وأخبر أنه يوبخ العالم على الخطيئة |
ولم يوجد أحد وبخ جميع العالم على الخطيئة إلا محمد – صلى الله عليه وسلم -
فإنه أنذر جميع العالم من أصناف الناس
ووبخهم على الخطيئة من الكفر والفسوق والعصيان
وبخ جميع المشركين من العرب والهند والترك وغيرهم
ووبخ المجوس وكانت مملكتهم أعظم الممالك
ووبخ أهل الكتابين اليهود والنصارى
وقال في الحديث الصحيح عنه :
( إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب )
لم يقتصر على مجرد الأمر والنهي بل وبخهم وقرعهم وتهددهم
فإنه أخبر أنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بكل ما يسمع
وهذا إخبار بأن كل ما يتكلم به فهو وحي يسمعه
ليس هو شيئا تعلمه من الناس أو عرفه باستنباطه
وهذه خاصة محمد - صلى الله عليه وسلم –
فإن المسيح ومن قبله من الأنبياء كانوا يتعلمون من غيرهم مع ما كان يوحى إليهم
فعندهم علم غير ما يسمعونه من الوحي
ومحمد لم ينطق إلا بما يسمعه من الوحي فهو مبلغ لما أرسل به
وقد قيل له :
( بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس )
فضمن الله له العصمة إذا بلغ رسالاته
فلهذا أرشد الناس إلى جميع الحق
وألقى إلى الناس ما لم يمكن غيره من الأنبياء إلقاءه خوفا أن يقتلوه
كما يذكرون عن المسيح وغيره
وقد أخبر المسيح بأنه لم يذكر لهم جميع ما عنده وأنهم لا يطيقون حمله |
وهم معترفون بأنه كان يخاف منهم إذا أخبرهم بحقائق الأمور ...
وأيد أمته تأييدا أطاقت به حمل ما ألقاه إليهم
فلم يكونوا كأهل التوراة الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها
ولا كأهل الإنجيل الذين قال لهم المسيح : ( إن لي كلاما كثيرا أريد أن أقوله لكم ولكن لا تستطيعون حمله )
ولا ريب أن أمة محمد أكمل عقولا وأعظم إيمانا وأتم تصديقا وجهادا |
ولهذا كانت علومهم وأعمالهم القلبية وإيمانهم أعظم
وكانت العبادات البدنية لغيرهم أعظم ...