الأخ سلام من فلسطين
لقد تكلم ابن تيمية في كتابه العظيم (الرد على المنطقيين) عن التهويل، والكلام الذي في الاقتباس كلام تهويلي، وجاء الفيلسوف طه عبد الرحمن ليثبت أنَّ مقولة "أنا أفكر إذًا أنا موجود"، ليست صحيحة، ولم يقلها ديكارت، فالخطأ من المترجم، وما أكثر أخطاء الذين يترجمون الفلسفة إذ يترجمون الفلسفة، كما يقول طه عبد الرحمن، في كتابه العظيم "الفلسفة والترجمة"، فقد تناول هذه المسألة وحدها في ما يقترب من 100 صفحة، وكانت النتيجة التي وصل إليها هي "أنا أفكر"، فلم تبقَ "إذًا أنا موجود"، فمن الناحية المنطقية، هل الذي يُفكر غير موجود؟!، فهل كان هذا الكلام غائبًا عن الناس حتى العاديين منهم، فهل يوجد من بينهم من يقول:"بأنَّه غير موجود"؟ أبدًا، وهذه كلها ضرورات منطقية لا تحتاج إلى إثبات، فكون الإنسان يُفكر لا يحتاج إلى إثبات، وكون أنَّ الإنسان يعرف بأنَّه يتميز عن بقية العالم، فلا يحتاج إلى دليل، ولكن المشكلة هي مشكلة العربان الذين يهولون الفلسفة، خاصة إذا جاءت من الغرب الذي احترف تزييف الحقائق، ونسب لنفسه ما ليس له، ونزع من غيره ما لا يجب أنْ يُنزَع منه.
وعبارة برهن على وجود الله "عقليًا لادينيًا"؛ تهويل، بل هي في حقيقة الأمر، ليست شيئًا حقيقيًا خارج ذهن صاحبها ومن تبنَّاها، ويفرح بها من لا يفهمون الكلام كما يجب، وخصوصًا إنْ غلبت الفكرانية (الأيديولوجيا) على تفكيرهم، مثل الذين يكفرون بالأديان، والذين يكفرون بالله.
فيوجد في المنطق:"ما يَصدُق على المساوي يَصدُق على مساويه"، ويُسَمَّى قياس المساوي، وقياس المساوي ينسف ثنائية العقلي والديني، فإذا ثُبت في الدين، فلا يجب نفيه في غيره، وإذا ثبت في غيره، فلا يجب نفيه في "غير الغير"؛ فما دام الإثبات صحيحًا؛ فيجب أنْ يُقبَل من الجميع، وإلَّا فهو تفريق بين المتماثلات، كما يقول ابن تيمية في كتابه العظيم (الرد على المنطقيين)، الذي لخصه السيوطي في كتاب سماه "جهد القريحة في تجريد النصيحة".
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلام من فلسطين
وهذا الكلام يخضع لنزاع، خاصة في عصر العلم، ثم من قال: أنَّ ديكارت أول من قال بهذه، بهذه الفكرة في التراث الإسلام في غاية الشهرة، وهي في كتب الفلاسفة والمتكلمين، فالفارابي يرى أنَّ الله غرس كل المعلومات في الإنسان، ولكي لكي يعلمها الإنسان فلا بد من تذكيره، فالمسألة مسألة تذكير فقط، ومن المنطقي أنْ تكون فكرة وجود الله من ضمنها، وهي فكرة موجودة لدى إفلاطون، فهو يقول بما معناه: أنَّ النفس كان في عالم المُثُل، فكانت تعرف كل شيء، ولكن عندما هبطت من عالم المثال وامتزجت بالجسد؛ فقد نسيت، وإذ يعلم الإنسان شيء؛ فإنَّ نفسه لا تعلم شيئًا لم يكن موجودًا فيها، بل تتذكر ما كانت تعلمه وهي في عالم المثال؛ وبالتذكر تقترب إلى أصلها الذي كانت عليه في عالم المثال.
ابن تيمية أشبع فكرة "المثل" نقضًا، فهو يقول بما معناه:"الموجود خارج الذهن الأفراد وليست الكليات؛ وبهذا فلا يوجد مُثُل، فالجنس والنوع والفصل والخاصة، والعرض العام، كلها موجودة في الذهن، ولا وجود لها خارج الذهن، فالذي يوجد في الذهن هو الماهية، أما الوجود فهو الشيء الخارجي، فالماهية في الذهن والوجود خارج الذهن، وإذا كان يوجد مفهوم لا يحيل إلى شيء خارج الذهن، فالماهية والوجود داخل الذهن".
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلام من فلسطين