السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله بكم احبتي في الله على هذا الحوار والذي هو بنفسه يبين هدف هذا الموضوع وبنفس الوقت يظهر جدية الحوار بين الاعضاء و هذا سواء كان بين المسلم والمسلم ام بين المسلم وأهل الكتاب .
أحبتي في الله اشكركم جميعا واشكر أخي الحبيب رفيق الدرب أحمد وأخي خالد لحوارهم ايضا حول مسألة سب الكفار .
أخواني الاكارم عليكم فهم مسألة تخص هذا الامر وهي الوسيلة فلو اردنا معرفة ما هي الوسيلة حيث انها تعني كل ما يتوسل به , وهي تشمل الأشياء و الأفعال .
فالطائرة وسيلة للنقل و المشي ايضا وسيلة للنقل . و لاحظو هنا اننا نتكلم عن النقل و ليس المكان المنتهي اليه النقل وهذا مما يجب التدقيق فيه ليصبح عندنا ثلاثة امور:
1. الوسيلة : فعلا أو شيئا
2. مؤدى الوسيلة
3. المآل
اما بالنسبة للتحريم فكل فعل متعلق به حكم شرعي وعليه فإن فعل الوسيلة منفصل عن مؤداها ابتداءا . فقد يكون الفعل مباحا أو مندوبا أو مكروها أو حراما أو فرضا . و في كل بحث
اولا : الفعل المباح يؤدي الى حرام
و مثاله فإن سب الكافر المعاند غير الذمي او المستأمن مباح و قد جاءت الأية : " و لا تسبوا الذين كفروا فيسبوا الله ......" و هنا فإن المسلم لا يحاسب على سب الكافر لله الا اذا كان متسببا و بشكل مباشر بسب الله . و قد يقال ان الجهاد قد يكون سببا في سب الله فنقول نحن نتحدث الان عن الفعل المباح فقط . و في الآية نهي عن مباح مترتب عليه بالفاء محرم . و بما ان المترتب فعل مغلظ في تحريمه فيغلب ان النهي للتحريم .
ثانيا : المكروه يؤدي الى حرام
فنقول انه من باب أولى ان يكون المكروه محرما لقيام الدليل على تحريم المباح اذا أدى الى حرام.
ثالثا : الحرام يؤدي الى حرام
و ليس فيه بحث
الرابع : المندوب يؤدي الى حرام
فإنه و ان كان المندوب فيه قربة فإن التلبس به إن أدى الى الحرام يكون حراما . و ذلك كسهر القاضي و هو يدقق في قضية ما ان أفضي الى تشتت العقل و اضطرابه في اليوم التالي من عمله . ومثله سهر القائم لليل ان أدى الى النوم عن صلاة الفجر دائما . و الدليل على ذلك أن ترك الحرام فيه معنى الواجب فلا يقدم المندوب على الواجب
الخامس : الفرض إن أدى الى حرام
فنقول أن ترك الحرام بمرتبة الواجب فلا يترك واجب لواجب إلا في حالات تزاحم الواجبات و فيه بحث كتزاحم الصلاة في آخر وقتها مع إنقاذ غريق .
ما أرغب في قوله هو ---قاعدة الوسيلة إلى الحرام حرام إذا أدت بغلبة الظن إلى حرام هي نفس قاعدة سد الذرائع---
انظر مثلا إلى قول المفسر ابن العربي
( قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ
فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } . فِيهَا مَسْأَلَتَانِ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ : لَا تَسُبُّوا آلِهَةَ الْكُفَّارِ فَيَسُبُّوا إلَهَكُمْ
وَكَذَلِكَ هُوَ ؛ فَإِنَّ السَّبَّ فِي غَيْرِ الْحُجَّةِ فِعْلُ الْأَدْنِيَاءِ . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَعَنَ اللَّهُ الرَّجُلَ يَسُبُّ أَبَوَيْهِ . قِيلَ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ؛ وَكَيْفَ يَسُبُّ أَبَوَيْهِ ؟ قَالَ : يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ } ؛ فَمَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ أَحَدًا أَنْ يَفْعَلَ
فِعْلًا جَائِزًا يُؤَدِّي إلَى مَحْظُورٍ ؛ وَلِأَجْلِ هَذَا تَعَلَّقَ عُلَمَاؤُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي سَدِّ الذَّرَائِعِ ، وَهُوَ كُلُّ عَقْدٍ جَائِزٍ فِي الظَّاهِرِ يُؤَوَّلُ أَوْ يُمْكِنُ أَنْ
يُتَوَصَّلَ بِهِ إلَى مَحْظُورٍ ؛)
قال مرة أخرى(فَمَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ أَحَدًا أَنْ يَفْعَلَ
فِعْلًا جَائِزًا يُؤَدِّي إلَى مَحْظُورٍ ؛ وَلِأَجْلِ هَذَا تَعَلَّقَ عُلَمَاؤُنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي سَدِّ الذَّرَائِعِ)
وعليه اخواني الافاضل فان قاعدة (الوسيلة الى الحرام حرام) استنبطت من الاية التي تقول (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ9). و لا يمكن هنا ان يقال ان سب الهة الكفار يؤدي حتما الى سب الله, لان الظاهر من الاية و انطباقها على واقعها يقول صراحة انه قد لا ينتج سب الكفار. و اذا كان الامر كذلك, فاذا ادت الوسيلة الى الحرام, تحرم سواء كان بغلبة الظن او قطعا.
الامر الثاني المهم, قد اطبق كبار الاصوليين كالغزالي ان الحكم بالظن واجب قطعا, و ليس فقط الحكم بالقطع, بل غلبة الظن تكفي في جريان الحكم الشرعي. قلت و هذا الكلام يشهد له كليات و جزئيات
وكما هو ملاحظ---فإنّ التوجه نحو فقه الجمهور وأصول فقه الجمهور سمة مميزة لمفكري هذا الجيل ---فقد اقتربوا كثيرا بتبنيهم غلبة الظنّ في قاعدة الوسيلة إلى الحرام حرام---وهذا أمر محمود--إذ لا يمكن مخالفة الأمة في أفكارها الأساسيّة والسعي لتحريكها معها----
واظنّ أنّ دراسة دقيقة لدليل الإجماع ستؤدي إلى قرب أكثر من فقه الجمهور .
نسأل الله تعالى ان يزيدنا بغضا للكفار واذنابهم ،
ونسأله تعالى ان يثبتنا على الحق ويحسن ختامنا ،
وان يدبّ فينا الايمان والاخلاص لنكون للمؤمنين ائمة ، لا ارقاما يحسبون انهم أئمة لمجرد الانتساب الى هذه الجماعة او تلك .
فلنستعد للموت في سبيل الحق ولو نفسيا على الاقل ،
ولنتعاهد جميعا على ذلك لتوهب لنا ولامتنا الحياة الحياة
اقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم .
ما كان خيرا وصوابا فمن الله تعالى ، وما كان دون ذلك فمن نفسي الامارة بالسوءوالاسلام بريء منه .
والله المستعان