الرد على السؤال رقم22: جاء في سورةالنساء 157-158 " وَقَوْلِهِمْ (أي اليهود) إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ ... وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ... وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ... مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ... وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ... بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ... وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا "وقال الناقد: إن بسبب هذه الآية القرآنية الواحدة ... ينكر بعض المسلمين صلب المسيح ... مع أن بالقرآن ثلاث آيات تقطع أن المسيح تُوفي ومات وُبعث حياً ورُفع إلى السماء، وهي: " إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " آل عمران 55 ... وأيضاً سورة المائدة 117 " مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ ... أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ... وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ ... فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ... وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " ... وأيضاً سورة مريم 33 " وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا " ... والناقد يسأل: كيف يقول القرآن مرة إن المسيح لم يُصلب ولم يُقتل بل رُفع حياً، ويقول مراراً إنه تُوفّي ومات ثم رُفع حياً ؟؟؟وأضاف الناقد: وإن جاز أن يقال إن الله يلقي شبه إنسان على آخر، ألا يفتح هذا باب الشك في كل شيء ؟؟؟ فإذا رأيت زيداً يُحتمل أنه ليس بزيد بل أُلقي شبه زيد عليه، وعند ذلك لا تبقى على الأرض حقيقة !!! بل إننا نشك في التواتر، لأننا نتساءل إن كان ما رواه الأولون حق أم شبيه الحق !!! بل إننا نشك في الشرائع التي جاء بها أشباه الأنبياء بل الأنبياء أنفسهم !!! وهل في إلقاء الشبه على آخر ليقتله اليهود بدل المسيح شيء من العدل على الرجل المقتول ؟؟؟ ألا يظن اليهود أن الله يُعِز المسيح ويكرمه ؟؟؟ إن الذين ينكرون الصلب يرسمون لنا الله إلهاً يرضى بالغش والكذب !!!
الرد على سؤال السيد الناقد
§ قال الناقد أن بسبب آية قرآنية واحدة هي: " وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ "النساء 157 ... ينكر بعض المسلمين صلب المسيح ... وحقيقة الأمر أن كل المسلمين (وليس بعضهم كما ادعى السيد الناقد) ينكرون صلب المسيح ... وهم لا يحتاجون الى أكثر من آية واحدة في هذا الأمر لإنكار صلب المسيح لأنها صادرة من الله رب العالمين ... ومن ناحية أخرى فإن المسلمين لا يتمشى مع عقولهم إطلاقاً ... أن يكون الشخص الذليل المعلق على الصليب هو السيد المسيح وبداخله الله رب العالمين خالق السماوات والأرض وما بينهما ... كما يعتقد النصارى ذلك !!!
§ وبخصوص الاعتماد على نص واحد لإثبات الحقيقة ... فكم طالبنا النصارى (دون جدوى) بإفادتنا بنص واحد (وليس استنتاجات) من كتابهم المقدس ... قال فيه السيد المسيح بلسانه الشريف وبصراحة ووضوح " أنا ربكم فاعبدون " ... وذلك على غرار ما صرح الله سبحانه وتعالى به في القرآن الكريم بقوله تعالى: " وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ " الأنبياء 92 أما عن سؤال الناقد ... كيف يقول القرآن الكريم مرة إن المسيح لم يُصلب ولم يُقتل بل رُفع حياً ... ويقول مراراً إنه تُوفّي ومات ثم رُفع حياً ... كما ورد بالثلاث آيات التي ذكرها سيادته ... فقبل أن نستعرض تفسير هذه الآيات الثلاث كما وردت بكتب التفسير ... نود أن نشير الى أن تفسير آيات القرآن الكريم يتطلب الالمام بمهارات متعددة ... منها الاحاطة التامة باللغة العربية وفنونها وقواعدها والمعاني المتعددة لكل كلمة ... واستخدامها في الموضع الذي يناسبها ... كما سيتضح من تفسير تلك الآيات الثلاث:الآية الأولى: " إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" آل عمران 55
تفسير المنتخب:واذكر (أيها النبي) إذ قال الله: يا عيسى إني مستوفٍ أجلك، ولا أمكِّن أحداً من قتلك، وإني رافعك إلى محل كرامتي، ومنجيك من أعدائك الذين قصدوا قتلك، وجاعل المتبعين لك، الذين لم ينحرفوا عن دينك ظاهرين بالقوة والسلطان على الذين لم يهتدوا بهديك إلى يوم القيامة، ثم إلىَّ مصيركم في الآخرة فأقضى بينكم في الذي تنازعتم فيه من أمر الدين ... انتهى
التفسير الميسر:قال الله لعيسى: إني قابضك من الأرض من غير أن ينالك سوء، ورافعك إليَّ ببدنك وروحك، ومخلصك من الذين كفروا بك، وجاعل الذين اتبعوك أي على دينك وما جئت به عن الله من الدين والبشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم وآمَنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، بعد بعثنه، والتزموا شريعته ... ظاهرين على الذين جحدوا نبوتك إلى يوم القيامة، ثم إليّ مصيركم جميعًا يوم الحساب، فأفصِل بينكم فيما كنتم فيه تختلفون من أمر عيسى عليه السلام ... انتهى
التفسير الوجيز: قال الله يا عيسى: {إني متوفيك} أَيْ: قابضك من غير موتٍ وافياً تاماً، أَيْ: لم ينالوا منك شيئاً ... {ورافعك إليَّ} أَيْ: إلى سمائي ومحل كرامتي، فجعل ذلك رفعاً إليه للتَّفخيم والتَّعظيم {ومطهِّرك من الذين كفروا} أَيْ: مُخرجك من بينهم ... انتهى
تفسير الطنطاوي:قول جمهور العلماء أن معنى {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} أي قابضك من الأرض ورافعك إلى السماء بجسدك وروحك لتستوفي حظك من الحياة هناك ... وأصحاب هذا الرأي لا يفسرون التوفى بالموت ... وإنما يقولون: إن التوفى في اللغة معناه أخذ الشيء تاما وافيا ... فمعنى{مُتَوَفِّيكَ} آخذك وافيا بروحك وجسدك ... ومعنى {وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} ورافعك إلى محل كرامتي في السماء فالعطف للتفسير ... يقال: وفيت فلانا حقه أي أعطيته إياه وافيا فاستوفاه وتوفاه أي أخذه وافيا كاملا ...قال القرطبي: " معنى متوفيك قابضك ورافعك إلى السماء من غير موت ... مثل توفيت مالي من فلان أي قبضته " ... انتهى تفسير الشعراوي: ونريد أن نقف الآن عند كلمة قول الحق: {متوفيك} ... نحن غالبا ما نأخذ معنى بعض الألفاظ من الغالب الشائع، ثم تموت المعاني الأخرى في اللفظ ... ويروج المعنى الشائع فنفهم المقصد من اللفظ ... إن كلمة «التوفي» نفهمها على أنها الموت، ولكن علينا هنا أن نرجع إلى أصل استعمال اللفظة، فإنه قد يغلب معنى على لفظ، وهذا اللفظ موضوع لمعان متعددة، فيأخذه واحد ليجعله خاصا بواحد من هذه ... إن كلمة «التوفي» قد يأخذها واحدا لمعنى «الوفاة» وهو الموت ... ولكن، ألم يكن ربك الذي قال: {إني متوفيك}؟ هو القائل في القرآن الكريم: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون} الأنعام 16... إذن {يتوفاكم} هنا بأي معنى؟ إنها بمعنى ينيمكم ... فالنوم معنى من معاني التوفي ... ألم يقل الحق في كتابه أيضا الذي قال فيه: {إني متوفيك} ... قال أيضاً: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} الزمر 42 لقد سمى الحق النوم موتا أيضا ... هذا من ناحية منطق القرآن، إن منطق القرآن الكريم بين لنا أن كلمة «التوفي» ليس معناها هو الموت فقط ولكن لها معان أخرى ... إلا أنه غلب اللفظ عند المستعملين للغة على معنى فاستقل اللفظ عندهم بهذا المعنى، فإذا ما أطلق اللفظ عند هؤلاء لا ينصرف إلا لهذا المعنى ... ولهؤلاء نقول: لا، لا بد أن ندقق جيدا في اللفظ ولماذا جاء ؟؟؟واللغة العربية توضح ذلك، فأنت تقول (على سبيل المثال) لمن أقرضته مبلغا من المال، ويطلب منك أن تتنازل عن بعضه لا، لا بد أن أستوفي مالي، وعندما يعطيك كل مالك، تقول له: استوفيت مالي تماما، فتوفيته، أي أنك أخذته بتمامه ... إذن، فمعنى {متوفيك} قد يكون هو أخذك الشيء تاما.إذن، «فمتوفيك» تعني مرة تمام الشيء، «كاستيفاء المال» وتعني مرة «النوم» ... وحين يقول الحق (للمسيح): {إني متوفيك} ماذا يعني ذلك ؟؟؟ إنه سبحانه يريد أن يقول (للمسيح): أريدك تماما، أي أن خلقي لا يقدرون على هدم بنيتك، إني طالبك إلى تاما، لأنك في الأرض عرضة لأغيار البشر من البشر ... لكني سآتي بك في مكان تكون خالصا لي وحدي، لقد أخذتك من البشر تاما، ومعنى «تاما» ... أي أن الروح في جسدك بكل مواصفاته، فالذين يقدرون (أي البشر) عليه من هدم المادة (أي الجسد) لم يتمكنوا منه ... انتهى
الآية الثانية:" مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ ... أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ... وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ ... فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ... وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " المائدة 117
تفسير المنتخب:أي ما قلت لهم: إلا ما أمرتني بتبليغه لهم ... قلت لهم: اعبدوا الله -وحده -فإنه مالك أمري وأمركم ... وكنت أعلم حالهم وأنا موجود بينهم، فلما انتهى أجل إقامتي الذي قَدَّرته بينهم، كنت أنت -وحدك -المطلع عليهم، وأنت مطلع على كل شيء ... انتهى
التفسير الميسر:قال عيسى عليه السلام: يا ربِّ ما قلتُ لهم إلا ما أوحيته إليَّ، وأمرتني بتبليغه من إفرادك بالتوحيد والعبادة، وكنتُ على ما يفعلونه -وأنا بين أظهرهم-شاهدًا عليهم وعلى أفعالهم وأقوالهم، فلما وفيتني أجلي على الأرض، ورفعتني إلى السماء حيًّا، كنت أنت المطَّلِع على سرائرهم، وأنت على كل شيء شهيد، لا تخفى عليك خافية في الأرض ولا في السماء ... انتهىالتفسير الوجيز:{وكنتُ عليهم شهيداً} أَيْ: كنت أشهد على ما يفعلون ما كنتُ مقيماً فيهم ... {فلما توفيتني} [يعني: رفعتني] إلى السَّماء ... {كنت أنت الرقيب} الحفيظ {عليهم وأنت على كلِّ شيء شهيد} أَيْ: شهدت مقالتي فيهم ... وبعد ما رفعتني شهدتَ ما يقولون من بعدي ... انتهى
تفسير الطنطاوي:وقوله: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} بيان لانتهاء مهمته بعد فراقه لقومه ... أي: أنت تعلم يا إلهي بأني ما أمرتهم إلا بعبادتك وأني ما قصرت في حملهم على طاعتك مدة وجودي معهم ... {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} يا إلهي ... أي: قبضتني بالرفع إلى السماء حيا، كنت أنت الرقيب عليهم ... أي: كنت أنت وحدك الحفيظ عليهم المراقب لأحوالهم، العليم بتصرفاتهم الخبير بمن أحسن منهم وبمن أساء وأنت -يا إلهي -على كل شيء شهيد، لا تخفى عليك خافية من أمور خلقك ... هذا وما ذهبنا إليه من أن معنى{فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} أي: قبضتني بالرفع إلى السماء حيا قول جمهور العلماء ...قال بعض العلماء مؤيدا ما ذهب إليه الجمهور قوله:{فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} أي فلما أخذتني وافيا بالرفع إلى السماء حيا، إنجاء لي مما دبروه من قتلي، من التوفي وهو أخذ الشيء وافيا أي كاملا ... وقد جاء التوفي بهذا المعنى في قوله - تعالى - {يا عيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الذين كَفَرُواْ ...} ولا يصح أن يحمل التوفي على الإِماتة ... لأن إماتة عيسى في وقت حصار أعدائه له ليس فيها ما يسوغ الامتنان بها، ورفعه إلى السماء جثة هامدة سخف من القول، وقد نزه الله السماء أن تكون قبرا لجثث الموتى، وإن كان الرفع بالروح فقط، فأي مزية لعيسى في ذلك على سائر الأنبياء، والسماء مستقر أرواحهم الطاهرة فالحق أنه (أي المسيح) عليه السلام رفع إلى السماء حيا بجسده وروحه وقد جعله الله آية ... والله على كل شيء قدير ... انتهى
تفسير الشعراوي:ومسألة التوفي -كما نعلم -هي الأخذ كاملا دون نقض للبنية بالقتل ... وعندما نتأمل بالدقة اللغوية كلمة «توفيتني» نجد «توفاه» قد تعني أماته ... فالحق سبحانه يقول: {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم} السجدة 11... والحق سبحانه وتعالى يقول أيضا: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليه الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} الزمر 42 ... إنه سبحانه يسمي النوم وفاة، وهو أمر فيه إرسال وفيه قبض ... ومعنى الموت في بعض مظاهره غياب حس الحياة، والذي ينام إنما يغيب عن حس الحياة، إذن فمن الممكن أن تكون الوفاة بمعنى النوم ... ويقال أيضا عن الدين توفيت ديني عند فلان أي أخذت ديني كاملا غير منقوص ... وكذلك أمر قتل المسيح قال فيه الحق جل وعلا القول الفصل: {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم} النساء 157 ... ونعرف أن الموت يقابله القتل أيضا، فالحق يقول: {أفإن مات أو قتل} آل عمران 144... فالموت خروج الروح مع بقاء الأبعاض سليمة، أما القتل فهو إحداث إتلاف في البنية فتذهب الروح ... وقد قال الحق على لسان المسيح: {فلما توفيتني} أي أخذتني كاملا غير منقوص ... انتهى
الآية الثالثة: " وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا" مريم 33
تفسير المنتخب:والأمان من الله علىَّ يوم ولادتي، ويوم موتى، ويوم بعثي حياً ... انتهى
التفسير الميسر:والسلامة والأمان عليَّ من الله يوم وُلِدْتُ، ويوم أموت، ويوم أُبعث حيًا يوم القيامة ... انتهى
التفسير الوجيز:أَيْ: السَّلامة عليَّ من الله تعالى في هذه الأحوال ... انتهى
تفسير الطنطاوي:{والسلام} والأمان منه تعالى {عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ} مفارقا هذه الدنيا ... {وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً} للحساب والجزاء يوم القيامة ... انتهى
تفسير زهرة التفاسير: " وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا " ... وفي هذا تقرير أنه يعيش في أمن ... وقد ولد في أمن ... وأنه يموت في أمن ... وفي هذا إشارة إلى أنه لن يقتله ولن يصلبه أحد ... بل هو ولد آمنا ... وعاش آمنا ... ومات آمنا؛ لأن السلام هو الأمن ... انتهى
من خلاصة التفاسير المتعددة للآيات الثلاثة ... ندرك أن السيد الناقد قد أثار في كلامِه مجموعةً من الإِشكالاتِ والمغالطات، يُمكنُ ايجازها والرد عليها في النقاط التالية:
1. زَعَمَ الناقد أَنَّ القرآنَ مُتَناقِضٌ في حديثِه عن نهايةِ المسيح عليه السلام ... فقالَ سيادته: كيف يقول القرآن مرة إن المسيح لم يُصلب ولم يُقتل بل رُفع حياً، ويقول مراراً إنه تُوفّي ومات ثم رُفع حياً ؟؟؟ وهذا زَعْمٌ باطلٌ مردود ...ولاتَناقُضَ بين الآياتِ القرآنيةِ التي تتحدَّثُ عن الموضوعِ الواحد ... وكيف ؟؟؟ إن المعْتَمَدُ في أَمْرِ المسيحِ عليه السلام آياتُ سورةِ النساء، التي تُصَرِّحُ أَنَّ اللهَ حمى رسولَه عيسى عليه السلام ... وعَصَمَه من كيدِ اليهود، وأَنْجاهُ من الصلب ورَفَعَه إِلى السماءِ مُباشَرَة، فلم يُصَبْ بأي أذى ... هذا ولم يتحدث القرآن عن صَلْبِ المسيح ودَفْنِه وموتِه، ثم قيامَتِه حَيّاً من قبره كما يعتقد النصارى ذلك ...
2. أما اقتصار تفسير الناقد لفظ " التوفى " على أنه الموت فقط ... فهذا قصور من السيد الناقد في فهم اللغة العربية والفاظها والمعاني المتعددة للكلمة الواحدة ... التي لا يستطيع تفسيرها الا علماء اللغة والبيان والتفسير ... على ضوء السياق العام وموضع الكلمة فيه وأيضاً قواعد اللغة العربية وفنونها ... وكما وضح ذلك من التفاسير المتعددة التي أوردناها ...
3. ولذلك فليسَ معنى قولِه تعالى " إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ " ... أي سأَسْمَحُ لليهود بصلْبِك وقَتْلِك ودَفْنك، وأَكونُ بهذا قد أَمَتُّكَ، ثم أْحْييكَ بعدَ دفنِك مباشرة، وأَرفعكَ إِلَيَّ حَيّاً ... كما يؤمنُ بذلك النصارى ... وإِنما معنى {إني متوفيك} كما ورد في العديد من كتب التفاسير المختلفة ... أي آخذك وقابضك من الأرض وافيا بروحك وجسدك لأن من ضمن معاني " التوفى " في اللغة العربية ... أخذ الشيء تاماً وافياً كاملاً غير منقوص ...
4.وعلى ذلك فإن المسيح الآنَ حيّ في السماءِ، سيُنْزِلُهُ اللهُ في آخرِ الزمان، ثم يُميتُه، ثم يَبْعَثُه حَيّاً يومَ القيامة كما يَبْعَثُ باقي الناس ... وبهذا اُزيل التناقضَ الموهومَ بين الآيات، ونَعْرِفُ من القرآنِ أَنَّ اليهودَ لم يَقْتُلوا عيسى ولم يَصْلبوه، بل رَفَعَه الله إِليه ... وسيُنزلِهُ في آخرِ الزمان، ويُميتُه كما يُميتُ باقي البشر، ويبعثُه حَيّاً يوم القيامة كما يَبْعَثُ باقي البَشَر ... قال تعالى: " وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ... وَيَوْمَ أَمُوتُ ... وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا " مريم 33
والله تعالى أعلم وأعظم
يتبع بإذن الله بالجزء الثاني من الرد على السؤال رقم 22