان منهم إبليس ... كبير الشياطين.... و القول أن إبليس ملاك و هوى قول مردود عليه بأن الملائكة مسيًرون بأمر الله و لا يستطيعوا المعصية أو عدم تنفيذ الأوامر الإلهية.... و بالتالى فقد أمروا بالسجود لمخلوق مُكلّف كالإنسان إمتثالاً لأمر الله و لم يكن لهم أن يرفضوا أو يمتنعوا....و للتذكرة فإن هاروت و ماروت الملكين تغيرت طبيعتهما إلى الطبيعة البشرية قبل أن يترديا فى المعصية و لم يعصيا و هما ملاكين.
أما إبليس فقد كان من الجن المُكلفين.....أى يحمل إختيار الطاعة أو المعصية.... و بالرغم من أنه كان من العابدين، إلى أنه إختار طريق العصيان عندما تحكم فيه كبره:
سورة الكهف:
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)
و لاحظ الجملة الإعتراضية (كان من الجن) للتعريف و لتنزيه الجن عن المعصية.... و بالتالى لن يتم خفض رتبة إبليس من ملاك إلى شيطان أو من مرتبة لواء أركان حرب إلى رتبة نفر.....فهذا الأمر لم يشمل تحولاً فى طبيعة إبليس....فهو ما زال جنى و لكنه إكتسب صفة الشيطنة و أبلس أى طُرد من رحمة الله!... و بالمناسبة قد يكون إبليس هو أول من أطلق على نفسه وصف إبن الله كمُقدمة لأن يقول كل من هب و دب من حكام البشر فيما بعد أن له أصل إلهى أو أنه إبن الله أو أنه الله (راجع سيرة الإسكندر الأكبر و سير فراعنة مصر، و راجع دراستى فى ذلك:
http://www.ebnmaryam.com/vb/showthre...C7%E1%C5%E1%E5
أما عقوبة إبليس فهى عقوبة شديدة.....أن يظل هكذا بلا موت مُنتظراً يوم البعث....يضل بنى آدم و يتحمل وزر من يضلًه....
سورة الأعراف:
قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)
تصور أن تكون حياتك خالد فى الذنوب و المعاصى بل و تتحمل وزر كل من وسوست له بالمعصية و لا سبيل لك للخلاص أو التوبة....يالها من عقوبة
أما آدم .....فلك يكن الله بحاجة إلى أن يفدى نفسه على الصليب لكى يغفر له.... ثم لماذا إنتظر كل الوقت هذا ليغفر خطايا البشر بالرغم من أن البشر إستمروا و سيستمروا فى المعصية حتى بعد نزولهم الأرض بوقت قليل.....قصة ولدّى آدم ( أو المتعارف عليه على أنه قصة قابيل و هابيل)....
بل لقد غفر الله لآدم لأنه لم يكن له ذنب فى ذلك بل كانت وسوسة الشيطاتن فى أول إختبار حقيقى بين هذا المخلوق المُسمى الإنسان و بين إبليس العاصى.... فلو لم يكن الله قد غفر لآدم وقتها لكان إبليس قد إنتصر.... و كأن لسان حاله يقول: ها هو من أمرتنى بالسجود له....فشل فى أول إختبار للمعصية و عصاك!.... و لكن الله ضرب الشيطان اللعين فى مقتل و غفر لآدم بدعائه الذى علمه إياه، و فتح آدم و زوجته صفحة جديدة مع الخالق خالية من الخطايا و العصيان:
البقرة:
فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)
و بالتالى فالغفران تم فى اللحظة الأولى....بل أن الله حسب حساب وسوسة الشيطان الذى لن ينسى ثأره من بنى آدم و سيظل يوسوس لهم بالسوء أبد الدهر، فها هو فى الآية التالية يهيئ الأمر لهذا:
قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)
فالإله هنا يُحب بنى البشر أكثر من الإله فى الكتاب المقدس....فهو غفور رحيم بالكلمات و الدعاء و ليس بقتل الذبائح سواء الحيوانية و لا البشرية. و بالتالى لم يُحمل شعب ما أو طائفة ما وزر أى جريمة قد تكون أبدية....مثل الوزر الذى من المفترض أن تحمله الطائفة اليهودية بقتلها المسيح (إبن الله، أو الإله المتجسد) فأى جريمة تُعادل هذه الجريمة و أى نقمة إلهية تنصب عليهم....بل و لا دماء بنى إسرائيل كلها و اضعافهم مئات تعادل تلك الجريمة الشنعاء....و مع ذلك نجد بنى إسرائيل اليوم...عينى عليهم باردة! فظيعة هى نقمة و لعنات الرب!
و لك سلامى و دعائى لك بالتوفيق