التناقض الداخلي لروايات حادثة الصلب والفداء
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:p016::p016::p016::p016:
على افتراض قبول شهادة الكتاب الأربعة (الرواة) للأناجيل يتجه البحث نحو تمحيص الروايات و النصوص المتعلقة بسرد حادثة الصلب من بداية مجرى الأحداث.. فالتفحص لروايات الصلب، يسفر عن تناقضات و اختلافات و أخطاء كثيرة لا يمكن الجمع بينها أو تجاوزها نذكر منها :
- المجيء إلى أورشليم : و هي القصة التي تروي كيفية مجيء المسيح -عليه السلام- إلى مدينة أورشليم (بيت المقدس) منتصرا لأجل إقامة مملكة الله، و هو على ظهر جحش قبل حادثة الصلب، و نورد هناالاختلافات في هذه الحادثة من النصوص ما يلي :
- ( وأتيا بالأتان و الجحش ووضعا ثيابهما عليهما و أركباه ) ( متى 21 : 7 ) .
- ( فأتيا بالجحش إلى يسوع وطرحا ثيابهما عليه فركب عليه ) (مرقس 11 : 7 ).
- ( ثم أتيا به إلى يسوع و ألقيا ثيابهما على الجحش و أركبا يسوع ) ( لوقا 19 : 35 ).
- ( و إن يسوع وجد جحشا فركبه كما هو مكتوب ) (يوحنا 12 : 14 ).
و يعلق الشيخ ديدات: " فهل يعقل أن يكون الله القدير مؤلف هذه الأحداث المتباينة، أن يكلف نفسه لتأكيد عدم نسيان مؤلفي البشارة تسجيل دخول ابنه المدينة المقدسة على ظهر جحش ".( أحمد ديدات، هل الكتاب المقدس كلمة الله، ص29 .)
- التغيير في السياسة و الإستراتيجية ::p016: (و هو ما أشار إليه الشيخ ديدات في تعامل المسيح -عليه السلام- مع السلاح)، و النصوص متعارضة في هذا المقام :
- (حين أرسلكم بلا كيس و لا مزود ولا أحدية، هل أعوزكم شيء فقالوا: لا، فقال لهم :لكن الآن من له كيس فليأخذه، ومزود كذلك، ومن ليس له فليبع ثوبه ويشر سيفا !) ( لوقا 22 : 35 – 36 )، في حين نجد في موضع آخر .
- ( ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب، فكونوا حكماء كالحيات و بسطاء كالحمام ) ( متى 10 : 16)
- ( و إذا واحد من الذين مع يسوع مد يده و أستل سيفه و ضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه ) (متى 26 : 51) و يعارضه قول المسيح وهو ينصح أحد تلاميذه :
- ( رد سيفك إلى مكانه لأن الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون ) ( متى 26 : 58 ) .
- ( لا تطنوا أني جئت لألقي سلاما على الأرض، ما جئت لألقي سلاما بل سيفا ) ( متى 10 : 24 )، وكذا جاء في إنجيل لوقا : ( جئت لألقي نارا على الأرض، فماذا أريد لو اضطرمت، أتضنون أني جئت لأعطي سلاما على الأرض، كلا أقول لكم بل انقساما ) (لوقا 12 : 49 – 51 ). فهذه النصوص تنبئ عن تناقض في طبيعة المسيح، أهو أمير سلام أم داع إلى السلاح .(أحمد ديدات، مسألة صلب المسيح بين الحقيقة و الافتراء ،تر: علي الجوهري، ص30، ص46 )
- نقص التنبؤات في مدة بقاءه في القبر: إذ أن التناقض واضح بين ما تفوَّه به المسيح بخصوص النبوءة في قوله: (جيل شرير و فاسق، يطلب آية و لا تعطي له آية إلا آية يونان النبي، لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام و ثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام و ثلاث ليال) (متى 12: 39-40)، وبين ما تحقق منها في زعم المسحيين إذ إن يونان ظل حيا مدة ثلاثة أيام و ثلاث ليال، و أما المسيح فقد كان ميتا هذه المدة في زعم المسيحيين، هذا أولا، ثم إن الشيخ ديدات أثبت أن المسيح لم يلبث نفس المدة، إذ صلب حسب الزعم المسيحي يوم الجمعة و افتقد يوم الأحد، حيث أن الأناجيل صريحة في إخبارنا أن مريم المجدلية ذهبت قبل شروق شمس صباح الآخر ( أول أيام الأسبوع ) إلى قبر يسوع فوجدته فارغا .
و ذلك يشير إلى ما ورد بإنجيل يوحنا ( و في أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكرا و الظلام باق، فنظرت الحجر مرفوعا عن القبر فركضت و جاءت إلى سمعان بطرس و إلى التلميذ الذي كان يسوع يحبه، وقالت لهما أخذوا السيد من القبر و لا نعلم أين وضعوه ) (يوحنا 20 1- 3)، فتكون مدة بقاء المسيح في القبر بهذا يوم واحد و ليلتان فقط:
عيد القيامة في المقبرة
أيام ليالي
يوم الجمعة : وضع بالمقبرة عند غروب الشمس _ ليلة واحدة
يوم السبت : من المفروض أنه بالمقبرة يوم واحد ليلة واحدة
يوم الأحد : غير موجود _ _
المجموع يوم واحد ليلتان
و منه فإن هناك تضاربا بين النبوءة التي أخبر بها المسيح – عليه السلام- و بين ما يزعمه المسيحيون و يدللون عليه من نصوص العهد الجديد فيما يتعلق بمدة موت المسيح عليه السلام، و هذا بعض مما كشف من تناقضات و تعارضات في روايات الصلب، و هو ما يفضي إلى الأخذ برواية، و رفض أخرى أو رفضهما جميعا عند تعذر الترجيح .