الرد على السؤال رقم 22:
أولاً: جاء في سورة الفلق 1-5 " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ... مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ... وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ... وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ... وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ " ... وذكر الناقد انه جاء في تفسير البيضاوي: {وَمِن شَرّ النفاثات فِى العقد} ومن شر النفوس أو النساء السواحر اللاتي يعقدن عقداً في خيوط وينفثن عليها ... والنفث النفخ مع ريق وتخصيصه ... «لما روي أن يهودياً سحر النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى عشرة عقدة في وتر دسه في بئر ... فمرض النبي صلى الله عليه وسلم ونزلت المعوذتان » ... وأخبره جبريل عليه الصلاة والسلام بموضع السحر ... فأرسل علياً رضي الله تعالى عنه فجاء به فقرأهما عليه ... فكان كلما قرأ آية انحلت عقدة ووجد بعض الخفة ... ولا يوجب ذلك صدق الكفرة في أنه مسحور ... لأنهم أرادوا به أنه مجنون بواسطة السحر ... وقيل المراد بالنفث في العقد إبطال عزائم الرجال بالحيل ... مستعار من تليين العقد بنفث الريق ليسهل حلها وإفرادها بالتعريف ... لأن كل نفاثة شريرة بخلاف كل غاسق وحاسد ...
ثانياً: جاء في سورة البقرة 102 " وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ "
وذكر الناقد انه جاء في تفسير البيضاوي: والمراد بالسحر ما يستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان مما لا يستقل به الإنسان ... وذلك لا يستتب إلا لمن يناسبه (أي يماثل الشيطان) في الشر وخبث النفس ... فإن التناسب شرط في التضام والتعاون ... وبهذا تميز الساحر عن النبي والولي.
وذكر الناقد أقوالاً من الكتابِ المقَدَّس ... تَنْهى عن تَعَلُّمِ السِّحر وتنهر السحرة ... ثم سأل سيادته: كيف يصيب السحرُ المؤمنَ المحفوظ بعناية الله ؟؟؟
§ إذا كان السيد الناقد يريد أن يوجه رسالة للمسلمين بأن عقيدته تَنْهى عن تَعَلُّمِ السِّحر وتنهر السحرة ... فنحن نحييه على ذلك ... ونحب أن نطمئنه أن الشريعة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم أخو السيد المسيح عليه السلام ... تتضمن نفس الايمان أيضاً ... فالسحر في الإسلام من السبع الموبقات أي المهلِكاتُ ... لأنَّها تُهلِكُ صاحبَها بِدُخولِه النَّارَ وعذابِه ...فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اجتنبوا السبعَ الموبقاتِ ... قالوا: يا رسولَ اللهِ ، وما هن ؟ قال : الشركُ باللهِ ، والسحرُ، وقتلُ النفسِ التي حرّم اللهُ إلا بالحقِّ، وأكلُ الربا ، وأكلُ مالِ اليتيمِ ، والتولي يومَ الزحفِ، وقذفُ المحصناتِ المؤمناتِ الغافلاتِ " الراوي: أبو هريرة - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6857
§ هذا وسنذهب لتفسير المنتخب لنقف على معنى الآية 102 من سورة البقرة التي استدل بها الناقد ... " وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ .... " ... أي ولقد صدَّقوا ما تَتَقَوَّله شياطينهم وفجرتهم على ملك سليمان ... إذ زعموا أن سليمان لم يكن نبياً ولا رسولاً ينزل عليه الوحي من الله ... بل كان مجرد ساحر يستمد العون من سحره ... وأن سحره هذا هو الذي وطَّد له الملك وجعله يسيطر على الجن والطير والرياح ... فنسبوا بذلك الكفرَ لسليمان ... وما كفر سليمان ... ولكن هؤلاء الشياطين الفجرة هم الذين كفروا ... إذ تقوَّلوا عليه هذه الأقاويل ... وأخذوا يعلِّمون الناس السحر من عندهم ومن آثار ما أنزل ببابل على الملكين هاروت وماروت ... مع أن هذين الملكين ما كانا يعلِّمان أحداً حتى يقولا له: إنما نعلِّمك ما يؤدى إلى الفتنة والكفر فاعرفه واحذره وتَوَقَّ العمل به ... ولكن الناس لم ينتصحوا بهذه النصيحة ... فاستخدموا ما تعلَّموه منهما فيما يفرقون به بين المرء وزوجه ... نعم كفر هؤلاء الشياطين الفجرة إذ تقوَّلوا هذه الأقاويل من أقاويلهم وأساطيرهم ذريعة لتعليم اليهود السحر ... وما هم بضارين بسحرهم هذا من أحد ... ولكن الله هو الذى يأذن بالضرر إن شاء ... وأن ما يؤخذ عنهم من سحر سيضر من تعلَّمه في دينه ودنياه ولا يفيده شيئاً ... وهم أنفسهم يعلمون حق العلم أن من اتجه هذا الاتجاه لن يكون له حظ في نعيم الآخرة ... ولبئس ما اختاروه لأنفسهم لو كانت بهم بقية من علم ... انتهى تفسير المنتخب
§ وتوقف الناقد أَمامَ سورةِ الفَلَق " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ... مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ... " ... ومن أَنَّها نزلَتْ في سِحْرِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ... وهذه السورة ومعها اختها سورة الناس يطلق عليهما المعوذتين ... وهما من أدوية الشفاء المجانية في صيدلية محمد صلى الله عليه وسلم ... يتناولها كل من يصاب بمرض السحر أو الحسد أو ما شابه ذلك ... بدلا من اللجوء للدجل والشعوذة والخرافات ... وكما سنفصل ادناه.
§ ولأن محمداً صلى الله عليه وسلم بشر وله صفات البشر مثلنا ..." قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ " الكهف 110 ... ولذلك اقتضت حكمة الله أن يكون هو أول من يتناول هذا الدواء ... وبذلك أعطى مثالاً لأتباعه بتجربة ومشاهدة عملية بالشفاء من المرض فور تناوله هذا الدواء " قَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " الأحزاب 21.
§ والسحر مرض ... ومن أنواعه سحر التخيل ... وقد تعرض موسى عليه السلام لسحر التخيل هذا حينما القى السحرة حبالهم وعصيهم على الأرض امام فرعون ... فماذا حدث ... " فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ... فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى " طه 66 – 67 ... أي فتخيَّل موسى من السحر أنها انقلبت ثعابين تتحرك وتسير ... فأحس موسى بالخوف لِما رآه من أثر السحر ... ومن احتمال أن يلتبس السحر على الناس بالمعجزة.
§ لقد جرت على محمد صلى الله عليه وسلم مثل سابق اخوانه من الأنبياء ... كل النواميس المعتادة التي كتبها الله على بني آدم من جملة البشر ... فهم يبتلون لأنهم جميعاً بشر ويتعرضون لما يتعرض له البشر من الحزن والفرح ... والعسر واليسر والمرض والشفاء والقتل (كيحيى وزكريا عليهما السلام) والموت ... وذلك ليظهر الله شرفهم في هذه الأحوال المتفاوتة ... ويبين أمرهم ... ويتم كلمته فيهم ... ولتتحقق مقتضيات بشريتهم ... والسحر من جملة تلك الأمراض ... ولذلك فقد شاء الله عز وجل أن يقع مرض السحر الظاهري هذا على محمد صلى الله عليه وسلم لحكمة عظيمة ... وهي أن تستفيد الأمة ... وتتعلم ماذا تفعل إن حدث لأحد أفرادها شيء مثل هذا ...
§ ومرض السحر الذي أصيب به محمد صلى الله عليه وسلم كان مرضاً بدنياً منحصراً فيما روته السيدة عائشة في حديث البخاري (6063) ... " مكث النبيُّ صلى الله عليه وسلم كذا وكذا ... يخيلُ إليه أن يأتي أهلَه ولا يأتي ... " ... بمعنى أنه يظهر له قدرته على معاشرة زوجاته ... فإذا دنا منهن لم يقدر على إتيانهن ... ولذلك فإن ما تعرض له صلى الله عليه وسلم لا يتعارض مع عصمته ... لأنه لم يؤثر في قواه العقلية أو صفته الشرعية ... وإنما أثر في شيء من نشاطه البدني فحسب ... ومع أنه أمر جسدي فإن الرعاية الإلهية قد شملته ... وتولاه الله بالحفظ ... وسلمه وشفاه ...
§ وقد أكد نفس ذلك الحديث ... أن هذا السحر كان مرضاً جسدياً تم علاجه ... حيث جاء في آخره " فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أما اللهُ فقد شفاني " ... هذا ولم يكن هناك تأثير لهذا السحر بالطبع على عقله أو روحه صلى الله عليه وسلم (أي محل تلقى الوحي والقرآن) فقد تكفل الله بحفظهما ... لأنه وكما ورد في سورة النجم 2-4 ... " مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ... وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ... إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ".
§ لقد نزل جبريل آنذاك بالدواء الشافي للسحر من السماء " فأتاه جبريلُ فنزل عليه بالمُعوِّذتَيْن " الألباني (السلسلة 2761) ... وفي بعض روايات حديث السحر هذا أنه صلى الله عليه وسلم رقي بهاتين السورتين ... وكلما رقي بآية انحلت عقدة ... حتى انحلت العقد كلها ... وشفي بفضل الله تماما ... وفي سورتي الفلق والناس (واللتان تسميان بالمعوذتين) قيل كان " رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يتعوَّذُ ب {أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}ويقولُ يا عقبةُ تعوَّذْ بهما فما تعوَّذَ متعوِّذٌ بمثلِهما "الألباني -1463 ...
§ ومن ينظر نظرة إنصاف ... فإنه يرى أنه إذا كان الرسول قد سحر إلا أنه لم يترك ... وإنما سأل الله ودعاه ... فاستجاب له ربه ... وجاءه جبريل وغيره من الملائكة ... وأخبره الله بحقيقة حاله ... ورقاه جبريل ... ورقى صلى الله عليه وسلم نفسه ... وبرئ بفضل الله عز وجل سريعا ... فإن دل هذا على شيء فإنما يدل أولا على بشريته صلى الله عليه وسلم ... وثانيا على عصمة الله عز وجل له ... وكريم منزلته صلى الله عليه وسلم عنده ... وعلى عظيم عنايته تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم.
§ لقد شاء الله أن يقع مرض السحر هذا على النبي صلى الله عليه وسلم مرة ... لكي تتعلم الأمة من بعده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم كيفية علاج السحر بهذا الدواء (أي بالصبر على البلاء ... وكثرة الدعاء لله لرفع هذا البلاء ... والرقية بقراءة المعوذتين أي سورتي الفلق والناس) ... ولولا أن الله شاء بنبيه ذلك ... لذهب الجميع إلى الشعوذة والدجل والخرافات ... فالمؤمنون يسيرون على هديه صلى الله عليه وسلم ويستشفون بهذه الأمور ... أما الجهلة فإنهم يذهبون إلى أماكن الدجل والشعوذة.
§ إِنَّ اللهَ يَحفظُ عبادَه المؤمنين ... ومع ذلك يَبْتَليهم بالضّرِّ ... ويَأْذَنُ أَنْ يُصابوا بالأَذى ... وليس وقوعُ هذا بهم دليلاً على عدمِ محبَّتِه لهم ... أَو تخلّيه عنهم ... وهم عندما يُصابونَ بالضُّرِّ والأَذى يلجؤون إِليه ... ليكشفَ عنهم ما بهم ... وبذلك يَزدادونَ قُرْباً منه سبحانه ... وهذا ما حَصَلَ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الذي هو اسوة للمسلمين جميعاً.
§ لكن العجب كل العجب أن في الوقت الذي يسأل فيه السيد الناقد: كيف يصيب السحرُ المؤمنَ المحفوظ بعناية الله ... يغفل سيادته أن كتبة الأناجيل قد نسبوا للسيد المسيح عليه السلام أن ابليس قد جرّبه أربعين يوماً !!! استمع للنصوص الآتية:
«أما يسوع ... فعاد من الأردن ممتلئا من الروح القدس ... فاقتاده الروح في البرية أربعين يوما ... وإبليس يجربه ... ولم يأكل شيئا طوال تلك الأيام ... فلما تمت ... جاع ... ثم أصعده إبليس إلى جبل عال ... وأراه ممالك العالم كلها في لحظة من الزمن ... وقال له: «أعطيك السلطة على هذه الممالك كلها وما فيها من عظمة ... فإنها قد سلمت إلى ... وأنا أعطيها لمن أشاء ... فإن سجدت أمامي ... تصير كلها لك!» ... فرد عليه يسوع قائلا: «قد كتب: للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد!» ... ثم اقتاده إبليس إلى أورشليم ... وأوقفه على حافة سطح الهيكل ... وقال له: «إن كنت ابن الله ... فاطرح نفسك من هنا إلى الأسفل ... فإنه قد كتب: يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك ... فرد عليه يسوع قائلا: «قد قيل: لا تجرب الرب إلهك !!!»لوقا 4/ 1-10 ترجمة الحياة
§ وهنا تطرح الأسئلة التالية نفسها:
1. إن السيد المسيح حسب عقيدة الناقد هو الله رب العالمين خالق السماوات والأرض وما بينهما !!! " لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ. " رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 2/8 ... فهل يليق بأن يُجرّب الله من ابليس أشر خلق الله ... ثم ننتظر نتيجة الامتحان لنعرف هل سينجح أم سيكون الأمر غير ذلك ؟؟؟ وهل كان هناك احتمال للفشل في التجربة أساساً ... وعلى ذلك أجريت لنبرهن على حتمية النجاح ؟؟؟ وكيف سمح الآب للروح القدس أن يقتاد المسيح ليقف كتلميذ يُمتحن امام ابليس اللعين لمدة أربعين يوماً !!!
2. وإذا كان السيد المسيح قال اثناء هذا الاختبار لإبليس " قد قيل: لا تجرب الرب إلهك " لوقا 4/10 ... فلماذا من البداية خالف الروح القدس ذلك النص الإلهي واقتاد الرب يسوع المسيح (وهو الرب الإله) الى البرية كطفل صغير مطيع ... وقدمه لإبليس بأريحية حتى يجرب الرب الإله ولمدة أربعين يوماً ؟؟؟
3. وبعد أن اقتاد الروح القدس المسيح في البرية !!! سلمه الى ابليس ليقتاده هو الآخر أيضاً !!! وهنا نتعجب كيف يليق أن يستخدم كتبة الاناجيل كلمات والفاظ تدل على مدى سيطرة ابليس على السيد المسيح عليه السلام اثناء ما كان يجربه مثل: " ثم أصعده إبليس إلى جبل عال " ... " ثم اقتاده إبليس إلى أورشليم " ... " وأوقفه على حافة سطح الهيكل " ... وفى الترجمة اليسوعية " فصعد به إبليس " ... ولا ندرى كيف حمل ابليس السيد المسيح وصعد به الى قمة الجبل ... وهل عندما حمله ... كان المسيح آنذاك ناسوت فقط ... أم كان بداخله اللاهوت ... فالقاعدة تقول: لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين ... وهل يليق التحدث عن الله بمثل هذه العبارات وكأنه طفل صغير ساكت مطيع ... والروح القدس الذى بداخله لا تأثير له !!!
4. ونحن نرى ان السيد المسيح عليه السلام كان معصوماً بالطبع من سيطرة ابليس أو الخضوع لتوجيهاته أو تجاربه اطلاقاً ... فإبليس أدني مخلوقات الله ... فلا يعقل أن يجرّب الأدنى الأعلى ... أو يضعه في موضع شك أو تجربة ... لأن ذلك إقرار بأن الأعلى دون المسؤولية التي أُسْنِدت إليه ... وأنه مشتبه به أو مشكوك في أمره ... وهذا كله لا يليق بمقام الله عز وجل.
5. وهل من الممكن رؤية ممالك كوكب الأرض كلها من فوق جبل لمجرد أنه عال ؟؟؟ " ثم أصعده إبليس إلى جبل عال ... وأراه ممالك العالم كلها في لحظة من الزمن " لوقا 4/5 ... ثم ومن الذي زود ابليس (أشر مخلوقات الله) بهذه القدرة المعجزة ليعرض للرب يسوع المسيح في لحظة من الزمن ... ممالك الكرة الأرضية كلها ويقتنع المسيح بذلك ؟؟؟
6. لقد أخبر ابليس السيد المسيح أنه يمتلك ممالك العالم كلها ... ويمكن أن يعطيها للمسيح بشرط أن يسجد المسيح له ... حيث قال ابليس للمسيح: «أعطيك السلطة على هذه الممالك كلها وما فيها من عظمة ... فإنها قد سلمت إلى وأنا أعطيها لمن أشاء ... فإن سجدت أمامي ... تصير كلها لك!»لوقا 4/6-7 ... وبدلا من أن يكذبه المسيح ... ويخبره بأن كل الممالك هي في ملك الربّ ... أو أنها في مُلكِه هو لأنه هو الرب ... رد عليه المسيح قائلاً: " فرد عليه يسوع قائلا: «قد كتب: للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد!» " لوقا 4/8
7. ولو كان السيد المسيح هو الإله وطلب منه ابليس أن يسجد له ... لقال لإبليس بل أنت الذي يجب أن تسجد لي ... فأنا ربك فاعبدني ... بل وكيف تدّعي أن الممالك كلها لك وأنا أملكها ... ولكن طالما لم يصرِّح المسيح بألوهيته في مثل هذا الموقف الحسّاس والتحدّي الصارخ من إبليس ... اذن فقد كان السيد المسيح على علم تام بأنه رسول مبعوث من رب العالمين ... بل لقد بيّن المسيح لإبليس من يكون الإله الحق الذي يستحقّ العبادة والسجود له ... " فرد عليه يسوع قائلا: «قد كتب: للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد!» " لوقا 4/8 ... نعم إياه وحده ... دون شريك أو ابن ... إن المسيح بكلامه هذا لم يُقحم نفسه مع الله في وحدانيتة واعترف له بها ... ولم يدخل نفسه في الربوبية مع الله وخصّه بالعبادة وحده.
8. لقد اقتاد الروح القدس السيد المسيح للبرية ليقدمه لإبليس حتى يُجربه ... كما افادت بذلك النصوص المذكورة ... وبالفعل أخضعه ابليس لثلاث تجارب ... كان آخرها طلب ابليس منه أن يلقى بنفسه من فوق حافة سطح الهيكل ... فرد عليه المسيح قائلا: «قد قيل: لا تجرب الرب إلهك !!!» لوقا 4/ 10 ... إن هذه العبارة التي نطق بها الفم الشريف للسيد المسيح ... تنفى تماماً الوهية السيد المسيح ... ولماذا ؟؟؟ لأن لو كان المسيح هو الرب الإله لما سمح أصلا أن يُجرب من ابليس مره ثم مره ثم مره ... مخالفاً بذلك القاعدة التي وردت فيسفر التثنية 6/ 16 والتي لا تسمح بتجربة الرب الإله ... " لاَ تُجَرِّبُوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ " ... والتي اكدها هو مرة اخرى بفمه الشريف«قد قيل: لا تجرب الرب إلهك !!!»لوقا 4/ 10 ... والمسيح بتلك العبارة فرّق بين ذاته وشخصه وبين ربّه الإله ... حيث لم يقل لإبليس لا تجرّبني فأنا الرب إلهك ... أو كيف تجرب من خلقك ... وبذلك يكون المسيح دون أدنى جدال قد أقر بأن له رب واله ... ولا يستطيع المسيح أن يُجرِّبَه ...
9. واخيراً وليس آخراً ... ما الفائدة من تجربة السيد المسيح واجتيازه لها بنجاح ... فطبيعته الإلهية (كاعتقاد النصارى) تختلف تماماً عن طبيعتنا البشرية الخالصة ... وبالتالي لا يعتبر نجاحه في التجارب حجة على البشر للاقتداء به في مثل هذه التجارب مع ابليس أو فصيلته من الشياطين !!!
واللـــــــــــــــــــــــه أعلم وأعظــــــم
يتبـــع بإذن اللـــــــــه وفضله