بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا اختنا الفاضلة الكريمة محبة الرحمن ...
العنعنة وموقف البخاري منها
تعريف العنعنة اصطلاحا:-
كل حديث فيه صيغة " فلان عن فلان " من غير بيان للتحديث أو الإخبار أو السماع وهذه الصيغة غير ظاهرة في السماع ، ومن هنا اختلفت فيها أقوال الأئمة في الحكم عليها قبولاً ورداً، ويتحصل من مجموع أقوالهم ستة مذاهب :
المذهب الأول :يرى أصحابه أن ما كان فيه لفظ " عن " فهو من قبيل المرسل المنقطع حتى يتبين اتصاله من جهة أخرى.
وهذا القول نقله ابن الصلاح ولم يسم قائله ونقله قبله القاضي أبو محمد الرامهرمزي (ت36 هـ) عن بعض المتأخرين من الفقهاء
المذهب الثاني :
وهو أيضاً من مذاهب أهل التشديد إلا أنه أخف من الأول ويشترط أصحابه أن يكون الراوي طويل الصحبة لمن روى عنه فإن كان كذلك ولم يكن مدلساً كانت عنعنته محمولة على الاتصال وهو منسوب للإمام أبي المظفر بن السمعاني الشافعي (ت 489 هـ).
المذهب الثالث :
إن كان الراوي معروفاً بالرواية عمن عنعن عنه، ولم يكن مدلساً حمل ذلك على الاتصال ، قاله الحافظ المقرئ أبو عمرو الداني (ت 444هـ).
المذهب الرابع :
إذا أدرك الراوي من عنعن عنه إدراكاً بيناً، ولم يكن مدلساً حمل ذلك على الاتصال ، قاله أبو الحسن القابسي.
المذهب الخامس :
يرى أصحابه أن العنعنة تقتضي الاتصال وتدل عليه، إذا ثبت اللقاء بين المعنعن والمعنعن عنه ولو مرة واحدة، وكان الراوي بريئاً من تهمة التدليس، وهذا المذهب قد نسبه كثير من العلماء إلى الإمام البخاري وشيخه ابن المديني، وأكثر الأئمة .
المذهب السادس :
يرى أصحابه أن العنعنة محمولة على الاتصال إذا توفرت الشروط التالية :
1 - أن يكون الراوي بريئاً من تهمة التدليس.
2 - أن يكون لقاؤه لمن روى عنه بالعنعنه ممكناً من حيث السن والبلد.
فإذا توفرت هذه الشروط كان الحديث متصلاً وإن لم يأت أنهما اجتمعا قط.
وهو قول الإمام مسلم، والحاكم أبي عبد الله، وهو ظاهر كلام ابن حبان، والقاضي أبي بكر الباقلاني، والإمام الصيرفي . وقد جعله مسلم - رحمه الله - قول كافة أهل الحديث وأن القول باشتراط ثبوت اللقاء قول مخترع، لم يسبق قائله إليه، وبالغ في رده، وطوّل في الاحتجاج لذلك في مقدمة صحيحه .
وهذه المذاهب على اختلافها وتباينها نجدها قد أجمعت على شروط لقبول السند المعنعن، وذكرها كثير من العلماء منهم : الحاكم النيسابوري والخطيب البغدادي، وابن عبد البر - رحمهم الله - .
وهذه الشروط هي :
1 - عدالة المحدثين في أحوالهم.
2 - لقاء بعضهم بعضاً مجالسة ومشاهدة.
3 - أن يكونوا برآء من التدليس.
ويرى البخاري رحمه الله في العنعنة أنها تقتضي الاتصال وتدل عليه إذا ثبت اللقاء بين المعنعن والمعنعن عنه ولو مرة واحدة، وكان الراوي بريئاً من تهمة التدليس