بارك الله فيك وأعزك ورفع قدرك أستاذى الحبيب
شكرا على المرور والتقييم
:98-:
عرض للطباعة
لماذا أنت مسيحى يا ضيفنا النصرانى ؟
------------------------------------
1- هل لأنك ولدت لأبوين مسيحيين وهذا هو قدرك المكتوب ؟
2- هل لأنك نشأت فى بيئة مسيحية ولا تتخيل أن تكون الكثرة المسيحية على خطأ والقلة المسلمة على صواب ؟
3- هل لأنك لا تعلم ما هو الإسلام بالضبط وإلام يدعو وما هى مزاياه عن المسيحية ؟
4- هل لأنك ترى أن المسيحية أفضل من الإسلام ؟
5- هل لأنك ترى الإسلام دينا مليئا بالقيود والممنوعات والمحرمات والأوامر والنواهى وعلاوة على ذلك فليس به ضمان للأبدية .. بينما ترى المسيحية دين سهولة ويسر وتضمن الملكوت والغفران بلا التزامات مضجرة ؟
6- هل لأنك ترى الإسلام دينا يدعو إلى العنف والإرهاب ويرفض الحب والسلام ويستنكر ويحارب المعتقدات الأخرى .. بينما ترى المسيحية دين المحبة والتسامح ؟
7- هل لأنك مقتنع فعلا بعقلك أن المسيحية هى الدين الحق ؟
8- هل لأنك متردد وخائف تخشى أن تخسر المسيح والأبدية الموعودة وتخشى أن تتخذ (قرارا خاطئا) تندم عليه ؟
9- هل لأنك متزوج/متزوجة ولا تستطيع الإسلام كيلا تتدمر أسرتك وتخشى قطيعة الأقرباء والأصدقاء وتخشى فقدان عملك أو مركزك الإجتماعى ؟
10- هل لأنك ترى إجراءات إشهار إسلامك معقدة وأن أنظمة الدولة والكنيسة سيضطهدانك ؟
:048:
أجب نفسك بصراحة عن السبب/الأسباب الحقيقية لتمسكك بالمسيحية ورفضك الإستماع إلى دعوة الإسلام
1- هل لأنك ولدت لأبوين مسيحيين وهذا هو قدرك المكتوب ؟
إعلم يا ضيفنا الفاضل أن الله قد خلقك أولا على الفطرة ودين الإسلام حتى قبل أن تولد وعرفك بنفسه وأشهدك على ذلك .. قال تعالى :
(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ)
(فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ)
وقال صلى الله عليه وسلم : ((ما مِن مَولودٍ إلَّا يُولَدُ على الفِطرَةِ، فأبَواه يُهوِّدانِه، أو يُنَصِّرانِه، أو يُمجِّسانِه))
------------------------------------
يا ضيفنا الكريم ...
يجب أن تعلم - قبل أن تتحجج بالقضاء والقدر وتزعم أن الله تعالى هو من لم يشأ لك الهداية وأراد لك الضلال مسبقا - أن كل ما يجري في هذا الكون مهما صغر أو عظم هو بقضاء الله تعالى وقدره وسَبَق علمه به في سابق أزَلِه .. قال الله تعالى : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إن أحدكم يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بطن أمه أربعين يوماً نُطْفَةً، ثم يكون عَلَقَةً مثل ذلك، ثم يكون مُضْغَةً مثل ذلك، ثم يُرْسَل إليه المَلَكُ؛ فينفخُ فيه الروحَ، ويؤمر بأربع كلماتٍ: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقيٌّ أو سعيدٌ))
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((كتب اللهُ مقاديرَ الخلائق قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة))
وفي سنن أبي داود والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إن أول ما خَلَقَ القلم، فقال له: اكتبْ؛ قال: وما أكتبُ يا ربِّ؟ قال: اكتبْ مقاديرَ كلَّ شيءٍ حتى تقوم الساعة))
ويدخل في عموم ذلك أفعالُ العباد .. وهي تشمل حركاتهم وأفكارهم واختيارهم .. فكل ما يعمله الإنسان أو يحصِّل له من خير أو شرٍّ لا يخرج عن قدرة الله تعالى ومشيئته
قال عزَّ وجلَّ : (وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)
وقال تعالى : (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ)
والإنسان ميسَّرٌ لما خلق له من جنة أو نار .. ومع ذلك فقد جعل الله تبارك وتعالى للعبد اختياراً ومشيئةً .. وأعطاه عقلاً وسمعاً وإدراكاً وإرادةً .. فهو يعرف الخير من الشرِّ والضارَّ من النافع وما يلائمه وما لا يلائمه .. وأُعطاه القوة لتنفيذ ما يريد ويختار لنفسه طريق الخير أو الشر .. وبذلك تعلَّقت التكاليف الشرعية المرتبطة به من الأمر والنهي والتى على أساسها يُحاسب على أفعاله التي اختارها لنفسه .. فينال الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية .. قال تعالى : (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) .. وقال سبحانه : (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا)
فأدلَّة الوحي تفيدُ بأن للإنسان كسباً وعملاً وقدرةً وإرادةً .. وبسبب تصرُّفه بتلك القدرة والإرادة يكون من أهل الجنة أو النار
وبناءً على هذا .. فإن الإنسان مسيَّرٌ لا يخرج بشيءٍ من أعماله كلها عن قدرة الله تعالى ومشيئته .. ومخيَّرٌ في أفعاله من خير أو شرٍّ إذ لم يُكرهْهُ أحدٌ على انتهاج هذا المسلك أو ذاك .. فالله تعالى خلق كل إنسان مسلماً مهيَّئاً لقبول الحق .. أما التهوُّد أو التنصُّر أو التمجس فأمرٌ دخيلٌ على أصل الفطرة من قِبَلِ الإنسان نفسه تقليداً لآبائه واتِّباعاً لهواه
ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((قال الله تعالى: وإنِّي خلقت عبادي حُنَفاءَ كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجْتَالَتْهُم عن دينهم، وحرَّمت عليهم ما أحلَلْتُ لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً))
فالله تعالى خلق البشر كلهم وفطرهم على التوحيد والإسلام له سبحانه.. فما من مولود إلا ويولد على الفطرة .. ثم بعد ذلك منهم من يبقى على فطرته .. ومنهم من تحرفه شياطين الإنس والجن عن فطرته السوية
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري :
"الكفر ليس من ذات المولود ومقتضى طبعه؛ بل إنما حصل بسببٍ خارجيٍّ، فإن سَلِمَ من ذلك السبب؛ استمرَّ على الحق"
"والمرادُ تمكُّن الناس من الهدى في أصل الجِبِلَّة، والتهيُّؤ لقبول الدين، فلو تُركَ المرءُ عليها؛ لاستمر على لزومها، ولم يفارقها إلى غيرها؛ لأن حسن هذا الدين ثابت في النفوس، وإنما يُعْدَل عنه لآفة من الآفات البشرية، كالتقليد، والله خلق قلوب بني آدم مؤهَّلة لقبول الحق، كما خلق أعينهم وأسماعهم قابلة للمرئيَّات والمسموعات، فما دامت باقية على ذلك القبول وعلى تلك الأهلية؛ أدركت الحق، ودين الإسلام هو الدين الحق"
ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه)) ولم يقلْ : (أو يسلمانه) لأنه يولد مسلماً فى الأصل !!
فالله تعالى لا يظلم مثقال ذرَّة .. فقد خلق الإنسان وركَّب فيه الفطرة التي هي التهيُّؤ لقبول الحق وأنعم عليه بنعمة العقل الذي يميز به بين الأشياء ثم أرسل إليه رسلاً مؤيَّدين بالمعجزات لإقامة الحُجَّة عليهم .. ولا يعذب الله أحداً -مطلقاً- حتى تقوم عليه الحجة الرِّساليَّة قال تعالى : (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) .. وقال : (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) .. وقال تعالى : (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) .. وأخبر سبحانه أن أهل النار يُقرُّون بأنهم أُنذروا وجائتهم الرسل ووصلهم البلاغ فعاندوا وكذبوا واستكبروا .. قال تعالى : (كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِير)
------------------------------------
ضيفنا الفاضل :
نحن المسلمون نؤمن بالقضاء والقدر
ونؤمن بكمال الله تعالى وعدله وتنزهه عن ظلم عباده أدنى ما يكون ذلك الظلم، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)
ونؤمن أن الله تعالى رفيق يحب الرفق في الأمر كله، رحمن رحيم ذو رحمة واسعة هي أوسع من غضبه وانتقامه، فالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ))
ومن أجل ذلك، فالله تعالى يحب أن يمهل عباده ويحلم عليهم ويعذر إليهم .. قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((لَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنْ اللَّهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُبَشِّرِينَ وَالْمُنْذِرِينَ))
الله سبحانه وتعالى قد هيأ لكل إنسان ما يمكنه من معرفة الخير والشر
قال تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وهَدَيْنَاهُ النَّجدين)
وقال تعالى : ( إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)
فقد بَيّن لله في هذه الآيات أنه عز وجل وَهَبَ للإنسان الوسائل التي يُمْكِنُه معها معرفة طريق الخير والشر فوهب لهم الأسماع والأبصار والألسن والأفئدة والعقول .. ثم إنه سبحانه لم يجعل هذه الوسائل حجة على عباده بمفردها، بل فتح لهم باب العذر وأملى لهم في الحجة حتى يأتيهم نور الوحي من السماء
قال تعالى : (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)
وقال تعالى : (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)
ومن أجل ذلك يوبخ الله تعالى الكافرين به على ما أضاعوا من عذر الله وإمهاله، وغفلوا عن رسله وبيناته :
( َيا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ * ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ)
فبعد كل هذا الإنعام من الله .. مَنْ اختار الكفر على الإيمان إتِّباعاً للآباء فمصيره جهنم لا محالة
قال الله تعالى : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ)
وقال تعالى : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ)
وقال تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ)
فلا حجة لمن كفر تقليداً للآباء والأجداد .. والحاصلُ أن الإنسان إنما يعذَّبُ إذا ولد لأبوَيْن كافرَيْن لاستمراره على الكفر بعد بلوغه وتمكُّنه من الإستدلال والنَّظَر الذي يوافق الفطرة التي فطره الله عليها وهي التهيُّؤ لقبول الحق .. ثم إن الله تعالى برحمته لا يعذبه إلا بعد بلوغ الحجَّة إليه بطريقة يفهمها - قطعاً للعذر- ثم رفضه إيَّاها
قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى)
وقال تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
ولذلك علق النبي صلى الله عليه وسلم مؤاخذة من لم يؤمن به بسماعه بدعوته صلى الله عليه وسلم وبلوغها إياه، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسُ محمدٍ بيده، لا يَسْمَعُ بي أحدٌ مِن هذه الأمةِ يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، ثم يموتُ ولم يُؤْمِنْ بالذي أُرْسِلْتُ به، إلا كان مِن أصحابِ النارِ))
فمن لم تبلغه دعوة الإسلام .. أو بلغته وهو غير مهيأ للتكليف بها .. فهو معذور ويمتحنه الله فى عرصات القيامة .. قال صلى الله عليه وسلم: ((أربعَةٌ يحتجُّونَ يومَ القيامةِ رجلٌ أصمُّ لا يَسمعُ شيئًا ورجلٌ أحمَقُ ورجلٌ هرِمٌ ورجلٌ مات في فترَةٍ فأمَّا الأصمُّ فيقولُ لقدْ جاء الإسلامُ وما أسمعُ شيئًا وأمَّا الأحمقُ فيقولُ يا ربِّ لقدْ جاءَ الإسلامُ والصِّبْيانُ يخْذِفُونِي بالبَعْرِ وأمَّا الهرِمُ فيقولُ يا ربِّ لقدْ جاءَ الإسلامُ وما أعْقِلُ شيئًا وأمَّا الذي ماتَ في فترَةٍ فيقولُ ما أتاني لَكَ رسولٌ فيأخُذُ مواثِيقَهُم لَيُطِيعُنَّهُ فيُرْسِلُ عليهم أنِ ادْخلُوا النارَ فوالذي نفْسِي بيدِهِ لو دَخَلُوها كانت عليهم بردًا وسلامًا))
فهؤلاء الذين لم تبلغهم الدعوة ولم تقم عليهم حجة الله بالرسل، أصح الأقوال فيهم أنهم يمتحنون في عرصات القيامة، ويرسل إليهم هناك رسول، فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار
------------------------------------
وخلاصة القول :
أن من أنعم الله عليه وولد لأبوين مسلمين فهذا من فضل الله عليه .. ولكن ليس معنى ذلك أن من ولد لأبوين كافرين معذور بعد أن بلغته دعوة الإسلام وقامت عليه الحجة وأبصر طريق الحق فأبى واستكبر وعاند
ومن قَلّد أباه وأمه فى الكفر والشرك ومات على ذلك .. فهو أحد ثلاث حالات :
1- مُقَلّدٍ معرض تَمَكّن من العلم ومعرفة الحق .. فهذا مفرطٌ تاركٌ للواجب عليه ولا عذر له عند الله
2- مُقَلّد لم يتمكن من من العلم ومعرفة الحق بِوَجْهٍ، عاجز عن السؤال والعلم، مُرِيدٌ للهدى مُؤْثِر له، مُحِب له غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يُرْشِده، يقول : (يا رب لو أعلم دينا خيرا مما أنا عليه لَدِنْتُ به وتركت ما أنا عليه) .. فهذا حكمه حكم أرباب الفترات .. فمن لم تبلغه الدعوة فهو كمن طلب الدين في الفترة ولم يَظْفَر به، فعدل عنه بعد استفراغ الوسع في طلبه عَجْزاً وجهلاً
3- مُقَلّد لم يتمكن من من العلم ومعرفة الحق بِوَجْهٍ، عاجز عن السؤال والعلم، معرض لا إِرَادة له، ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه، راضٍ بما هو عليه، لا يُؤْثِر غيره عليه، ولا تَطْلُب نفسه سواه، ولا فرق عنده بين حال عجزه وقدرته .. فهو كمن لم يطلب الدين في الفترة ولم يَظْفَر به ولم يسع إليه، بل مات على شركه، ولا عذر له عند الله
------------------------------------
تعال لنطبق عليك هذا الكلام يا ضيفنا الكريم :
والداك المسيحيان قد أنجباك بأمر الله .. وبعد ميلادك أخذك والداك إلى الكنيسة حيث تم تعميدك .. وربياك على الأسس والعقائد المسيحية .. وعلماك العبادات المسيحية .. وغرسا فيك الإعتقاد بأن المسيحية هى دين الحق
لا حساب عليك ما لم تبلغ سن الرشد والعقل والتكليف : ((رُفِع القلمُ عن ثلاثةٍ : عن النَّائمِ حتَّى يستيقظَ ، وعن الصَّبيِّ حتَّى يشِبَّ وعن المعتوهِ حتَّى يعقِلَ)) .. فهذا الحديث صريح في أن كل مولود يولد مسلماً فإذا كان أبواه غير مسلمين .. فإن أطاعهما فيما يدعوانه إليه من يهودية أو نصرانية أو مجوسية خرج عن الفطرة إلى ما يدعوانه إليه ويربيانه عليه .. وإن هداه الله إلى الإسلام فهو مسلم باقٍ على الفطرة التي فطره الله عليها .. فاعلم أن الإنسان يولد مسلماً حتى إذا وصل إلى السن التي يكون فيها مخاطباً شرعاً فإن أسلم بلسانه وقلبه وجوارحه لله تعالى فهو مسلم وإن اختار غير ذلك فهو على ما اختار !!
فأنت إذا بلغت سن العقل والتكليف فلا حجة لك أمام الله بأنك قد ولدت لأبوين مسيحيين ولذلك صرت مسيحيا !!!
فالله تعالى قد وهبك العقل لتستخدمه وتتدبر به طريقك وأفعالك .. ووهبك السمع والبصر والقلب لتستمع إلى دعوة الحق وترى بعينك وتبحث وتقرأ وتتفكر بقلبك .. وليس من الضرورى ولا من البديهى أو المسلم به أن يكون الدين الذى ارتضاه لك والداك هو السبيل الأقوم والصراط المستقيم .. والأمثلة امامك لا تعد ولا تحصى .. فتدبر وتفكر !!!
* هل تربية الأبناء على عبادة الأصنام والحيوانات والأموات والنار يعنى أن هذه الديانات هى الدين الحق ؟
إن قلت يا ضيفنا الكريم : لكن هذه الديانات باطلة !!
فأنا أسألك : وكيف عرفت بطلانها ؟
بالتأكيد : درست وقرأت عن معتقداتها فوجدتها لا تدخل العقل السليم ويرفض القلب تعاليمها ويستنكرها .. إذ تكفر بالإله الواحد وتعبد من دونه ما لا ينفع ولا يضر
وهذا هو المطلوب منك .. أن تبحث وتفتش الكتب وتدرس وتقارن ثم تستخدم عقلك وقلبك وضميرك بحيادية وشفافية لتصل إلى طريق الحق !!
* هل إجبار والديك لك على دخول كلية معينة للدراسة أو اختيار فتاة معينة للزواج أو ترشيح وظيفة محددة لك بلا اعتبار لرأيك ولا ميولك يعنى أن اختيارهم هو فقط الطريق الصحيح وأنهم أدرى بمصلحتك ؟
أنت أصلا يا ضيفنا الفاضل لا تقبل ان يتدخل والداك فى هذه الأمور المصيرية بالنسبة لك .. لماذا ؟؟
لأن لك شخصيتك .. ولك عقلك .. ولك حرية اختيارك .. إذ أنك وحدك من ستتحمل النتائج لهذه القرارات .. فلن يتعب أحد فى الإستذكار غيرك .. ولن يتحمل طباع وتصرفات وتكاليف الزوجة غيرك .. ولن يتحمل مشاق العمل والوظيفة غيرك !!
أنت ترى هذه القرارات (مصيرية) فى حياتك ولا ينبغى لأحد غيرك تقريرها وفعلها
فكيف بمصيرك فى الآخرة ؟؟؟؟
كيف تدع أبواك يتخذان أهم قرار مصيرى فى حياتك وعمرك بلا دراسة ولا تمحيص وبلا كلمة أو اعتراض منك وتتبعهما كالأعمى ؟؟
------------------------------------
قد تقول يا ضيفنا الفاضل : وأنتم مسلمون لأن آبائكم وأمهاتكم كانوا مسلمين
نعم .. كلام صحيح .. والحمد لله على نعمة الإسلام .. والشكر لآبائنا وأمهاتنا وجزاهم الله خير الجزاء
لكن الكثير منا قد اطلعوا - مع إسلامهم - على عقائد الآخرين .. ودرسوها .. وتدبروا فيها وفى تعاليمها بكل حيادية وشفافية .. فما زادهم ذلك إلا اقتناعا بصحة الإسلام وبأنه هو الدين الوحيد الحق .. وما زادهم البحث والتقصى إلا إيمانا وتثبيتا
وخير دليل على دراستنا للمسيحية والأديان الأخرى هو تحاورنا معكم .. إذ كيف نحاوركم فى دين ونحن لا نعلم عنه شيئا ؟ وكيف نعرف معتقداتكم وشرائعكم وعباداتكم وطقوسكم ونناقشكم فيها ؟
------------------------------------
وهذا هو المطلوب منك بالمثل يا ضيفنا الفاضل قبل فوات الأوان
إقرأ عن الإسلام وابحث فى تعاليمه ..
وقارنها بالمسيحية ..
واستفت عقلك وقلبك وضميرك بحيادية ..
واسأل الله العون والإرشاد ..
فإن لم تقتنع وظللت متشبتا بمسيحيتك فلك دينك ولنا ديننا ..
لن تضرك المعرفة بالإسلام شيئا !!!
وفى كل الأحوال .. فقد بلغتك - بقراءة هذا الموضوع - رسالة الإسلام
ولا حجة لك أمام الله يوم القيامة
2- هل لأنك نشأت فى بيئة مسيحية ولا تتخيل أن تكون الكثرة المسيحية على خطأ والقلة المسلمة على صواب ؟
ضيفنا الفاضل المسيحى :
البيئة هي المحيط الإجتماعي الذي يحتضن الشخص .. فينمو ويترعرع في وسطه .. ويتأثر بأخلاقياته .. ويكتسب صفاته وعاداته وتقاليده .. سواء بالقدوة أو بالخبرة والسلوك العملي الذي يعامل به .. أو بما يسمعه ويشاهده أو يستوحيه من ظروف الحياة في هذا المحيط الإجتماعى
والعلاقات الإنسانية المختلفة التي تتكون نتيجة التفاعل والتعامل الإنساني القائم بين الأفراد فى هذا الوسط تؤثر بلا شك في الشخص .. وهي غالبا ما تطبعه بطابعها وتمنحه صفاتها وتؤثر عليه في مختلف أدوار نموه النفسى من ناحية العقائد والأعراف والتقاليد وطريقة التفكير
* الشىء الهام الأول الذى يجب أن تعلمه يا ضيفنا الفاضل ..
أن ما يقصد بالبيئة الدينية المحددة هو (تعاليم هذا الدين) وليس (تصرفات أتباع هذا الدين) ... فتعاليم الدين ثابتة لا تتغير .. بخلاف تصرفات وأفعال أتباعه التى تتفاوت بوضوح تبعا لشخصية كل منهم وقوة إيمانه وتمسكه بتعاليم دينه .. فهناك الملتزم والمستهتر .. والمطيع والعاصى .. والجيد والردىء .. والصالح والفاسد
وليست تصرفات الأشخاص أبدا هى ما يحكم بها على الدين والبيئة الدينية .. بل بالعكس تعاليم الدين هى من تحكم على أفعال متبعيه من حيث الإحسان والإساءة .. بمعنى أنه لا يجوز الحكم على البيئة الإسلامية - مثلا - بأنها (مرفوضة) لمجرد أن بعض (من ينتمون إلى الإسلام) إرهابيون أو لصوص أو زناة أو سكيرون أو فاحشى اللسان أو كاذبين أو مرتشين أو قتلة .. فالعبرة هنا بموافقة شريعة الإسلام على أفعال هؤلاء من عدمه يا ضيفنا الكريم !! وبالتأكيد لا يوجد دين يرضى أو يوافق على هذه الأفعال وخصوصا الدين الإسلامى العظيم !!
* والشىء الهام الثانى الذى يجب أن تعلمه ..
أنه من النادر - بل المستحيل تقريبا - أن ترى شخصا يعترف بفساد بيئته التى تربى فيها ولم يخرج منها أو يرى أو يسمع عن غيرها
فمن المستحيل مثلا أن يصف راهب منقطع لون وشكل كنيسته من الخارج إذا لم يكن قد خرج منها مرة واحدة على الأقل أو شاهدها على التليفزيون أو رآها فى صورة أو سمع عنها من شخص ما
ومن المستحيل أن تصف منزلا بأنه (أجمل وأنظف منزل فى العالم) إذا لم تكن قد رأيت باقى المنازل والفنادق والفيلات والقصور
ومن المستحيل أن يصف من ولد ضريرا لون وجمال الأشياء وهو لم يبصرها قط ولم يألف غير الظلام فى حياته !!
فهل علمت شيئا يا ضيفنا النصرانى عن (بيئة الإسلام) حتى تحكم مسبقا بأنه (لا بيئة صالحة ومستقيمة إلا البيئة المسيحية) ؟
* والشىء الهام الثالث الذى يجب أن تعلمه ..
أن صحة الدين - أو البيئة الدينية - لا تقاس مطلقا بعدد متبعيه ..
فقد يأتى سؤال فى الإمتحان الذى تقدم له 100 طالب وتكون إجابة طالب واحد مجتهد فقط هى الإجابة الصحيحة !! إذ ليس معنى أن 99 طالب قد كتبوا وأجمعوا على (إجابة خطأ) أن ما كتبوه هو الصواب أبدا !!!
(قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
(وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)
ففى هذه الآية العظيمة يؤكد الله تبارك وتعالى ضلال أكثر الناس وانحرافهم، وفساد عقائدهم وأديانهم، وأن ما يتبعونه هو الظن والباطل، إذ لا يتبع أكثرهم الحق والصواب .. وفيها إشارة واضحة بأن لا نغتر وننبهربالكثرة، فإن الحق لا يعرف بالكثرة، ولا تدل عليه الأغلبية المطلقة، وإنما الحق هو الحق، ولو كان المتبع له نفراً واحداً .. قال تعالى عن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام : (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) .. فسماه الله تعالى أمة مع أنه كان فرداً .. ولكن لأنه كان سالكاً طريق الحق وحده، برغم البيئة الكافرة عابدة الأصنام التى كان موجودا بها، فقد جعله بمثابة أمة كاملة !!!
ولو تأملنا في كتاب الله جل وعلا لوجدنا أن نصوص القرآن تدل على أن الأكثرية من الناس غالباً ما يكونون في صف الباطل وفي جانب الطاغوت :
(وإن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ) .. (ومَا أَكْثَرُ النَّاسِ ولَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) .. (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا)
وتكررت في القرآن الكريم كثيراً من الفواصل القرآنية التي تذم الكثرة، وتخبر عن حالها وضلالها :
(وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ) .. (ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ( .. (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (.. (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) .. (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ)
فكثرة الأتباع من الناس حول رأي معين أو فكر معين أو عقيدة معينة، لا يدل أبداً على أنها هى الحق وأن الصواب معهم وأن النجاة فيما اتبعوه وتمسكوا به، بل فى الغالب يكون العكس هو الصحيح :
(وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)
(وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ)
(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ)
(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا)
والله تعالى فى هذه الآيات يذم الكثرة التي لا تعلم ولا تعقل ولا تؤمن ولا تفهم .. وليس الكثرة المؤمنة بالله العالمة به المتبعة لدينه ومنهجه .. فهو تعالى لا يذم الكثرة لمجرد أنها كثرة، وإنما يذم كثرتهم بسبب كفرهم وفسوقهم وإعراضهم عن منهج الحق والصد عن إتباعه :
(لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)
(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ)
فذمهم لشركهم وعدم إيمانهم .. لا لمجرد كثرتهم فقط
فالكثرة المذمومة التي ذمها الله هي الكثرة التي تفضل الدنيا على الدين، وتُغلب الباطل على الحق، وتختار الهزل على الجد، وتؤثر الإفساد على الإصلاح، وترجح الهوى على الهدى، وترشح الضلال والخطأ على الحق والصواب، ولذلك ذمها الله كثيراً في كتابه، ونهى عن إتباعها أو الاغترار بأتباعها
فلا تغترّ يا ضيفنا الفاضل بكثرة الهالكين فتهلك معهم !!!
* والشىء الهام الرابع الذى يجب أن تعلمه ..
أن كونك قد نشأت فى بيئة مسيحية ليس حجة ولا عذرا لك أمام الله فى عدم إسلامك .. فقد بلغتك دعوة الإسلام .. وحتى لو كنت فردا واحدا فى بيئة كلها من المسيحيين يمكنك ممارسة شعائر الإسلام بكل حرية ولو فى السر .. فإن اضطهدوك فاخرج من هذه البيئة إلى غيرها وانج بدينك .. فأرض الله واسعة وهو الكفيل بنصرتك وتثبيتك ورزقك وتوفيقك أينما كنت ما دمت صادق الإيمان :
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا * وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)
------------------------------------
نعلم يا ضيفنا الفاضل أنك ولدت ونشأت وتربيت فى (بيئة مسيحية) تشمل أسرتك وعائلتك الكبيرة وكنيستك ..
قلدتهم فى طقوسهم وعبادتهم ..
وتأثرت بتعاملاتهم وتصرفاتهم وتعلمت منهم ..
وأثروا بالتأكيد فى تشكيل وتكوين شخصيتك المستقلة وطريقة تفكيرك وطباعك .. ولكننى أسألك :
* هل شخصية الإنسان وطريقة تفكيره هى مما يستحيل تغييره ؟
* هل يرتكب الإنسان حماقة أو جرما إذا غير طباعه أو شخصيته أو طريقة تفكيره ؟
* هل كل بيئة نشأ فيها شخص ما هى بيئة سليمة وصحية ولا بيئة أفضل منها ؟
الأمثلة امامك لا تعد ولا تحصى .. فتدبر وتفكر !!!
------------------------------------
1- هل البيئة التى ينشأ فيها أبناء تجار المخدرات أو اللصوص أو الزناة أو الراقصات هى بيئة سليمة وليس على الأبناء ذنب إذا اتبعوا ما رباهم عليه أهلهم وعشيرتهم ولا جناح عليهم فى تقليد ألفاظ وسلوكيات من كان فى بيئتهم ؟
إن قلت يا ضيفنا الكريم : لكن هذه السلوكيات خاطئة ومحرمة !!
فأنا أسألك : وكيف عرفت خطأها وتحريمها ؟
بالتأكيد : لأن تربيتك وبيئتك وتعاليم دينك يرفضونها ويستنكرونها ويحرمونها
لكن على الضفة المقابلة .. ماذا عنهم هم ؟؟ هل يعتقدون أنهم على خطأ أو حرام أو أن بيئتهم فاسدة وقذرة ومجرمة ؟؟
هل اعتقادهم هذا يعنى أنهم على صواب .. وأن بيئتهم صالحة .. وليس هناك أفضل ولا أنظف منها .. بحيث يكون من خرج منها وذهب إلى غيرها فقد خاب وخسر ؟؟!!
ماذا لو كان عددهم كبيرا وكانوا أغلبية ؟ هل يؤثر ذلك على اعتقادك بأنها (بيئة فاسدة منحلة) مهما بلغوا من الكثرة ؟
لو كان كل زملائك فى العمل مرتشين وأنت الوحيد فيهم نظيف اليد يقظ الضمير .. فهل يعنى ذلك أن الجميع على صواب بينما أنت على خطأ ؟ هل يعنى هذا أن بيئة العمل صحية وسليمة وأن عليك إعادة النظر فى تربيتك وبيئتك التى ستؤدى بك إلى الفقر من وجهة نظرهم ؟
------------------------------------
2- هل البيئة التى نشأ فيها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانت بيئة سليمة ؟ أم كانت بيئة كفر وضلال وشرك بالله ومعاصى وخطايا وفساد كبير ؟
لو كانت بيئة سليمة .. فما الداعى أصلا لإرسال الرسل والأنبياء ؟
هل يقول عاقل بأن الأنبياء كانوا على خطأ إذ رفضوا سلوكيات بيئتهم ؟
هل يقول عاقل بأنه ليس على الناس ذنب ولا جناح فى تقليد أفعال وسلوكيات من كان فى بيئتهم ؟ فلماذا كان عذاب الله ينزل على من عصوا الرسل ؟
هل يقول عاقل بأن من اتبعوا الرسل كانوا (مجموعة من السفهاء والمجانين) وقد (خسروا أبديتهم) باتباعهم لمن يرى فساد وضلال معظم الناس فى هذه البيئة ؟
لمن كان الإنتصار والتمكين فى النهاية ؟ للقلة المؤمنة أو للأكثرية الكافرة ؟
هل أغنت كثرة الكفار عنهم شيئا من عذاب الله لما نزل بهم ؟
------------------------------------
3- هل البيئة التى ينشأ فيها أبناء البوذيين والهندوس والمجوس واليهود والملاحدة وعبدة الشيطان هى بيئة سليمة وليس على الناس إثم فى تقليد ألفاظ وسلوكيات وعبادات واعتقادات من كان فى بيئتهم ؟
ماذا تقول أنت عن هذه البيئات ؟ ولماذا ؟
وماذا عنهم هم ؟ هل يعتقدون أنهم على خطأ أو ضلال أو شرك أو أن بيئتهم فاسدة ؟
ماذا لو كان عددهم كبيرا وكانوا أغلبية ؟ هل يؤثر ذلك على قرارك بأنها (بيئة فاسدة ضالة كافرة) ؟
------------------------------------
هذا هو المطلوب منك يا ضيفنا الفاضل ..
أن تبحث وتدرس وتقارن مختلف البيئات بدون تعصب لبيئتك الخاصة ..
ثم تستخدم عقلك وقلبك وضميرك بحيادية وشفافية ..
لتصل إلى طريق الحق والبيئة الصحية السليمة !!
3- هل لأنك لا تعلم ما هو الإسلام وإلام يدعو وما هى مزاياه عن المسيحية ؟
هذه ليست بحجة على الإطلاق يا ضيفنا الفاضل لعدم البحث عن الدين الحق .. لا سيما فى هذه الأيام حيث التقدم والتطور التكنولوجى والمعرفى الهائل !!
فمن أو ما الذى يمنعك عن التعرف على الإسلام الحق ولو من باب العلم بالشىء ؟؟
* عندك الإنترنت ملىء بآلاف المواقع الدعوية والموضوعات والكتب المنشورة فى جميع العلوم الإسلامية من قرآن وفقه وتوحيد وتفسير وسيرة نبوية وتاريخ إسلامى وعلوم الحديث واللغة العربية
* عندك مئات المنتديات الإسلامية يمكنك أن تحاور وتناقش فيها من تشاء تحت مظلة التهذيب والإحترام وتسأل فيها عن الإسلام من أهله
* عندك المكتبات مليئة بالكتب التى تشرح لك الإسلام بشكل مبسط أو متعمق
* عندك الفضائيات والإذاعات الإسلامية والدعوية تستطيع أن تتعلم منها
* عندك الجيران والأصدقاء فى العمل أو الدراسة يمكنك سؤالهم فيجيبك من يعلم منهم أو يوجهونك لمن يعلم
إذا كنت صادق الرغبة فى التعرف على الإسلام .. فصدقا لن تعدم الوسيلة !!
وليكن معلوما لديك يا ضيفنا الفاضل .. أن التعرف على دين الإسلام ينبغى أن يكون من أهله أو من المحايدين على الأقل .. فليس من المقبول منطقيا أن تسأل أعداء الإسلام وكارهيه عنه وعن تعاليمه إلا إذا كنت أنت أصلا كارها له وتبحث عمن يعزز ويؤيد توجهك الشخصى .. ففى هذه الحالة أنت بالحقيقة لست باحثا جادا عن الحق لعدم حيادك ووجود نية مسبقة لديك لرفض هذا الدين !!
هب أنك تريد أن تتعرف على صديق جديد .. فإلى من تلجأ للسؤال عن طباعه وأخلاقه ومميزاته وعيوبه ؟
إلى أصدقائه وجيرانه أم إلى أعدائه والحاقدين عليه ؟
لو لجأت إلى الأعداء والحاقدين .. فحتما سيشوهون لك صورته وينفرونك منه بدافع البغض والكراهية والحسد ..
سيخترعون لك عيوبا فيه وينفون عنه أى فضيلة وسيؤلون لك تصرفاته بحيث تراها كلها عيوبا لا مزايا:
* فإن كان صادقا قالوا : ليس صادقا بل فتانا
* وإن كان كريما قالوا : ليس كريما بل مسرفا سفيها يحب الفشخرة والتباهى
* وإن كان خدوما محبا للناس قالوا : ليس خدوما ولا محبا بل منافقا يريد مصلحته
* وإن كان عفيفا قالوا : ليس عفيفا بل مريضا معقد الشخصية
* وإن كان حريصا قالوا : ليس حريصا بل بخيل شحيح
* وإن كان متسامحا قالوا : ليس متسامحا بل ضعيف جبان
* وإن كان شجاعا قالوا : شجاعا بل ظالم بلطجى مجرم
* وإن كان عزيز النفس قالوا : ليس عزيزا بل مغرور متكبر
* وإن كان أمينا قالوا : ليس أمينا بل يتظاهر بذلك ويسرق فى الخفاء
* وإن كان جادا عاقلا قالوا : بل هو نكدى الطبع متشائم عبوس
* وإن كان غيورا قالوا : بل هو ضعيف الشخصية حاد الطبع فاقد للثقة فى نفسه
* وإن كان ناهيا عن المنكر آمرا بالمعروف قالوا : بل هو حشرى متطفل متسلط قامع للحريات
وهكذا دواليك !!!
فإذا كنت جادا فى التعرف على صديق جديد ومهتما بالفعل بالتعرف إليه .. فاسأل عنه أصدقاءه ومعارفه وجيرانه ..
هكذا يقول العقل السوى .. وهكذا يتصرف صاحب النية الصادقة
------------------------------------
أصدق نفسك القول يا ضيفنا الفاضل :
ما الذى يمنعك عن التعرف على الإسلام الحق ؟؟
1- هل لأنك تخشى أن يتضح لك أنه الدين الحق فعلا
وأن عقيدة المسيحية هى عقيدة بشرية فاسدة محرفة لم يدع إليها المسيح أبدا بل ابتدعها آباء الكناىس وقساوستها ؟؟
إذا كان هذا هو السبب الفعلى (وأنت أدرى بنفسك) ... فالأمل كبير أن يهديك الله تعالى إلى الإسلام .. إذ ما يزال فيك حيادية وجدية وضمير يقظ يتوقع أن تبصر الحق وتدرك ضلال ما كنت عليه .. ولكن الشيطان يخوفك باستماتة .. ويزرع فى نفسك الرهبة والتردد والشكوك .. لئلا تنجو بنفسك فيخسر الشيطان نفسا كان يتمنى أن يدخلها النار معه بعد أن يتبرأ منها يوم القيامة معلنا عبوديته لله وخشيته منه !!!
(كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)
(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
(قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ)
2- هل لأنك لا تتقبل فكرة أن يزيح أو (يهزم) دين آخر عقيدتك وعقيدة آبائك ؟؟
إذا كان هذا هو السبب الفعلى (وأنت أدرى بنفسك) ... فأدعوك لمراجعة نفسك إذ أن الأمر هنا (حقد وحسد وكراهية لدين الآخر) ..
ولن تستطيع البحث عن طريق الحق وأنت تحمل فى صدرك هذه الضغائن والمشاعر السلبية أبدا !!!
الحقد والحسد والكراهية .. لا يجتمعون مع الإنصاف والحيادية مطلقا !!
* إذا كان الأمر والمنطق هكذا .. فلن يغير أحد دينه أبدا مهما كان على ضلال وشرك وكفر بواح .. وبهذا الحقد والحسد يكون اليهود معذورين فى محاربتهم للمسيح ورفضهم لتعاليمه ورسالته إذ كان يغير فى شريعة موسى ويبدلها !!!
* إذا كان الأمر والمنطق هكذا .. فيكون قوم موسى معذورين أيضا - وعلى حق - إذ جاءهم موسى بناموس مخالف لعقائدهم الوثنية وهم - مثلك - لا يتقبلون فكرة استبدال وانهزام عقيدتهم التى تربوا عليها !!!
* إذا كان الأمر والمنطق هكذا .. فيكون كل قوم معذورين أيضا - وعلى حق - فى رفضهم فكرة استبدال وانهزام عقيدتهم التى تربوا عليها مهما كانوا عليه من ضلال ووثنية وجاهلية .. والمفروض أن تكف الكنائس عن محاولات تنصيرهم وتحترم دياناتهم !!!
3- هل لأنك مشغول بأمور الحياة وأعبائها (العمل والأولاد والبيت والمصاريف أو الدراسة مثلا) ولا تجد الوقت الكافى للبحث والإطلاع ؟؟
إذا كان هذا هو السبب الفعلى (وأنت أدرى بنفسك) ... فسوف نساعدك فى هذا الأمر بكل طاقتنا وجهدنا .. والأمل كبير أن يهديك الله تعالى إلى الإسلام !!!
وبمنتهى البساطة .. فالدين الإسلامى أقوال وأفعال حسية (أركان الإسلام) واعتقادات قلبية (أركان الإيمان) :
http://madrasato-mohammed.com/outaymin/pg_070_0002.htm
قبل أن تتحجج بضيق الوقت وكثرة المشاغل ..
تذكر فقط أنك ضيف زائر فى هذه الدنيا لفترة مؤقتة .. وأنك ستغادرها حتما فى ساعة معلومة هى نهاية عمرك وفرصة امتحانك .. ولذلك فأنه لا شىء أهم من الأبدية والآخرة اللذان تستخسر (إهدار وقتك الثمين) لنوالهما !!!
تذكر أن من باع الخلود الأبدى إلى ما لا نهاية بمكاسب الدنيا ومتاعها - حتى لو طال عمره إلى 100 سنة - فهو إنسان (غير عاقل) أبدا !!!
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ)
(أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ)
تذكر قول السيد المسيح :
(إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي)
(وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ)
البحث عن طريق الحق والأبدية يا ضيفنا الفاضل أولى بوقتك من أى شىء !!!
4- هل لأنك لا تريد أن تتعرف على الإسلام أصلا ولست مهتما بذلك ؟؟
إذا كان هذا هو السبب الفعلى (وأنت أدرى بنفسك) ... فأدعوك لمراجعة نفسك إذ أن الأمر هنا (مكابرة وعناد وإصرار على الضلال واتباع عقيدة الآباء والأجداد) .. وفى هذه الحالة لا نقول لك إلا أننا قد أوصلنا لك رسالة الإسلام وأبلغناك .. فلا عذر لك امام الله إذ قصرت وأهملت فى التعرف على هذا الدين - دينك الأصلى الذى خلقك الله عليه - عامدا متعمدا بتكاسلك وركونك إلى الدنيا وعدم استخدام عقلك الذى أنعم الله به عليك !!!
بارك الله فيك أخي الكريم .. محاضرة رائعة للغاية
جزاك الله كل خير
4- هل لأنك ترى أن المسيحية أفضل من الإسلام ؟
هنا .. يجب أن تكون (محايدا للغاية) و (صادقا للغاية) مع نفسك !!
فكونك ترى أن المسيحية أفضل من الإسلام .. معناه أنك أولا درست الإسلام بما فيه الكفاية من مصادر موثوقة محايدة لكى تقول بحيادية : هذا أفضل من ذلك !!
والآن يا ضيفنا العزيز .. أخبرنا بصدق وأمانة وحيادية :
1- ما هى الفضائل والمحاسن والخصال الحميدة التى دعت إليها المسيحية وأمرت بها بينما نهى عنها الإسلام وحرمها ؟؟
* هل دعت المسيحية إلى الصدق ونهى عنه الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى الأمانة والإخلاص ونهى عنهما الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى العفة والإحتشام ونهى عنهما الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى الطيبة والوداعة ونهى عنهما الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى الحب والإحترام ونهى عنهما الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى إعانة الغير ونجدته ونهى عنهما الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى حسن الحديث وحلاوة اللسان ونهى عنهما الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى حب الله والإخلاص فى عبادته ونهى عنهما الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى الكرم والسخاء ونهى عنهما الإسلام ؟
* هل دعت المسيحية إلى الرحمة ونهى عنها الإسلام ؟
2- ما هى النقائص والخطايا و الخصال السيئة التى أمر بها الإسلام وأحلها بينما حرمتها المسيحية ؟؟
* هل أحل الإسلام الزنا والدعارة وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام السرقة وأكل أموال الناس بالباطل وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام القتل وإزهاق الأرواح بغير حق وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام شرب الخمر والمخدرات وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام الفواحش والبذاءات وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام الخيانة والغدر وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام الكذب والغش وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام عقوق الوالدين وقطع الأرحام وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام الظلم والإضطهاد وحرمتهما المسيحية ؟
* هل أحل الإسلام النفاق والرياء وحرمتهما المسيحية ؟
--------------------------------------
إن دين الإسلام يدعو إلى مكارم الأخلاق ويأمر بالمعروف وينهى عن الفحشاء والمنكر يا ضيفنا الفاضل .. والقرآن الكريم ملىء بالأيات التى تأمر بمكارم الأخلاق وتنهى عن كل سوء وشر وخبيث :
1- (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
2- (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
3- (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
4- (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)
5- (فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ * وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)
6- (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)
7- (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا * وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا * وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا * وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا * وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا * وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا * وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا * كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا)
8- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)
9- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)
10- (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
11- (لَّا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولًا * وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا * رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا * وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا)
فمن حسن الخلق الذى أوجبه الإسلام :
برُّ الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسانُ إلى الجيران، وإفشاء السلام على الخاص والعام، وطِيب الكلام، وإطعام الطعام، والتواضع، وبشاشة الوجه، والصدق، والأمانة، وإحترام الغير، والوفاء بالعهد، والنظافة، والكرم، والتسامح، والعدل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، واللين، وإحسان الظن، والحياء ..
كل هذا قد أمر به الإسلام العظيم وحث عليه
والإسلام يعظم حُسن الخُلق، إذ لم يعُدِ الإسلام الخلق سلوكًا مجرَّدًا، بل عده عبادةً يؤجر عليها الإنسان، ومجالاً للتنافس بين العباد؛ فقد جعله النبيُّ صلى الله عليه وسلم أساسَ الخيريَّة والتفاضل يوم القيامة، فقال : «إن أحبَّكم إليَّ، وأقربَكم مني في الآخرة مجلسًا، أحاسنُكم أخلاقًا، وإن أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني في الآخرة أسوَؤُكم أخلاقًا»
وكذلك جعَل أجر حُسن الخُلق ثقيلاً في الميزان، بل لا شيء أثقلُ منه، فقال : «ما من شيءِ أثقلَ في الميزان مِن حُسن الخُلق»
وجعَل كذلك أجرَ حُسن الخُلق كأجرِ العبادات الأساسية، مِن صيام وقيام، فقال : «إن المؤمنَ لَيُدركُ بحُسن خلقه درجةَ الصائمِ القائم»
وقال: «إنكم لن تَسَعوا الناسَ بأموالِكم، ولكن يَسَعهم منكم بَسْطُ الوجهِ، وحُسْنُ الخُلُقِ»
وبلَغ من تعظيم الشارع لحُسن الخُلق أنْ جعَله وسيلة من وسائل دخول الحنة؛ فقد سُئل صلى الله عليه وسلم عن أكثرِ ما يُدخِل الناسَ الجنَّةَ ؟ فقال : «تقوى اللهِ وحُسن الخُلق»، وفي حديث آخرَ ضمِن لصاحب الخُلق دخولَ الجنة، بل أعلى درجاتها، فقال : «أنا زعيمٌ ببيت في ربَضِ أطراف الجنَّةِ لِمَن ترَك المِراءَ وإن كان محقًّا، وببيتٍ في وسَط الجنة لِمَن ترَك الكذبَ وإن كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنَّة لمن حسُن خلُقه»
فالخُلق الحسَن يُذيب الخطايا كما تذيب الشمسُ الجليد، والخُلق السيِّئ يُفسد العمل، كما يفسد الخلُّ العسلَ
وقد ذكر اللهُ أن للإنسان عورتينِ؛ عورة الجسم، وعورة النفس، ولكل منهما ستر؛ فستر الأولى بالملابس، وستر الثانية بالخُلق، وقد أمر الله بالسترين، ونبَّه أن الستر المعنوي أهمُّ من الستر الحسي فقال : {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}
فطهارةُ الباطن أعظمُ من طهارة الظاهر عند الله
والعقيدة الصحيحة تحمل صاحبَها على مكارم الأخلاق، كما أنها تردَعُه عن مساوئِ الأخلاق .. وحُسن الخُلق من أفضل ما يقرِّبُ العبد إلى الله تعالى، وهو سبب فى حبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرب منه يوم القيامة ونيل شفاعته، وهو سبب لعفو الله تعالى وغفرانه إذ يمحو الله بحُسن الخُلق السيئات ويُدرِكُ المرءُ بحُسن خُلقه درجةَ الصائم القائم ويجعل صاحبَه ممن ثقلت موازينه يوم القيامة ويحرِّمُ جسدَ صاحبه على النار
ولقد كان من دعاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم: « اللهم اهدِني لأحسنِ الأخلاق، لا يهدي لأحسنِها إلا أنت، واصرِفْ عني سيِّئَها، لا يصرِفُ عني سيِّئها إلا أنت»
وكان يقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن منكَراتِ الأخلاق والأعمالِ والأهواءِ»
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم الغاية من بِعثته الدعوة للأخلاق .. فقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : «إنما بُعِثْتُ لأتممَ مكارم الأخلاق»
بين رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بهذا الأسلوب أهمية الخُلق، بالرغم من أنه ليس أهمَّ شيء بُعث النبيُّ صلى الله عليه وسلم من أجله؛ فالعقيدة أهم منه، والعبادة أهم منه، ولكن هذا أسلوب نبوي لبيان أهمية الشيء، وإن كان غيرُه أهمَّ منه، فإن قال قائل : ما وجه أهمية الخُلق حتى يقدَّم على العقيدة والعبادة ؟ فالجواب : إن الخُلق هو أبرز ما يراه الناسُ، ويُدركونه من سائر أعمال الإسلام؛ فالناس لا يرون عقيدةَ الشخص؛ لأن محلَّها القلبُ، كما لا يرون كلَّ عباداته، لكنهم يرَوْن أخلاقه، ويتعاملون معه من خلالها؛ لذا فإنهم سيُقيِّمون دِينَه بِناءً على تعامله، فيحكُمون على صحتِه من عدمه عن طريق خُلقه وسلوكه، لا عن طريق دعواه وقوله
وقد حدَّثَنا التاريخ أن الشرق الأقصى (إندونيسيا والهند وجزر الملايو والفلبين وماليزيا)، لم يعتنقْ أهلُه الإسلام بفصاحة الدعاة، ولا بسيف الغزاة، بل بأخلاقِ التجَّار المسلمين وسلوكِهم، من أهل حضرموت وعمان؛ وذلك لما تعاملوا معهم بالصدق والأمانة والعدل والسماحة والوفاء والكرم !!
--------------------------------------
لا تجبنا - إن كنت لا تريد - يا ضيفنا الفاضل .. لكن أجب نفسك بصدق ..
وتذكر أن من كذب على نفسه فقد أهلكها !!!
1- ما الشر الذى أباحه الإسلام وحرمته المسيحية ؟
2- ما الخير الذى نهى عنه الإسلام وأوجبته المسيحية ؟
إن كنت محايدا وترى كلا الديانتين تحثان على الفضائل والمحاسن والخصال الحميدة وتحرمان وترفضان النقائص والخطايا و الخصال السيئة .. فالعقل المحايد المنصف يقول أنه : (لا مزية لأحداهما على الأخرى) على الأقل !!!
فما الذى يجعلك ترى أن المسيحية أفضل من الإسلام ؟؟
:p016::p016::p016:
5- هل لأنك ترى الإسلام دينا مليئا بالقيود والممنوعات والمحرمات والأوامر والنواهى وعلاوة على ذلك فليس به ضمان للأبدية .. بينما ترى المسيحية دين سهولة ويسر وتضمن الملكوت والغفران بلا التزامات مضجرة ؟
هنا دعنى أسألك يا ضيفنا الفاضل بعض الأسئلة لتجيب عليها بتلقائية وشفافية نابعة من القلب والعقل والفطرة .. راجيا أن تجيب نفسك بمنتهى الحيادية والضمير حتى تصل إلى الحق والنور :
-------------------------------------------
1- إذا أعطاك شخص ما ثروة هائلة من المال، أو كنزا ثمينا من الذهب لا تحلم به، وكان دائما ما يساعدك ماديا ومعنويا بلا انتظار لأى ثمن ولا مقابل ولا خدمة منك، وكان يساعدك ويخلصك من الشدائد والديون، ويتكفل بطعامك وشرابك وكسوتك وعلاجك ونفقاتك كلها من الألف إلى الياء .. وكان العرفان بالجميل من صفاتك الشخصية .. فأخبرنى بصدق يا ضيفنا الكريم :
ماذا سيكون مدى استعدادك لتنفيذ أى طلب أو أمر منه إليك ؟
هل ستكون أوامره مضجرة وثقيلة على قلبك وجسدك ؟
بماذا تصف من لا يرى نفسه ملزما بتنفيذ أوامره بكل رضا وسرور وشكر للجميل ؟
إن الله سبحانه وتعالى هو المستحق للعبادة وحده لأنه خالقنا، ورازقنا، وحامينا، وكافينا، وشافينا، ومجيب دعائنا، ومنجينا من كل سوء، ومفرج همومنا، وناصرنا، وهادينا، والمنعم علينا بما لا يعد ولا يحصى، وهو ربنا ورب كل شيء، وقد خلقنا لعبادته وأمرنا بها، كما قال : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، وقال : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
ولم يأمرنا الله بعبادته لحاجة به إلى ذلك، فإنه الغني عن خلقه، لكنه تعالى يحب من عباده أن يعبدوه وحده لا شريك له، وأن يطيعوه ويطيعوا رسله عليهم الصلاة والسلام :
قال تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)
ولكن منفعة العبادة راجعة إلى العباد ومضرة تركها واقعة عليهم، فالعباد لا ينفعون الله ولا يضرونه :
قال تعالى : (قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)
وقال تعالى : (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)
وقال تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)
وقال تعالى : (وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)
وقال تعالى فى الحديث القدسى : "يَا عِبَادِي : إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِي : إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي : لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي : لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي : لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ، يَا عِبَادِي : إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ"
وقد بين سبحانه وتعالى أنه لم يخلق الجن والإنس ليرزقوه أو يطعموه أو يتقوى بهم من ضعف، فقال سبحانه : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)
فالله غني عن كل شىء، لا تنفعه عبادتنا، ولا يضره كفرنا ومعصيتنا
ولذلك .. فبالحق والعدل والإنصاف والحيادية :
* فمن يستثقل أوامر الله تعالى ونواهيه وفروض عبادته .. ويرى أن ما فرضه الله تعالى على عباده هو (التزامات مضجرة) رغم كل نعم وأفضال الله تعالى عليه .. ويرى أن العبادات المفروضة مجرد (شكليات غير ملزمة) .. فهو شخص جاحد كافر ناكر للجميل
* ومن يعتبر العبادة هى (مقابل) أو (ثمن) أو (ضريبة) لنعم الله الكثيرة على الإنسان وأن الله تعالى ينتظرها أو يحتاجها .. فهو شخص جاهل ضال
* ومن يعتبر التقيد بالحلال والحرام والأوامر والنواهى والعبادات (طقوسا غير ضرورية) إذ لا يحتاج الله تعالى إليها ولا تزيده شيئا .. وأنها مجرد (قيود) و (تعب) بما أن المعاصى لا تضر الله تعالى .. فهو شخص جاهل سفيه
-------------------------------------------
2- ما معنى الدين بلا قيود ولا أوامر أوممنوعات ومحرمات ونواهى ؟ .. كيف سيكون هناك فرق وتمييز بين مطيع وعاص ؟ وبين مؤمن وكافر ؟ وبين صالح وفاسد ؟ وبين محب لله ومحب للشيطان ؟ وبين مهتد وضال ؟
يجب أن تعلم ابتداء يا ضيفنا الفاضل أن الدين - ببساطة - هو منهج للبشر
وأى منهج - بالعقل - هو توجيهات وإرشادات .. إفعل كذا ولا تفعل كذا .. إسلك هذا الطريق ولا تسلك ذاك .. هذا خير وحلال وهذا شر وحرام
فمن أطاع الإرشادات والتوجيهات فهو (مطيع) (مؤمن) (محب لله) (مهتد)
ومن خالف الإرشادات والتوجيهات فهو (عاص) (كافر) (محب للشيطان) (ضال)
فالله تعالى قد فرض فى دين الإسلام فرائض لا يجوز تضييعها .. وحدَّ حدودًا لا يجوز تعديها .. وحرم أشياء لا يجوز انتهاكها .. وهذه الحرمات هي حدوده سبحانه وتعالى .. يحرم الإقترال منها فضلا عن تعديها :
(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا)
(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
وقد توعد الله أولئك الذين يتعدون حدوده وينتهكون حرماته :
(وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ)
واجتناب المحرمات والمحظورات أمر واجب .. قال صلى الله عيه وسلم : (( مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ))
وقال صلى الله عيه وسلم : ((إِنْ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا وَحَدَّ حُدُودًا فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَنَهَى عَنْ أَشْيَاءَ فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رُخْصَةً لَكُمْ لَيْسَ بِنِسْيَانٍ فَلاَ تَبْحَثُوا عَنْهَا))
وقال صلى الله عيه وسلم : ((مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلاَلٌ وَمَا حَرَّمَ فَهُو حَرَامٌ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَافِيَةٌ فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ عَافِيَتَهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ نَسِيًّا))
وقال صلى الله عيه وسلم : ((الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ))
والتحليل والتحريم حق خالص لله وحده .. فالحلال ما أحله الله ورسوله (بوحى وإلهام من الله) .. والحرام ما حرمه الله ورسوله (بوحى وإلهام من الله) .. ولا يجوز لأحد كائنا من كان أن يحلل أو يحرم إلا بمقتضى ما دلَّ عليه الدليل الشرعي من الكتاب والسنة
قال تعالى : (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ* مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
وقال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ)
إن من الشرك الأكبر تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله أو اعتقاد أن أحدا يملك الحق في ذلك غير الله .. ومن الكفر إنزال القوانين منزلة شرع رب العالمين بالتحاكم إلى القوانين الوضعية والمحاكم الجاهلية عن رضا واختيار واستحلال ذلك واعتقاد جوازه .. وقد ذكر الله الكفر الأكبر في قوله تعالى : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) .. فلما سمع عدي بن حاتم هذه الآية قَالَ : قُلْتَ : يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ قَالَ : ((أَجَلْ، وَلَكِنْ يُحِلُّونَ لَهُمْ مَا حَرَّمَ اللهُ، فَيَسْتَحِلُّونَهُ، وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَّ اللهُ، فَيُحَرِّمُونَهُ، فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ لَهُمْ))
والكثير من ضعفاء النفوس ومتبعي الهوى وقليلي العلم والراكنين إلى متاع الحياة الدنيا وزينتها إذا سمع بالمحرمات الكثيرة تأفف وتضجر وغضب وقال :
كل شيء حرام ..
كل شيء حرام ..
كل شيء حرام ..
ما تركتم شيئا إلا حرمتموه ..
لقد عقدتم حياتنا وضيقتم صدورنا ونكدتم معيشتنا ..
أليس فى الإسلام إلا الحرام والتحريم والنهى ؟؟ ..
إن الدين يسر والأمر واسع والله غفور رحيم !!!
وإلى هؤلاء الذين فى قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم والمتبعين أهوائهم نقول :
1- إن الله تعالى يحكم ما يشاء لا معقب لحكمه وهو الحكيم الخبير .. يحل ما يشاء ويحرم ما يشاء .. وإن من أساسيات دين الإسلام أن نرضى بما حكم الله ونطيعه ونسلم له تسليما بلا حرج في الصدر .. وأن أحكام الله صادرة عن علم وحكمة وعدل فليست عبثا ولا لعبا : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
2- أن الطيبات حلال والخبائث حرام : (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)
3- أن التحليل والتحريم حق خالص لله وحده .. فمن ادعاه لنفسه أو أقر به لغيره فهو كافر كفرا أكبرا مخرجا من الملة : (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ)
4- أنه لا يجوز لأحد أن يتكلم في الحلال والحرام إلا العلماء العالمين بالكتاب والسنة .. فقد ورد التحذير الشديد فيمن يحلل ويحرم دون علم : (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ)
5- أن المتحايل على شرع الله فيما أحل وحرم ملعون : فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ))
6- أن الأصل فى الأشياء الإباحة ما لم يرد نص قاطع بتحريمها .. والله تعالى - وهو الرحيم بعباده - قد أحل لنا من الطيبات ما لا يحصى كثرة وتنوعا .. ولذلك لم يفصِّل الله المباحات لأنها كثيرة لا تحصر .. وإنما فصَّل المحرمات لانحصارها فى أمور معينة لكي نعرفها ونجتنبها قال سبحانه :
(وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ)
(وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)
أما الحلال فأباحه على وجه الإجمال ما دام طيبا فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا) .. فكان من رحمته أن جعل الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم .. وهذا من كرمه تعالى وتوسعته على عباده .. فوجب علينا الطاعة والحمد والشكر له سبحانه
وبعض الجهلة إذا رأوا الحرام مفصلا ومعددا ضاقت صدورهم ذرعا بالأحكام الشرعية .. وهذا من ضعف إيمانهم وقلة فقههم في الشريعة .. فهل يريد هؤلاء أن نعدد عليهم أصناف الحلال حتى يقتنعوا بأن الدين يسر ؟؟ وهل يريد هؤلاء أن تسرد وتعدد الطيبات بأنواعها حتى يطمئنوا أن الشريعة لا تكدر عليهم عيشهم ؟؟
فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ؟؟!!!
7- الإحتجاج بأن الدين يسر هو قول حق يراد به باطل .. فإن مفهوم اليسر ليس بحسب الأهواء والمزاج والفهم الملتوى والمقاصد الخبيثة .. وإنما بحسب ما جاءت به الشريعة .. فالفرق عظيم بين انتهاك المحرمات بحجة أن الدين يسر وبين الأخذ بالرخص الشرعية التى تدل دلالة واضحة على يسر الشريعة وأن الإسلام دين يسر ورفق وسماحة وتوسعة !!
8- أن في تحريم المحرمات حكم عظيمة لا يعلمونها لضيق عقولهم وقساوة قلوبهم :
* منها أن الله يبتلي عباده بهذه المحرمات فينظر كيف يعملون .. هل يتركونها أم ينتهكونها .. ولولا هذا الابتلاء لم يتبين الطائع من العاصي ولا أهل الإيمان من أهل الفسوق والعصيان
* ومنها تمييز أهل الجنة من أهل النار .. فأهل النار انغمسوا في الشهوات التي حفت بها النار .. وأهل الجنة صبروا على المكاره التي حفت بها الجنة .. فأهل الإيمان ينظرون إلى مشقة التكليف بعين احتساب الأجر وامتثال أمر الله لنيل رضاه ورحمته فتهون عليهم المشقة .. وأهل النفاق والفسوق والعصيان ينظرون إلى مشقة التكليف بعين الألم والتوجع فتكون الوطأة عليهم شديدة والطاعة عليهم عسيرة
* ومنها أنه بترك المحرمات يذوق المطيع حلاوة فى روحه .. فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه .. ويجد لذة الإيمان وحلاوته في قلبه
* ومنها أن الله لم يحرم إلا ما فيه ضرر على الإنسان ولا خير فيه : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
-------------------------------------------
3- إذا لم تكن العبادات المفروضة بكيفية معينة ومواقيت محددة فكيف يتعلم البشر فضائل الإنضباط والنظام والطاعة ؟ وعلى أى أساس سيتم تقييم الأعمال فى الدنيا بالإتمام والإلتزام أو بالتقصير والإهمال ؟
إن إطاعة الإرشادات والتوجيهات الإلهية يا ضيفنا الكريم يجب أن تكون بالكمية والكيفية التى حددها الله تعالى بالضبط .. هذا هو دين الإسلام .. دين الإنضباط والإلتزام والطاعة والإنقياد والإستسلام لرب العالمين
فلا معنى للصلاة والصيام والزكاة (حسب احتياج العبد الشخصى) (وقتما يشاء) !!
لا معنى لأداء العبادات (بالكيفية التى يرغبها الشخص) !!
فالصلاة فى الإسلام مثلا لها أوقات محددة وأركان محددة وكيفية محددة لجميع المسلمين بلا استثناء .. وهناك تيسير فيها من الله تعالى على من لا يستطيع إتمام أركانها فى ظروف معينة (كالخوف والسفر والمرض وانعدام الماء) .. لكن هذا التيسير هو بشرع الله ذاته وليس (بمزاج) و (اجتهاد) البشر !!
وما ينطبق على الصلاة .. ينطبق على الصيام والزكاة والحج
كل عبادة لها توقيت محدد وكيفية محددة ومقدار محدد ملزم لجميع المسلمين
أما فى المسيحية فنجد العبادات (غير إلزامية) و (تؤدى بحسب حاجة المسيحى) و (بالصيغة التى يحبها) و (للمدة التى يستطيعها) .. وهناك صلوات خاصة بالرهبان والقساوسة فقط .. والآباء يصلون ويصومون عن الشعب !!
فعلى أى أساس تتم إدانة البشر أو مكافأتهم يوم القيامة إذا كانت الفروض غير محددة ولا معلومة الكيفية أصلا (حسب المزاج والنشاط) ؟؟
على أى أساس سيتم تقييم الأعمال بالإتمام والإلتزام أو بالتقصير والإهمال ؟؟
* هل هناك منهج بغير توجيهات محددة تسرى على الجميع بلا استثناء ؟؟
* هل هناك دستور بغير مواد وفقرات محددة تسرى على الجميع بلا استثناء ؟؟
* هل هناك قانون بغير مواد محددة تسرى على الجميع بلا استثناء ؟؟
* هل هناك امتحان يكون المطلوب فيه : (الإجابة على ما تستطيع من الأسئلة بالأسلوب الذى يعجبك فإجابتك مقبولة وأنت ناجح فى كل الأحوال) ؟؟ .. كيف سيتم احتساب الدرجات إذا لم يكن هناك (منهج مرجعى محدد) و (إجابة نموذجية) يتم التقييم على أساسهما ؟؟ .. كيف سيتم تمييز من استذكر والتزم ممن تكاسل وأهمل ؟؟
أجب نفسك بصراحة وحيادية وإنصاف يا ضيفنا الكريم
-------------------------------------------
4- إذا كانت نتيجة إمتحان البكالوريوس - مثلا - مضمونة .. والنجاح أكيد بمجرد إقرارك أنك (طالب فى البكالوريوس) واعترافك للأستاذ بأنك مقصر فى دراستك فيطمئنك بأنه سيتوسط لك بالتأكيد عند العميد لتنجح .. فما الداعى للتعب والسهر والإجتهاد والإستذكار إذا كان الجميع ناجحا فى النهاية بالواسطة ؟
المسيحية يا ضيفنا الفاضل تقول أن النجاح (بالواسطة) فقط .. فالأستاذ فى هذا المثال هو (آباء الكنيسة والقساوسة) .. والعميد فى هذا المثال هو (يسوع) الذى تدعى المسيحية أنه هو الله .. وأنت ما عليك إلا الإقرار بأنك فرد فى شعب يسوع المخلص وأحد خراف الراعى الأمين !!
فى المسيحية .. إن لم تكن لك (واسطة) فلا خلاص لك :
(اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاءِ)
فلكى تغفر خطاياك وتضمن الملكوت عليك اللجوء لوساطة القساوسة والإعتراف لهم أولا وإلا فلن تنال الغفران وهم فقط بيدهم المنح والمنع بتفويض من يسوع !!
فأين ضمان الملكوت المزعوم إن رفض القسيس منحك الغفران ؟؟
وأين العدل فى منح الغفران لشخصين أحدهما بار متقيد بأوامر ونواهى المسيحية والآخر غارق فى الملذات والشهوات حتى أذنيه ونال الغفران (بمزاج) القسيس ما دام يعترف بيسوع فاديا ومخلصا ؟؟
ثم أنه ليس كل مسيحى سيدخل الملكوت بحسب الكتاب المقدس ..
فأين الضمان والفداء والخلاص المزعومين هنا ؟؟
(أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ؟ لاَ تَضِلُّوا: لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ) .. فالنص هنا صريح بأن هناك مسيحيون آمنوا بيسوع فاديا ومخلصا ولن ينالوا الملكوت بسبب ذنوبهم !!
أى أنه لا ضمانة للملكوت فى المسيحية كما تظن يا ضيفنا الكريم !!
حسنا .. لنأتى إلى الضفة الأخرى .. (ماذا عن الإسلام) ؟؟
هل قرأت عن طريق الإنترنت أنه لا يوجد شخص مسلم يضمن دخول الجنة ولو أتم فرائض الإسلام كلها .. حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يضمن دخوله للجنة ؟؟
إن كنت قرأت ذلك يا ضيفنا الفاضل .. فهو كلام لا اساس له من الصحة
ولا يعدو (سوء فهم) أو (سوء تفسير) للقرآن والسنة .. سواء جهلا أو عمدا !!
فالحقيقة أنه : لا يضمن دخول الجنة إلا من أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا (ملة الإسلام) وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولم يكن من المشركين
ولكنك لا تجد يا ضيفنا الفاضل (مسلما مؤمنا حقيقيا) يقول أنه يضمن الجنة مهما كانت أعماله صالحة .. لماذا ؟؟
* لأنه يؤمن أنه تعالى : (يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)
* لأنه يعلم أنه لولا مضاعفة الله تعالى لحسناته وتجاوزه عن سيئاته وغفرانه لذنوبه لهلك وخسر : (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ)
* لأنه يخشى الله ويحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الله .. يرجو رحمته ويخاف عذابه
* لأنه يعلم أن الله يحاسب بالنوايا القلبية لا بظاهر العمل وإن كان حسنا
* لأنه يؤمن بقوله تعالى : (فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ)
صحيح أنه لن يدخل أحد الجنة بعمله .. وإنما يدخلها برحمة الله وفضله .. ولكن هل معنى هذا أنه لن يدخل الجنة ؟؟ .. ركز من فضلك على كلمة (وإنما يدخلها) !!!
لو قلت لك مثلا : أنك لن تنال هذه الوظيفة بمؤهلاتك وإنما ستنالها ببركة دعاء والديك أو بسبب طيبة قلب صاحب العمل .. فهل يعنى هذا أنك لن تنال الوظيفة ؟؟ .. ركز مرة أخرى على كلمة (وإنما ستنالها) !!!
فيكون المعنى الصحيح والفهم الصحيح : أن العامل لا ينبغي أن يتكل على حسن عمله في طلب النجاة ونيل الدرجات ويعزو الفضل فى دخول الجنة إلى صالح عمله .. لأنه إنما عمل صالحا بتوفيق الله .. وإنما ترك المعصية بعصمة الله .. فكل ذلك بفضل الله ورحمته وحفظه .. فعندما يدخل الجنة إن شاء الله فذلك - بالتبعية - بسبب فضل الله ورحمته :
(قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)
وصحيح أيضا أن لله عتقاء يدخلون الجنة برحمته ولم يعملوا خيرا أبدا .. لكن لن يدخلها مشرك مات على الكفر والشرك أبدا .. لأن الله توعد المشركين بالحرمان من المغفرة والرحمة جزاء شركهم وكفرهم : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ)
هذا ما نخشاه عليك ونحذرك منه يا ضيفنا العزيز
والقول بأن النبي والمؤمنين لا يدرون ما يفعل الله بهم، ولا يضمنون دخول الجنة وإن أدوا الفرائض وأحسنوا العمل، هو قول باطل ومكذوب
فالمسلمونَ يؤمنون بأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم سيكون يوم القيامة في الفردوسِ الأعلى كما دلت السنةُ المطهرةُ على ذلك، ودلت أيضًا على أن هناك أناسًا بعينِهم من أصحابِه في الجنةِ:
* (لما ثَقُل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جعَل يتَغَشَّاه ، فقالتْ فاطمةُ عليها السلامُ : واكَربَ أباه ، فقال لها : ليس على أبيك كَربٌ بعدَ اليومِ)
* (أنا وَكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ هَكَذا . وأشارَ بالسَّبَّابةِ والوُسطى، وفرَّجَ بينَهما شيئًا)
* (مَنْ كان له ثَلاثُ بَناتٍ، أو ثَلاثُ أخَواتٍ، اتَّقَى اللهَ وأقام عليهنَّ، كان معي في الجَنَّةِ هكذا، وأشارَ بأصابِعِه الأرْبَعِ)
* (أنا أولُ الناسِ يَشْفَعُ في الجنةِ، و أنا أكثرُ الأنبياءِ تَبَعًا)
* عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضى الله عنه قَالَ : (كنت أبيتُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأتيتُه بوَضوئِه وحاجتِه فقال لي : سَلْ فقلت : أسألُك مرافقتَك في الجنةِ قال : أو غيرَ ذلك ؟ قلت : هو ذاك قال: فأعنِّي على نفسِك بكثرةِ السجودِ(
* (عشَرةٌ في الجنَّةِ : أبو بكرٍ في الجنَّةِ وعُمَرُ في الجنَّةِ وعُثمانُ في الجنَّةِ وعلِيٌّ في الجنَّةِ والزُّبيرُ في الجنَّةِ وطَلحةُ في الجنَّةِ وابنُ عوفٍ في الجنَّةِ وسعدٌ في الجنَّةِ وسعيدُ بنُ زيدٍ في الجنَّةِ وأبو عُبَيدةَ بنُ الجرَّاحِ في الجنَّةِ)
* (لما مات إبراهيمُ عليه السلامُ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : إنَّ له مُرضِعًا في الجنةِ)
* (أنَّ الرُّبَيِّعَ بنتَ النَّضْرِ أَتَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وكان ابنُها حارِثَةُ بنُ سُرَاقَةَ وكان أُصِيبَ يومَ بَدْرٍ أصابه سَهْمٌ غَرَبٌ فأَتَتْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت أَخْبِرْنِي عن حارِثَةَ لَئِنْ كان أصاب خيرًا احْتَسَبْتُ وصَبَرْتُ وإن لم يُصِبِ الخيرَ اجْتَهَدْتُ في الدعاءِ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يا أُمَّ حارِثَةَ إنها جِنَانٌ في جنةٍ وإنَّ ابْنَكِ أصاب الفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى والفِرْدَوْسُ رَبْوَةُ الجنةِ وأَوْسَطُها وأَفْضَلُها)
* (أُهِدي للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ثوبُ حريرٍ ، فجعَلْنا نَلْمِسُه ونَتَعَجَّبُ منه ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : أتعجبون من هذا ؟ قلنا : نعم . قال : مَنادِيلُ سعدِ بنِ معاذٍ في الجنةِ خيرٌ مِن هذا)
* (قال رجلٌ للنبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم يومَ أُحُدٍ : أرأيتَ إن قُتِلتُ فأين أنا ؟ قال : في الجنةِ . فألقَى تمراتٍ في يدِه، ثم قاتَل حتى قُتِلَ)
ومما يعلمه المسلمون قطعاً أن الله غفر لنبيه ما تقدم من ذنبه وما تأخر .. وأن النبي صلى الله عليه وسلم هو أول من تفتح له الجنة .. وأن له الشفاعة العظمى .. وأن للنبي الحوض المورود فى الجنة ومن شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً .. وأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي أول الأمم دخولاً للجنة وأن منهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب .. وأن النبي بشرَّ عشرة من صحابته بالجنة منهم الخلفاء الراشدون .. وأن فاعلى الكبائر من الذنوب - وإن عذبوا في النار فترة - فهم يخرجون منها ولا يخلدون في النار مثل الكفار
والذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة أنه لا يخلد في النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، فإن دخل النار بذنبه، فإنه يمكث فيها ما شاء الله، ثم يخرج منها إلى الجنة
فعَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ وَيَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ))
ومن مات على التوحيد لا يشرك بالله شيئا فإنه من أهل الجنة وإن زنى وإن سرق، وهكذا لو فعل معاصي أخرى كالعقوق والربا وشهادة الزور ونحو ذلك، فإن العاصي تحت مشيئة الله، إن شاء ربنا غفر له، وإن شاء عذبه على قدر معاصيه إذا مات غير تائب، ولو دخل النار وعذب فيها فإنه لا يخلد، بل سوف يخرج منها إلى الجنة بعد التطهير
ومع ذلك فنحن نؤمن أن دخول المؤمن للجنة هو بفضل الله ورحمته .. ولا يستحقه الإنسان بعمله .. فأعمال الإنسان الصالحة كلها لا توازي نعمة واحدة من نعم الله .. ومن فضل الله تعالى أنه يضاعف الحسنة إلى عشرة أضعاف إلى سبعين ضعفاً إلى أضعاف كثيرة ويغفر السيئات بفضله ويمحوها إذا تاب عنها المرء
6- هل لأنك ترى الإسلام دينا يدعو إلى العنف والإرهاب ويرفض الحب والسلام ويستنكر ويحارب المعتقدات الأخرى بينما ترى المسيحية دين المحبة والتسامح ؟
هل لأنك قرأت أن المسيحية قد انتشرت باللين والمحبة والنصيحة والإقتناع .. بينما الإسلام قد انتشر بالسيف والحروب والدماء والإجبار ؟؟
يا ضيفنا الفاضل :
وجهناك سابقا أن تأخذ المعلومات عن الإسلام من أهله أو المحايدين على الأقل .. لا من أعدائه ومحاربيه .. فلا يفتأ أعداء الإسلام من المنصّرين والمستشْرقين واليهود وغيرهم يدعون أنَّ الحروب في الإسلام كانت لإجْبار غير المسلمين على الدُّخول في الإسلام، وأنَّ الَّذين اعتنقوا الإسلام دخلوا فيه بالإكراه والقهْر، لا عن اقْتِناع وتسليم .. ويزعمون أنَّ السيرة النبويَّة شاهدة على انتِشار الإسلام بحدِّ السَّيف، وأنَّ الغزوات التي غزاها الرَّسول صلَّى الله عليْه وسلَّم كان الهدف منها هو إجْبار النَّاس على الدخول في الإسلام عنوة وغصبا !!!
هذه الإفتراءات مرْدود عليها من وجوه كثيرة، تتلخَّص فيما يلي :
-----------------------------------------
(1) أن الإسلام جاء بشريعة تعظِّم حرمة الدماء والنفوس، وتحرِّم سفكها وإزهاقها بغير حق، وتتوعد المخالفين بالحرمان من الجنة :
(وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
((مَن قتَل مُعاهَدًا، لم يَرَح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا))
((ألا مَن ظلَم معاهَدًا، أو انتقصَهُ حقَّهُ، أو كلَّفهُ فوق طاقتِهِ، أو أخذ منه شيئًا بغير حقِّهِ، فأنا حجيجُهُ يومَ القيامَةِ، وأشارَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بيدِهِ إلى صدرِهِ، ألا ومَن قتلَ رجلًا له ذمَّةُ اللهِ ورسولِهِ حرَّمَ اللهُ عليهِ الجنَّةَ، وإنَّ ريحها ليوجَدُ من مسيرَةِ سبعينَ خريفًا))
وكان من ثمرات الإسلام العظيمة إيقاف الحروب التي كانت مشتعلة بين القبائل العربية، ونشر السلام والتسامح بينها :
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)
(2) أن الإسلام نهى عن إكراه الناس على الدين، قال تعالى : (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)، أي : لا تُكرِهُوا أحدا على الدخول في دين الإسلام، فهذا نفيٌ في معنى النهي، أي لا تُكرهوا أحدا على اعتناق الدين
وقال تعالى : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) .. فلكمال الدّين الإسلامي، واتِّضاح آياته، وكونه هو دينَ العقل والعِلْم، ودين الفطْرة والحِكْمة، ودين الصَّلاح والإصْلاح، ودين الحقّ والرشْد، وقبول الفِطَر له، فهو لا يَحتاج إلى الإكْراه عليه .. لأنَّ الإكراه إنَّما يقع على ما تنفر منه القلوب، ويتنافَى مع الحقيقة والحقّ، أو تخفى براهينُه وآياته، فمَن جاءه هذا الدين وردَّه ولم يقبلْه فإن ذلك مرجعه لعناده واستكباره وقساوة قلبه وغفلته، فإنَّه قد تبيَّن الرُّشد من الغيّ، والهدى من الضلال، والنور من الظلام، ولم يبقَ لأحد عذرٌ ولا حجَّة إذا ردَّه ولم يقبله .. وهنا يقال له :
(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)
(وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)
(3) أن الإسلام أمر بالإحسان إلى غير المسلمين من المسالمين، ورغَّب في ذلك، وهيَّج النفوس للعمل به بأن جعله سببا لنيل محبة الله تعالى، قال عز وجل : (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
ونهى الإسلام عن إيذاء الذميين والمعاهَدين والمستأمَنين، ورتَّب على ذلك الوعيد الشديد، قال صلى الله عليه وسلم : ((ألَا مَن ظلَم مُعاهَدًا أو انتقَصه أو كلَّفه فوق طاقتِهِ أو أخَذ منه شيئًا بغَيرِ طِيبِ نَفْسٍ، فأنا حَجيجُهُ يومَ القِيامةِ))
كما أباح الإسلام الزواج من الكتابيَّة (اليهودية أو النصرانية) مع بقائها على دينها، فلو كان الإسلام يُجبِر أحدًا على اعتناقه لأجبر الزوجة على ترك دينها واعتناق الإسلام
(4) أن الإسلام أقرَّ بقاء غير المسلمين على دينهم، مقابل دفع الجزية وهو مبلغ سنوي زهيد جدا - أقل بكثير من الزكاة المفروضة على المسلمين - نظير توفير الأمن لهم وحمايتهم من أي اعتداء خارجي، وجعل ذلك مقصورا على الرجال المقتدرين فقط، فلا يُؤخذ شيء من النساء والصبيان والفقراء والمرضى العاجزين والشيخ الفاني والرهبان، بل يجب حمايتهم والذود عنهم مع بقائهم على دينهم جميعا، وهذا من أدل الدلائل على أن الإسلام ليس من تعاليمه إجبار أحد على الدين
(5) أن القرآن يوجه بمحاججة غير المسلمين، ومحاورتهم، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالحسنى، والإقناع والترغيب، والنصح بالرفق واللين وطيب الكلام، وإقرار الحقِّ بالبينات، وتفنيد الباطل بالحجج الناصعات، وقَصص الأنبياء المذكورة في القرآن حافلة بالمحاورات والمجادلات بالحسنى مع أقوامهم، وقد أمر الله تعالى خاتم المرسلين بذلك فقال : (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)
وقال تعالى : (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)
وقال تعالى : (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
وفى ذلك أكبر دليل على أن الإسلام لم يكن قائما على السيف ولم ينتشر بالبطش والعنف والقتل والإرهاب وإجبار الناس على الإيمان .. بل كان قائماعلى الحجة والعلم والإقناع وانتشر بهذه الوسائل
(6) أن الجهاد لم يُشرع في العهد المكي، إذ مكث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في مكَّة ثلاثة عشر عامًا يدْعو بالحجَّة والموعظة الحسنة بلا قتال أو إراقة نقطة دم، وكان صلَّى الله عليْه وسلَّم وأصحابُه مستضعفين يتعرَّضون للتَّعذيب والتَّنكيل ليرجعوا عن دينِهم، فما صرفهم هذا عن الإسْلام، وما زادَهم إلاَّ إصرارًا على اتِّباع الحقّ، فإن كان هناك إكراه، فقد كان في الصَّدّ عن الإسلام، لا في اتِّباعه !!
ومع ذلك فقد انتشر الدين بين الناس، واعتنقه المهاجرون والأنصار طوعا واختيارا، حتى استنارت جنبات المدينة النبوية بنور الإسلام، فلم يبق فيها بيت إلا وسطع فيه هذا النور المبين، إذ دخل الإسلام إلى أهل يثرب - المدينة المنورة - بلا أيّ قتال؛ فقد اقتنع سادتُهم بالإسلام حين عرضَه عليْهِم الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم فبايعوه بيْعتَي العقبة الأولى والثانية، ثمَّ أرسل إليهم مصعبَ بن عُمير فاجتهَد في دعْوة أهل المدينة حتَّى دخلَ معظمُهم في دين الإسلام، فأين الإجبار في إسلام أهل المدينة ؟؟
كل ذلك تم بجهود الدعوة والبيان والبلاغ بلا حروب !!!
وقد بلغ التمسك بهذا الدين مداه في الصبر وقوة التحمل والتضحيات الكثيرة التي قدمها المسلمون المستضعفون في مكة، إذًا، فمن المسلَّمات الَّتي لا يداخلُها شكٌّ، أنَّ المهاجرين والأنصار - الَّذين هم ركيزة الدولة الإسلامية الأولى - قد دخلوا في دين الله عنِ اقْتِناع وتسليم، وتحمَّلوا في سبيله الابتِلاءات والاضطِهادات، ممَّا ينفي أيَّ شبهة إكراه وإجبار في حقِّهم
(7) أن النبي عليه الصلاة والسلام، حينما فتح مكة بعدما نقض أهلها الصلح، لم ينكِّل بهم، ولم ينتقم منهم، ولم يجبرهم على قبول الإسلام، بل صفح عنهم أجمعين قائلا : ((إذهبوا فأنتم الطلقاء))، فدخلوا في دين الله تعالى أفواجا، حينما رأوا هذا التسامح والكرم والتواضع النبوي الشريف، وتلك الأخلاق التعاليم الإسلامية الراقية الرحيمة، التي أسرت قلوبهم، وأخجلتهم من أنفسهم !!
(8) أن الجهاد بالسيف لم يُشرع إلا للضرورة، لرد العدوان، والدفاع عن النفس، وإزالة العقبات التي تحول دون تبليغ رسالة الدين إلى جميع البشر، وهناك أيضا (الجهاد بالكلمة)، المتمثل بالدعوة والبيان، وهو الجهاد المشروع في كل حال، وقد وصفه الله تعالى بالجهاد الكبير في قوله سبحانه : (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) .. أي : بالقرآن والعلم
فغالب الحروب والغزوات الإسلاميَّة في العصر النبويّ لم يكن بِمبادرة وابتداء من جانب المسلمين، فقد غُزي المسلمون مثلاً في بدْر وأحُد والأحزاب، وأمَّا غزوات اليهود وفتْح مكَّة ومؤْتة وتبوك وغيرها، فقد كانت تأديبًا لِمَن خانوا العقود، وخالفوا العهود والمواثيق، وبدؤوا بالاعتداء، أو قتلوا رسُل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
(9) كان المسلِمون يدخلون في الغالب في معارك غير متكافِئة من حيث العددُ (الكثرة) والعدَّة (السلاح)، حيث كان خصمُهم يتفوَّق عليهم تفوُّقًا ساحقًا .. ففي غزوة مؤْتة - على سبيل المثال - كان عدد جنود المسلمين حوالَي ثلاثة آلاف رجُل، في حين كان عددُ جيش الكفَّار مائتي ألْف مقاتل، ناهيك عن التفوُّق في العدَّة والآلة الحربيَّة، فهل يظنّ بهذه القلَّة المستضعفة أن تغرَّها قوتها وتشرع في فرض ما معها من الحقّ على هذه الجموع الغفيرة ؟؟ هل فرض ثلاثةُ آلاف مسلم دين الإسلام على مائتَي ألف شخص بالإجبار والغصب ؟؟
(10) العقائد لا تستقرُّ في النفوس تحت وطْأة السَّيف والقهر على الإطلاق، وإنَّما تستقرُّ بالإقْناع والقبول بالحجَّة الواضحة، ولو كانت الشُّعوب قد دخلت في الإسلام مُجْبرة، فسرعان ما كانت تمرَّدتْ عليه ولفظته، ولكنَّ الحقيقة التي يشْهَد لها التَّاريخ والواقع أنَّ الشُّعوب الإسلاميَّة هي أكثر الشعوب تمسُّكًا بدينها، رغم ما تُعانيه من اضطِهادات وحروب في كثير من أنحاء العالم حتَّى في عصرنا هذا
(11) بعض القوَّات والجيوش التي حاربت المسلمين وانتصرتْ عليْهِم - كالتَّتار مثلاً - قد أسلموا ودخلوا في دين الله أفواجًا، في سابقةٍ لَم يعرفْ لها التاريخ مثيلاً، فأنَّى للمنتصِر أن يدخُل في دين المهزوم بالغصب ؟؟ وأيّ شبهة إكراه هاهنا ؟؟
(12) هناك كثافة إسلاميَّة في جنوب شرق آسيا، في بلادٍ لَم تطأْها قدمُ مجاهد مسلم فاتح، ولم يُسلَّ للمسلمين في هذه المناطق سيف، كالفلبّين وإندونيسيا وماليزيا والصين، فهناك عشَرات الملايين اعتنقوا دين الإسلام طوعًا واختيارًا، فمَن الَّذي أجْبر هؤلاء على اعتِناق الإسلام ؟؟
كما أنَّ هناك كثيرًا من المسلِمين في دول أوربَّا والأمريكتَين، وهي بلاد لم يدخُلْها الفاتحون المسلمون، وهناك أقلّيات مسلمة في كلّ الدُّول غير الإسلاميَّة وهم متمسِّكون بالإسلام بفضل الله، ونرى رأي العين في زماننا هذا كثيرا من الناس من مختلف الأديان والأعراق والبلدان، يعتنقون الإسلام من دون أيِّ إكراه أو إجبار أو عنف، مدلِّلين بذلك على أن الإسلام دين تسامح وإقناع لا دين عنف وإجبار، ففي كلّ يوم تدخُل جموع غفيرة إلى دين الإسلام في بلاد غير إسلاميَّة فى شتى أنحاء المعمورة، حتَّى ثبت بالإحصاءات الرَّسمية غير الإسلاميَّة أنَّ الإسلام هو أسرع الأدْيان انتشارًا في العالم الآن بلا إراقة قطرة واحدة من الدماء !!!
(13) التاريخ الإسلامى والعالمى شاهد على بقاء غير المسلمين في دولة الإسلام، من غير أن يكرهوا على تغيير دينهم، وقد اعترف بذلك كثير من المستشرقين والمؤرخين النصارى فى كتاباتهم :
* قال المستشرق الألماني أولرش هيرمان :
" الذي لفت نظري أثناء دراستي لهذه الفترة - فترة العصور الوسطى - هو درجة التسامح التي تمتع بها المسلمون، وأخص هنا صلاح الدين الأيوبي، فقد كان متسامحاً جداً تجاه المسيحيين، إن المسيحية لم تمارس الموقف نفسه تجاه الإسلام "
* وقال المستشرق الفرنسى هنري دي كاستري :
"قرأت التاريخ، وكان رأيي بعد ذلك أن معاملة المسلمين للمسيحيين تدل على ترفع في المعاشرة عن الغلظة، وعلى حسن مسايرة، ولطف مجاملة، وهو إحساس لم يشاهد في غير المسلمين آنذاك"
* وقال الفيلسوف والمؤرخ الأمريكي ول ديورانت :
"كان أهل الذمة المسيحيون، والزرادشتيون، واليهود، والصابئون، يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد نظيرًا لها في المسيحية في هذه الأيام، فلقد كانوا أحرارًا في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم، وكانوا يتمتعون بحكم ذاتي، يخضعون فيه لزعمائهم وقضاتهم وقوانينهم"
* وقال المستشرق الإنجليزي السير توماس أرنولد :
"لم نسمع عن أية محاولة مدبَّرة لإِرغام الطوائف من غير المسلمين على قبول الإِسلام، أو عن أي اضطهاد منظَّم قُصد منه استئصال الدين المسيحي، ولو اختار الخلفاء تنفيذ إِحدى الخطتين لاكتسحوا المسيحية بتلك السهولة التي أقصى بها فرديناند وإِيزابلا دين الإِسلام من أسبانيا، أو التي جعل بها لويس الرابع عشر المذهب البروتستانتي مذهبًا يعاقب عليه متبعوه في فرنسا، أو بتلك السهولة التي ظل بها اليهود مبعدين عن إنجلترا مدة خمسين وثلاثمائة سنة"
* وقال الدكتور جورج حنا من نصارى لبنان :
"إن المسلمين العرب لم يعرف عنهم القسوة والجور في معاملتهم للمسيحيين، بل كانوا يتركون لأهل الكتاب حرية العبادة وممارسة طقوسهم الدينية، مكتفين بأخذ الجزية منهم"
أما إكراه النصارى للمسلمين على تغيير دينهم، وقتلهم وتعذيبهم واضطهادهم إن رفضوا ذلك، فشواهده من التاريخ القديم والمعاصر واضحة للعيان، وما محاكم التفتيش والحروب الصليبية إلا مثالان اثنان فقط من هذه الوقائع !!!
-----------------------------------------
قد تتسائل هنا يا ضيفنا الكريم قائلا:
ولماذا شُرِع الجهاد في الإسلام ؟؟ أليْس لإجبار النَّاس على اعتِناق الإسلام ؟؟
فنجيبك بإذن الله تعالى :
أنَّ الجهاد لم يشرعْ في الأساس لإجْبار النَّاس على دخول الإسلام قهرًا، وإنَّما الغاية العظْمى من الجهاد هي تطْهير الأرض من أجواء الفتن، وتهيئة بيئة صحية صالحة، حتَّى يتمَّ تعْبيد النَّاس لله ربِّ العالمين وحده، وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد، وإقامة توْحيد الله في أرض الله بين عباد الله، وإرْجاع البشر إلى أصل فطرتِهم، وهي الإسلام لله تعالى الَّذي يخلِّص البشرَ من كل عبوديَّة مذلَّة لغيره
قال ربعي بن عامر لرستم ملك الفرس يوضِّح سبب جهاد المسلمين :
"إنَّ الله ابتعثنا لنخْرج مَن شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومِن ضيق الدنيا إلى سَعتها، ومن جور الأدْيان إلى عدل الإسلام، فأرسلَنَا بدينِه إلى خلقِه لندعُوَهم إليْه، فمَن قَبِل ذلك قبِلْنا منه ورجعنا عنْه، ومن أَبَى قاتلْناه أبدًا حتَّى نفضي إلى موعود الله"
وهذا ما جاء به الحقّ في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ)
أى : فقاتِلوا الكفار حتَّى لا يكون شرْكٌ، ولا يعبد إلاَّ الله وحده لا شريك له، فيرتفع البلاء عن عباد الله من الأرض وهو الفتنة، ويكون الدِّين كله لله، ويكون دين الله هو الظَّاهر على سائر الأديان، وتكون الطاعة والعبادة كلّها لله خالصة دون غيره
وهذا ليس إجبارا على اعتناق الإسلام يا ضيفنا الفاضل كما يتهيأ لك !!
ولتوضيح ذلك نضرب لك مثلا :
إذا كنت رئيس دولة .. وأردتَ أن تُعالج الشعب من إدْمان الخمر، فلا بدَّ أن تغْلِق الخمَّارات والكباريهات، وتغلق محال المشروبات الكحولية، وتحظر بيعها، وتنشىء مستشفيات لعلاج الإدمان، وتتلف الخمور الموجودة وتمنع استيرادها مستقبلا، أو على الأقل تفرض ضريبة على شراء واستيراد الخمور
نفس الإجراءات الإحترازية تنطبق على الدعارة أيضا
السؤال هنا .. هل أنت باتخاذك تلكم الإجراءات تكره الناس وتجبرهم على عدم شرب الخمر أو الدعارة ؟؟
لا تتسرع وتقول : طبعا .. هذا إجبار !!!
فبمنتهى البساطة يمكن للسكيرون والزناة فعل هذه الأمور سرا فى بيوتهم بدون علمك .. واستيراد الخمور بطريق التهريب .. أو حتى تعلم تصنيعها فى منازلهم .. أو السفر إلى بلد مجاور واحتساء الخمور وممارسة الرذيلة والعودة مرة أخرى .. أو حتى دفع الضرائب المطلوبة والإستمتاع بالسكر والزنا !!!
أنت بهذه الإجراءات الإحترازية، وكرئيس يعرف مصلحة شعبه، تريد أن تَجعل النَّاس أصحَّاء وفاضلين، فيجب عليك أن توفِّر لهم (أجواء صحّيَّة نظيفة) لا أكثر .. لكنك لن تستطيع إجبارهم إن لم يريدوا التوقف عن فعل هذه الأمور !!!
قد تعترض يا ضيفنا الفاضل على هذا المثال التشبيهى لأن المسلمون ليسوا رؤساء ولا أوصياء عليك وأنك حر وتعرف مصلحة نفسك .. وهذا حقك وحريتك طبعا ..
لكننى ضربت لك هذا المثال لتعلم فقط أن تشريع الجهاد لا يستلزم إكراه الناس على اعتناق الإسلام قسرا !!!
فالجهاد هو وسيلة تطْهير الأرض من أدْواء الشِّرْك وتخليصها من أمراض الكفْر، وهذا معنى: (حتَّى لا تكون فتنة) .. والجهاد في الإسلام ليس لإكْراه النَّاس على الإسلام؛ وإنَّما لإفساح الطريق وتهيئة البيئة للناس أن يعْبُدوا الله ويتركوا الشِّرْك، من خلال توفير أجواء إيمانيَّة لهم تساعدُهم على التَّفريق بين الحقّ والباطل، وتوضِّح لهم الرشْد من الغيّ، ثم بعد ذلك : فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
فالجهاد يزيل العقبات والعراقيل التي تمنع الناس من النظر والتفكير والإطلاع على محاسن الإسلام، ومعرفة أفضليته على سائر الأديان، ولذلك ملئت قلوب أعداء الإسلام رعباً من تشريع الجهاد فراحوا مدفوعين بدوافع الخوف والحسد والغيظ والكراهية والحقد الأعمى يشيعون أن الإسلام دين القتل والإرهاب .. فأما الإسلام أو الموت !!!!
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَىٰ إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)
-----------------------------------------
إن مقولة (انتشار الإسلام بالقوة والسيف والجهاد) هى مقولة صحيحة ..
ولكن تفسير هذه المقولة بأن نشر الإسلام كان (إجباريا) بهتان وكذب وافتراء !!
لماذا ؟؟
لأن نشر الإسلام لو كان (إجباريا) ، لكان أول ما يفعله الفاتحون المسلمون لدى غزوهم البلاد هو قتل كل من لا يسلم وهدم المعابد والكنائس، ولما بقى فى هذه البلاد يهودى أو نصرانى أو مجوسى واحد .. والتاريخ يشهد بعدم حدوث ذلك.. فمن لم يكن يريد الدخول فى الإسلام طواعية من غير المحاربين، كان يبقى على دينه، ويدفع الجزية السنوية، ويمارس طقوسه وعباداته فى أمان واطمئنان !!
وانتشار الإسلام بالقوة والسيف والجهاد ليس مما يعيبه، فالحق لا بد له من قوة تحميه وتؤمنه وتعضده وتدافع عنه، قال تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ)
فقد أمر الله تعالى بإعداد العدة لمجاهدة الكفار وتخويفهم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الإسلام دعوة مقرونة بالسيف، ويأمر بذلك قواده، لعل الناس إذا رأوا القوة والبأس والعزة والجد من المسلمين في الدعوة إلى دينهم تزول عنهم الغشاوة فيؤمنوا طواعية
* روى البخاري ومسلم عن سَهْل بْنَ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ : ((لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلا يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَبَاتَ النَّاسُ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَى، فَغَدَوْا كُلُّهُمْ يَرْجُوهُ، فَقَالَ : أَيْنَ عَلِيٌّ ؟ فَقِيلَ : يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الراية، فَقَالَ : أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا ؟ فَقَالَ : انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ))
* وروى مسلم عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ :
((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ : اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا، وَلا تَغُلُّوا، وَلا تَغْدِرُوا، وَلا تَمْثُلُوا، وَلا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلالٍ، فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا، فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ))
* وقال صلى الله عليه وسلم :
((بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ، لا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ))
-----------------------------------------
فالإسلام دين السلم والسلام، ولكن على أساس إنقاذ البشرية كلها من الشرك وعبادة غير الله، وإخضاع البشرية كافة لحكم الله، لإنه منهج الله، وليس منهج عبد من العبيد، ولا مذهب مفكر من البشر
حين تكون المذاهب التي يتبعها الناس مذاهب بشرية من صنع العبيد، وحين تكون الأنظمة والشرائع التي تصرف حياتهم من وضع العبيد أيضاً، ففي هذه الحالة يصبح لكل مذهب ولكل نظام الحق في أن يعيش داخل حدوده آمنا ما دام لا يعتدي على حدود الآخرين، ويصبح من حق هذه المذاهب والأنظمة والأوضاع المختلفة أن تتعايش وألا يحاول أحدها إزالة الآخر .. أما حين يكون هناك منهج إلهي وشريعة ربانية وإلى جانبه مناهج ومذاهب من صنع البشر، فإن الأمر يختلف من أساسه، ويصبح من حق المنهج الإلهي أن يجتاز الحواجز البشرية، ويحرر البشر من العبودية للعباد
الإسلام انتشر بالحجة والبيان بالنسبة لمن استمع البلاغ واستجاب له، وانتشر بالقوة والسيف لمن عاند وكابر حتى غُلِب على أمره، فذهب عناده وأسلم لذلك الواقع .. أو بقى على ملته ودفع الجزية صاغرا ذليلا !!
وليس معنى الجهاد في سبيل الله لدعوة الناس إلى الإسلام وإزالة معالم الشرك من الوجود أن الإسلام يكره الناس على الدخول فيه، كلا، فإن الله تعالى يقول : (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) .. ولذلك، فمن رفض من المشركين الدخول في الإسلام تُرِكَ ودينَه، ولكن بشروط نعقدها معه، وهو ما يسمى بـ "عقد الجزية" أو "عقد الذمة" .. فلليهودي أن يبقى على يهوديته في دولة الإسلام، وكذلك النصراني وغيرهم من أهل سائر الأديان
-----------------------------------------
ويجب أن تعلم يا ضيفنا الكريم أيضا - فى النهاية - أن الجهاد فى الإسلام ليس قتلا للعباد ونهبا وتخريبا للبلاد .. فللجهاد آداب كثيرة منها :
1- تجنب الغدر والمغالاة فى القتل والتمثيل بالجثث
2- عدم تعذيب الأسرى وامتهان آدميتهم
3- عدم قتل الشيوخ والنساء والأطفال والرضع والمرضى
4- عدم التعرض للرهبان المعتكفين فى صوامعهم
5- عدم قتل حيوانات الحقل النافعة
6- عدم حرق المزروعات وإتلاف الثمار
7- عدم قطع الأشجار المثمرة والنخيل
8- عدم هدم المساكن والمعابد وحرق الخيام
-----------------------------------------
قارن ذلك يا ضيفنا الفاضل بما يقوله الكتاب المقدس فى شأن محاربة الكافرين (أعداء الرب) وسلب أملاكهم وحرقهم وقتلهم حتى الشيوخ والنساء والأطفال والرضع .. بل والبهائم أيضا :
(اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفُقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ، اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ)
(نَجِّسُوا الْبَيْتَ، وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى)
(أَمَّا أَعْدَائِي، أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي)
(تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلهِهَا. بِالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ، وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ)
(فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ، وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلاً وَحِمَارًا)
(اذْهَبُوا وَاضْرِبُوا سُكَّانَ يَابِيشِ جِلْعَادَ بِحَدِّ السَّيْفِ مَعَ النِّسَاءِ وَالأَطْفَالِ وَهذَا مَا تَعْمَلُونَهُ: تُحَرِّمُونَ كُلَّ ذَكَرٍ وَكُلَّ امْرَأَةٍ عَرَفَتِ اضْطِجَاعَ ذَكَرٍ)
(وَضَرَبَ نُوبَ مَدِينَةَ الْكَهَنَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ. الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَالَ وَالرِّضْعَانَ وَالثِّيرَانَ وَالْحَمِيرَ وَالْغَنَمَ بِحَدِّ السَّيْفِ)
(لأَنِّي عَلِمْتُ مَا سَتَفْعَلُهُ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الشَّرِّ، فَإِنَّكَ تُطْلِقُ النَّارَ فِي حُصُونِهِمْ، وَتَقْتُلُ شُبَّانَهُمْ بِالسَّيْفِ، وَتُحَطِّمُ أَطْفَالَهُمْ، وَتَشُقُّ حَوَامِلَهُمْ)
(طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ)
(كُلُّ مَنْ وُجِدَ يُطْعَنُ، وَكُلُّ مَنِ انْحَاشَ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. وَتُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ، وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ نِسَاؤُهُمْ)
(فَالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ. وَكُلَّ امْرَأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلاً بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقْتُلُوهَا)
(فَتَفْعَلُ بِعَايٍ وَمَلِكِهَا كَمَا فَعَلْتَ بِأَرِيحَا وَمَلِكِهَا. غَيْرَ أَنَّ غَنِيمَتَهَا وَبَهَائِمَهَا تَنْهَبُونَهَا لِنُفُوسِكُمُ)
(وَسَبَى بَنُو إِسْرَائِيلَ نِسَاءَ مِدْيَانَ وَأَطْفَالَهُمْ، وَنَهَبُوا جَمِيعَ بَهَائِمِهِمْ، وَجَمِيعَ مَوَاشِيهِمْ وَكُلَّ أَمْلاَكِهِمْ. وَأَحْرَقُوا جَمِيعَ مُدُنِهِمْ بِمَسَاكِنِهِمْ، وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ بِالنَّارِ. وَأَخَذُوا كُلَّ الْغَنِيمَةِ وَكُلَّ النَّهْبِ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ، وَأَتَوْا إِلَى مُوسَى وَأَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَإِلَى جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ وَالْغَنِيمَةِ إِلَى الْمَحَلَّةِ إِلَى عَرَبَاتِ مُوآبَ الَّتِي عَلَى أُرْدُنِّ أَرِيحَا)
(وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ، كُلُّ غَنِيمَتِهَا، فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ، وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ)
(لكِنِ الْبَهَائِمُ وَغَنِيمَةُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ نَهَبَهَا إِسْرَائِيلُ لأَنْفُسِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ يَشُوعَ)
(وَأَخَذَ دَاوُدُ تَاجَ مَلِكِهِمْ عَنْ رَأْسِهِ، فَوُجِدَ وَزْنُهُ وَزْنَةً مِنَ الذَّهَبِ، وَفِيهِ حَجَرٌ كَرِيمٌ. فَكَانَ عَلَى رَأْسِ دَاوُدَ. وَأَخْرَجَ غَنِيمَةَ الْمَدِينَةِ وَكَانَتْ كَثِيرَةً جِدًّا. وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ)
(وَتَكُونُ جِمَالُهُمْ نَهْبًا، وَكَثْرَةُ مَاشِيَتِهِمْ غَنِيمَةً)
أليس ذلك إجبار وإكراه وغصب لهم على الإيمان بالله يا ضيفنا الفاضل ؟؟
لماذا تعيب على الإسلام ما تدعو إليه المسيحية ذاتها .. وبشكل أقسى وأفظع ؟؟
:p016::p016:
7- هل لأنك مقتنع فعلا بعقلك أن المسيحية هى الدين الحق ؟
قد يكون هذا هو (تبريرك الأسهل) لكونك مسيحيا يا ضيفنا الفاضل .. ولكنه فى الحقيقة : (التبرير الأصعب) ..
فلا تغالط نفسك .. ولا تكذب على نفسك يا عزيزنا، فأنت أمام (إختيار مصيرى) !!
يا ضيفنا الكريم : عليك أن تتذكر - وتنتبه إلى - نقاط هامة :
* ليس بالضرورة، أن يكون الحق هو الطريق الأسهل والأقصر !!
* ليس بالضرورة، أن يكون الحق مع الأغلبية والكثرة !!
* ليس بالضرورة، أن يكون الحق هو ما نشأ وتربى عليه المرء !!
يا ضيفنا الكريم : عليك أيضا أن تنتبه إلى نقطة هامة جدا قد تكون خافية عليك :
هناك فرق دقيق جدا بين (الإقتناع) و (إقناع النفس) !!!
فـ (الإقتناع) : عفوى تلقائى ويكون بناء على ما هو واضح وصريح وقاطع ويقينى
و (إقناع النفس) : يستلزم تفكيرا ومجهودا ووقتا ويكون بناء على ما هو مبهم أو غامض أو غير قاطع (متضارب) أو ظنى
وغالبا ما يكون إقناع النفس بما تحب وتميل إلى تصديقه من الأمور
مثال على ذلك : أنت (مقتنع) بوجود البشر والمخلوقات لأنك تراهم بشكل واضح وقاطع ويقينى .. ولكنك قد (تقنع نفسك) بوجود مخلوقات أخرى فى هذا الكون لأنك تميل إلى هذه الفرضية رغم أن المعلومات عن ذلك الأمر ظنية وغير قاطعة وغامضة.. فتذكر أيضا أنه :
* ليس بالضرورة، أن يكون الحق هو ما يقنع به المرء نفسه !!
والآن : أجبنا يا ضيفنا الفاضل :
1- هل درست كل الأديان بحيادية، فوجدت المسيحية هى أكثر دين متوافق مع العقل ؟؟
2- هل درست العقيدة المسيحية والكتاب المقدس بحيادية، وتفكرت فيهما بعقلك الشخصى، بعيدا عن تفسيرات النصارى بالرموز والروحانيات لمجرد (محاولة تثبيت العقيدة وجعلها مقنعة وموافقة للعقل والمنطق) ؟؟
أخبرنا : كيف اقتنعت بعقلك أن المسيحية - والمسيحية فقط - هى (الدين الحق) ؟؟
هل أنت مقتنع بعقلك حقا :
* بإمكانية وجود (إبن) لله ؟؟
* بإمكانية وجود (أم) (والدة) لله ؟؟
* بألوهية يسوع بسبب معجزاته الباهرة، وولادته الإعجازية بلا أب من مريم العذراء، وكونه الوحيد (بلا خطية)، وصعوده إلى السماء بعد قيامته من الموت ؟؟
* بعقيدة الثالوث وبوحدة الأقانيم وبعقيدة تجسد وتأنس الله وبقانون الإيمان ؟؟
* بعقيدة وراثة الخطيئة وعقيدة (فداء) الله لذنوب البشر ؟؟
* بعقيدة تضحية الله بإبنه و(صلب) الله وموته ودفنه وقيامته ؟؟
* بأن الكتاب المقدس معصوم، وأن كل الكتاب هو موحى به من الله ؟؟
أولا- هل أنت مقتنع بعقلك حقا بإمكانية وجود (إبن) لله ؟؟
يجب أن يعطيك عقلك (إجابة شافية مقنعة) عن هذه التساؤلات :
* لماذا يحتاج الله إلى ولد أساسا ؟
* هل يعقل أن يتخذ الأب ولدا لمجرد إتمام هدف وعمل يريد أن يعمله ؟
* لماذا يكتفى الله بإبن واحد إن كان يحتاج إلى أبناء أصلا ؟
* لماذا لا يتخذ الله بنتا أيضا إن كان العقل يجيز ولا يمانع وجود أباء له ؟
* لماذا لا يكون لله والد أيضا ؟
* هل يتقبل عقلك وجود (سلسلة نسب) لله، وأفظع من ذلك أنها تشمل مومسات وزناة ؟ ألا تعنى سلسلة النسب هذه - بالعقل والبديهة - أن كل المذكورين فيها هم أبناء الله أيضا، إذ أنها تنتهى بالله ؟ كيف يكون يسوع إذا هو (إبن الله الوحيد) ؟
فى عقيدة الإسلام .. لا يجوز فى حق الله ولا ينبغى له ـ سبحانه وتعالى ـ أن يتخذ صاحبة (زوجة) ولا ولدًا، فضلا عن أن يكون له والد، لأن وجود الوالد معناه أنه كان بعد أن لم يكن، أو أنه كان قبله شيء، وبانتفاء الوالد، فلا مجال للحديث عن الأخ والأخت والقريب, فقد روى الترمذي عن أبي بن كعب أن المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : انسب لنا ربك، فأنزل الله: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)، والصمد : الذي لم يلد ولم يولد، لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، ولا شيء يموت إلا سيورث، وإن الله عز وجل لا يموت ولا يورث، وليس له شبيه ولا عدل ولا نظير، وليس كمثله شيء، تعالى الله وتنزه وتقدس عن أن يكون له ولد، فإنه الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي كل شيء عبد ذليل لديه، فقير محتاج إليه، وهو الغني عما سواه، الذي قهر الأشياء كلها فدانت له وذلت وخضعت
فلا ريب في أن وجود الصاحبة (الزوجة) والولد، هو نقص خطير يتنزه عنه مقام الألوهية والربوبية، إذ يكون الله تعالى - وحاشاه - شبيها بالبشر والمخلوقات فى الإحتياج والعوز، ولا يمكن لمن آمن أن يعتقد شيئًا من ذلك، فإن معرفة هذا المقام تحول بين العبد وبين هذا الشطط في الفكر والإعتقاد؛ ولذلك قال مؤمنو الجن : (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا * وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا)
قال السعدي في تفسيره: وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا : أي : تعالت عظمته وتقدست أسماؤه، فعلموا من جد الله وعظمته ما دلهم على بطلان من يزعم أن له صاحبة (زوجة) أو ولدًا، لأن له العظمة والكمال في كل صفاته، واتخاذ الصاحبة والولد ينافي ذلك ويضاد كمال الغنى .. وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا : أي : قولاً جائرًا عن الصواب، متعديًا للحد، وما حمله على ذلك إلا سفاهته وجهله وضعف عقله، والشَّطَطُ : هو الإفراط في البعد عن الحقيقة والصواب
فالله تعالى لا ولد له ولا بنت، كما يزعم جهلة المشركين في الملائكة، والمعاندون من اليهود فى العزير والنصارى في عيسى ابن مريم .. قال تعالى :
(وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)
وقال تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ * بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)
وقال تعالى : ( فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ * أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ * فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ)
وقد حمد الله تعالى نفسه، وأثنى عليها ومجَّدها، بانتفاء مثل هذه النقائص عنه، فقال عز من قائل: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا)
وقال سبحانه : (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا)
وقال تعالى : (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ * بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)
وقال تعالى : (قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ(
وقال تعالى : (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا)
وقال تعالى : (مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)
وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله عز وجل، إنه يشرك به ويجعل له الولد، ثم هو يعافيهم ويرزقهم))
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله تعالى : شتمني ابن آدم وما ينبغي له ذلك، وكذبني ابن آدم وما ينبغي له ذلك، فأما شتمه إياي فقوله : إني اتخذت ولدًا، وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوًا أحد، وأما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليَّ من إعادته))
وقد ذكر الله تعالى العديد من الحجج العقلية على استحالة اتخاذه الولد، وأن القول بذلك هو من أبطل الباطل، وأن هذا الإدعاء ينافى بالكليَّة الإعتراف بوحدانيتة وألوهيته وربوبيته وكمال صفاته، وهذا هو عين الشرك والكفر:
1- كون السماوات والأرض وما فيهما من مخلوقات هو ملك خالص لله (كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ)، ينافي أن يكون فيهما ولد ينسب إليه، لأن الولد بعض الوالد وشريكه، والابن نظير الأب ومن جنسه، والمخلوق مملوك مربوب وعبد من العبيد، فكيف يكون عبد الله تعالى ومخلوقه ومملوكه هو بعضه ونظيره ؟؟
فإثبات الولد لله تعالى من أعظم الإشراك به, فإن المشرك به جعل له شريكًا من مخلوقاته مع اعترافه بأنه (عبد مملوك) !!
2- من خلق السماوات والأرض وفطرهما وابتدعهما، ولم يحتج في خلقهما إلى معاون ولا صاحب ولا شريك، فهو قادر - بلا شك - على خلق وإيجاد ما هو دونهما، فكيف يخرج النصارى هذا الشخص (الإبن) - تحديدا - عن قدرة الله وإبداعه، ويجعلونه نظيرًا وشريكًا لله، وجزءًا منه، مع أنه تعالى بديع العالم العلوي والسفلي وفاطره ومخترعه وبارئه ؟؟ كيف يعجزه أن يوجد هذا الشخص من غير أب حتى يقولوا : (إنه ولده) ؟؟ ما الذى يعجز الله تعالى ويمنعه عن إبداع هذا (العبد) وتكوينه وخلقه بالقدرة التي خلق بها العالمين العلوي والسفلي (السماوات والأرض) ؟؟
3- النسبة إلي الله تعالى بالبنوة، تستلزم حاجته وفقره إلى محل الولادة، وذلك ينافي كمال ربوبيته وكمال غناه وكمال قدرته، قال تعالى : (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا)، وما ذاك إلا لما يتضمنه ادعاء الإبن لله من شتم للرب تبارك وتعالى وتنقص لصفاته، ونسبة ما يمنع كمال ربوبيته وقدرته وغناه إليه، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في النصارى : ((أذلوهم ولا تظلموهم، فلقد سبوا الله تعالى مسبة ما سبه إياها أحد من البشر)) !!!
4- من كانت قدرته تعالى كافية في إيجاد ما يريد إيجاده بمجرد أمره وقوله للشىء : (كن), فيكون, فأي حاجة به إلى ولد، وهو لا يتكثَّر به من قلة, ولا يتعزَّر به من ذل, ولا يستعين به من ضعف، ولا يحتاج إليه لخلق ما يشاء من عجز ؟؟
(وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)
5- عموم خلق الله لكل شىء : فلو كان لله ولد لم يصح أن يكون مخلوقا، بل جزءا منه، وهذا ينافي كونه تعالى خالق (كل شيء)
6- كمال علم الله : لو كان لله ولد لعلمه، لأنه بكل شيء عليم، وهو تعالى لا يعلم له ولدًا، بل نفى ذلك فى القرآن بشكل قطعى، فيستحيل أن يكون له ولد لا يعلمه، إذ لو كان لعلمه، فحيث لم يعلم الله له ولدا فهو (غير كائن ولا موجود)
وخلاصة القول أن :
الإعتقاد بأن الله قد اتخذ ولدًا هو من أشنع الكفر وأعظم الضلال، فهذا الاعتقاد يقتضي إثبات مثل وشبيه وند لله في ذاته وصفاته، فإن الولد من جنس الوالد ونظير له، كما أنه يستلزم وصفه تعالى بالنقص والحاجة والفقر، فالحاجة إلى الولد يقتضيها حب بقاء النوع، والحاجة إلى المساندة والمؤازرة، ونحو ذلك مما تختص به المخلوقات لضعفها ونقصها، فإن الوالد يتخذ الولد لحاجته إلى مساعدته ومعاونته له فى شيخوخته !!
ثانيا- هل أنت مقتنع بعقلك حقا بإمكانية وجود (أم) (والدة) لله ؟؟
يجب أن يعطيك عقلك (إجابة شافية مقنعة) عن هذه التساؤلات :
* هل يستسيغ العقل أن يولد (إله) من (مخلوق) ؟* هل يفهم العقل أن يكون الإبن (أزليا) بينما أمه ليست كذلك ؟ كيف يسبق وجود المولود وجود أبيه وأمه وأجداده وأجداد أجداد أجداد أجداد ..... أجداده ؟
* هل يتقبل العقل أن يحتوى رحم امرأة محدود الإله اللامحدود ؟ لو كان هذا معقولا، فأقصى ما يمكن قبوله بالعقل هو أن يكون ما فى رحمها (نموذج لامتناهى الصغر) للإله، وليس الإله ذات نفسه .. فما هو حجم الرحم أصلا إلى حجم الإله ؟؟!!* هل يستسيغ العقل أن يكون الإبن (إلها وخالقا) لأمه التى أنجبته ؟* هل يتقبل العقل فكرة أن تعبد الأم إبنها الذى أرضعته ؟* هل يتقبل العقل أن يكون الإبن من أقانيم الإله الثلاثة، بينما لا تحظى الأم بهذا (الشرف) ؟ هل يكون الإبن (إلها) والأم (مخلوقا عاديا) ؟ لماذا لا تكون مريم العذراء ضمن الأقانيم الإلهية وهى (أم الله) ؟ هل لكى لا يقال عنها (زوجة الأب) ؟* هل يتقبل العقل فكرة أن تختن الأم (إلهها)، بحسب شريعة اليهود (التى أنزلها هو قبل أن يولد)، وتلقى قطعة من (جسده الإلهى) فى القمامة، لتلتهمها الحيوانات ؟* هل يتقبل العقل فكرة أن ترضع الأم (إلهها) حليبا، (أوجده هو فى صدرها قبل أن يولد)، وأنها كانت تحممه، وتطعمه، وتنظفه، وأن (إلهها) كان يبول على حجرها ؟* هل يتقبل العقل فكرة أن تحمل الأم (إلهها) على كتفها، وتذهب لتسجيله فى سجل المواليد ؟
أما قول الإسلام فى مريم بنت عمران عليها السلام فهو يتلخص فى 10 نقاط :
1- أنها أم المسيح عليه الصلاة والسلام نبى الله تعالى وعبده ورسوله : (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ)2- أنها قد ولدت المسيح دون أن يمسسها رجل من البشر بنفخة من روح الله وكلمة منه : (إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)3- أنها صديقة ونموذج فذٌّ من النساء الصالحات، وقدوةٌ هادية من الكوامل المؤمنات، ومثال مُشرق من النساء التقيات العابدات الراضيات الصابرات القانتات الساجدات، وأن الله تعالى قد طهرها واصطفاها على نساء العالمين : (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ)4- أنها كانت من بني إسرائيل، من أسرة صالحة معروفة بالتقوى، وكان زوج خالتها نبي الله زكريا عليه السلام، وكان ابن خالتها نبي الله يحيى عليه السلام : (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)5- أن أمها نذرتها لعبادة الله وخدمة بيت المقدس : (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)
6- قام زكريا عليه السلام بتربيتها تربية صالحة، وأسكنها في محراب عبادته، فكانت تأتيها كرامات من الله تعالى من الطعام في غير أوانه، فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، فنشأت نشأة صالحة نقية : (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
7- أنها شبَّت وبلغت مبلغ النساء، فأراد الله تعالى - وله الحكمة البالغة - أن يخلق منها عبده ورسوله عيسى عليه السلام من غير أب، ليكون معجزة دالة على قدرته، ويعظ بها بني إسرائيل، قال تعالى: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) .. فلأمرٍ ما يعلمه الله تعالى خرجت مريم عليها السلام من محرابها، وتباعدت عن قومها، فاتخذت لها مكانًا للعبادة مما يلي الشرق، فاستترت في ذلك المكان عن أعين الناس، فأرسل الله إليها جبريل عليه السلام ملكَ الوحيِ في صورة إنسان تام الخلق، فلما جاءها في ذلك المكان الخالي - وهي الطاهرة النقية العفيفة - خافت وفزعت، فاستجارت بالله ليرحمها من شر إنسان لا تعرفه، وذكرَّت الرجل(الملاك) بتقوى الله وخشيته ليعصمه ذلك من قربانها بسوء .. فطمأنها جبريلُ عليه السلام بأنه لن يصيبها بشر، وبيَّن لها أنما هو رسول ملكي من عند الله تعالى إليها ليبشرها بمجيء غلام منها بكلمة من الله، وأنه سيصير له جاه وشأن في الدنيا والآخرة، وطهارة من الذنوب .. فتعجبت مريم من حصول ذلك منها من غير نكاح أو سفاح، فذكر لها الملاك أن الأمر كذلك في المنظور البشري، لكن المسيح له شأن آخر ينفرد به عن الناس بقدرة الله تعالى، حيث يُولَد من غير أب، وذلك على الله يسير .. وأن الله قد قدَّر وجودَ عيسى بذلك ليكون آية دالة على قدرة، ولا يمكن أن يتبدل هذا القضاء، لأنه قد سبق البتُّ فيه في اللوح المحفوظ :(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا* فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا* قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا)
8- أن جبريل قد نفخ في جيب قميصها فوصلت النفخة إلى رحمها فحصل الحمل، فخرجت إلى مكان بعيد خشية من تعيير واتهام وقذف قومها لها بالحمل من غير زواج، فحملت بعيسى عليه السلام كما تحمل النساء وهي في ذلك المكان البعيد، واستمرت على حملها حتى حان وقت ولادتها، فألجأتها آلام الطلق إلى نخلة استندت عليها عند ولادتها في مكان مرتفع .. ولما كانت في تلك الحال أضحت تعاني أنواعًا من الكروب : كرب آلام الولادة، وكرب قلة الخبرة فيها لكونها عذراء وليس بجانبها أحد، والكربة الكبيرة هي ماذا ستقول لقومها إذا رجعت إليهم بوليد وهي ليست بذات زوج، وقد عُرفت بينهم بالعفة والعبادة : (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا* فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا)
9- بعد أن ولدت مريم عيسى عليه السلام، رجعت إلى قومها ووليدها في حضنها، والناس يعرفون عن أسرتها الصلاح والعفة، ويعرفون عنها الطهارة والعبادة، وهي ليست ذات زوج، فلما رأوا ذلك الوليد معها، وعرفوا أنه ابنها، أنكروا ذلك عليها، ووصفوها بالفاحشة بطريق غير مباشر، فقالوا لها : يا مريم، لقد جئت بشيء شنيع، أنت شبيهة الرجل الصالح هارون في عبادته، ولم يكن أبوك وأمك من أهل البغاء فكيف جئت أنت بما لم يفعلوه ؟ فأشارت إلى مولودها ليسألوه، وهو سيتولى الجواب عنها، ولما كان من المعلوم أن الطفل في مهده لا يتكلم استهجنوا كلامها، وتعجبوا قائلين : كيف نكلم طفلاً مازال في مهده رضيعًا ؟ فما انتهوا من كلمتهم إلا وصعقتهم المفاجأة بكلام عيسى مبرئا أمه مما اتهموها به، ومبينًا أنه خلق بقدرة الله عبداً لله، وأنه سيُعطَى عندما يكبر كتابًا من السماء لهداية قومه، وسيكون نبيًا لهم، وأخبرهم بأن الله سيجعله عظيم النفع والخير في حياته أينما وجد، وأعلمهم أن الله أوصاه بالمحافظة على الصلاة وأداء الزكاة مدة بقائه حيًا، وأوصاه كذلك ببر والدته، التي تحملت هذا العناء وصبرت لأمر الله، وبين لهم أن الله تعالى لم يجعله متكبراً مغروراً غليظًا ولا شقيًا ولا عصيًا، وختم لهم الجواب بأن الله تعالى قد أكرمه بالسلامة والأمان عند ولادته، وعند موته وعند بعثه :(فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَامَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا* يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا* فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا* قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا* وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا)
10- أن أهل الغواية، والضُلَّال عن طريقِ الهداية قد حادوا عن المنهج القويم والإعتقاد السليم فيها؛ فاليهودُ المغضوب عليهم رموها بالفاحشة، والنصارى الضالون غَلَوا فيها حتى جعلوها في مرتبة الإلوهية، فتوجه إليها بعضهم بالعبادة؛ لأنها والدة (الإله عيسى) في زعمهم !!!
ثالثا- هل أنت مقتنع بعقلك حقا بألوهية يسوع بسبب معجزاته الباهرة .. وولادته الإعجازية بلا أب من مريم العذراء .. وكونه الوحيد (بلا خطية) .. وصعوده إلى السماء بعد قيامه من الموت ؟؟
تذكر هنا يا ضيفنا الفاضل :
* لو كان كل من أتى بالمعجزات الباهرة إلها .. لكان الأنبياء إيليا وأليشع وحزقيال أجدر بالألوهية من يسوع .. فقد فعلوا كل معجزاته بل وأعظم منها !!!
* لو كان كل من ولد بلا أب إلها .. لكان ملكيصادق وآدم وحواء والملائكة أجدر بالألوهية من يسوع .. فهم بلا أب وبلا أم !!!
فى عقيدة الإسلام لا مشكلة لدى العقول المسلمة فى تقبل ولادة المسيح الإعجازية بلا أب .. ولا فى كون مريم (العذراء) عليها السلام هى أمه رغم أنه لم يمسسها بشر .. وذلك لأن هذه العقول توقن وتؤمن بأن :
1- الله تعالى بقدرته يقول للشىء إذا أراده : (كن) فيكون
2- هناك مخلوقات قد خلقها الله تعالى بلا أب ولا بلا أم أساسا مثل : آدم وحواء والملائكة .. فليس خلق عيسى ابن مريم بلا أب هو (شىء لم يحدث من قبل) !!
3- الله تعالى يؤيد من يشاء من رسله وعباده بالمعجزات بلا قيود
4- ولادة المسيح هى معجزة ربانية .. والمعجزة أصلا هى أمر خارق للعقل والقوانين الطبيعية
أما فى المسيحية : فلا بد من وجود (والد) لهذا (الإبن)، ولن يكون ذلك ممكنا إلا بالزعم بأن لهذا الولد نسب بشرى، كما له نسب سماوى فهو ابن الله مباشرة، وكأن العقل المسيحى لا يتقبل فكرة وجود إبن بلا أب .. الإله الكلى القدرة الذى تزعم المسيحية عبادته (يعجزه) أن يخلق بشرا بدون أب !!!
يا للتناقض العجيب فى هذه العقيدة !!!
* لو كان كل من كان بلا خطية إلها .. فيسوع لا يصح أن يكون إلها معبودا .. إذ نسب الكتاب المقدس ليسوع عددا من الخطايا كالشتم والسرقة وإتلاف مال الغير وسوء الأدب مع أمه .. فقد سب اليسوع غير اليهود ووصفهم بالكلاب والخنازير .. وسب المرأة الكنعانية ووصفها بالكلبة ورفض علاج ولدها .. وسب بطرس ووصفه بالشيطان .. وسب الفريسيين ووصفهم بالحيات أبناء الأفاعى والأغبياء
كما أمر التلاميذ بأخذ جحش وأتان غير مملوكين له بدون استئذان .. وقلب موائد الصيارفة والباعة فى الهيكل وأتلف بضاعتهم .. وكان ينادى أمه بقوله (يا امرأة) !!
وهذه الخطايا أصلا كفيلة بحرمانه من الملكوت السماوى بحسب أقوال بولس :
(لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ)
* لو كان كل من صعد إلى السماء إلها .. لكان نبى الله أخنوخ أجدر بالألوهية من يسوع .. فقد صعد إلى السماء ولم يذق الموت أصلا !!!
فما السبب فى (اقتناعك) بألوهية يسوع يا ضيفنا الفاضل ؟؟
رابعا- هل أنت مقتنع بعقلك حقا بعقيدة الثالوث وبوحدة الأقانيم وبعقيدة تجسد وتأنس الله وبقانون الإيمان ؟؟1- ادعاؤهم أن المسيح هو الله أو ابن الله، وأن الروح القدس إله أيضا، فهم يعبدون في الحقيقة ثلاثة آلهة، وبعض الطوائف تعبد أربعة بتأليه العذراء مريم
يجب أن يعطيك عقلك (إجابة شافية مقنعة) عن هذه التساؤلات :
* كيف يفهم العقل أن يكون لأب وإبنه المولود منه (نفس الأزلية والعمر) ؟
* كيف يفهم العقل أن يكون للأب والإبن المولود منه (نفس الكيان بلا انفصال ولا امتزاج ولا اختلاط) ؟
* كيف يفهم العقل أن يكون للأب والإبن المولود منه (طبيعتين مختلفين) ؟
* كيف يفهم العقل أن يكون الإبن جزء من الأب لأنه مولود منه مع أن كلاهما هو الله ذاته المثلث الأقانيم ؟
* كيف يفهم العقل أن يموت الإبن ويدفن ولا يموت الأب ويدفن كذلك إذا كانا كيانا واحدا ؟
* كيف يفهم العقل أن الإبن والأب كلاهما له (نفس الجوهر) إذا كان الإبن جسد وروح بينما الأب روح فقط ؟
* كيف يفهم العقل أن الإبن والأب (متساويان) إذا كان الإبن خاضعا لمشيئة أبيه ؟
* كيف يفهم العقل أن الإبن مولود من الأب (خالق كل شىء) ولكنه غير مخلوق ؟
* هل أرشد يسوع أتباعه وتلاميذه إلى مصطلحات قانون الإيمان مثل : الأقانيم والإنبثاق والجوهر ؟
أرجو يا ضيفنا الفاضل ألا تجيبنى الإجابة المعهودة بأن الروح القدس سيلهمنى الإجابة عن هذه الأسئلة إن آمنت بيسوع مخلصا أولا .. فالإيمان أولا ثم الفهم والإقتناع فيما بعد منطق مرفوض عقلا .. ولذلك فنحن نوجهك للإقتناع بالإسلام أولا عن طريق البحث والدراسة .. ثم الإيمان !!!
كما أرجو ألا تجيبنى الإجابة المرفوضة بأن هذه الأمور يستحيل على العقل البشرى القاصر فهمها واستيعابها .. فإلزام الله عباده بشريعة وعقيدة لا يستطيعون فهمها بعقولهم التى وهبها لهم منطق غير مقبول عقلا .. فلماذا أعطاهم الله العقل أساسا ؟؟
فالعقيدة التي يعتنقها النصارى - على اختلاف طوائفهم - هي عقيدة أن الإله واحد في أقانيم ثلاثة : الأب، والإبن (يسوع)، والروح القدس .. والطوائف المسيحية مختلفة ومضطربة في تفسير هذه الأقانيم : فتارة يقولون (أشخاص)، وتارة (خواص)، وتارة (صفات)، وتارة (جواهر)، وتارة يجعلون الأقنوم إسما للذات والصفة معا، ومحصلة تفاسيرهم تؤول إلى التمسك بألوهية المسيح بأى شكل والتشديد على ذلك !!!
والعقيدة المسيحية تقول بأن (طبيعة الله) عبارة عن ثلاثة أقانيم متساوية : فالأب هو الله، والإبن هو الله، وروح القدس هو الله، وكلهم هو الله، وإلى الأب ينسب الخلق والتحكم والرزق - بواسطة الإبن -، وإلى الإبن ينسب التجسد والفداء والدينونة، وإلى الروح القدس ينسب التطهير والتثبيت والإرشاد !!!
وتختلف المذاهب المسيحية في المسيح، هل هو ذو طبيعة لاهوتية وطبيعة ناسوتية أم هل هو ذو طبيعة واحدة لاهوتية فقط ؟ وهل هو ذو مشيئة واحدة مع اختلاف الطبيعتين ؟ وهل هو أزلى كالأب أو مخلوق منه ؟ وهل مريم العذراء إله يعبد مع هذه الأقانيم الثلاثة ؟ إلى آخر ما تفرقت به واختلفت عليه مذاهبهم، وعقدت بسببه المجمعات المسكونية، وحدثت بسببه الإضطهادات بين فرقهم المختلفة
والثابت من التتبع التاريخي لأطوار العقيدة النصرانية، أن عقيدة التثليث وبنوة المسيح لله، ومثلها عقيدة ألوهية أمه مريم العذراء، وغيرذلك من الإنحرافات والضلالات، كلها لم تكن مصاحبة للنصرانية الأولى أيام وجود المسيح بين تلاميذه، بل دخلت إليها مع الوثنيين الذي دخلوا في النصرانية وهم لم يبرأوا بعد من المعتقدات والتصورات الوثنية وطقوس عبادة الآلهة المتعددة !!!
فعقيدة الثالوث يا ضيفنا الكريم تبدو غرابتها واضحة، ويبدو شذوذها جليا، عند عرضها على المنطق والعقل الذي كرم الله به الإنسان .. قد تقول لنا : أن الثالوث لا يفهم بمنطق العقل، ولكن بالإيمان القلبى والوجدان، وإن التثليث يصعب تصوره على العقل البشرى المحدود، فنرد عليك بأنه : لا يصعب، بل يستحيل تصوره لدى العقل السليم، فلا بأس أن نعتمد على الإيمان القلبي والوجدان في قضية من القضايا الغيبية، ولكن بشرط ألا يحكم العقل فيها حكماً بديهياً بالإستحالة والتناقض واللامعقولية !!!
أما فى عقيدة الإسلام .. فـ (الله واحد أحد فرد صمد) .. هكذا بمنتهى البساطة
لا أقانيم مخترعة ولا قانون إيمان بالتصويت فى المجمعات الدينية ..
لا آب ولا إبن ولا روح قدس ولا ثالوث ..
لا لاهوت ولا ناسوت ..
لا ولادة ولا انبثاق ولا توزيع وظائف ..
لا طلاسم ولا تعقيدات ولا معانى رمزية ..
لا محاولات للتشبيه وتقريب الفهم ..
لا قانون إيمان من وضع واتفاق وتعديلات البشر ..
فقط : هو الله الذى لا إله إلا هو الواحد الأحد له الأسماء الحسنى !!!
وإذا كان بعض النصارى يستشهدون بآيات من القرآن الكريم على ما يعتقدون، فإن عليهم أن يستشهدوا بجميع نصوص القرآن الواردة في هذا الموضوع الخطير، فلا يقتصرون فى الإستشهاد على جملة أو آية واحدة يفسرونها كما تهوى أنفسهم، فهذا لا يفعله محايد ولامنصف، فالتعبيرات القرآنية عن المسيح بأنه كلمة الله أو روح من الله، لا بد أن تفهم على ضوء الآيات الأخرى التي تنفي بالقطع ألوهية المسيح وبنوته، وتكفر من يقول بهما، والتي تثبت براءة المسيح ممن يؤلهه أو يؤله أمه، والتي تثبت كذلك اعترافه ببشريته، ولكنهم لا يفعلون ذلك للأسف، لئلا يظهر بطلان استشهادهم على عقيدتهم الزائفة بآيات القرآن من جهة، وبطلان عقيدتهم نفسها من جهة أخرى !!!
* (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)
* (ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ * مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)
* (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً)
* (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)
* (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)
* (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
وليكن معلوماً أن القرآن الكريم قد حكم على النصارى بالكفر لثلاثة أمور:
2- تكذيبهم للنبي صلى الله عليه وسلم وكفرهم بالقرآن الكريم :
قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً)
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً)
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار))
3- اتخاذهم الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله، قال تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)
خامسا- هل أنت مقتنع بعقلك حقا بعقيدة وراثة الخطيئة وعقيدة (فداء) الله لذنوب البشر ؟؟
يجب أن يعطيك عقلك (إجابة شافية مقنعة) عن هذه التساؤلات :
* هل يقتنع العقل، بأن الله تعالى قد طرد آدم من الجنة لأن آدم أصبح بمقدوره أن يأكل من شجرة الحياة، وبالتالي يحيا إلى الأبد، فيصبح كالله أزليا، فخاف الله من ذلك - حاش لله - وأخرجه وطرده من الجنة، ولم يكتف بذلك، فوضع حراسة على الشجرة لمنع آدم من الإقتراب منها ؟؟!!
(وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفًا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ. وَالآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ أَيْضًا وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. فَأَخْرَجَهُ الرَّبُّ الإِلهُ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ الَّتِي أُخِذَ مِنْهَا. فَطَرَدَ الإِنْسَانَ، وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ، وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ)
* لماذا أساسا (يحتاج) الله إلى فداء مادى عن ذنوب البشر ؟ هل الله يعجز عن غفران الذنوب بمشيئته ؟ هل يكون رحيما من يربط الغفران بسفك الدماء والذبح ؟
* هل يكون عادلا من يعاقب إنسانا ويضحى به، فداء وعوضا عن المخطىء ؟
* هل فساد الآباء يستلزم بالضرورة فساد الأبناء ؟
* هل يتقبل العقل أن يكون (المضحِّى) هو نفسه (المضحَّى به)، ولا يعتبر ذلك انتحارا ؟ وهل يتقبل العقل إمكانية أن يكون (المضحِّى) هو نفسه (المضحَّى به)، ويموت الأخير بينما لا يموت الأول ؟
* إذا كانت مخالفة صغيرة فى القانون يعاقب عليها بالموت (أقصى العقوبة)، فماهى العقوبة الأشد للجرائم الأكبر، بحيث يكون هناك عدل ومراعاة لحجم الجريمة ؟
* ماذا تقول فى رجل صالح، لديه إبن بار وإبن عاق، وقام الإبن العاق بالزنا مثلا، فأصر الأب الصالح على ذبح إبنه الصالح بدلا من العاق ليغسل عاره ويثأر لكرامته، بحجة أن دم الإبن العاق لا يصلح لمحو عار أب صالح ؟
* هل الله يغير كلامه ويخلف وعوده ؟
* هل ترى من أسس التربية السليمة، ضرورة عقاب الإبن وكامل ذريته بأقصى العقوبة على أول خطأ يفعله منذ أن وُلِد؟
* إذا تقدمت لوظيفة ممتازة تتمناها منذ كنت طفلا، أو تقدمت للإنتساب فى كلية طالما تمنيت دخولها، وتم رفضك لسبب وحيد : (أن جد جدك كان قد ارتكب جريمة سرقة رغيف منذ 100 سنة ولم ينل عقابا عليها)، فصف لنا إحساسك بالظلم والقهر وديكتاتورية لوائح وأنظمة البلاد !!!
* هل اكتشف العلم (جينات) للخطيئة قابلة للتوريث فى كروموسومات البشر كى يتيقن البشر من إمكانية وراثتها عبر الأجيال مثل لون الشعر والعيون والبشرة ؟
إن الخطيئة الأصلية هي عقيدة مسيحية تشير إلى وضع الإنسان الآثم الناتج عن سقوط آدم فى أول معصية لله، ويمكن تلخيص هذه العقيدة فى عشرة نقاط :
1- آدم قد ارتكب معصية بعدم طاعته لوصية الله بأن لا يأكل من شجرة المعرفة :
(وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ)
(وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلاَّ تَمُوتَا)
2- الإنسان خلق فى الأصل خالدا والموت سببه خطيئة آدم التي ورثها الناس عنه :
(لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا)
3- توارث خطيئة آدم جميع ذريته بصفته الإنسان الأول (أبو البشرية ورأسها الأول) فكما مرت الحياة منه إلى أحفاده، كذلك مرت الخطيئة الأصلية، فجميع الجنس البشري مولودين متنجسين وملوثين بالخطية، غير طاهرين
4- بهذه الخطيئة، فكل إنسان هو أمام الله في وضع دينونة وحرمان من الخلاص ما لم يتم تطهيره من هذه الخطية، فخطيئة آدم قد عمت سائر أولاده فلا يطهرهم من خطاياهم إلا صلب المسيح :
(وَمِنْ يَسُوعَ الْمَسِيحِ الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ: الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ)
5- عدالة الله تقتضي دفع الثمن لكل خطيئة، فلا يسمح الله بخطيئة دون عقاب، ولا يمكن أن يغفر خطيئة دون قصاص، وإلا كان ظالما !!
6- للوصول إلى الحياة الأبدية، يجب أن تمحى الخطيئة الاصلية، أو السقطة التى ابتعدت بالإنسان الأول عن الله، والتي بسببها خسر آدم القداسة والعدل والخلود، ومات روحانيا بهذه الخطيئة :
(قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا : أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي، وَفِي خَطِيَّتِكُمْ تَمُوتُونَ، وَحَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا)
7- أجرة الخطية هى موت، والشيء الوحيد الذى يمكن فعله لمحو الخطيئة هو سفك الدم:
(وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيبًا يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ)
8- الخطية الموجهة لله غير المحدود لا يكفرها سوى التضحية بشىء غير محدود أيضا
9- الخطيئة الأصلية هى سبب الخطايا الواقعة التي يرتكبها البشر :
(لأَنَّهُ مَا مِنْ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تُثْمِرُ ثَمَرًا رَدِيًّا، وَلاَ شَجَرَةٍ رَدِيَّةٍ تُثْمِرُ ثَمَرًا جَيِّدًا)
10- ترتبط الخطيئة الأصلية بالموت الجسدي والروحي للإنسان :
(لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ)
(لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ)
هذه هى عقيدة الخطيئة الأصلية، بمنتهى الإختصار !!!!
ففى عقيدة المسيحية إن الخلق منذ أن أكل آدم من الشجرة وهم يعيشون تحت وطأة هذه الخطيئة، فالمولود يولد مخطئاً، ويعيش مخطئا، بعيدا عن الله، جراء تلك الخطيئة الأولى الموروثة، فلما أراد الله أن يغفر للبشر ويطهرهم، أنزل إبنه إلى الأرض، وأسكنه في بطن العذراء يتغذى مما في بطنها، ثم أخرجه مولوداً، وترعرع كسائر الصبيان، حتى إذا شبَّ وكبر، سلمه لأعدائه ليصلبوه، فيكون ذلك كفارة عن خطيئة آدم التي (نجست) و (لوثت) سائر الناس، كما يعتقد النصارى أن (يسوع) المسيح المخلص لم يخلصهم من خطيئة آدم الأولى فحسب، بل خلصهم كذلك من جميع الخطايا التي ارتكبوها والتي سيرتكبونها، إذ يكفي في اعتقادهم أن يؤمن المسيحى بيسوع فاديا ومخلصا ووسيطا لينال رضا الله، وليفعل بعد ذلك ما يشاء، فغفران خطاياه (مضمون) ما دام المسيح قد افتداه بدمه، وما دام يعترف للقساوسة بخطاياه ويدفع العشور، فيباركونه ويحلونه منها، ويغفرونها له بإسم يسوع المسيح !!!
وعلى مفهوم عقيدة الخطيئة الأصلية، تبني سائر العقائد الأساسية في المسيحية ومنها : (التثليث - عقيدة التجسد - الفداء والصلب - القيامة من الأموات - تأليه المسيح)
فهذا المفهوم، الذى يقول بأن البشر قد ورثوا خطيئة أبيهم آدم لما عصى الله وأكل من الشجرة المحرمة، فظلوا يتوارثون هذه الخطيئة جيلا بعد جيل إلى أن جاء يسوع، هو أساس عقيدة الصلب والفداء، التى تنص على أن يسوع قد خلص البشر من تبعات هذه المعصية بالموت على الصليب تكفيرا لخطاياهم، وافتداهم بدمه، فصار بإمكانهم أن يدخلوا الملكوت السماوى، بعد تصالحهم مع الله بالإيمان بإبنه، وهذا بدوره قاد النصارى إلى عقيدة قيامة يسوع من بين الأموات، وهذا المعتقد أدى بالنصارى بدوره إلى تأليه يسوع، واختراع نظريات التجسد والثالوث الأقدس !!!
يا ضيفنا الفاضل :
نعلم أنك قد تحاول (إقناع نفسك)، ويحاول القساوسة إقناعك، بعقيدة الخطيئة الأصلية والفداء، لإيجاد نوع من الترابط وعدم التناقض بين ثلاث عناصر، يؤكد ويشدد عليها الكتاب المقدس، وهى : 1- عدل الله 2- رحمة الله 3- ثبات كلمة الله
* بالنسبة لعدل الله :
فالإعتقاد بتوارث الخطيئة يتناقض ويتنافى أصلا - وكليا - مع العدل الإلهي، وذلك لأن الله الديان العادل قد يعاقب المرء على ما فعله هو بنفسه، لا على ما فعل أبوه أو أجداده أو أقرباؤه !!
(فَتَقَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ: أَفَتُهْلِكُ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ؟ عَسَى أَنْ يَكُونَ خَمْسُونَ بَارًّا فِي الْمَدِينَةِ. أَفَتُهْلِكُ الْمَكَانَ وَلاَ تَصْفَحُ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ الْخَمْسِينَ بَارًّا الَّذِينَ فِيهِ؟ حَاشَا لَكَ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ هذَا الأَمْرِ، أَنْ تُمِيتَ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ، فَيَكُونُ الْبَارُّ كَالأَثِيمِ. حَاشَا لَكَ! أَدَيَّانُ كُلِّ الأَرْضِ لاَ يَصْنَعُ عَدْلاً؟)
(فَخَرَّا عَلَى وَجْهَيْهِمَا وَقَالاَ: اللّهُمَّ، إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ الْبَشَرِ، هَلْ يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلَى كُلِّ الْجَمَاعَةِ؟)
(فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ: الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ)
(اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ)
(وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ، بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ قَائِلاً: لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ، وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ)
(لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ)
(وَإِنْ وَلَدَ ابْنًا رَأَى جَمِيعَ خَطَايَا أَبِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا، فَرَآهَا وَلَمْ يَفْعَلْ مِثْلَهَا. لَمْ يَأْكُلْ عَلَى الْجِبَالِ، وَلَمْ يَرْفَعْ عَيْنَيْهِ إِلَى أَصْنَامِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ، وَلاَ نَجَّسَ امْرَأَةَ قَرِيبِهِ، وَلاَ ظَلَمَ إِنْسَانًا، وَلاَ ارْتَهَنَ رَهْنًا، وَلاَ اغْتَصَبَ اغْتِصَابًا، بَلْ بَذَلَ خُبْزَهُ لِلْجَوْعَانِ، وَكَسَا الْعُرْيَانَ ثَوْبًا وَرَفَعَ يَدَهُ عَنِ الْفَقِيرِ، وَلَمْ يَأْخُذْ رِبًا وَلاَ مُرَابَحَةً، بَلْ أَجْرَى أَحْكَامِي وَسَلَكَ فِي فَرَائِضِي، فَإِنَّهُ لاَ يَمُوتُ بِإِثْمِ أَبِيهِ. حَيَاةً يَحْيَا. أَمَّا أَبُوهُ فَلأَنَّهُ ظَلَمَ ظُلْمًا، وَاغْتَصَبَ أَخَاهُ اغْتِصَابًا، وَعَمِلَ غَيْرَ الصَّالِحِ بَيْنَ شَعْبِهِ، فَهُوَذَا يَمُوتُ بِإِثْمِهِ. «وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْمِلُ الابْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الابْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقًّا وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. اَلابْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ، وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الابْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ، وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ)
(عَظِيمٌ فِي الْمَشُورَةِ وَقَادِرٌ فِي الْعَمَلِ الَّذِي عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ عَلَى كُلِّ طُرُقِ بَنِي آدَمَ لِتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ وَحَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِه)
نرى بكل وضوح في هذه الأعداد أن كل واحد مسئول عن خطاياه وآثامه الشخصية التى ارتكبها ولا يسأل عن خطيئة أو ذنب غيره.. فالكتاب المقدس يظهر لنا هذه الحقيقة الواضحة وضوح الشمس فيما يتعلق بمفهوم الثواب والعقاب .. حيث أنه من الواضح أن كل شخص يتحمل تبعات أعماله
وإن كنت مقتنعا بأن عدالة الله تقتضي دفع الثمن لكل خطيئة، وأن الله لا يسمح بخطيئة دون عقاب، ولا يمكن أن يغفر خطيئة دون قصاص، وإلا كان ظالما، فأدعوك لقراءة هذه القصة التى وردت فى كتابك المقدس :
(فَإِنَّ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ يُشْبِهُ رَجُلاً رَبَّ بَيْتٍ خَرَجَ مَعَ الصُّبْحِ لِيَسْتَأْجِرَ فَعَلَةً لِكَرْمِهِ، فَاتَّفَقَ مَعَ الْفَعَلَةِ عَلَى دِينَارٍ فِي الْيَوْمِ، وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى كَرْمِهِ. ثُمَّ خَرَجَ نَحْوَ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ وَرَأَى آخَرِينَ قِيَامًا فِي السُّوقِ بَطَّالِينَ، فَقَالَ لَهُمُ: اذْهَبُوا أَنْتُمْ أَيْضًا إِلَى الْكَرْمِ فَأُعْطِيَكُمْ مَا يَحِقُّ لَكُمْ. فَمَضَوْا. وَخَرَجَ أَيْضًا نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ وَالتَّاسِعَةِ وَفَعَلَ كَذلِكَ. ثُمَّ نَحْوَ السَّاعَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ خَرَجَ وَوَجَدَ آخَرِينَ قِيَامًا بَطَّالِينَ، فَقَالَ لَهُمْ: لِمَاذَا وَقَفْتُمْ ههُنَا كُلَّ النَّهَارِ بَطَّالِينَ؟ قَالُوا لَهُ: لأَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْجِرْنَا أَحَدٌ. قَالَ لَهُمُ:اذْهَبُوا أَنْتُمْ أَيْضًا إِلَى الْكَرْمِ فَتَأْخُذُوا مَا يَحِقُّ لَكُمْ. فَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ قَالَ صَاحِبُ الْكَرْمِ لِوَكِيلِهِ: ادْعُ الْفَعَلَةَ وَأَعْطِهِمُ الأُجْرَةَ مُبْتَدِئًا مِنَ الآخِرِينَ إِلَى الأَوَّلِينَ. فَجَاءَ أَصْحَابُ السَّاعَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ وَأَخَذُوا دِينَارًا دِينَارًا. فَلَمَّا جَاءَ الأَوَّلُونَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ أَكْثَرَ. فَأَخَذُوا هُمْ أَيْضًا دِينَارًا دِينَارًا. وَفِيمَا هُمْ يَأْخُذُونَ تَذَمَّرُوا عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ قَائِلِينَ: هؤُلاَءِ الآخِرُونَ عَمِلُوا سَاعَةً وَاحِدَةً، وَقَدْ سَاوَيْتَهُمْ بِنَا نَحْنُ الَّذِينَ احْتَمَلْنَا ثِقَلَ النَّهَارِ وَالْحَرَّ! فَأجَابَ وَقَالَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ يَا صَاحِبُ، مَا ظَلَمْتُكَ! أَمَا اتَّفَقْتَ مَعِي عَلَى دِينَارٍ؟ فَخُذِ الَّذِي لَكَ وَاذْهَبْ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَ هذَا الأَخِيرَ مِثْلَكَ. أَوَ مَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَفْعَلَ مَا أُرِيدُ بِمَالِي؟ أَمْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةٌ لأَنِّي أَنَا صَالِحٌ؟ هكَذَا يَكُونُ الآخِرُونَ أَوَّلِينَ وَالأَوَّلُونَ آخِرِينَ، لأَنَّ كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ يُنْتَخَبُونَ)
أجبنا يا ضيفنا الكريم :
* هل من العدل والإنصاف تساوى الأجر والثواب بين من عمل بدوام كامل ومن عمل ساعة واحدة ؟ هل من الإنصاف أن يكون الآخرون مثل الأولين ؟
فإن قلت : (هذا من كرم الله وفضله) فأنا أجيبك : صدقت !! .. ما الذى يمنعك إذا من الإقتناع أن الله تعالى قد غفر لآدم بكرمه وفضله بعدما أخطأ ؟ هل الكرم ينبغى لله فى الثواب فقط ولا ينبغى له فى العقاب ؟ !!
* لماذا لم يغفر الله خطيئة آدم البسيطة بالأكل من الشجرة المحرمة تطبيقا العدل، بينما غفر يسوع للزانية التى ارتكبت فاحشة البغاء فى حال حياته، رغم أنه لم يكن قد صلب بعد، ولم يكن الفداء قد تم، بل قال لها أن (إيمانها خلصها) ؟؟ ألا يكون يسوع بذلك ظالما بنفس المنطق ؟؟
* هل يعقل أو يستساغ عقلا أن تكون القوانين البشرية التى تؤمن بـ (شخصنة المسؤولية عن الجريمة وتوقيع العقوبة على المجرم دون غيره) أكثر عدلا وإنصافا من قوانين الله التى جعلت - بحسب العقيدة المسيحية - خطيئة آدم موروثة وممتدة إلى جميع نسله حتى آخر الدهر ؟؟
* ثم أن الحية هى من أغوت حواء، وهي بدورها أغوت آدم، فهم شركاء في ارتكاب الخطيئة، فـ (التخليص العادل) يجب أن يطال آدم وحواء، فلماذا لم يتخذ الله بنتا أنثى أيضا مع الإبن الذكر (يسوع) ، لتكفير الخطيئة الأصلية عن الرجال والنساء ؟؟ أين العدل يا ضيفنا الفاضل ؟؟
* وقد كان عقاب حواء على الخطيئة الأصلية هو الوجع في الولادة : (وَقَالَ لِلْمَرْاةِ : تَكْثِيرا اكَثِّرُ اتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ اوْلادا. وَالَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ)، وجميع الحيوانات كذلك تلد بالوجع وآلام المخاض، فهل عقوبة الخطيئة الأصلية طالت إناث الحيوانات - الغير عاقلة والغير مكلفة - أيضا ؟؟ ولماذا هذه العقوبة على بنات حواء ما زالت مستمرة حتى الآن رغم إتمام الصلب والفداء ؟؟ أين العدل يا ضيفنا الفاضل ؟؟
* وبالنسبة لرحمة الله :
فالكتاب المقدس يذكر أن رحمة الله وعدله لا ينقض كلاهما الآخر، وأن الله يغفر بالتوبة، وبلا حاجة لسفك دم، ولا لمخلص، وأنه لا يسر بموت الخاطئين بل بتوبتهم :
(فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقًّا وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا.)
(فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلَّوْا وَطَلَبُوا وَجْهِي، وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيةِ فَإِنَّنِي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ)
(لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ، وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ، وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ، وَإِلَى إِلهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ)
(قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ، بَلْ بِأَنْ يَرْجعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا. اِرْجِعُوا، ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الرَّدِيئَةِ! فَلِمَاذَا تَمُوتُونَ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟)
(هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ؟ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟)
(أَنَا أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي، وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا)
(أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ)
كل هذه الأعداد شهادة واضحة من الكتاب المقدس تفيد بأن كل المطلوب من البشر لغفران الذنوب هو التوبة والإستغفار والندم والرجوع عن المعصية !!
* وبالنسبة لثبات كلمة الله :
1- فقد جاء فى رسالة بطرس الثانية الإصحاح 3 : (أَنَّ يَوْمًا وَاحِدًا عِنْدَ الرَّبِّ كَأَلْفِ سَنَةٍ، وَأَلْفَ سَنَةٍ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ) .. فهنا اليوم الواحد عند الله كألف سنة .. وبحسب سفر التكوين الإصحاح 5، فقد عاش آدم 930 سنة - أقل من 1000 سنة التى تساوى عند الرب يوما واحدا - : (فَكَانَتْ كُلُّ أَيَّامِ آدَمَ الَّتِي عَاشَهَا تِسْعَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً، وَمَاتَ) .. وقد قال الله تعالى لآدم في سفر التكوين الإصحاح 2: (وَامَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلا تَاكُلْ مِنْهَا لانَّكَ يَوْمَ تَاكُلُ مِنْهَا مَوْتا تَمُوتُ) ، أى ستموت في نفس اليوم !!.. فمما سبق من الأعداد، يتضح أن آدم قد عوقب على ذنبه الذي إقترفه، ونال جزاءه فمات فعلا فى نفس اليوم وقبل أن ينتهى، فالمفروض أن هذه هى نهاية الموضوع، إذ عوقب (الجانى) بحسب كلمة الرب التى لا تتغير وانتهى الأمر، فمن أين جاء مبدأ توريث الخطيئة الأصلية لأن خطيئة آدم لم يتم التكفير عنها بعد وأنها ما زالت فى حاجة إلى (فداء وكفارة) و (دم وصلب) و (خلاص ومخلص) ؟؟
2- وتوريث الخطيئة الأصلية ليس من كلمات الله أساسا، فقد جاء فى الكتاب المقدس على لسان يسوع نفسه :
(دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ)
(اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ)
ففى هذه الأعداد تبطل القول بأن الإنسان يرث خطيئة آدم وحواء منذ مولده، فلو كان الأطفال مولودين متنجسين وملوثين بالخطية الأصلية، لما كان لهم أن يدخلوا ملكوت السماوات !!
3- كما جاء فى الكتاب المقدس قول يسوع : (لَوْ لَمْ أَكُنْ قَدْ جِئْتُ وَكَلَّمْتُهُمْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّةٌ وَأَمَّا الآنَ فَلَيْسَ لَهُمْ عُذْرٌ فِي خَطِيَّتِهِمْ) .. فهنا لم يذكر يسوع فى تعاليمه الواضحة أن هناك ما يسمى بالخطيئة الأصلية، وإلا لما قال : (لَمْ تَكُنْ لَهُمْ خَطِيَّةٌ) !!!
4- كما جاء فى الكتاب المقدس : (وَقَالَ لآدَمَ: لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ) .. فعقاب آدم المذكورفى الكتاب المقدس، كان يتمثل في التعب والشقاء والكدح، وبذل الجهد والعرق لكى يأكل من الأرض ويعيش فيها، وليس هناك أى ذكر للعن نسله أو عقابه أو تحمله لخطيئته بالتبعية، فمن أين جاءت فكرة وعقيدة توارث الخطيئة ؟؟
5- كما أنه لا يجتمع البر مع الخطيئة، وهناك ذكر لأبرار في العهد القديم لم تكبلهم الخطيئة الأصلية التي تحدث عنها النصارى ولم يتدنسوا بها فلماذا لم يرثوا الخطيئة الأصلية ؟؟ أم أنهم ليسوا من نسل آدم ؟؟ ومن تلك الامثلة : هابيل بن آدم الذي هو أولى من الجميع بأن يحمل ذنب أبيه وتقبل الله قربانه لصلاحه وشهد الله بأنه بار .. ونبي الله أخنوخ الذى سار مع الله .. ونوح الذي كان رجلا بارا كاملا في أجياله .. وإبراهيم الذى باركه الرب فى كل شىء .. وإيليا الذى صعد إلى السماء .. وأيوب الذى إمتدحته التوراة وكان بلا إثم .. ويوحنا المعمدان الممتلىء من الروح القدس .. ولعازر الذى مات وحملته الملائكة الى حضن إبراهيم بشهادة يسوع نفسه !!
كل هؤلاء لم يتسربلوا بالخطيئة الاصلية أو يتأثروا بها، مع أنهم من ذرية آدم، والكتاب المقدس يشهد بصلاحهم، وعدم إحتياجهم للخلاص بدم المسيح ولا بغيره، فمن أين أتت عقيدة الخطيئة الأصلية ؟؟
وفضلا عن ذلك يا ضيفنا العزيز :
فإن مفهوم توارث الخطيئة الأصلية باطل منطقياً وعقلياً وعلمياً، فالإبن مثلاً قد يرث من أبيه وأمه وأجداده صفات معينة كالطول ولون العينين والشعر وشكل أجزاء جسمه وحجمها بل وبعض الأمراض، لكن التصرفات بالطبع لا تورث، فلو أن الأب مثلا قد إختار أن يكون مجرماً أو سارقا أو قاتلا أو كذابا أو زانيا، فليس معني ذلك أن إبنه سيرث منه هذه الطبيعة، وبالمثل أيضا، إن كان الأب صالحاً، فلا يعنى هذا بالضرورة أن الإبن سيكون مثله مثالا يحتذى فى الأخلاق والتدين !!!
وفكرة توريث الخطيئة فى المسيحية متطابقة تماما مع فكرة توريث النبذ الهندوسي، فالهندوس الوثنيين يعتبرون المنبوذين أدنى طبقات المجتمع، ويورثون هذا النبذ الدينى لأبنائهم وأحفادهم جميعا من بعدهم، دون أن تكون لهم يد في هذا الحكم !!!
سادسا- هل أنت مقتنع بعقلك حقا بعقيدة تضحية الله بإبنه و(صلب) الله وموته ودفنه وقيامته ؟؟
يجب أن يعطيك عقلك (إجابة شافية مقنعة) عن هذه التساؤلات :
* هل يقبل العقل أن يضحى أب بإبنه الوحيد لأى هدف، إذا كانت لديه خيارات أخرى تؤدى إلى هذا الهدف، ولم يكن مضطرا لذلك ؟
* هل يقبل العقل أن ينجب أب إبنه بهدف قتله، من أجل إنقاذ حياة أى كائن ؟
* هل يقبل العقل أن يضحى أب بإبنه الوحيد، من أجل إنقاذ حياة خادمه أو عبده ؟
* هل يقبل العقل أن يضحى أب بإبنه الوحيد البرىء، من أجل إنقاذ حياة مجرم ؟
* هل يقبل العقل أن يختار الأب أكثر الطرق وحشية ودموية وإهانة لإعدام إبنه الوحيد البرىء، فداء لحياة خادمه أو عبده المخطىء ؟
* هل يقبل العقل أن يستنجد إبن مشرف على الموت بأبيه، فلا يغيثه مع قدرته ؟
* هل يستسيغ العقل أن (يبهدل) المخلوق خالقه ويجعله (مسخرة) على الملأ ويقتله ؟
* هل يقبل العقل نظرية أن اليهود قد أخذوا الرب، وساقوه بينهم ذليلا مقهورا كالشاة، وهم يبصقون في وجهه ويشتمونه، ويضربونه ويلطمونه، ويجلدونه ويستهزئون به، ثم صلبوه بالمسامير على خشبة، بعد تعريته من ثيابه، وسط لصوص ومجرمين، ثم طعنوه بالحربة ليتيقنوا من موته ؟
* هل يقبل العقل أن يموت الإله، ويدفن لثلاثة أيام ؟ كيف كان حال هذا العالم والمخلوقات والكون في هذه الأيام الثلاثة ومن كان يدبر أمر السماوات والأرض ويمسك السماء أن تقع على الأرض وهو مدفون في قبره ؟
* كيف يستسيغ العقل أن يموت الإله، مع كونه أزليا بلا بداية ولا نهاية ؟
* كيف يستسيغ العقل أن يقدر العبد على خالقه ؟
أرجو يا ضيفنا الفاضل ألا تجيبنى الإجابة المعهودة بأن الفداء هو دليل (تواضع) و (محبة) الله للبشر .. فما نؤمن به ويعتقده العقل السليم، هو أن الله تعالى كلى القدرة، ولا يقدر عليه أحد، ولا يعجزه غفران ذنوب جميع عباده بمشيئته المطلقة وبكلمة واحدة منه، ولا يضطره شىء لفعل أمر ما من أجل تحقيق وإنفاذ أمر آخر !!!
يا ضيفنا الفاضل :
ليست الغرابة - فى نظر المسلمين - في دعوى صلب المسيح ذاتها، فقد قُتل قبله أنبياء كثيرون، لكن الغرابة هى في فلسفة تلك الحادثة المخترعة، التي تحولت في العقيدة المسيحية من مصدر للألم والحزن، إلى مصدر للفرح والسرور، إذ يعتقد النصارى أن المسيح - الذى يدعون أنه ابن الله وفي نفس الوقت إله مساو لله أو هو الله ذاته على خلاف بينهم في ذلك - قد صلب، وهنا مصدر الغرابة والإشكال، إذ كيف لابن الإله أن يصلب، ويهان، ويعلق على خشبة، ويبصق في وجهه في مشهد تتفطر له الأكباد ؟ ولأي شيء يترك الإله ابنه للتعذيب والتنكيل ؟ وكيف للإبن - الذي له صفات الإله في نظرهم - أن يترك حفنة من اليهود التعساء تفعل به هذه المهانة، وتسخر منه أمام الملأ قائلة : (يا من يدعي أنه يبني الهيكل في ثلاثة أيام، كيف لا تستطيع أن تخلص نفسك؟)، كل ذلك و (الإله ابن الإله) مستسلم عاجز عن دفع الضر عن نفسه، فضلاً عن الإنتقام ممن صلبه !!
إن بولس عندما ادعى صلب يسوع فداء للخطيئة، لم يكن يتحدث من تأليفه وإبداعه، بل كان يكرر عقيدة قديمة تناقلتها الديانات الوثنية قبل المسيح بزمن طويل، وقد نسج الإنجيليون أحداث صلب يسوع على نحو ما قرره بولس، حتى أضحت قصة الصلب في الأناجيل قصة منحولة من عقائد الأمم الوثنية، ولعل أوضحها شبهاً بقصة يسوع أسطورة إله بابل (بعل) ، فقد كشفت لوحتان أثريتان تعودان للقرن التاسع قبل الميلاد، عن قصة تشابه تماماً ما قاله النصارى في صلب المسيح يسوع ومحاكمته، وقارن "فندلاي" وغيرِه بين ما قيل عن (بعل) قبل المسيحية، وما قيل عن (يسوع) في المسيحية، فوجدوا (تشابها مذهلا) يصل إلى حد التطابق !!!
فكل من (بعل) و (يسوع) أُخِذ أسيرا، وحوكم كلاهما علنا، وضُرِب كلاهما وأهين، وكان مع كليهما مجرم مدان ومحكوم عليه بالإعدام تم العفو عنه، واقتيد كلاهما لتنفيذ الحكم على جبل، وحدثت رعود وبروق وظلام وزلازل بعد إعدام كليهما، ودُفِن كلاهما وتمت حراسة قبره حتى لا يُسرَق جثمانه، وجلست النساء حول قبره يبكونه، ثم قام كلاهمامن الموت وعاد للحياة مع مطلع الربيع، وصعد كلاهما إلى السماء .. وقد انتقلت هذه الأسطورة البابلية وانتشرت عن طريق الأسرى اليهود الذين عادوا من بابل !!
إن عقيدة (الصلب والفداء) هى بالحقيقة مسبة شنيعة لله عز وجل، واتهام صارخ مستفز لمقامه القدوس، بالظلم من جهة، وبالعجز من جهة أخرى :
1- أما الظلم فلأن مقتضى العدل بحسب الكتاب المقدس ذاته كان أن يتحمل آدم عقوبة خطيئته وحده دون غيره
2- وأما العجز فيظهر من خلال تلك (التمثيلية الطويلة) التي اخترعتها العقيدة النصرانية، من حمل العذراء بالإله إلى ولادته إلى صلبه، كل ذلك ليغفر الله للناس خطيئة آدم التي لوثتهم جميعا، وكأن الله عاجز عن غفران خطيئة آدم إلا بتلك الطريقة اللامعقولة واللامقبولة عقلا !!
كما أن في ادعاء المسيحية أن (الإله ابن الإله) أهين وبصق في وجهه وصلب على خشبة حتى مات ذليلا عاجزا، مسبة شنيعة ما تجرأ عليها أحد من العالمين، فحتى الوثنيون، لم ينسبوا هذا النقص لآلهتهم وهي مجرد أصنام من الحجارة والطين، لذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول فى حق النصارى : "أهينوهم ولا تظلموهم، فلقد سبوا الله عز وجل مسبة، ما سبّه إياها أحد من البشر"
ومن العجب أن يوجد في الكتاب المقدس ما يقول بصراحة أن من عُلِّق على خشبة فهو ملعون، وأن المسيح نفسه صار لعنة لأجل البشر !! أى عقول فاسدة تلك التى تصف الرب الإله باللعنة ومع ذلك تعبده وتقدسه ؟؟
هذا هو دين المسيحية، وإن المرء ليعجب أشد العجب من دين هذا مبدأه، وتلك أصوله وأساساته، يكاد يهدم بعضها بعضاً، (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ)، ومع ذلك تتبعه الملايين الغفيرة من البشر، فهل فقدت تلك الجماهير عقولها، أم جمدتها، أم إن إيمانهم بهذه العقيدة لم يكن عن تفكير واقتناع، وإنما كان لسهولة وجدوها فيه، إذ يكفي الإيمان بألوهية المسيح حتى ينالوا الملكوت ورضا الله، كل هذه الإحتمالات واردة، وبعضها أسوأ من بعض !!
إن العقل الحر النزيه المنصف، عندما يحلل ويدرس عقيدة الصلب والفداء، لا بد أن يتسائل مستنكرا :
* أليس من الإستهزاء بالعقول أن تغفر خطيئة صغيرة بخطيئة وجريمة أبشع ؟
* هل من العدالة الإلهية القول بتوريث الخطيئة، وأن يؤخذ الإنسان بذنب غيره ؟ أي عدل هذا الذي يتحقق بعقاب برىء والتضحية به ولم تقترف يداه ما يوجب له العقاب، وما ذنب الأبناء في إثم قد ارتكبه أبوهم ؟ أليس من الأعدل والأحكم صلب (الشيطان) الذي أغوى حواء، أو أن تطالب حواء التى أغوت آدم بدورها، أو أن يطالب آدم، بتقديم نفسه قرباناً على الصليب، تكفيراً عن الخطيئة بعد ارتكابهما للمعصية ؟
* أليس من التجرؤ على الله الإعتقاد بأن هناك ما (يلزم) الله، و(يجبره)، على (البحث عن طريقة أو وسيلة أو خطة) يجمع بها بين العدل والرحمة ؟
* أليس من السفه الفكري، وانتقاص مقام الله العلى، القول بأن خالق الكون جل جلاله يمكن أن يحل في رحم امرأة في هذه الأرض، ثم يخرج من فرجها، في صورة طفل ملطخ بالدماء المصاحبة للولادة، فى (زريبة بهائم) حيث الروث والبول والأقذار ؟
* هل عفو الإنسان - بلا مقابل - عمن اذنب إليه، أو عفو السيد عن عبده الذي يعصيه - بلا عقاب - ، ينافي العدل والكمال، أم أن ذلك من أعظم الفضائل ومطلق الرحمة والإحسان ؟
* أليس من الإستخفاف بالعقل، الإعتقاد بأنه يجوز على الإله الخالق، الكلى القدرة والجبار العظيم القوة، أن يعذب أو تلحقه الاهانات حتى الموت، من قبل عباده المخلوقين ؟
* أليس من المرفوض عقلا، الإعتقاد بأن يكون أنبياء الله الذين أتوا قبل المسيح لهداية البشرية والدعوة إلي الله، وهم رسله وصفوته من خلقه، كانوا في لجج الجحيم بسبب الخطيئة الموروثة، حيث يعتقد نصارى الأرثوذكس أن روح المسيح قد استطاعت أن تذهب إلي جهنم بقوة لاهوت الكلمة، لكي لتخرج الانبياء من لجج الجحيم ؟ إذا كان الأمر كذلك فلم نجى الله نوحاً ومن معه من الغرق ؟ ولم نجى الله إبراهيم بعد إلقائه في النار ؟ ولم فلق الله البحر لموسى وأنجاه من فرعون وكيده ؟ لماذا لم يتركهم يهلكون بخطيئة آدم التى ورثوها ولم يُكفَّر عنها بعد ؟
* أى منطق يقبل أن من يؤمن بهذه العقيدة سينال غفرانا شاملا للخطايا اللاحقة والسابقة ؟ لو صح ذلك فإن عقيدة الصلب والفداء تكون (امتدادا واستمرارا للخطيئة) وليس (غفرانا لها وكفارة عنها)، إذ يكون الشريرالذي يعتدى على أموال الناس وأنفسهم وأعراضهم ويفسد في الارض ويهلك الحرث والنسل ويزني ويشرب الخمر إذا مات مؤمنا بموت المسيح على الصليب وفدائه ضامنا للغفران، ويكون من أهل ملكوت السماوات كما تعتقد بعد الطوائف المسيحية ، أين العدل الالهي هنا ؟
* بحسب قانون الايمان المسيحى الذى ينص على أن المسيح (إله حق من إله حق)، وأنه (مساو للأب فى الجوهر)، وقد نزل وتجسد من الروح القدس، وتأنس وصلب، ومعنى هذا أن اللاهوت قد صلب وقتل مع الناسوت، فهل يعقل أن يموت الله ؟
* إذا كان الذي تعذب على الصليب هو (ناسوت المسيح)، فإما أن يكون الناسوت جزءاً من الله فيكون العذاب والإهانة قد وقعا على الله، وهو غير جائز عقلاً، أو أن يكون الناسوت جزءاً من آدم، كسائرالبشر الذي توالد منه، فيكون آدم قد فدى نفسه ببعضه، وتكون الفدية (غير مقبولة) لأنها بشرية ومحدودة
* ألا يكون - حسب عقيدة الصلب والفداء - أعظم الناس براً وفضلاً على المسيحيين والبشرية عموماً، هم اليهود والرومان والخائن الذي دل على المسيح وسلمه، لأنهم الذين تحقق على أيديهم الهدف الأسمى الذي جاء من أجله المسيح، وهو (الخلاص) بالموت على الصليب ؟
ولا يرى المسلمون أي ضير في قبول كثير من التفصيلات التي أوردها الكتاب المقدس فى حادثة الصلب، وإن كان هناك شك في حصول بعضها، ومنها :
(1) أن المسيح خرج إلى البستان برفقة تلاميذه، وأنه أخبرهم بأنه سيتعرض لمؤامرة من أحد التلاميذ مع اليهود الذين يريدون صلبه
(2) أن المسيح دعا في تلك الليلة طويلاً، وبإلحاح كبير، طالباً من الله أن يصرف عنه كأس الموت وينقذه من أيدى أعداءه
(3) أن المسيح استسلم لقضاء الله وقدره، فقال : (ليس كما أريد أنه بل كما تريد أنت) و (فلتكن مشيئتك) وكان يصلي، والتلاميذ نيام، وحاول إيقاظهم أكثر من مرة
(4) وصول يهوذا الإسخريوطي الخائن ومعه الجند الرومان، يحملون مشاعل وسيوفاً وعصياً، للقبض على المسيح، وقد جعل يهوذا علامة للجند أن يقبل المسيح للدلالة عليه
(5) خروج المسيح إليهم، وسؤاله : من تطلبون ؟ وإجابتهم : يسوع الناصري، ورده عليهم : أنا هو، فرجعوا إلى الوراء، وسقطوا على الأرض
(6) محاولة بطرس الدفاع عن المسيح، وعجزه عن ذلك وهروبه مع جميع التلاميذ
(7) إقتياد المقبوض عليه للمحاكمة عند رئيس الكهنة، ثم بيلاطس، وبطرس يتابعه
(8) إنكار بطرس معرفته بالمسيح فى تلك الليلة ثلاث مرات حتى صاح الديك مرتين
(9) سؤال رئيس الكهنة، واستحلافه للمقبوض عليه بأن يصدقه القول إن كان حقا هو المسيح، فأجابه: أنت قلت
(10) حكم المحكمة على المقبوض عليه بالقتل، واقتياده إلى بلاط بيلاطس الذي سأله إن كان هو ملك اليهود، فأجابه: أنت تقول، ثم لم يجبه بكلمة واحدة، حتى تعجب بيلاطس منه
(11) لم يجد القاضى سببا يستحق به المقبوض عليه عقوبة الإعدام، فأراد أن يطلقه، لكن الجموع أصرت على صلبه، وإطلاق باراباس، فأعلن براءته من دم هذا البار، وأسلمه لهم
(12) إقتياد المقبوض عليه إلى موضع الصلب على جبل فى جلجثة، وصلبه بجوار لصين عن يمينه وشماله
(13) تعذيب وإهانة المقبوض عليه، وتعريته، ودقه بالمسامير على الصليب، وسقايته الخل، ووضع تاج من الشوك على رأسه، وطعنه بعد الوفاة
(14) صراخ المقبوض عليه بعد عدة ساعات، ثم أسلم الروح، وحدوث زلازل وخسوف ورعود وبرق وانشقاق حجاب الهيكل
(15) دفن المقبوض عليه بعد موته
كل ذلك لا يصدقه المسلمون ولا يكذبونه، فقد يكون حدث بالفعل، وقد يكون كل هذا اختلاق وتأليف، وفى الحالتين فهذه التفاصيل كلها (لا تهم)، فالإختلاف الهام والمحورى بين الإسلام والمسيحية هو فى (شخصية المقبوض عليه) فقط !!!
فالمسيحية تقول : أنه هو المسيح (الله ذاته) .. وقد قُتِل وصُلِب .. ودفن وقام من القبر بعد ثلاثة أيام وصعد إلى السماء
والإسلام يقول : أنه شبيه للمسيح (شخص لم يحدده القرآن ولا السنة بشكل قطعى)، وأن المسيح الحقيقى، نبى الله ورسوله، لم يُقتَل ولم يُصلَب، بل توفاه الله، ورفعه إلى السماء بقدرته تعالى، وشخصية (شبيه المسيح)، سواء كان يهوذا الإسخريوطى أو أحد جنود الرومان الذين اعتقلوه أو غيرهما، لا تهمنا فى شىء، فالمهم أنه (ليس هو المسيح الحقيقى)، وأن الله تعالى قد نجى رسوله عيسى ابن مريم من أيدى اليهود بكيفية لا يعلمها إلا هو :
(فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا * وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)
سابعا- هل أنت مقتنع بعقلك حقا بأن الكتاب المقدس معصوم، وأن كل الكتاب هو موحى به من الله ؟؟
يجب أن يعطيك عقلك (إجابة شافية مقنعة) عن هذه التساؤلات :
* هل يقبل العقل صفات الله المذكورة فى الكتاب المقدس، وأن الله يصف نفسه بما لا يليق، ويشبه نفسه بالحيوانات التى لا تفهم والحشرات (المقرفة) ؟
* هل يقبل العقل صفات الأنبياء - صفوة الخلق وقدوتهم - المذكورة فى الكتاب المقدس، ونسبة الفواحش والمنكرات والقبائح من الأخلاق إليهم ؟
* هل يستسيغ العقل أن تكون الألفاظ المنحطة المقززة، والتعبيرات الجنسية الإباحية، والتشبيهات القذرة، والشتائم العلنية، المذكورة فى الكتاب المقدس من كلمات الله ؟
* هل يقبل العقل أن تكون الأعداد المتناقضة، والمعلومات الغريبة والمغلوطة التى يعج بها الكتاب المقدس، وحيا إلهيا من كلمات الله، كلِّى العلم والمعرفة والحكمة، والمنزَّه عن كل نقص، وعن أى خطأ أو نسيان ؟
* هل يقبل العقل إعتبار الرسائل الشخصية، والأشعار، والحكم، وقصص الحروب، والتفاصيل التى بلا أى فائدة عقائدية أو إيمانية، مثل : الأبعاد الهندسية وأعداد البشر والبهائم وأوزان الأطعمة والأشربة ومقدار المكاييل، المذكورة فى الكتاب المقدس، من كلمات الله ووحيه النافع الهادى إلى الصراط المستقيم ؟
* هل يقبل العقل إعتبار كتب بلا إسناد، مضطربة المتن، وكتبتها مجهولون، وهناك تناقض ظاهر واختلاف بيِّن وأغلاط واضحة فيها، هى كلمات الله المقدسة ؟
يا ضيفنا الفاضل :
هناك فرق كبير بين أن أكتب كلام الله مباشرة كما يقوله .. وبين أن أكتب ما يقوله الله بأسلوبى الشخصى !!!!
فعندما أكتب : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ*اللَّهُ الصَّمَدُ*لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ*وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) فما بين القوسين، هو كلام إلهى، ووحى مقدس، لا يجوز كتابته ولا روايته بمعناه، بل يجب كتابته بالتشكيل، كما قاله وأنزله الله تعالى بالضبط، ويصح التعبد لله والصلاة به ... أما عندما أكتب : (الله واحد لا شريك له ولا نظير مكافىء له ولا والد ولا زوجة ولا إبن له وليس كمثله شىء) فما بين القوسين، هو كلام بشرى وإخبار عن معنى وحى الله، ويجوز كتابته وروايته بمعناه، ولا قداسة له، ولا يصح التعبد لله والصلاة به، مع أنه هو نفس مفهوم كلمات الله !!!
وإذا قام أحد باستبدال العبارة الأولى بالعبارة الثانية فى كتابة المصحف ... فإن هذا يسمى تحريفا، وإن كان المعنى واحدا ... لماذا ؟؟ لأن الله تعالى لم ينزل الآية بهذا الشكل الأخير، بل أنزلها بالشكل الأول هكذا : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ*اللَّهُ الصَّمَدُ*لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ*وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) !!!
ولا اعتبار مطلقا للتبريرات التى يسوقها آباء الكنائس مثل : (المفهوم ثابت ولم يتغير) و (المهم المضمون) و (هو نفس المعنى والتعليمات) و (مفرقتش) .. فقداسة كلمات الله يعنى حظر التلاعب بها وتغييرها سواء بالزيادة أو النقصان ولو فى حرف واحد، فلن يكون أسلوب كاتب من البشر أفضل ولا أدق من أسلوب الخالق !!
أخبرنا يا ضيفنا العزيز بأمانة وحيادية وإنصاف :
* أى عاقل يقول بأن هذا الكلام هو (وحى إلهى مقدس) وأنه من كلمات الله نفسه التى يمكن التعبد بها والصلاة إليه بتلاوتها :
(تِلْكَ الأُمُورَ الَّتِي شَرَحَهَا يَاسُونُ الْقَيْرَوَانِيُّ فِي خَمْسَةِ كُتُبٍ، قَدْ أَقْبَلْنَا نَحْنُ عَلَى اخْتِصَارِهَا فِي دَرْجٍ وَاحِدٍ. وَلَمَّا رَأَيْنَا تَكَاثُرَ الْحَوَادِثِ، وَالصُّعُوبَةَ الَّتِي تَعْتَرِضُ مَنْ أَرَادَ الْخَوْضَ فِي أَخْبَارِ التَّأْرِيخِ لِكَثْرَةِ الْمَوَادِّ، كَانَ مِنْ هَمِّنَا أَنْ نَجْعَلَ فِيمَا كَتَبْنَاهُ فُكَاهَةً لِلْمُطَالِعِ، وَسُهُولَةً لِلْحَافِظِ وَفَائِدَةً لِلْجَمِيعِ. فَلَمْ يَكُنْ تَكَلُّفُنَا لِهذَا الاِخْتِصَارِ أَمْراً سَهْلاً، وَإِنَّمَا تَمَّ بِالْعَرَقِ وَالسَّهَرِ، كَمَا أَنَّ الَّذِي يُعِدُّ مَأْدُبَةً، وَيَبْتَغِي بِهَا مَنْفَعَةَ النَّاسِ، لاَ يَكُونُ الأَمْرُ عَلَيْهِ سَهْلاً، غَيْرَ أَنَّا لأَجْلِ مَرْضَاةِ الْكَثِيرِينَ سَنَتَحَمَّلُ هذَا النَّصَبَ عَنْ طِيبَةِ نَفْسٍ، تَارِكِينَ التَّدْقِيقَ فِي تَفَاصِيلِ الْحَوَادِثِ لأَصْحَابِ التَّأْرِيخِ، وَمُلْتَزِمِينَ فِي الاِخْتِصَارِ اسْتِقْرَاءَ أَهَمِّ الْوَقَائِعِ. فَإِنَّهُ كَمَا يَنْبَغِي لِمَنْ يُهَنْدِسُ بَيْتاً جَدِيداً أَنْ يَهْتَمَّ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْبُنْيَانِ، وَلِمَنْ يُبَاشِرُ الْوَسْمَ وَالتَّصْوِيرَ أَنْ يَتَطَلَّبَ أَسْبَابَ الزِّينَةِ؛ هكَذَا مَا نَحْنُ فِيهِ عَلَى مَا أَرَى. فَإِنَّ التَّبَحُّرَ وَالْكَلاَمَ عَلَى كُلِّ أَمَرٍ، وَالْبَحْثَ عَنْ جُزْءٍ فَجُزْءٍ مِنْ شَأْنِ مُصَنِّفِ التَّأْرِيخِ، وَأَمَّا الْمُلَخِّصُ؛ فَمُرَخَّصٌ لَهُ أَنْ يَسُوقَ الْحَدِيثَ بِاخْتِصَارٍ، مَعَ إِهْمَالِ التَّدْقِيقِ فِي الْمَبَاحِثِ. وَههُنَا نَشْرَعُ فِي إِيرَادِ الْحَوَادِثِ، مُقْتَصِرِينَ مِنَ التَّمْهِيدِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، إِذْ لَيْسَ مِنَ الإِصَابَةِ الإِطْنَابُ فِيمَا قَبْلَ التَّأْرِيخِ، وَالإِيجَازُ فِي التَّأْرِيخ) ؟؟؟؟؟
* أى عاقل يقول بأن هذا الكلام هو (وحى إلهى مقدس) وأنه من كلمات الله نفسه التى يمكن التعبد بها والصلاة إليه بتلاوتها :
(هذَا مَا تَمَّ مِنْ أَمْرِ نِكَانُورَ، وَمُنْذُ تِلْكَ الأَيَّامِ عَادَتِ الْمَدِينَةُ فِي حَوْزَةِ الْعِبْرَانِيِّينَ، وَههُنَا أَنَا أَيْضاً أَجْعَلُ خِتَامَ الْكَلاَمِ فَإِنْ كُنْتُ قَدْ أَحْسَنْتُ التَّأْلِيفَ وَأَصَبْتُ الْغَرَضَ فَذلِكَ مَا كُنْتُ أَتَمَنَّى، وَإِنْ كَانَ قَدْ لَحِقَنِي الْوَهَنُ وَالتَّقْصِيرُ فَإِنِّي قَدْ بَذَلْتُ وُسْعِي. ثُمَّ كَمَا أَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ وَحْدَهَا أَوْ شُرْبَ الْمَاءِ وَحْدَهُ مُضِرٌّ؛ وَإِنَّمَا تَطِيبُ الْخَمْرُ مَمْزُوجَةً بِالْمَاءِ، وَتُعْقِبُ لَذَّةً وَطَرَباً، كَذلِكَ تَنْمِيقُ الْكَلاَمِ عَلَى هذَا الأُسْلُوبِ يُطْرِبُ مَسَامِعَ مُطَالِعِي التَّأْلِيفِ. اِنْتَهَى.) ؟؟؟؟؟
* أى عاقل يقول بأن هذا الكلام هو (وحى إلهى مقدس) وأنه من كلمات الله نفسه التى يمكن التعبد بها والصلاة إليه بتلاوتها :
(إِلَى الإِخْوَةِ الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي مِصْرَ. سَلاَمٌ إِلَيْكُمْ مِنَ الإِخْوَةِ الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ وَبِلاَدِ الْيَهُودِيَّةِ أَطْيَبُ السَّلاَمِ. لِيُبَارِكْكُمُ اللهُ وَيَذْكُرْ عَهْدَهُ مَعَ إِبرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ عَبِيدِهِ الأُمَنَاءِ، وَلْيُؤْتِكُمْ جَمِيعاً قَلْباً لأَنْ تَعْبُدُوهُ، وَتَصْنَعُوا مَشِيئَتَهُ بِصَدْرٍ مَشْرُوحٍ وَنَفْسٍ رَاضِيَةٍ، وَيَفْتَحْ قُلُوبَكُمْ لِشَرِيعَتِهِ وَوَصَايَاهُ، وَيَجْعَلْكُمْ فِي سَلاَمٍ، وَلْيَسْتَجِبْ لِصَلَوَاتِكُمْ، وَيَتُبْ عَلَيْكُمْ، وَلاَ يَخْذُلْكُمْ فِي أَوَانِ السُّوءِ، وَنَحْنُ ههُنَا نُصَلِّي مِنْ أَجْلِكُمْ. كُنَّا، نَحْنُ الْيَهُودَ، قَدْ كَتَبْنَا إِلَيْكُمْ فِي عَهْدِ دِيمِتْرِيُوسَ، فِي السَّنَةِ الْمِئَةِ وَالتَّاسِعَةِ وَالسِّتِّينَ، حِينَ الضِّيقِ وَالشِّدَّةِ الَّتِي نَزَلَتْ بِنَا فِي تِلْكَ السِّنِينَ، بَعْدَ انْصِرَافِ يَاسُونَ وَالَّذِينَ مَعَهُ مِنَ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ وَالْمَمْلَكَةِ. فَإِنَّهُمْ أَحْرَقُوا الْبَابَ وَسَفَكُوا الدَّمَ الزَّكِيَّ؛ فَابْتَهَلْنَا إِلَى الرَّبِّ فَاسْتَجَابَ لَنَا، وَقَرَّبْنَا الذَّبِيحَةَ وَالسَّمِيذَ، وَأَوْقَدْنَا السُّرُجَ وَقَدَّمْنَا الْخُبْزَ. فَالآنَ عَلَيْكُمْ أَنْ تُعَيِّدُوا أَيَّامَ الْمَظَالِّ الَّتِي فِي شَهْرِ كِسْلُوَ. فِي السَّنَةِ الْمِئَةِ وَالثَّامِنَةَ وَالثَّمَانِينَ. مِنْ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ وَالْيَهُودِيَّةِ وَالشُّيُوخِ وَيَهُوذَا، إِلَى أَرِسْطُوبُولُسَ مُؤَدِّبِ بَطُلْمَاوُسَ الْمَلِكِ، الَّذِي مِنْ ذُرِّيَّةِ الْكَهَنَةِ الْمُسَحَاءِ، وَإِلَى الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي مِصْرَ سَلاَمٌ وَعَافِيَةٌ. نَشْكُرُ اللهَ الشُّكْرَ الْجَزِيلَ، عَلَى أَنَّهُ خَلَّصَنَا مِنْ أَخْطَارٍ جَسِيمَةٍ عِنْدَ مُنَاصَبَتِنَا لِلْمَلِكِ، وَدَحَرَ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَنَا فِي الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ.) ؟؟؟؟؟
* أى عاقل يقول بأن هذا الكلام هو (وحى إلهى مقدس) وأنه من كلمات الله نفسه التى يمكن التعبد بها والصلاة إليه بتلاوتها :
(أُوصِي إِلَيْكُمْ بِأُخْتِنَا فِيبِي، الَّتِي هِيَ خَادِمَةُ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي كَنْخَرِيَا، كَيْ تَقْبَلُوهَا فِي الرَّبِّ كَمَا يَحِقُّ لِلْقِدِّيسِينَ، وَتَقُومُوا لَهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ احْتَاجَتْهُ مِنْكُمْ، لأَنَّهَا صَارَتْ مُسَاعِدَةً لِكَثِيرِينَ وَلِي أَنَا أَيْضًا. سَلِّمُوا عَلَى بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ الْعَامِلَيْنِ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، اللَّذَيْنِ وَضَعَا عُنُقَيْهِمَا مِنْ أَجْلِ حَيَاتِي، اللَّذَيْنِ لَسْتُ أَنَا وَحْدِي أَشْكُرُهُمَا بَلْ أَيْضًا جَمِيعُ كَنَائِسِ الأُمَمِ، وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِمَا. سَلِّمُوا عَلَى أَبَيْنِتُوسَ حَبِيبِي، الَّذِي هُوَ بَاكُورَةُ أَخَائِيَةَ لِلْمَسِيحِ. سَلِّمُوا عَلَى مَرْيَمَ الَّتِي تَعِبَتْ لأَجْلِنَا كَثِيرًا. سَلِّمُوا عَلَى أَنْدَرُونِكُوسَ وَيُونِيَاسَ نَسِيبَيَّ، الْمَأْسُورَيْنِ مَعِي، اللَّذَيْنِ هُمَا مَشْهُورَانِ بَيْنَ الرُّسُلِ، وَقَدْ كَانَا فِي الْمَسِيحِ قَبْلِي. سَلِّمُوا عَلَى أَمْبِلِيَاسَ حَبِيبِي فِي الرَّبِّ. سَلِّمُوا عَلَى أُورْبَانُوسَ الْعَامِلِ مَعَنَا فِي الْمَسِيحِ، وَعَلَى إِسْتَاخِيسَ حَبِيبِي. سَلِّمُوا عَلَى أَبَلِّسَ الْمُزَكَّى فِي الْمَسِيحِ. سَلِّمُوا عَلَى الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ أَرِسْتُوبُولُوسَ. سَلِّمُوا عَلَى هِيرُودِيُونَ نَسِيبِي. سَلِّمُوا عَلَى الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ نَرْكِيسُّوسَ الْكَائِنِينَ فِي الرَّبِّ. سَلِّمُوا عَلَى تَرِيفَيْنَا وَتَرِيفُوسَا التَّاعِبَتَيْنِ فِي الرَّبِّ. سَلِّمُوا عَلَى بَرْسِيسَ الْمَحْبُوبَةِ الَّتِي تَعِبَتْ كَثِيرًا فِي الرَّبِّ. سَلِّمُوا عَلَى رُوفُسَ الْمُخْتَارِ فِي الرَّبِّ، وَعَلَى أُمِّهِ أُمِّي. سَلِّمُوا عَلَى أَسِينْكِرِيتُسَ، فِلِيغُونَ، هَرْمَاسَ، بَتْرُوبَاسَ، وَهَرْمِيسَ، وَعَلَى الإِخْوَةِ الَّذِينَ مَعَهُمْ. سَلِّمُوا عَلَى فِيلُولُوغُسَ وَجُولِيَا، وَنِيرِيُوسَ وَأُخْتِهِ، وَأُولُمْبَاسَ، وَعَلَى جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ مَعَهُمْ. سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. كَنَائِسُ الْمَسِيحِ تُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ.) ؟؟؟؟؟
* أى عاقل يقول بأن هذا الكلام هو (وحى إلهى مقدس) وأنه من كلمات الله نفسه التى يمكن التعبد بها والصلاة إليه بتلاوتها :
(بَادِرْ أَنْ تَجِيءَ إِلَيَّ سَرِيعًا، لأَنَّ دِيمَاسَ قَدْ تَرَكَنِي إِذْ أَحَبَّ الْعَالَمَ الْحَاضِرَ وَذَهَبَ إِلَى تَسَالُونِيكِي، وَكِرِيسْكِيسَ إِلَى غَلاَطِيَّةَ، وَتِيطُسَ إِلَى دَلْمَاطِيَّةَ. لُوقَا وَحْدَهُ مَعِي. خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ. أَمَّا تِيخِيكُسُ فَقَدْ أَرْسَلْتُهُ إِلَى أَفَسُسَ. اَلرِّدَاءَ الَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ، أَحْضِرْهُ مَتَى جِئْتَ، وَالْكُتُبَ أَيْضًا وَلاَ سِيَّمَا الرُّقُوقَ. إِسْكَنْدَرُ النَّحَّاسُ أَظْهَرَ لِي شُرُورًا كَثِيرَةً. لِيُجَازِهِ الرَّبُّ حَسَبَ أَعْمَالِهِ. فَاحْتَفِظْ مِنْهُ أَنْتَ أَيْضًا، لأَنَّهُ قَاوَمَ أَقْوَالَنَا جِدًّا. فِي احْتِجَاجِي الأَوَّلِ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مَعِي، بَلِ الْجَمِيعُ تَرَكُونِي. لاَ يُحْسَبْ عَلَيْهِمْ. وَلكِنَّ الرَّبَّ وَقَفَ مَعِي وَقَوَّانِي، لِكَيْ تُتَمَّ بِي الْكِرَازَةُ، وَيَسْمَعَ جَمِيعُ الأُمَمِ، فَأُنْقِذْتُ مِنْ فَمِ الأَسَدِ. وَسَيُنْقِذُنِي الرَّبُّ مِنْ كُلِّ عَمَل رَدِيءٍ وَيُخَلِّصُنِي لِمَلَكُوتِهِ السَّمَاوِيِّ. الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. آمِينَ. سَلِّمْ عَلَى فِرِسْكَا وَأَكِيلاَ وَبَيْتِ أُنِيسِيفُورُسَ. أَرَاسْتُسُ بَقِيَ فِي كُورِنْثُوسَ. وَأَمَّا تُرُوفِيمُسُ فَتَرَكْتُهُ فِي مِيلِيتُسَ مَرِيضًا. بَادِرْ أَنْ تَجِيءَ قَبْلَ الشِّتَاءِ. يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَفْبُولُسُ وَبُودِيسُ وَلِينُسُ وَكَلاَفِدِيَّةُ وَالإِخْوَةُ جَمِيعًا) ؟؟؟؟؟
-------------------------------------------
ما مِن شكٍّ في تحريف التوراة والإنجيل، إذ حرَّف اليهود والنصارى الكلم عن مواضِعه، وقالوا على الله الكذِب وهم يعلمون، وقالوا هو وحى مِن عند الله، وما هو من عند الله، وقاموا بتلبيسِ الحقِّ بالباطل، لكن أبَى الله إلا أن يترُك شيئًا مِن كتبهم شاهِدة على ذلك، وأدلَّة التحريف كثيرة، منها:
1- عدم وجود سند للأناجيل التي بين أيدي النصارى: إنَّ هذه الأناجيل هي أشبهُ بكتب السِّير والتراجم، تحْكي سيرة حياة المسيح وأفعاله، والنصارى أنفسهم لا يقولون أن الأناجيل منزَّلة مِن عند الله، ولا يدَّعون أنَّ المسيح هو الذي كتَبها، بل ولا يشهدون أنَّها - على الأقلِّ - قد كُتبت في زمانه .. وإنما بعد رفعه بأكثر من 65 سنة، فهي أناجيل منسوبة إلى أصحابها (متَّى ومرقص ولوقا ويوحنا) ، اثنين منهم مِن الحواريِّين (تلاميذ المسيح)، وهما متى ويوحنا، أمَّا مرقص فهو تلميذٌ لبطرس الحواري، ولوقا هو تلميذ لبولس .. أى أن هؤلاء الكتَبَة للأناجيل بعضهم تتلمذ على يدِ المسيح (متى، يوحنا، بطرس، يعقوب، يهوذا)، وبعضهم آمن بالمسيح ولم يعاصره (بولس، ومرقس تلميذ بطرس)، وبعضهم آمن بالمسيح على يدِ مَن لم يعاصر المسيح أصلا (لوقا تلميذ بولس) !! وقد كُتبت هذه الأناجيل جميعًا بعد رفْع المسيح إلى السَّماء، ولا يُعلَم على وجه اليقين من كتبها، وهى نختلف فى سرد الأحداث، ولا يُعلَم السبب الحقيقى فى اختيار هذه الأناجيل الأربعة مِن بين 100 إنجيل في مطلَع القرن الرابع الميلادي ؟
2- لا يتسنى لنا أن نتأكَّد مِن نسبة هذه الأناجيل لهؤلاء الرِّجال الأربعة، فليس هناك سلسلة أسانيد موثقة توصل إلى أصحابِ هذه الأناجيل، بل إنَّ بعض أصحاب الأناجيل أنفسهم كمرقص ولوقا لا تَزال شخصياتُهم مجهولة، والمعلومات عنهما شحيحةٌ جدًّا، فغاية ما يُعرف عنهما أنَّهما يُسمَّيان بهذين الاسمين، وأنهما صاحبَا بولس، لم تذكُر المعلومات عِلمَ هذين الرَّجلين ولا دِينهما ولا أمانتهما، ولا قوة حفظهما، ممَّا لا بدَّ منه فيمَن ينقُل كتابًا مقدَّسًا، خاصة إذا لم يكن معاصرا للأحداث
3- أن آباء الكنيسة أنفسهم، يعترفون أنَّ تاريخ اعتبار هذه الأناجيل كتبًا مقدَّسة لا يزال مجهولاً، وأنه لم يُنصَّ على قانونيتها إلاَّ في القرن الرابع الميلادي، ويعترفون بأنَّ هذه الكتبَ لم تُعرف إلا بعدَ موت مَن نُسبت إليه بعشرات السِّنين، ورسائل بولس، وكذلك الرسائل الأخرى، وأعمال الرُّسل، لا يوجد فيها ولو إشارة إلى واحدٍ مِن هذه الأناجيل الأربعة، مما يدل على أن هذه الكتب لم تكن معروفةً في ذلك الزمن، ولم يطَّلع عليها أحدٌ منهم !!
4- أن آباء الكنيسة أنفسهم،يعترِفون بأن أول محاولة للتعريف بهذه الأناجيل الأربعة ونشْرها، كانتْ عن طريقِ "تاتيان" الذي جَمع الأناجيل الأربعةَ - بعد التوفيق بينها، وحذف تناقضاتها (مثل شجرة نسب يسوع) - في كتابٍ واحد سمَّاه: "الدياطيسرون" أو (الأنجيل الرباعى)، في الفترة 166 - 170م، وهذا هو التاريخ الذي يمكن أن يُعزى إليه وجودُ هذه الكتب، وهو تاريخ متأخِّر جدًّا عن وفاةِ مَن تُعزى إليهم هذه الكتب، ممَّا يشكك فى نسبتها إليهم !!
5- أن هذه الأناجيل التي كُتِبت بعدَ موت المسيح، لم تبقَ على صورتها التي كُتبت عليها أوَّلَ مرَّة؛ حيث اختفتِ النسخ الأولى، وفُقدتْ مِن أيدي الناس مدةً طويلة .. وكذلك فهى لم تبقَ بلُغتها التي كتَبها بها أصحابها أوَّل مرة، فقد كُتبت أصول هذه الأناجيل باللُّغة اليونانيَّة - فيما عدا إنجيل (متَّى) الذي كُتب بالعبرانية - لكنَّ أيًّا مِن اللُّغتين لم تكن لغةً المسيح أصلا، الذي كان يتكلَّم السريانية والآرامية؛ كما دلَّتْ على ذلك الأناجيل، أى أن هذه الأناجيل قد تُرجمت عن تلك اللغات، على أيدي أناسٍ مجهولي الشخصية والعلم والضبط والأمانة !!
6- التناقض والإضطراب فى أهم أسس العقيدة، فالأناجيل تصف المسيح تارة بأنه (الرب) و (الإله)، وتارة أخرى بأنه (ابن الإنسان) و (إنسانًا نبيًّا مقتدرًا في الفِعل والقول) و (النبى)، فكيف يكون ذلك وحيا إلهيا ؟؟
7- أن الرسائل إلى الكنائس، وإلى أهل المدن، والرؤى المنامية، والأحلام، لا يصح اعتبارها جزءا مِن الكتاب المقدس، فهى ليست كلمات إلهية، ولا وحى نزَل بها الرُوح القُدس، ولا دليل على أن الله تعالى هو مَن أوْحى إليهم بها
8- التناقُض الصارخ، والاختلاف الواضِح، والأغلاط التي لا يَقبلها عقلٌ، مما يقطع بأنَّها مِن عند غير الله، وقد بين العلامة رحمه الله الهندي في كتابه (إظهار الحق) ، وجود 125 اختلافاً وتناقضاً في الكتاب المقدس، ووجود 110 من الأغلاط والغرائب التي لا تصح بحال ولا يقبلها عقل، ووجود 45 شاهداً على التحريف اللفظي بالزيادة، و 20 شاهداً على التحريف اللفظي بالنقصان، وهذا يدحض قول النصارى أن الكتاب المقدس قد كتبه أناس مساقون بالروح القدس عن طريق الإلهام الربانى، فلو كان من عند الله لسلم من هذا الاختلاف، قال الله تعالى : (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً), مثالان على التضارب :
* ما هو نسَبُ (المسيح) فى الكتاب المقدس ؟؟ لقد نَسَبه كاتب إنجيل متَّى إلى يوسفَ بن يَعْقوب، وجعَله في النِّهاية مِن نسْل سليمان بنْ داود، بينما نسَبه كاتب إنجيل لوقا إلى يوسف بن هالي، وجعَله في النهاية مِن نسل ناثان بن داود .. وكاتب إنجيل متى قد جعَل آباء المسيح إلى داود سبعةً وعشرين أبًا، أمَّا كاتب إنجيل لوقا فقد جعلهم اثنين وأربعين أبًا !! فكيف يكون كاتب إنجيل متى معصومًا أو ملهمًا من الرُّوح القدس، وهو يجهل نسبَ عيسى ويُسقط من آبائه خمسةَ عشر رجلاً ؟ وهل يليق بالكتاب المقدَّس أن يُنسب المسيح إلى يوسف النجار (خطيب مريم) بدون زواج ؟ إنَّ هذا تصديق لطعْن اليهود في مريم وافترائهم عليها وتبرير لهم فى قذفها بأشنع خطيئة، وهى التى من المعلوم - بحسب العقيدة المسيحية - أنها (والدة الإله) !!
* ما هى أسماء تلاميذ المسيح (الحواريِّين) ؟؟ لقد ذكر متى ولوقا منهم : لبَّاوس الملقب تدَّاوس، فجاء لوقا فحذفه، ووضع بدلاً عنه يهوذا أخا يعقوب، فهل يمكن أن يكون الكتاب الموحى به من الله يجهل أسماء تلاميذ المسيح ؟؟
9- إختلاف الطوائف النصرانية فى عدد (أسفار الكتاب المقدس القانونية)، فالكتاب المقدس للكنيستين الأرثوذكسية والبروتستانتية يحوى 66 سفر (39 سفر فى العهد القديم + 27 سفر فى العهد الجديد)، والكتاب المقدس للكنيسة الكاثوليكية يحوى 73 سفر (46 سفر فى العهد القديم + 27 سفر فى العهد الجديد)، والكتاب المقدس للكنيسة الحبشية يحوى 81 سفر (46 سفر فى العهد القديم + 31 سفر فى العهد الجديد)، والأسفار التى اختلف عليها الأرثوذكس والبروتستانت والكاثوليك هى : طوبيا، يهوديت، تتمة سفر إستير، الحكمة، يشوع بن سيراخ، باروخ، رسالة إرميا، تتمة سفردانيال، المكابيين الأول، المكابيين الثانى، المزمور 151 ..فاى هذه الطوائف كتابها المقدس هو الصحيح الذى حُفِظ وكُتِب بالضبط تماما كما قاله الله ؟؟ أين عصمة الكتاب المقدس المزعومة ؟؟
10- وجود بعض الأعداد من الكتاب المقدس نفسه تؤكد حدوث التحريف وضلال الكهنة والكتبة وفسادهم والتربح من وراء ذلك بعد موت الرسل :
* (أمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ، لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ، إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِنَا)
* (كَيْفَ تَقُولُونَ: نَحْنُ حُكَمَاءُ وَشَرِيعَةُ الرَّبِّ مَعَنَا؟ حَقًّا إِنَّهُ إِلَى الْكَذِبِ حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ الْكَاذِبُ)
* (لأَنَّهُمْ مِنْ صَغِيرِهِمْ إِلَى كَبِيرِهِمْ، كُلُّ وَاحِدٍ مُولَعٌ بِالرِّبْحِ. وَمِنَ النَّبِيِّ إِلَى الْكَاهِنِ، كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ بِالْكَذِبِ)
* (لأَنَّ الأَنْبِيَاءَ وَالْكَهَنَةَ تَنَجَّسُوا جَمِيعًا، بَلْ فِي بَيْتِي وَجَدْتُ شَرَّهُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ)
* (رَأَوْا بَاطِلاً وَعِرَافَةً كَاذِبَةً. الْقَائِلُونَ: وَحْيُ الرَّبِّ، وَالرَّبُّ لَمْ يُرْسِلْهُمْ، وَانْتَظَرُوا إِثْبَاتَ الْكَلِمَةِ. أَلَمْ تَرَوْا رُؤْيَا بَاطِلَةً، وَتَكَلَّمْتُمْ بِعِرَافَةٍ كَاذِبَةٍ، قَائِلِينَ: وَحْيُ الرَّبِّ، وَأَنَا لَمْ أَتَكَلَّمْ؟ لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لأَنَّكُمْ تَكَلَّمْتُمْ بِالْبَاطِلِ وَرَأَيْتُمْ كَذِبًا، فَلِذلِكَ هَا أَنَا عَلَيْكُمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَتَكُونُ يَدِي عَلَى الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَرَوْنَ الْبَاطِلَ، وَالَّذِينَ يَعْرِفُونَ بِالْكَذِبِ. فِي مَجْلِسِ شَعْبِي لاَ يَكُونُونَ، وَفِي كِتَابِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ لاَ يُكْتَبُونَ، وَإِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ لاَ يَدْخُلُونَ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ. مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ أَضَلُّوا شَعْبِي قَائِلِينَ: سَلاَمٌ! وَلَيْسَ سَلاَمٌ)
* (خُذُوا كِتَابَ التَّوْرَاةِ هذَا وَضَعُوهُ بِجَانِبِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ إِلهِكُمْ، لِيَكُونَ هُنَاكَ شَاهِدًا عَلَيْكُمْ. لأَنِّي أَنَا عَارِفٌ تَمَرُّدَكُمْ وَرِقَابَكُمُ الصُّلْبَةَ. هُوَذَا وَأَنَا بَعْدُ حَيٌّ مَعَكُمُ الْيَوْمَ، قَدْ صِرْتُمْ تُقَاوِمُونَ الرَّبَّ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ بَعْدَ مَوْتِي! اِجْمَعُوا إِلَيَّ كُلَّ شُيُوخِ أَسْبَاطِكُمْ وَعُرَفَاءَكُمْ لأَنْطِقَ فِي مَسَامِعِهِمْ بِهذِهِ الْكَلِمَاتِ، وَأُشْهِدَ عَلَيْهِمِ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. لأَنِّي عَارِفٌ أَنَّكُمْ بَعْدَ مَوْتِي تَفْسِدُونَ وَتَزِيغُونَ عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ، وَيُصِيبُكُمُ الشَّرُّ فِي آخِرِ الأَيَّامِ لأَنَّكُمْ تَعْمَلُونَ الشَّرَّ أَمَامَ الرَّبِّ حَتَّى تُغِيظُوهُ بِأَعْمَالِ أَيْدِيكُمْ)
* (وَلكِنَّ هؤُلاَءِ أَيْضًا ضَلُّوا بِالْخَمْرِ وَتَاهُوا بِالْمُسْكِرِ. الْكَاهِنُ وَالنَّبِيُّ تَرَنَّحَا بِالْمُسْكِرِ. ابْتَلَعَتْهُمَا الْخَمْرُ. تَاهَا مِنَ الْمُسْكِرِ، ضَلاَّ فِي الرُّؤْيَا، قَلِقَا فِي الْقَضَاءِ)
كيف يُبلغ النبي وحي الله وهو سكران ؟ كيف تثق في شخص مثل سليمان الحكيم أحد أنبياء وكتبة الكتاب المقدس وهو ممن ضلوا وعبدوا الأصنام وفقا للكتاب المقدس ؟
11- كيف يكون الكتاب المقدس معصوما إذا كانت أعداده نفسها تشهد بغير ذلك ؟؟ فهناك أسفار مفقودة يتكلم عنها الكتاب المقدس، ضيعها اليهود، سواء إهمالا أم عمداً، ولم يصونوا كلمة الله ويحافظوا عليها .. ومن الأسفار الضائعة والمفقودة :
* سفر ياشر : (هُوَذَا ذلِكَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ يَاشَرَ: اَلظَّبْيُ يَا إِسْرَائِيلُ مَقْتُولٌ عَلَى شَوَامِخِكَ)
* كتاب حروب الرب : (لِذلِكَ يُقَالُ فِي كِتَابِ »حُرُوبِ الرَّبِّ:« وَاهِبٌ فِي سُوفَةَ وَأَوْدِيَةِ أَرْنُونَ وَمَصَبِّ الأَوْدِيَةِ الَّذِي مَالَ إِلَى مَسْكَنِ عَارَ، وَاسْتَنَدَ إِلَى تُخُمِ مُوآبَ)
* سفر أمور سليمان : (وَبَقِيَّةُ أُمُورِ سُلَيْمَانَ وَكُلُّ مَا صَنَعَ وَحِكْمَتُهُ أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أُمُورِ سُلَيْمَانَ؟)
* مرثية إرميا على يوشيا ملك أورشليم : (وَرَثَى إِرْمِيَا يُوشِيَّا. وَكَانَ جَمِيعُ الْمُغَنِّينَ وَالْمُغَنِّيَاتِ يَنْدُبُونَ يُوشِيَّا فِي مَرَاثِيهِمْ إِلَى الْيَوْمِ، وَجَعَلُوهَا فَرِيضَةً عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَهَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي الْمَرَاثِي)
* نبوة أخيا النبي الشيلوني :
* أخبار ناثان النبي :
* رؤيا يعدو الرائي :
(وَبَقِيَّةُ أُمُورِ سُلَيْمَانَ الأُولَى وَالأَخِيرَةِ، أَمَاهِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي أَخْبَارِ نَاثَانَ النَّبِيِّ، وَفِي نُبُوَّةِ أَخِيَّا الشِّيلُونِيِّ، وَفِي رُؤَى يَعْدُو الرَّائِي عَلَى يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ؟)
* سفر أخبار صموئيل الرائي :
* أخبار ناثان النبى :
* أخبار جاد الرائي :
(وَأُمُورُ دَاوُدَ الْمَلِكِ الأُولَى وَالأَخِيرَةُ هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ صَمُوئِيلَ الرَّائِي، وَأَخْبَارِ نَاثَانَ النَّبِيِّ، وَأَخْبَارِ جَادَ الرَّائِي)
* سفر الرب : (فَتِّشُوا فِي سِفْرِ الرَّبِّ وَاقْرَأُوا)
* أخبار شمعيا النبي : (وَأُمُورُ رَحُبْعَامَ الأُولَى وَالأَخِيرَةُ، أَمَاهِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي أَخْبَارِ شَمْعِيَا النَّبِيِّ وَعِدُّو الرَّائِي عَنِ الانْتِسَابِ؟)
* مدرس عدو النبي : (وَبَقِيَّةُ أُمُورِ أَبِيَّا وَطُرُقُهُ وَأَقْوَالُهُ مَكْتُوبَةٌ فِي مِدْرَسِ النَّبِيِّ عِدُّو)
* أخبار ياهو بن حناني : (وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يَهُوشَافَاطَ الأُولَى وَالأَخِيرَةِ، هَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي أَخْبَارِ يَاهُوَ بْنِ حَنَانِي الْمَذْكُورِ فِي سِفْرِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ)
* سفر شريعة الله : (وَكَتَبَ يَشُوعُ هذَا الْكَلاَمَ فِي سِفْرِ شَرِيعَةِ اللهِ. وَأَخَذَ حَجَرًا كَبِيرًا وَنَصَبَهُ هُنَاكَ تَحْتَ الْبَلُّوطَةِ الَّتِي عِنْدَ مَقْدِسِ الرَّبِّ)
* سفر شريعة موسى : (فَتَشَدَّدُوا جِدًّا لِتَحْفَظُوا وَتَعْمَلُوا كُلَّ الْمَكْتُوبِ فِي سِفْرِ شَرِيعَةِ مُوسَى حَتَّى لاَ تَحِيدُوا عَنْهَا يَمِينًا أَوْ شِمَالاً)
* سفر التوراة : (وَبَعْدَ ذلِكَ قَرَأَ جَمِيعَ كَلاَمِ التَّوْرَاةِ: الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ، حَسَبَ كُلِّ مَا كُتِبَ فِي سِفْرِ التَّوْرَاةِ)
* سفر ملوك إسرائيل ويهوذا : (وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يُوثَامَ وَكُلُّ حُرُوبِهِ وَطُرُقِهِ، هَاهِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا)
* كتاب إشعياء النبي عن أمور الملك عزّيا : (وَبَقِيَّةُ أُمُورِ عُزِّيَّا الأُولَى وَالأَخِيرَةُ كَتَبَهَا إِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ النَّبِيُّ)
* أخبار الرائيين وملوك إسرائيل : (وَبَقِيَّةُ أُمُورِ مَنَسَّى وَصَلاَتُهُ إِلَى إِلهِهِ، وَكَلاَمُ الرَّائِينَ الَّذِينَ كَلَّمُوهُ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ، هَا هِيَ فِي أَخْبَارِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. وَصَلاَتُهُ وَالاسْتِجَابَةُ لَهُ، وَكُلُّ خَطَايَاهُ وَخِيَانَتُهُ وَالأَمَاكِنُ الَّتِي بَنَى فِيهَا مُرْتَفَعَاتٍ وَأَقَامَ سَوَارِيَ وَتَمَاثِيلَ قَبْلَ تَوَاضُعِهِ، هَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي أَخْبَارِ الرَّائِينَ)
* إنجيل يسوع : (فِي نَارِ لَهِيبٍ، مُعْطِيًا نَقْمَةً لِلَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ، وَالَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ)
* رسالة بولس إلى أهل اللاذقية : (وَمَتَى قُرِئَتْ عِنْدَكُمْ هذِهِ الرِّسَالَةُ فَاجْعَلُوهَا تُقْرَأُ أَيْضًا فِي كَنِيسَةِ الّلاَوُدِكِيِّينَ، وَالَّتِي مِنْ لاَوُدِكِيَّةَ تَقْرَأُونَهَا أَنْتُمْ أَيْضًا)
ما معنى أن ينزل الرب كتاباً مقدسا ويشير فيه إلى كتاب آخر كمرجع يرجع إليه العلماء والدارسون ولا وجود لهذا الكتاب ؟ هل تعلم أن معنى هذا إما أن يكون الرب كاذباَ ومضلِّلاً، أو ناسياً واهماً، أو جاهلاً لا يدرى بعدم وجود هذه الكتب وأخطأ بذكرها - سبحانه وتعالى عن ذلك - ؟
هل يقول الرب فى كتابه المقدس (إنظر الكتاب صفحة كذا) أو (لقد قلت هذا من قبل فى موضع كذا) أو (وباقى التعليمات والأخبار ستجدونها فى صفحة كذا) ؟؟!!
ناهيك عن الكثير من الكلمات والأعداد الضائعة والمفقودة، والكلمات غير المفهومة، ومقدمات الأسفار، التى لا يقول عاقل أبدا أنها من كلمات الله !!
12- الكم الهائل من الأخطاء العلمية والأساطير والأحكام الغريبة والأقوال الشاذة اللامعقولة فى الكتاب المقدس والتى لا يعقل أن تصدر عن إله كلى الحكمة ومطلق العلم والمعرفة مثل القول بأن الجبال تولد، والملح يزرع، وأن الغنم تتوحم، وأنه يوجد خرفان مخططة، وأن الأسد يأكل التبن، والحية تأكل التراب، وأن الحوائط والأقمشة تصاب بمرض البرص، وأن هناك حيوانات وكائنات خرافية كالتنين وبوهيموث ولوياثان والطيور ذوات الأربع، وأن الأرنب حيوان مجتر، وأن هناك أعمدة وزوايا أربعة للأرض، وأن هناك ضربة قمر مثل ضربة الشمس، وأن النظر للشمس مفيد وشرب الماء وحده مضر، وأن الرب له أذيال، الرجل يولد كالجحش، وأن الملائكة تأكل وتشرب، وأن العطر الطيب يستخرج من الذباب المنتن، وأن الأشجار تتحدث مع بعضها، كما يذكر الكتاب المقدس قصصا وأساطير غير معقولة مثل حكاية أن شمشون قتل 1000 رجل بفك حمار طرى، وأن هناك رجل قتل 300 شخص بضربة رمح واحدة، وأن هناك حمارا كان يصحح أخطاء أحد الأنبياء، ويحتوى على تعاليم (مقرفة) مثل طهى الطعام على الخراء البشرى وروث البقر، وأمر الرجال بأكل غرلتهم وشرب أبوالهم !!!
13- إعتراف القساوسة وعلماء النصارى أنفسهم، بأن الأناجيل قد أدخلت عليها تحريفات وتعديلات (مقصودة)، وأنها كتابات بشرية، فعلى سبيل المثال :
* يقول الدكتور منيس عبد النور، راعى الكنيسة الانجيلية - وهو من كبار علماء اللاهوت وحاصل على الدكتوراة فى علوم المسيحية - متحدثا عن التحريف فى مخطوطات العهد الجديد : ((وقد حدثت أحيانآ بعض الأضافات، لتدعيم فكر لاهوتى معين، كما حدث فى إضافة عبارة : (والذين يشهدون فى السماء هم ثلاثة) فى رسالة يوحنا الأولى 5-7 ، حيث أن هذه العبارة غير موجودة فى أى مخطوطات يونانية ترجع إلى ما قبل القرن الخامس عشر، ولا توجد فى الترجمات القديمة، ولا فى أحسن أصول الترجمة اللاتينية، ولعل هذه العبارة جاءت أصلآ فى تعليق هامشى فى مخطوطة لاتينية، وليس كأضافة مقصودة إلى النص الكتاب المقدس، ثم أدخلها أحد النساخ فى صُلب النص))
* ويشهد الأب متى المسكين، بأن خاتمة أنجيل مرقس، والتى تحتوى على العدد 15:16، ضائعة وليس لها وجود فى أقدم و أصح المخطوطات، لذلك لم يسمح له ضميره بتفسيرها فى كتابه "شرح انجيل مرقس" فيقول : ((وبهذا يرتاح ضميرى، إذ أكون قد قدّمت للقارئ مفهوما حقيقيا عن القيامة، بما يتناسب مع الجزء الضائع من نهاية إنجيل القديس مرقس، بل ربما يكون هذا القديس البارع قد قصد أن يترك الحديث عن القيامة غير منته، لأنه لا يوجد كلمات تعبر عنه، هذا هو رأينا فى معنى الجزء الناقص من الأصحاح السادس عشر فى إنجيل القديس مرقس))
* ويقول "هارولد براون "وهو أستاذ فى اللاهوت متكلما عن عصمه الكتاب المقدس : ((لنكن واقعيين، العصمة تختص فقط بالكتابات الأصلية أو مخطوطات الكتاب المقدس التى لم تعد موجودة، وقد أجمع علماء الكتاب على أن المخطوطات الموجودة الآن، تحتوى على أخطاء لبعض النساخ))
أى أن الوحى الأصلى قد ضاع وفقد، وهو ما كان فيه العصمة، رغما عن قول يسوع : (فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ) !!!
إن هذا كله، وغيره من الأسباب، هو مما يورث اليقين بأن الكتاب المقدس، الذى بين يدى النصارى اليوم، ليس هو التوراة والإنجيل الذي أنزلهما الله تعالى على موسى وعيسى عليهما السلام قطعا، وأنه لا يعدو أن يكون (كتابا تاريخيا وأدبيا) !!!
وبالتركيز على كتاب النصارى المقدس (العهد الجديد)، فإن الأناجيل الأربعة لا تعدو أن تكون اجتهادات من تلاميذ المسيح لعرض سيرته، وهي من البعد عن العصمة والإلهام بمكان، وليس من ضمن هذه الأناجيل ما يمكن أن يقال عنه أنه الإنجيل الذي نزل على المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، فقد كتبت جميعاً بعد رفعه إلى السماء، وهي أشبه بكتب السيرة والتراجم، تحكي ما حصل للمسيح، قبل ولادته وأثناء حياته وبعد موته، وتسرد بعض أقواله وتعليماته !!
ولذلك لا يعترف الإسلام بالأناجيل الأربعة أو العهد الجديد، فالإنجيل الذي يؤمِن به المسلمون هو إنجيلٌ واحد، وهو كتاب الله تعالى الذي أنزلَه على عبدِه ورسوله المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، ولم تطاله يد التحريف والتزوير، وفي شأنه يقول الله عزَّ وجلَّ في القرآن الكريم: (وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ)
وقد ذكر القرآن الكريم تحريف اليهود والنصارى للتوراة والإنجيل بالعديد من الأساليب، إذ تم التحريف بالكثير من الأشكال والطرق، إما عمداً وإما سهوا أو خطأً - سواء في متن النص أو فى الترجمة أو في تفسير الكلمات -، فمن الواضح جدا أن تحريفاً كثيراً قد وقع في (الكتاب المقدس)، إلا أنه بالتأكيد لا يزال فيه بعضا من الوحي الإلهي الحقيقى، ولكن لا سبيل إلى معرفته إلا بموافقته لما هو مضمون العصمة (تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة)
1- التحريف بالتبديل، ولىِّ الألسنة بالكتاب، وإلباس الحق بالباطل :
(فَوَيْلٌ للذِينَ يَكْتُبُون الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمّ يَقُولُونَ هَـَذَا مِنْ عِنْدِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لّهُمْ مّمّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لّهُمْ مّمّا يَكْسِبُونَ)
(يَأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
(وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
(وَإِنّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ)
2- التحريف بالزيادة وافتراء الكذب :
(وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)
(قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ)
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ)
(كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ)
3- التحريف بالنقصان والإخفاء والكتمان :
(قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىَ نُوراً وَهُدًى لّلنّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً)
(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَآءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيّنُ لَكُمْ كَثِيراً مّمّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ قَدْ جَآءكُمْ مّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مّبِينٌ)
(الّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنّ فَرِيقاً مّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)
(وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيّنُنّهُ لِلنّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ)
(وَلَما جَآءَهُمْ رَسُولٌ مّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدّقٌ لّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مّنَ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ)
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)
4- التحريف بتغيير المعنى والتفسير، والظن واتباع الهوى:
(فَبِمَا نَقْضِهِم مّيثَاقَهُمْ لَعنّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرّفُونَ الْكَلِمَ عَن مّوَاضِعِهِ)
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)
(أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)
(وَمِنْهُمْ أُمّيّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاّ أَمَانِيّ وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَظُنّونَ)
(وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ)
(إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَىٰ)
(وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا)
(وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ)
(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ * قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ * قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَٰذَا فَإِن شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)
(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنجِيلُ إِلَّا مِن بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)
وقد جاء فى الكتاب المقدس ما يثبت هذا التحريف باتباع الظن وهوى النفس :
((وَلكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هكَذَا، بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضًا عِنْدِي رُوحُ اللهِ))
((وَأَمَّا الْبَاقُونَ، فَأَقُولُ لَهُمْ أَنَا، لاَ الرَّبُّ : إنْ كَانَ أَخٌ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ، وَهِيَ تَرْتَضِي أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ، فَلاَ يَتْرُكْهَا))
((وَأَمَّا الْعَذَارَى، فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ، وَلكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا. فَأَظُنُّ أَنَّ هذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ))
((وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً، وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ، بْنِ هَالِي))
5- التحريف بالتعطيل وعدم العمل بجميع الأحكام :
(قُلْ يَـَأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىَ شَيْءٍ حَتّىَ تُقِيمُواْ التّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مّن رّبّكُمْ)
(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)
(وَلَوْ أَنّهُمْ أَقَامُواْ التّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مّن رّبّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مّنْهُمْ أُمّةٌ مّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ)
(مَثَلُ الّذِينَ حُمّلُواْ التّوْرَاةَ ثُمّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ)
6- الإهمال والنسيان مما يتسبب فى ضياع كلمات الله :
(فَبِمَا نَقْضِهِم مّيثَاقَهُمْ لَعنّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرّفُونَ الْكَلِمَ عَن مّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّا مّمّا ذُكِرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مّنْهُمْ إِلاّ قَلِيلاً مّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنّ اللّهَ يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ * وَمِنَ الّذِينَ قَالُواْ إِنّا نَصَارَىَ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مّمّا ذُكِرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ إِلَىَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ)
(ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ)
http://www.ebnmaryam.com/alta7reef2/alta7reef2.htm
8- هل لأنك متردد وخائف تخشى أن تخسر المسيح والأبدية الموعودة وتخشى أن تتخذ (قرارا خاطئا) تندم عليه ؟
إذا كان هذا هو السبب الحقيقى يا ضيفنا الفاضل لكونك ما زلت على مسيحيتك، فهذا يعنى أنك قد درست الإسلام وقرأت عنه بعض الشىء، وأنك لا ترفضه مبدئيا، بل وربما قد قاربت على الإقتناع به، ولكنك فقط تخشى : (اتخاذ القرار) !!!
فدعنى هنا أتحدث معك بالعقل على أسلوب (الفضفضة) :
أولا : العقل السليم الواعى يقر بأن (التردد فى اتخاذ القرار) فى المسائل المصيرية هو أمر طبيعى للغاية، وأن ذلك ظاهرة صحية، ففى التأنى السلامة، لأن العجلة فيها ما فيها .. مبدأ عقلانى ومنطقى لا خلاف عليه مطلقا .. وبالطبع، ليس هناك قرار مصيرى أخطر وأكثر أهمية من قرار العقيدة والدين، إذ تتوقف على صحته (أبدية مصير الإنسان)
ثانيا : سوف أفترض معك جدلا، أن نسبة ضمان الأبدية فى الإسلام 50% فقط، وقد بينت لك سابقا كذب ضمان الأبدية بنسبة 100% فى المسيحية، أى أننى (سأفترض) أن نسبة ضمان الأبدية فى العقيدتين هى 50%
حينها ستكون بين خيارين :
1- رفض العقيدتين (الإلحاد أو اتباع الديانات الوثنية)
2- إختيار أحدهما والرضا بنسبة الضمان 50%
العقل السليم بالطبع، يرفض الخيار الأول، لأن نسبة ضمان الأبدية فيه صفر% (بما يعنى أن الخسارة مؤكدة بنسبة 100%)
ثالثا : إستقررنا على الخيار الثانى، فيبرز السؤال الهام الحاسم، كيف أختار بين الطريقين إذا كانت نسبة الضمان فى كليهما 50% فقط ؟؟؟
فى هذه النقطة (مفترق الطرق)، يأتى دور العقل الذى كرم الله به الإنسان :
ما دام الإختيار (إجباريا)، ونسبة الضمان واحدة، فلننظر المحاسن والعيوب، أو لندرس (جدوى المشروع)، ومدى قبول العقل واطمئنان القلب له، بدون أى ضغوط أو مؤثرات خارجية أو أحكام مسبقة، واضعين دائما مصلحتنا ومصيرنا فى المقام الأول نصب أعيننا، ندرس كل شىء بدقة، ولا نتعجل، ثم نتوكل على الله، ونسأله المعونة والتوفيق والإرشاد، ونختار طريقنا بلا تردد
-------------------------------------------
ولنأخذ مثالا على القرارات المصيرية المألوفة فى حياة المرء : (قرار الزواج)
ماذا ستفعل إذا كان هناك فتاتان تريد الزواج من إحداهما ؟؟
أنت يا ضيفنا الفاضل العاقل، فى اتخاذك للقرار فى هذه المسألة، سوف تتبع هذه الخطوات حرفيا، وتعلم أن من يهمل فى اتخاذ هذه الخطوات بالترتيب فهو شخص (أحمق) و (آخرته سودة) و (مستهتر بمستقبله) !!!
مبدئيا .. أنت لن تعلم ماذا قد يصادفك مستقبلا بعد الزواج مهما فعلت .. لا تعلم إن كنت ستسعد أم ستشقى .. وإن كانت ستكون زوجة صالحة أم شريرة .. لكنك ستأخذ بالأسباب متوكلا على الله فى الإختيار بكل صفاء وحسن نية :
1- ستدعو الله أولا أن يلهمك الصواب، ويختار لك الأفضل
2- ستدرس بدقة (ما سمعت) عن محاسن وعيوب كل من الفتاتين، فإن تساويا أو تقاربا فى حسن (السيرة)، ستنتقل إلى الخطوة التالية :
3- ستبذل مجهودا ووقتا فى (التحقق بنفسك) من أخلاقهما، وطباعهما، وتدينهما، وجمالهما، ومركزهما الإجتماعى، ومستواهما الثقافى، ودراسة كل ذلك بدون أى أحكام مسبقة، ولا استعجال، فإن تساويا أو تقاربا فى المميزات، ستنتقل إلى الخطوة التالية :
4- ستنظر مدى قبول عقلك واقتناعه بمواصفاتهما السابق التأكد منها، واضعا مصلحتك وسعادتك فى المقام الأول نصب عينك، فإن تساويا أو تقاربا فى إقناعك، ستنتقل إلى الخطوة التالية :
5- سترى مدى اطمئنان قلبك وميله لإحداهما بدون أى مؤثرات خارجية أو ضغوط، فإن تساويا أو تقاربا فى الميل القلبى وإدخال السرور على نفسك، ستنتقل إلى الخطوة التالية :
6- تتوكل على الله وتسأله المعونة والتوفيق والإرشاد وحسن الإختيار، ثم تنتقل إلى الخطوة الأخيرة :
7- تختار شريكة حياتك بلا تردد، وأنت مطمئن القلب تماما !!!
هذه الخطوات هى ما يتبعه العاقل فى مسألة مصيرية كالزواج
وبالطبع أنت تعلم مصير من يهمل فى اتباع هذه الخطوات، كمن يتزوج فتاة قد سمع عنها فقط، أو يتزوجها بضغط من الأهل، أو يتزوجها لمجرد جمالها ومالها وتعليمها، أو يتزوجها لمجرد أنها من أقربائه، أو يتزوجها لأنه يحبها بجنون ويريدها بأى شكل، أو يتزوجها لتحقيق مصلحة دنيوية، أو يتزوجها من أجل وعد كاذب وعدته به، أو يتزوجها لمجرد أنها فتاة تعرف كيف تجعله مرتاحا وسعيدا بغض النظر عن أى شىء آخر !!!!
هذا المثال ضربته لك فقط كمثال على الخطوات العقلية التى يتخذها الإنسان الذكى الحريص على نفسه، عندما يكون عليه أن يقرر الإختيار بين طريقين، مع اعترافى أنه ليس مثالا يطبق حرفيا على اختيار الدين، لأنك ببساطة تستطيع رفض الزواج بالفتاتين إن لم تقتنع بهما بشكل كاف، وليس هناك ما (يجبرك) على الإختيار بينهما، فقد تبحث عن فتاة أخرى، أو قد لا تتزوج مطلقا !!
فباتباع هذه الإجراءات والإرشادات - بالترتيب - يا ضيفنا العزيز، لن تكون (مترددا) ولا (خائفا) من اتخاذ القرار بشأن اختيار (مصيرك الأبدى) بنفسك :
1- جدد نيتك بالبحث عن طريق الحق والحياة، بدون أى مؤثرات خارجية أو ضغوط أو أحكام مسبقة
2- أقرأ كتاب الإسلام المقدس (القرآن الكريم)، لتستشعر بقلبك وعقلك ووجدانك الفرق الهائل بين كلام الله تعالى وكلام البشر
3- إدرس بدقة، وبكل حيادية وإنصاف، (ما سمعت) عن الإسلام، أعمل عقلك وفهمك، وتعمق ما استطعت فى دراسة أركانه وأحكامه وعباداته ومعاملاته، ودراسة السيرة النبوية والأخلاق الإسلامية - وستساعدك الروابط المبسطة التى أدرجتها لك فى نهاية المشاركة فى هذا الأمر -، ستبذل مجهودا ووقتا فى (التحقق بنفسك) من دين الإسلام، فلا تستعجل فى الحكم له أو عليه، حتى تدرسه باستفاضة، على قدر طاقتك ووقتك، ونحن - بعد الله تعالى - سنعينك فى هذه الخطوة بكل سرور
4- إذا وجدت قبولا عقليا وقلبيا واقتناعا مبدئيا بالدين الإسلامى، فلا تتعجل، راجع قراءة الموضوع مرة أخرى، وتحقق من الفروقات بين عقيدتى الإسلام والنصرانية، واستفت قلبك وعقلك - بدون أى مؤثرات خارجية أو ضغوط أو تحيز - أيهما أقرب إلى العقل والمنطق، والحقيقة والفطرة ؟ وذلك من حيث :
* سلاسة ووضوح العقيدة
* عدم المخالفة للعقل، ولا التكليف بما لا يستطاع
* العدل، والرحمة، وسهولة التطبيق
* المسايرة لحاجات البشر
* الأمر بكل خير ومعروف وطيب، والنهى عن كل شر ومنكر وخبيث
* التقديس والتعظيم لمقام الله تعالى وكلماته، وتوقير الأنبياء والرسل
* الأمر بالإحسان إلى الغير واحترامهم وإنصافهم
5- توجه بكل قلبك وعقلك إلى الله أن يلهمك الصواب، قم واغتسل، وارتد أحسن ما عندك من ثياب، وتعطر، ثم أغلق عليك بابك، واسجد إلى الله، واضعا وجهك على الأرض، وداعيا إياه من كل قلبك وضميرك، بدون أن يكون فى ذهنك حينها أى شىء (لا صليب ولا كنيسة ولا صورة يسوع أو العذراء ولا أى شىء)، إدع الله فقط بقولك وأنت ساجد : (يا الله الإله الواحد، الخالق الرازق، الحىّ الذى لا يموت، عرِّفنى نفسَك، وعرِّفنى الحقَ، وأبصرنى نورَك، واهدنى الصراط َالمستقيم، وخذ بيدى من الظلمات إلى النُور)، فقط كرر هذا الدعاء، وليس فى عقلك شىء غيره، ولا تصور لأى شىء محدد
6- توكل على الله، واسأله المعونة والتوفيق والإرشاد وحسن الإختيار، ثم اتخذ القرار بلا تردد، واتبع ما يليه عليك عقلك وروحك، وأنت مطمئن القلب تماما
تفضل يا ضيفنا الكريم بالتعرف على الإسلام باختصار .. فقد وضعت لك بعض الروابط، بها معلومات مختصرة ومركزة، عن أساسيات دين الإسلام، حتى لا تمل ولا تُرهق من كثرة وطول القراءة :
https://ar.islamway.net/article/4990...AF%D9%85%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/5041...B1%D8%B9%D9%8A
https://ar.islamway.net/article/5036...A7%D9%85%D9%8A
https://ar.islamway.net/article/5036...AD%D9%8A%D8%AF
https://ar.islamway.net/article/5037...AD%D9%8A%D8%AF
https://ar.islamway.net/article/5037...AD%D9%8A%D8%AF
https://ar.islamway.net/article/5037...AD%D9%8A%D8%AF
https://ar.islamway.net/article/5038...AA%D9%87%D8%A7
https://ar.islamway.net/article/4265...86%D9%87%D8%A7
https://ar.islamway.net/article/4299...B3%D9%84%D9%85
https://ar.islamway.net/article/5041...B6%D9%88%D8%A1
https://ar.islamway.net/article/5061...B6%D8%A7%D9%86
https://ar.islamway.net/article/5095...B9%D9%87%D8%A7
https://ar.islamway.net/article/5095...83%D8%A7%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/5096...B5%D8%AF%D9%87
https://ar.islamway.net/article/5095...85%D8%B1%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/5187...B2%D8%A7%D9%86
https://ar.islamway.net/article/5229...81%D8%B1%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/5275...B3%D8%A7%D8%A1
https://ar.islamway.net/article/5275...B9%D8%A7%D8%A1
https://ar.islamway.net/article/5283...B1%D9%8A%D9%85
https://ar.islamway.net/article/5283...AF%D9%82%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/5188...B9%D9%8A%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/5423...88%D9%8A%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/5872...82%D8%A7%D8%AA
https://ar.islamway.net/article/5873...A7%D8%B5%D9%8A
https://ar.islamway.net/article/5875...88%D9%8A%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/6019...88%D9%8A%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/6434...A7%D8%B1%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/6447...84%D8%A7%D9%85
https://ar.islamway.net/article/6459...84%D8%A7%D9%85
https://ar.islamway.net/article/6449...AA%D9%85%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/6513...AE%D8%B1%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/6455...A8%D8%B1%D9%89
https://ar.islamway.net/article/6448...AC%D8%A7%D9%84
https://ar.islamway.net/article/6504...A7%D9%85%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/6564...A7%D9%85%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/6626...B1%D8%A7%D8%B7
https://ar.islamway.net/article/6602...A7%D9%85%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/6612...86%D8%A7%D8%B1
https://ar.islamway.net/article/6615...B1%D8%A3%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/6623...B3%D8%A7%D8%A1
https://ar.islamway.net/article/6623...88%D8%AC%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/6625...83%D8%A7%D8%AD
https://ar.islamway.net/article/6629...AC%D9%8A%D9%86
https://ar.islamway.net/article/6629...84%D8%A7%D9%85
https://ar.islamway.net/article/6630...84%D8%A7%D9%82
https://ar.islamway.net/article/6632...86%D9%83%D8%B1
https://ar.islamway.net/article/6632...88%D8%A8%D8%A9
https://ar.islamway.net/article/6632...B3%D9%84%D9%85
وإن أردت الإستزادة من المعلومات يا ضيفنا الكريم، فيمكنك البحث عبر الإنترنت فى المواقع الإسلامية الموثوقة، والمنتديات الدعوية الكبيرة، كما يمكنك بالطبع مناقشتنا هنا فى منتديات أتباع المرسلين، وسؤالنا عن أى شىء لا تفهمه، وحول أى مسألة تريد استيضاحها وتفسيرها والرد عليها بإجابات موثقة عقلانية، إذ يسعدنا ويشرفنا جدا مساعدتك فى مهمة (البحث عن طريق الحق)
9- هل لأنك متزوج/متزوجة ولا تستطيع الإسلام كيلا تتدمر أسرتك وتخشى قطيعة الأقرباء والأصدقاء وتخشى فقدان عملك أو مركزك الإجتماعى ؟
هنا يؤسفنى أن أقول لك بكل صراحة يا ضيفنا الفاضل، أنك لم تقتنع بالإسلام أصلا، ولم تدرسه بفهم وتدبر، ولم تعرف (الإله الحقيقى) وصفاته بعد، وأنك بحاجة ماسة إلى مراجعة نفسك وعقيدتك !!!
1- فمن صميم عقيدة الإسلام، أن المسلم لا يخشى شيئا ولا أحدا إلا الله :
(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا)
(إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)
(فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)
2- ومن صميم عقيدة الإسلام،أن المسلم لا يؤثر الحياة الدنيا على الآخرة :
(مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا)
(بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ)
(إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ)
3- ومن صميم عقيدة الإسلام،أن المسلم لا يحب أحدا بقدر حبه لله ورسوله :
(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ)
((لا يُؤمِنُ أحدُكُم حتى يكونَ اللهُ ورسولُه أحَبَّ إليه ممَّا سِواهُما، وحتى يُقذَفَ في النَّارِ أحَبَّ إليه مِن أنْ يَعودَ في الكُفرِ، بعدَ إذ نجَّاه اللهُ منه، ولا يُؤمِنُ أحدُكُم حتى أكونَ أحَبَّ إليه مِن وَلَدِه، ووالِدِه والنَّاسِ أجمَعينَ))
4- ومن صميم عقيدة الإسلام،الإيمان بأن الله تعالى وحده هو الرازق الوهاب :
(وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)
(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)
(أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ)
5- ومن صميم عقيدة الإسلام، الإيمان بأن الله تعالى وحده هو مدبر الأمور :
(قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ)
(اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ)
6- ومن صميم عقيدة الإسلام،الإيمان بأن الله تعالى وحده هو المعطى المانع :
(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
(لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)
((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يقولُ في دُبُرٍ كلَّ صلاةٍ مكتوبةٍ : لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له المُلكُ، وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ. اللهم لا مانعَ لما أعطَيتَ، ولا مُعْطيَ لما منَعتَ، ولا يَنفعُ ذا الجَدِّ منك الجَدُّ))
7- ومن صميم عقيدة الإسلام، الإيمان بأن الله تعالى وحده هو الكافى الحسيب :
(أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)
(فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
(وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا)
(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ)
8- ومن صميم عقيدة الإسلام، الإيمان بأن الله تعالى وحده هو الناصر المستعان المنجى :
(وَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)
(بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ)
(فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
(إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)
(قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ)
9- ومن صميم عقيدة الإسلام، الإيمان بأن القدر خيره وشره بيد الله تعالى وحده :
(وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
(وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
(مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)
10- ومن صميم عقيدة الإسلام، الإيمان بأن من ترك شيئا لله تعالى عوضه خيرا منه :
(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)
(لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ)
(مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)
((ما ترَك عبدٌ شيئًا لا يترُكُه إلَّا للَّهِ إلَّا عوَّضَه اللَّهُ منهُ ما هوَ خيرٌ لهُ في دينِه ودنياه))
11- ومن صميم عقيدة الإسلام، الإيمان بعظم ثواب الصبر :
(قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ۗ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)
(وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ)
(أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ * وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ * وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ* سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)
(لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)
12- ومن صميم عقيدة الإسلام، الإيمان بأن كل ما فى الدنيا متاع زائل :
(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)
(وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)
(يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ)
13- ومن صميم عقيدة الإسلام، الإيمان بأن الآخرة هى ما ينبغى العمل والإجتهاد له :
(وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)
(سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)
(وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَٰلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)
14- ومن صميم عقيدة الإسلام،الإيمان بأن مرضاة الله تعالى هى الغاية العظمى :
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ)
(الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)
15- ومن صميم عقيدة الإسلام،الإيمان بأن الأهل والعشيرة لن ينفعوا المرء يوم القيامة شيئا :
(لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
(فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)
(لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
16- ومن صميم عقيدة الإسلام،الإيمان بأنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق :
(وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)
(وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)
((عن عبدِ اللهِ بن حذافةَ أن رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أمّره على سريةٍ، فأمرهم أن يجمعوا حطبًا ويوقدوا نارًا، فلما أوقدوها أمرهم بالقحمِ فيها، فأبوا، فقال لهم : ألم يأمرْكم رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بطاعتي؟ وقال: من أطاع أميري فقد أطاعني؟ فقالوا : ما آمنا باللهِ واتبعنا رسولَه إلا لننجو من النارِ، فصوب رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فعلهم وقال : لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ))
تأكد يا ضيفنا الفاضل أن هذا هو أسلوب الشيطان فى تخويف البشر، وصدهم عن سبيل الله، وإبقاءهم بعيدا عن الإيمان، فى دائرة الكفر والشرك
فالشيطان، عدو الإنسان اللدود - بشهادة الإسلام والمسيحية -، لا يرضيه إطلاقا أن ينجو بشر من المصير المحتوم الذى توعد الله الشيطان به (الخلود فى جهنم)، ولا يهدأ له بال حتى يكفر الإنسان بخالقه ويشرك به، وتلك العداوة سببها واضح وضوح الشمس، وهو تفضيل وتكريم الله تعالى لآدم، وطرده للشيطان من رحمته ومن الجنة ملعونا، بسبب رفضه السجود لآدم، غرورا واستكبارا وتمردا منه على أمر الله، واستحقارا لآدم، فأقسم الشيطان بعزة الله تعالى أن يستأثر بأكثر بنى آدم، ويغويهم ويضلهم :
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا * قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا * قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا)
(إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ* قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ)
(قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ)
(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ * قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ هَٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ)
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا * إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا * لَّعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا)
فإذا هممت بالإسلام ونطق الشهادتين، أخذ الشيطان فى تخويفك :
* سيقاطعك أقرباؤك وأهلك، الذين تربيت فى وسطهم، وسينبذك جميع أصدقاؤك وزملاؤك، وستموت وحيدا مكروها، ولن ينفعك المسلمون الإرهابيون شيئا !!
* سيمرض والداك اللذان ربياك أيها الجاحد، وربما يموتان بسببك، حزنا على تغيير دينك وخسارتك الأبدية !!
* سيطلب شريك حياتك الطلاق، وربما ينتحر، وتخسره إلى الأبد، وتخسر أبنائك الذين تعبت فى تربيتهم، وتتدمر أسرتك التى تحبك، ولن تستطيع العيش بدونها !!
* ستخسر عملك ووظيفتك، ويكون الإسلام سبب فقرك، وذهاب ثروتك، ومصادرة أملاكك، التى شقيت وكدحت وأفنيت عمرك وصحتك فى جمعها، وستخسر مركزك الإجتماعى، ولن يؤمِّن لك الإسلام عملا، ولا سكنا، ولا طعاما، ولا شرابا، ولا دواء، ولا كساء !!
* سيطاردك أمن الدولة، ويعتقلونك، ويسلمونك إلى الكنيسة، ويذيقك مَن فيها صنوف العذاب والتنكيل، وسيلعنك آباء الكنيسة، ويطردونك من رحمة الرب، وستخسر ملكوت السماوات، وتلقى فى بحيرة الكبريت !!
* ستجد التكاليف والعبادات والقيود والمحرمات فى الإسلام كثيرة جدا، و سيحرمك الإسلام من كل متعة أو تسلية أو ترفيه، بحجة الحرام والحلال، وستكون عبدا مقيد الحرية حتى فى ارتداء الملابس !!
* ستعيش مكتئبا وقلقا، وتفقد - إلى الأبد - مَن ضمن لك الخلاص وفداك بدمه، هل هناك عاقل يستبدل دين الحب واليسر والضمان، بدين المشقة والعنف والإرهاب واللاضمان ؟، هل ستترك يسوع الذى أحبك، لتنضم إلى الكاذبين الإرهابيين وتخسر كل شىء أيها الغبى ؟ !!
إلى آخر هذه الوساوس والتخويفات، والتى جميعها لها نفس الهدف : (الصد عن دين الإسلام، المفتاح الحقيقى للملكوت والجنة) !!!!
يا ضيفنا الفاضل هى نصيحة واحدة لك :
(فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ)
(وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ)
(فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)
10- هل لأنك ترى إجراءات إشهار إسلامك معقدة وأن أنظمة الدولة والكنيسة سيضطهدانك ؟
يا ضيفنا الفاضل يجب أن تعلم عددا من النقاط الهامة :
1- إن من محاسن دين الإسلام أنّ العلاقة فيه بين العبد والربّ ليس فيها وسائط، ومن محاسنه أنّ الدخول فيه لا يحتاج إلى إجراءات ومعاملات بشرية، ولا موافقة أشخاص معيّنين، بل إنّ الدّخول فيه سهل ميسّر، يمكن أن يفعله أي إنسان ولو كان وحده في صحراء أو غرفة مغلقة، فالقضية كلّها هي نطق بجملتين، تحويان معنى الإسلام كلّه، وتتضمنان الإقرار بعبودية الإنسان لربّه، واستسلامه له، واعترافه بأنّه إلهه ومولاه والحاكم فيه بما يشاء، وأنّ محمدا عبد الله ونبيه الذي يجب اتّباعه بما أوحي إليه من ربّه، وأنّ طاعته من طاعة الله عزّ وجلّ، ((أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمدا رسول الله))، فمن نطق بهاتين الشهادتين موقنا بهما ومؤمنا، صار مسلما وفردا من أفراد المسلمين، له ما للمسلمين من الحقوق، وعليه ما على المسلمين من الواجبات، ويبدأ بعدها مباشرة بأداء ما أوجبه الله عليه من التكاليف الشّرعية، كأداء الصلوات الخمس في أوقاتها، والصيام في شهر رمضان، وغير ذلك
2- إذا دخل الشخص في الإسلام عن اعتقاد ويقين، ونطق بالشهادتين، فإنه يكون مسلما، له ما للمسلمين، وعليه ما عليهم، حتى ولو لم يسجّل إسلامه رسميا، ولو لم يراجع محكمة أو مركزا إسلاميا ليأخذ وثيقة بذلك، ولم يُشهر إسلامه أمام الملأ
3- لا يجب على من أراد أن ينطق بالشهادتين أن يحضره شهود، بل ينطق بهما بلسانه، ويكفيه هذا للدخول في الإسلام، فلا يشترط حتى يكون المرء مسلماً أن يعلن إسلامه بين يدي أحدٍ من الناس، فالإسلام أمر بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى، وإذا أشهد على إسلامه شاهدين لتوثيق ذلك في وثائقه الخاصة الرسمية فلا بأس, لكن دون جعل ذلك شرطاً في صحة إسلامه
4- يُكرَه لمن كان نصرانيا وأسلم أن يعلن إسلامه على الملأ إذا كان سيتعرض لأذية من أهله أو الإضطهاد من غيرهم لهذا السبب، ويكفي إسلامه سراً، قال الله تعالى: (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ)، فهذا الرجل مؤمن بنص القرآن، مع أنه كان يخفي إيمانه عن فرعون وقومه خوفاً على نفسه، وفي قصة إسلام أبي ذر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا أبا ذر اكتم هذا الأمر)) ـ أمر إسلامه خوفا عليه من بطش وتعذيب قومه - وهذا دليل على جواز كتم الإسلام لمصلحة أو خشية ضرر، إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا :
(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ * وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)
5- لا خلاف بين المسلمين على أنه من كان مستضعفا، وقد آمن وأسلم في دار الكفر (كدولة كافرة، أو بيئة كافرة، أو أسرة كافرة)، وكان عاجزا عن الجهر بإسلامه خوفا من البطش والطرد والتنكيل، لا يجب عليه من الشرائع المفروضة ما يعجز عنها، بل الوجوب بحسب الإمكان والقدرة
* فالنجاشى ملك الحبشة, قد بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في دار الكفر، وعلم أنه رسول الله، فآمن به وبما أنزل عليه، واتقى الله ما استطاع، لم يمكنه الهجرة إلى دار الإسلام، ولا هو التزم جميع شرائع الإسلام، لكونه ممنوعا من الهجرة، وممنوعا من إظهار دينه، وليس عنده من يعلِّمه جميع شرائع وأحكام الإسلام، فكثير من شرائع الإسلام وعباداته وفروضه، أو أكثرها، لم يدخل فيها النجاشى لعجزه عن ذلك، فلم يهاجر من أرض الكفر، ولم يجاهد فى سبيل الله، ولا حج البيت، ولا اعتمر، بل قد روي أنه لم يكن يصوم شهر رمضان أو معظم أيامه، لأن ذلك كان يظهر عند قومه، فينكرونه عليه، وهو لا يمكنه مخالفة قومه لكثرتهم، وبالطبع لم يكن يمكنه أن يحكم بينهم بحكم القرآن ... فهو وإن كان ملك النصارى فى الحبشة، إلا أن قومه وشعبه لم يطيعوه في أمر الدخول في الإسلام، فما آمن وأسلم معه إلا قليل، ولهذا لما مات لم يكن هناك من يصلي عليه، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، فخرج بالمسلمين إلى المصلى يوم مات النجاشى، وأخبرهم بموته قائلا : (إن أخا لكم صالحا من أهل الحبشة قد مات)، فصفهم صفوفا، وصلى عليه
* وكذلك كان مؤمن آل فرعون مع قوم فرعون :
(وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ * يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ * وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ * مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ * وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ)
* وكذلك كانت امرأة فرعون :
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)
* وكذلك كان يوسف الصديق عليه السلام مع أهل مصر، فإنهم كانوا كفارا، ولم يكن يمكنه أن يؤدى وهو فى وسطهم كل ما يعرفه من دين الإسلام من عبادات وفرائض، فقد دعاهم إلى التوحيد والإيمان فلم يجيبوه :
(قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ * يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
فالنجاشي وأمثاله من المؤمنين، سعداء في الجنة، وإن كانوا لم يلتزموا من شرائع الإسلام ما لا يقدرون على التزامه
6- لا يجوز للمسلم أن يتظاهر بالكفر إلا عند الإضطرار مخافة خطورة أكيدة، فعلى من كان نصرانيا وأسلم، أن يحاول التملص من الذهاب إلى الكنيسة بكل وسيلة، وألا يستسلم لضغوطات الأهل فى ذلك، وأن يتحجج بأى عذر ما استطاع إلى ذلك سبيلا، فإن لم يستطع، وكان فى رفضه الذهاب إليها مظنة تأكد أهله من تغييره لدينه وتركه لعقيدته النصرانية مما يعرضه للخطر، فلا بأس عليه من دخولها، ولا حرج عليه حتى فى الإضطرار لمسايرتهم فيما يفعلون شكليا - مع إنكاره بالقلب -، شرط أن يجتنب ما استطاع الإتيان بالأقوال والأفعال الكفرية والشركية، من سجود للتماثيل والصلبان، أو تلفظ بألوهية المسيح، أو تقبيل لأيدى القساوسة، أو تناول للقرابين، فإن اضطر مكرها إلى ذلك، فلا إثم عليه، ما دام ينكر كل ذلك بقلبه، وفى قصة عمار بن ياسر خير دليل على عدم كفر من تلفظ بالأقوال الشركية مكرها :
فقد ظل الكفار يعذبون عماراً بالحرق بالنار، والجلد بالسياط فى الصحراء الملتهبة، وغط رأسه فى الماء حتى الإشراف على الغرق والإختناق، إلى أن اضطروه تحت وطأة التعذيب أن يذكر آلهتهم وأصنامهم بالخير، ويذكر محمداً صلي الله عليه وسلم بالسوء, فذهب عمار الي رسول الله حزينا يبكى، ويشتكي إليه ما حدث له، وهو خائف أن يكون إسلامه قد قد انتقض بما قال, فقال له رسول الرحمة : ((أليس قلبك مطمئن بالإيمان يا عمار؟))، فقال عمار: ((بلي, يا رسول الله)) ، فقال صلي الله عليه وسلم : ((فان عادوا فعُد))، وفيه نزل قول الله تعالى : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)
7- بالنسبة للفروض فى الإسلام، فإن هذا الدين العظيم يراعى حال المرء المكلف :
(1) الحال الأولى :
حال تمكن الإنسان وصحته وسعة أمره : فهذا يجب عليه أن يأتي بالعبادات الشرعية على وجهها، فيأتي بالصلوات الخمس في مواقيتها الشرعية، ولا يخرج شيئا منها عن وقته، ويأتي بشروط وأركان الصلاة كاملة، من طهارة الثوب والبدن والمكان، واستقبال القبلة، وستر العورة ... إلى آخره
(2) الحال الثانية :
حال أهل الأعذار، فهؤلاء يرخص لهم، ويسهل عليهم ما لا يسهل على من لا عذر له، فمن عجز عن الطهارة بالماء، إما لمرضه أو لعجزه عن استعمال الماء، أو لانعدام الماء، فإنه يتيمم ويصلي، ومن عجز عن الصلاة قائما، صلى قاعدا أو مضطجعا، ومن عجز عن الصوم في رمضان، أفطر اليوم الذي يعجز فيه وقضاه بعد رمضان، فإن لم يستطع أطعم مسكينا عن كل يوم أفطره، ومن قدر عليه رزقه فلا زكاة عليه، وهكذا الحال في جميع الأحكام التكليفية العملية، فمتى دخل العبد في الإسلام، وآمن بالله ربا، وبنبيه محمد صلى الله عليه وسلم رسولا، فإنه يؤمر بأن يأتي بما يمكنه الإتيان به، ويعذر فيما عجز عنهولم يستطعه
وهذا أصل مقرر في دين الإسلام، لا اختلاف عليه، والأدلة عليه من كتاب الله وسنة رسوله كثيرة متواترة، قال الله تعالى : (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ)، (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)، (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) .. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ هذا الدِّينَ يُسْرٌ))، ((يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا))، ((مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ))
فهناك أصل شرعي عام وثابت، دلت عليها النصوص السابقة، وغيرها كثير، وهو أن الله تعالى لا يكلف عباده بما لا يستطيعون ولا بما يشق عليهم فعله، كما قال تعالى : (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، فمتى أمر الله عباده بشيء، وجب عليهم امتثاله كما أمر، فإن عجزوا عن بعضه، سقط عنهم ما عجزوا عنه وبقي عليهم أن يتقوا الله قدر استطاعتهم وينفذوا ما في إمكانهم أن ينفذوه من أمره
فمن كان في حال من السعة والاختيار، آمنا على نفسه، فالواجب عليه أن يصلي الصلوات في وقتها، بكامل شروطها وأركانها وواجباتها، فيتطهر، وتلبس المرأة الحجاب الشرعي، ويصلى في مكان طاهر يصلح للصلاة
وأما من كان في حال العذر، والضيق، والخوف على نفسه من الأذى أو الضرر، فالواجب عليه أن يتقي الله ويأتى بالعبادات على (قدر استطاعته)، فإذا لم يكن أمامه مكان يمكنه أن يصلي فيه سوى الحمام (دورة المياه) مثلا، حتى لا ينكشف أمر إسلامه، فلا حرج عليه أن يصلي فيه، وإذا لم تتمكن المرأة من لبس الحجاب الشرعي، حتى لا تلفت إليها الأنظار، فلها أن تصلي في أحسن ملابسها وأكثرها احتشاما، وأقربها للستر
وإذا لم يتمكن المرء المستضعف من أداء الصلوات الخمس في مواقيتها، فليصل الفجر حينما يكون أهله في البيت نائمين، ثم يصلي الظهر مع العصر، إما في وقت الظهر وإما في وقت العصر بحسب ما تسمح به ظروفه، ويصلي المغرب مع العشاء، على هذا النحو أيضا، فإن عجز عن الصلاة في هذه الأوقات الثلاثة، وفاته شيء منها، فمتى تمكن وأمن على نفسه، فليصل ما فاته، ولا حرج عليه
ومن لا تستطيع لبس الحجاب الشرعى، ولا صيام رمضان في وقته، لما تخشاه من الضرر عليها إن أظهرت إسلامها، فإنها تلبس الثياب العادية (المحتشمة بقدر المستطاع بما لا يثير الريبة فى تحولها إلى الإسلام)، وتقوم بقضاء الصيام في غير رمضان أو تطعم مسكينا عن كل يوم، ولا حرج عليها في ذلك إن شاء الله، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وقد أجاز أهل العلم لأصحاب تلك الأحوال أكثر من ذلك عند الضرورة
8- ما قد يقع من قطيعة للرحم بسبب معرفة إسلام المرء، فالشرع لا يلتفت إلى هذا في مقابل الإيمان بالله وحده، فقد قاتل الصحابة قرابتهم من الكفار فى سبيل الله :
(لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
9- من كان مقتدرا على إشهار إسلامه فليفعل، كى يتسنى له استخراج المستندات الشخصية الرسمية (البطاقة الشخصية - جواز السفر - الإقامة - شهادة الميلاد) وتغيير الإسم والبيانات فيها، وإجراء المعاملات الرسمية والحكومية (خاصة الزواج والتقاضى)، والتى لا تعترف إلا بالمستندات الموثقة والمختومة
وهذا الأمر سهل ولا تعقيد فيه فى البلاد التى تنص دساتيرها على حرية اعتناق الدين، فكل المطلوب هو الذهاب إلى (غرف إشهار الإسلام) التابعة لوزارة الأوقاف والشئون الدينية فى بلدك، ومعك المستندات المطلوبة : (شهادة الميلاد - بطاقة شخصية أو جواز سفر أو إقامة - صور فوتوغرافية) ، حيث تنطق بالشهادتين أمام الشيخ أو الموظف المختص، وأمام الشهود الحاضرين معه، ليقروا بأنهم قد شهدوا حضورك وإشهار إسلامك، ثم يتم تسجيل بياناتك على الحاسب الآلى، وإعطائك شهادة مختومة بإشهار الإسلام، فتقوم بتوثيقها فى الشهر العقارى (أو ما يقابله من مصالح التوثيق فى مختلف البلاد)، كى تستخدمها فى استخراج المستندات الشخصية الرسمية وتغيير الإسم والبيانات فيها، وغالبا ما يكون ذلك بدون أى رسوم (مجانى)
هنا قد انتهت رسالاتى إليك يا ضيفنا الكريم
فاقرأ، وتدبر، واختر لنفسك طريقها
فقد بلغناك رسالة الإسلام، وأبصرناك ما قد يكون خافيا عليك
فاستخدم عقلك الذى أنعم الخالق به عليك
ولا تكابر عن الإعتراف بالحق، ولا تصر على اتباع الباطل
فالأمر خطير .. أما فوز ونعيم أبدى .. وأما هلاك وعذاب أبدى
والسلام على من اتبع الهدى
Doctor X
ملف مرفق 17304
إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ