8- ويقولن أنه المحيي (يوحنا 6: 63، 2كورنثوس 3: 6، رومية 8: 11).
اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فلاَ يُفِيدُ شَيْئاً. اَلْكلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ.
الَّذِي جَعَلَنَا كُفَاةً لأَنْ نَكُونَ خُدَّامَ عَهْدٍ جَدِيدٍ. لاَ الْحَرْفِ بَلِ الرُّوحِ. لأَنَّ الْحَرْفَ يَقْتُلُ وَلَكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي. (2كو 3: 6)
هذه الآية لا تشير إلى الروح القدس لا من قريب ولا من بعيد. فالحرف يقتل. هل رأيت حرفًا يقتل؟! إنه يقصد التزمت في الدين وتطبيق الشريعة دون فهم روحها. فللشريعة روح ولذلك لم يطبق سيدنا عمر بن الخطاب حد السرقة في عام المجاعة لأنه نظر إلى الروح لا إلى الحرف. وهو ما يعرف في القانون الوضعي بـ"روح القانون".
نصل إلى مسألة التثليث. علينا أن نعلم أن لفظة "النثليث" لم تظهر إلا في نهاية القرن الثاني عندما استخدم ثاوفيلس Theophilus أسقف أنطاكية الكلمة اليونانية trias ليصف الآب والابن والروح القدس. واستخدمت اللفظة اللاتينية Trinitas لأول مرة في مثل ذلك الوقت، استخدمها ترتليان (160 – 225م). وكثير من المسيحيين الأوائل بما فيهم الأرثوذكسي إيرانوس رفضوا قبول ما يتضمنه هذا التعبير من الإشراك بالله.
Craveri, The Life of Jesus: p321
ولم يوافق القديس أغسطين (354 – 430م) وهو اللاهوتي الشهير في الكنيسة الرومانية، لم يوافق على صيغة القسطنطينية وكان يُعَلِّم أن الروح القدس ينبثق من الآب والابن في الحال. وقد قبل مجمع توليدو في إسبانيا صيغة قسطنطين وأجرى تعديلًا على العقيدة القسطنطينية لتصبح أن الروح القدس ينبثق من الآب والابن.
وقد اُشْتُهِرت هذه الإضافة بالتسمية Filique (لفظة لاتينية تعني "الابن"). ولم يقبلها مسيحيو الشرق. وفي 867م قام بطريرق القسطنطينية فوتيوس (810 – 895م) بلعن هذه التسمية ووصفها بالهرطقة. ورحب الشرق بموقف فوتيوس. وبسبب هذا انفصلت الكنيسة الشرقية عن الكنيسة الغربية في سنة 1054م فيما يعرف الآن بـ "الانفسام العظيم". وتبنت الكنيسة الغربية التسمية اللاتينية. وقد قبل قادة البروتستانت أمثال لوثر وكالفن في حركة الإصلاح في القرن 16، قبلوا مفهوم محمع توليدو عن التثليث.
1. Craveri, The Life of Jesus: p323
2. Livingstone, Dictionary of the Christian Church: p193,401
3. Robertson, A Short History of Christianity: p114
وفي تطور حديث في معرض التعليق على الفقرة التى تقول بالتثليث (يوحنا الأولى 5: 7، 8)، فإن مترجم المخطوطة اليونانية «بنيامين ولسن» أكد أن هذه الفقرة غير موجودة في أى مخطوط يوناني مكتوب قبل القرن الخامس عشر، ولم يذكرها أى كاتب إكليركي أو أى من الآباء اللاتينيين الأولين، لذلك فهى مختلقة ومدسوسة. (خمسون ألف خطأ في الكتاب المقدس. أحمد ديدات. ص 12) ولا توجد الفقرة في أي مخطوطة يونانية قبل القرن 15 الميلادي. وهذه الفقرة غير موجودة في 112 مخطوطة. ويقول آدم كلارك أنها غير موجودة في أي مخطوطة قبل عصر الطباعة باستثناء مخطوطة منتفورتى (القرن 16).
وأول ما ظهرت هذه الفقرة كان في نسخة يونانية مأخوذة عن نسخة لاتينية في مجمع 1215م ووجدت الفقرة طريقها إلى النص اللاتيني عن طريق دراسة لاتينية قام بها شخص أسباني وصفته الكنيسة بأنه مهرطق. ووضع هذا النص الهرطوقي في الهامش كتفسير للروح والماء والدم في رسالة يوحنا، ثم تم دمج هذا التفسير في المتن لتصبح الهرطقة جزءًا لا يتجزأ من إلهام الروح القدس (بروس ميتزجر). والمخطوطات التي تحوي هذا النص ثمانية منها 7 تعود للقرن 16، منها 4 مخطوطات تكتب النص في الهامش، والثامنة وهي رقم 221 تعود للقرن العاشر، وتكتب النص على الهامش وبخط مختلف.
ومن ثم حُذِفَتْ الفقرة من «الترجمة الإنجليزية الجديدة» للكتاب المقدس ومن النسخة الأمريكية القياسية ومن «الإنجيل كتاب الحياة» ومن نسخ إنجليزية عالمية كثيرة. وكذلك:
هناك ثلاث شهود: الروح والماء والدم. وهؤلاء الثلاث شهود متفقون.
والَّذينَ يَشهَدونَ ثلاثة: الرُّوحُ والماءُ والدَّم وهؤُلاءِ الثَّلاثةُ مُتَّفِقون (الترجمة الكاثوليكية)
والّذينَ يَشهَدونَ هُم ثلاثةٌ. الرُوحُ والماءُ والدَّمُ، وهَؤُلاءِ الثَّلاثَةُ هُم في الواحدِ. (الترجمة العربية المشتركة).
أما الجزئين من فقرتي 19 و20 في إنجيل متى:
وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. (متى 28: 19، 20)
فقد وضعتهما نسخة ylt بين قوسين لعدم وجودهما في المخطوطات الأقدم، ولتثبت أنهما في محل شك من قِبَلِ علماء الكتاب المقدس.
ونجد نفس الشيء بالنسبة للفقرة: «وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا». (مرقس 16: 15) إذ يستبعدها العلماء حاليًّا لعدم وجودها في المخطوطات السينائية والفاتيكانية والسريانية والآرامية. أي أن إنجيل مرقس وهو أقدم الأناجيل لا يحتوي عقيدة من العقائد المسيحية الأساسية.
إن يوسيبيوس أبو المؤرخين النصارى كان في قيصرية التى بها أعظم مكتبة مسيحية في ذلك العصر التى جمعها اوريجين وبامفيلس. وفي هذه المكتبة كانت هناك نسخ من الأناجيل أقدم بمئتى عام عن الموجود عندنا. واستشهد يوسيبيوس بـ (متى 28: 19) في كتبه الكثيرة 18 مرة. و في كل مرة كان النص كالتالى:
«فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسمي». ولم يذكر الصيغة الثلاثية ولا مرة واحدة. والغريب أن هذا المقطع عند أوريجين كان يتوقف دائما عند كلمة "الأمم". أما أفرااتيز الأب السرياني الذي كتب بين أعوام 337 و345، كان نص متى عنده كالتالي: «فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وسوف يؤمنوا بي».