الأخوة الأعزاء:
لا مانع أن يسأل أحد ما فى أى شيئ يعن له طالما فى حدود الأدب فى السؤال.....حتى لو ظهر فى الأمر بعض الإلحاح أو المُجادلة فى أشياء قد تبدو بديهية بالنسبة إلينا....فهى قد لا تكون بديهية بالنسبة لأى شخص آخر!!!!
أتذكر مرة فى أحدى وسائل المواصلات أن سألنى شخص ما عن ميدان التحرير....فقلت له بعد كذا محطة...فألح الشخص فى السؤال عن علامات ميدان التحرير و كيف يعرف أنه قد وصل إلى ميدان التحرير ...و ما إلى ذلك...و كنت على وشك أن أنهره أو أمتنع عن الرد عليه، إلى أن ألهمنى الله أن هذا الشخص قد يكون غريباً بالفعل...قد يكون أول مرة يزور فيها القاهرة ، و لا يعرف أى من معالمها......فالغريب أعمى و لو كان بصيراً....
و لا داعى لإفتراض أن من يُحدثنا فى الشُبهات قد يكون صليبياً...و حتى لو كان صليبياً....فمن حقه علينا أن نُبين له الحق من الضلال...طالما إلتزم بحدود الأدب فى السؤال و لم يتطاول على من يسألهم!!!
و لا ننسى أن الفتاة التى تنصرت، ثم رجعت إلى نور الإسلام...زينب عصام....كان أول سبب فى نفورها من الإسلام و إرتدادها، هو سوء مُعاملة الشيوخ لها عندما تناقشت معهم فى الشُبهات التى ملأ بها عُباد الصليب عقلها و نفسها...و فى المُقابل، فى ناحية الضلال الصليبى، كانت تجد كل الود و المحبة و الحنية....بالضبط كملمس الحية...أملس و ناعم...و لكنه يُخبئ السُم القاتل!
نعم يا سيدتى...هناك أبوكريفا صليبية.....و هى أناجيل غير مُعترف بها و لم تُقرها المجامع المسكونية.....و منها برديات نجع حمادى...و إنجيل برنابا...الذى يُطلقون عليه "إنجيل المسلمين"...و بعض أناجيل الأعمال مثل أعمال بطرس...و الذى يتحدث فيه اليسوع إلى بطرس بينما شبيهه مُعلق على الصليب....و أعمال يوحنا...و إنجيل فيلبس.....
و لا توجد ديانة فى العالم لديها هذا الهوس بالتزوير و إعتبار كل ما لا يتفق مع مُعتقداتها التى حددتها المجامع المسكونية الكنسية....مثل الديانة أو العقيدة الصليبية....فالأبوكريفا الصليبية كثيرة جداً...و هناك موقع بالكامل (باللغة الإنجليزية) مُخصص لتلك الأبوكريفا:
http://www.earlychristianwritings.com
و ستجدين فيه كل الأبوكريفا التى أكتشفت حتى الآن....هذا غير ما يستجد..مثل إنجيل يهوذا الذى تم إكتشافه حديثاً
و كون الرسول (عليه الصلاة و السلام) قد سمع بتلك الأبوكريفا و نقل عنها فهو قول مُغرض...فسفر الرسول إلى الشام كان الغرض الأساسى منه التجارة و ليس التعلم أو النقل عن الآخرين.....و حتى لو كان قد إختلط ببعض النصارى الموحدين الذين كانوا مُنتشرين فى الشام فى ذلك الوقت...فهذا نوع من التعلم و توسيع مدارك الرسول إستعداداً لحمل الرسالة.....فموسى تعلم من حكمة المصريين ...مثلاً...و لا بد أنه حضر طقوس الجنازات المصرية و سمع بمقاطع من كتاب الموتى المصرى ...إن لم يكن كله....فهل موسى نقل توراته عن كتاب الموتى المصرى...أو نقل منه؟؟؟؟...كلام فارغ...هذا نوع من توسيع المدارك كما قلت....
و كذلك..أبو الأنبياء إبراهيم، فقد تجول فى منطقة الحضارات القديمة فى عصره...تجول فى حضارة بابل و أشور فى العراق....ثم حضارة الفينقيين فى الشام...ثم الحضارة المصرية...و لا بد أنه تشبع بكل تلك الحضارات العظيمة فى خلال ترحاله الذى أستمر لعشرات السنين...نوع من التربية الفكرية و توسيع المدارك!
و اليسوع عاش فى منطقة فلسطين ، حيث كانت تتلاطم كل المدخولات الحضارية البشرية...فالحضارة الجريكو-رومانية موجودة و ظاهرة فى فلسطين.....و الحضارة المصرية و الفينيقية لها تأثيراتها فى فلسطين القديمة...فهما على مرمى حجر من فلسطين...و كذلك الحضارة البابلية و الأشورية ، بل و الفارسية...كانت تؤثر بشكل ما على فلسطين أثناء وجود المسيح...
فكون نبى أو رسول لم يتأثر بالحضارات و البيئة المُحيطة به هو قول وهمى.....فلابد لحمل الرسالة أن يكون المبعوث على درجة من النضوج و الوعى بحيث يستطيع أن يحمل الرسالة و يتم التكليف الإلهى له!!!
و حتى فى عالمنا المُعاصر...هناك حارة رعناء تحاول فرض أسلوبها الأرعن على العالم...مثل الحضارة الأمريكية.....فهى تتسم بالرعونة و عدم تقدير العواقب، ذلك لأنه لم تُعد جيداً فى بوتقة التاريخ!!!...بينما أولئك الذين تصارعوا مع التاريخ...و تولدت لديهم الخبرة التاريخية المطلوبة لأن يكونوا قوى عظمى...فقد إنزووا أمام تلك الحضارة الحمقاء فى إنتظار أن تقتل نفسها بنفسها.....فنجد البريطانيين ينظرون إلى الأمريكيين نظرة التابع الذكى المُثقف إلى سيده القروى الجاهل...فهو مُضطر إلى تحمل هذا السيد الغبى إلى حين أن يقضى عليه غباؤه...و كذلك الروس و الصينيين و الفرنسيين و الألمان...و بالتأكيد...العرب أيضاً....
أتمنى أن أكون قد أجبت على سؤالك...و لا يهمنى إن كنتى مسلمة أم لا!!!....فما يهمنى هو توضيح الحق الذى أؤمن به فقط!!!