وقالوا :إن جماعة من الصحابة كانوا يقرؤون الآية بزيادة " إلى أجل مسمى " .
فقد أخرج الحافظ أبو بكر البيهقي المتوفى 458 بإسناده في السنن الكبرى 7/205 عن محمد بن كعب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كانت المتعة في أول الإسلام وكانوا يقرؤون هذه الآية“ فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " الحديث
وذكر الحافظ أبو زكريا النووي الشافعي المتوفى 676 في شرح صحيح مسلم 9/181 أن عبد الله بن مسعود قرأ : فما استمتعتم به منهن إلى أجل
الرد
فهذه اللفظة لم تأت في آية { فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة } كما يزعم القائلون بالمتعة ، وكان الأولى أن تذكر " هذه اللفظة هنا في هذه الآية ، لكي لا يكون هناك خلاف . فترى ما هو السبب في عدم ذكرها في الآية ؟
إن السبب واضح وجلي لأدنى من له أدنى مسكة من عقل ، وهو أن هذه الآية المفترى عليها بزعمهم إنها في المتعة ، لا دخل لها بالمتعة إطلاقاً لا من قريب ولا من بعيد ، وهذا ما نصت عليه الآية كما أنزلها الله وبينه لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فلو كان الله شرع نكاح المتعة بالقرآن كما يدّعون لأثبت هذا الحرف أو هذه اللفظة " إلى أجل مسمى " في هذه الآية -المختلف حولها - ولما نسخ هذا الحرف من القرآن ولما اختلف اثنان حول الآية ، هذا يقول إنها في المتعة ! وذاك يقول إنها في النكاح الدائم .
وأما قولهم : انه قد استفاضت الرواية عن الصحابة والتابعين في أن الآية المذكورة نزلت في المتعة ...
فالجواب :
إن هذا من الكذب فان هذه الرواية غير مستفيضة بل آحادية ، كما وان هذه القراءة شاذة واليك بيان ذلك بالتفصيل :
1- إن هذه الرواية غير متواترة بل أحادية والقراءة شاذة بخلاف ما جاءت به مصاحف المسلمين.
قال ابن جرير الطبري في تفسيره ما نصه بالحرف الواحد : وأما ما روي عن أبيّ بن كعب وابن عباس من قراءتهما " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى " فقراءة بخلاف ما جاءت به مصاحف المسلمين وغير جائز لأحد أن يلحق بكتاب الله شيئاً لم يأت الخبر القاطع العذر عمن لا يجوز خلافه .
وقال القيسي في الإيضاح بعد أن ذكر قراءة ابن عباس وأبي بزيادة إلى أجل مسمى قال ص 222 ما نصه : ولا يجوز لأحد اليوم أن يقرأ بذلك ، لأنها قراءة على التفسير مخالفة للمصحف ، ولأن القرآن لا يؤخذ بأخبار الآحاد .
وقال المازري في " المعلم : إن طائفة من المستبدعة تعلقوا بقوله تعالى {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن } وفي قراءة ابن مسعود : فما استمتعتم به منهن إلى أجل ، وقراءة ابن مسعود هذه شاذة لا يحتج بها قرآناً ولا خبراً ولا يلزم العمل بها .
وقال الجصاص ما نصه: وأما احتجاج من احتج فيها بقوله تعالى { فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن } أن قراءة أبي " إلى أجل مسمى " فإنه لا يجوز إثبات الأجل في التلاوة عند أحد من المسلمين فالأجل عندنا غير ثابت في القرآن .
وقال الرازي ما نصه : إنا لا ننكر أن المتعة كانت مباحة ، إنما الذي نقوله : إنها صارت منسوخة ، وعلى هذا التقدير فلو كانت هذه الآية دالة على أنها مشروعة لم يكن ذلك قادحا في غرضنا ، وهذا هو الجواب أيضا عن تمسكهم بقراءة أبي وابن عباس ، فإن تلك القراءة بتقدير ثبوتها لا تدل إلا على أن المتعة كانت مشروعة ، ونحن لا ننازع فيه ، إنما الذي نقوله : إن النسخ طرأ عليه ، وما ذكرتم من الدلائل لا يدفع قولنا .
ثم أن هذه القراءة الشاذة أي " إلى أجل مسمى " جار ومجرور ، متعلق بالاستمتاع ، لا بنفس " العقد " في حين أن المدة المتعينة إنما تكون متعلقة بنفس العقد .....ومن هنا أبطلوا متعتهم بأيديهم وهم لا يشعرون!
2-فاذا ثبت أن هذه القراءة بخلاف ما جاءت به مصاحف المسلمين فإنها إذن لم تتجاوز حد الآحاد ، فليست بقرآن لأن القرآن من شرط ثبوته التواتر ولم تتواتر !
فأما إنها ليست بقرآن فلما استقر في علم الأصول أن " القراءة الشاذة " لا تثبت قرآنا يتلى لأنها ليست متواترة فيكون من قبيل تفسير الآية وليس ذلك بحجة وأما عند من لم يشترط التواتر في ثبوت القرآن فلا مانع من نسخ ظني القرآن بظني السنة كما تقرر في علم الأصول.
فاذا كان ليس بقرآن وليس بمنزل من الله تعالى إذ لو كان قرآنا لوجدناه فيه ولقريء به في المحاريب وبين أظهر الناس ولما لم يجز ذلك بحال علم أنه ليس من القرآن وكفانا بالمصحف وإجماع الصحابة ، ألا ترى أنا أجمعنا على أن سورتي القنوت ليستا من القرآن وإنْ كانتا في قراءة أبي فكذلك هذا مثله ، فهذه الزيادة لم تثبت قرآنا لإجماع الصحابة على عدم كتابتها في المصاحف العثمانية وأكثر الأصوليين على أن ما قرأه الصحابي على أنه قرآن ولم يثبت كونه قرآناً لا يستدل به على شيء لأنه باطل من أصله .
وأما أنها لا تثبت سنة أيضاً على الأصح ، فلأنها لم تُروَ على أنها سنة مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يعوزها السند ، فبقيت على إنها مجرد فهم صحابي ، عبر عنه بلفظه هو ، ومعلوم - أصولياً - أن رأي الصحابي ليس بحجة ، لأنه محض اجتهاد ، ولو لزمنا رأي الصحابي كما يلزمنا قول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لتعدد الرسل، وعلم الله أنه لم يرسل لنا إلا رسولاً واحداً فلا يصح الاحتجاج أذن على إباحة المتعة بقراءة شاذة منسوبة إلى صحابي ، إطلاقاً ، لأنها لا تعدو أن تكون رأياً اجتهادياً خاصاً به .
3-فاذا ثبت أن هذه القراءة ليست متواترة فغايتها أن تكون كأخبار الآحاد ونحن لا ننكر إن المتعة أحلت في أول الإسلام ولكن الكلام في دلالة القرآن على ذلك ، فإن كان هذا الحرف أنزل فلا ريب إنه ليس ثابتاً من القراءة المشهورة فيكون منسوخاً ويكون لما كانت المتعة مباحة فلما حرمت نسخت هذا الحرف .
4-لو مشينا على الاحتجاج بهذا التفسير كخبر آحاد فهو معارض بأقوى منه لأن القرآن على خلافه لقوله تعالى في آيتي المؤمنون والمعارج إذ كلتاهما تدلان على تحريم المتعة وهما ترشدان أيضاً إلى أن آية النساء غير واردة في المتعة وبالتالي تسقط قراءة ابن عباس إذ لا يعدو كون هذا الحرف خبر آحاد عورض بنص قرآني وخبر نبوي أصح منه أيضاً .
قال الألوسي في تفسيره :القراءة شاذة وما دل على التحريم كآية {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم } قطعي فلا تعارضه .
كما أن الأحاديث الصحيحة الصريحة القاطعة بتحريم نكاح المتعة إلى يوم القيامة وجمهور العلماء على خلافه كما سبق .
5-ونقول هذه القراءة على الرغم من شذوذها ومعارضتها بأقوى منها فلو فرضنا جدلاً أن الدليلين متساويان في القوة وتعارضا في الحل والحرمة يلزم تقديم دليل الحرمة منهما لأن الحظر مقدم على الإباحة أصولياً وذلك لأن تقديم المحرم قد يؤدي إلى ترك المباح وتقديم المبيح قد يؤدي إلى ارتكاب الحرام وترك المباح أولى من ارتكاب الحرام .
6- إنه ليس في الآية ما يدل على أن الاستمتاع إلى أجل مسمى حلال فإنه تعالى لم يقل : وأحل لكم أن تستمتعوا بهن إلى اجل بل قال تعالى{فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن }.
7- لو كان في القرآن ذكر الأجل على الفرض الجدلي ، لما دل على متعة النساء لأن الأجل يجوز أن يكون داخلا على المهر ، فيكون تقديره - فما دخلتم به منهن بمهر إلى أجل مسمى فآتوهن مهورهن عند حلول الأجل .
وجواب آخر : لو سلمنا ما ذكروا من الزيادة في القراءة ، فليس فيها دليل على إباحة نكاح المتعة ، و إنما فيها دليل على وجوب المهر على من ارتكب الحرام من ذلك ووطيء فيه ، ونحن نقول : إن المهر يلزم بالوطيء فيه لأجل الشبهة التي سقط الحد لأجلها عنه ، فهو كما لو وجد امرأة نائمة على فراشه فوطأها معتقدا أنها زوجته ، فانه يجب عليه مهر مثلها لأجل الشبهة ، فكذلك ها هنا .
8-ونقول إن هذه القراءة الشاذة " إلى أجل مسمى " تتعلق بالاستمتاع لا بنفس العقد والمدة المتعينة في المتعة حسب مذهبهم إنما تكون متعلقة بنفس العقد لا بالاستمتاع فصار معنى الآية : فان تمتعتم بالمنكوحات إلى مدة معينة فأدوا مهورهن تماماً وفائدة زيادة هذه العبارة دفع ما عسى أن يتوهم إن وجوب تمام المهر معلق بمضي تمام مدة النكاح كما اشتهر في العرف أن ثلث المهر يعجّل والثلثين يؤجلان إلى بقاء النكاح فهذا التأجيل يحصل بتصرف المرأة واختيارها وإلا فلها المطالبة بعد الوطء مرة تمام المهر في الشرع ولو كان " إلى أجل مسمى " قيد العقد لم تصح المتعة عندهم إلى مدة العمر أبداً مع إنها صحيحة كذلك بإجماعهم وهذا عجيب !
9- ونقول إن هذه القراءة الشاذة " إلى أجل مسمى " جار ومجرور ، متعلق بالاستمتاع ، لا بنفس العقد ، ومعلوم أن المدة المتعينة في المتعة عند أتباع المتعة ، إنما تكون متعلقة بنفس العقد ، لا بالاستمتاع على ما هو مقرر عندهم بسبب بسيط ، هو أنهم جعلوا تعيين الأجل شرطا لصحة العقد ، فاذا لم يعين الأجل فيه ، لا يكون زواج متعة ! ولذلك قالوا : لو وهبها المدة قبل الدخول ، لزمه المهر!
10- ونقول إن القائلين بالمتعة تضاربت وتناقضت روايات وأقوال أئمتهم في لفظة " إلى أجل مسمى " من آية 24 من سورة النساء أهي تنزيل من الله أو قراءة ! وفيما يلي ذكر جملة من رواياتهم المعتبرة :
أ- قالوا :إن الآية نزلت هكذا " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن .
فعن أبي جعفر " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة.
وروى الكليني في كافيه عن أبي عبد الله قال : إنما نزلت " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة .
وروى شيخهم العياشي في تفسيره عن أبي عبد الله قال : قلت له : ما تقول في المتعة ؟ قال : قول الله تعالى " فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة إلى أجل مسمى ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة .
وروى شيخهم القمي في تفسيره ما نصه بالحرف : " فمن استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة " قال الصادق (ع) فهذه الآية !! دليل على المتعة .
ب- في أن الآية نزلت {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة}
روى الكليني والطوسي وأحمد بن عيسى عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر عن المتعة فقال : نزلت في القرآن {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة }
و روى شيخهم المفيد في خلاصة الإيجاز و الكليني عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : سمعت أبا حنيفة يسأل أبا عبد الله (ع) عن المتعة فقال : عن أي المتعتين تسأل ؟ قال : سألتك عن متعة الحج فأنبئني عن متعة النساء أحق هي ؟ قال : سبحان الله أما تقرأ كتاب الله { فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة } فقال أبو حنيفة : والله لكأنها آية لم أقرأها قط .
و روى العياشي في تفسيره عن أبي بصير عن أبي جعفر قال : نزلت هذه الآية {فما استمتعتم به منهن فآتوهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة }قال: لا بأس بأن تزيدها وتزيدك إذا انقطع الأجل فيما بينكما يقول : استحللتك بأجل آخر برضى منها ولا تحل لغيرك حتى تنقضي عدتها وعدتها حيضتان .
وروى الحميري في قرب الإسناد عن بكر بن محمد قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن المتعة فقال {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة}
وروي الصفار في بصائر الدرجات في رواية طويلة ص85 عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (ع) ...وان مما أحل الله المتعة من النساء في كتابه ..كما قال الله عز و جل{ما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة }
ج- في أقوال أئمتهم أنهم يقرأون الآية " فما استمتعتم به منهن " إلى أجل مسمى"
روى العياشي في تفسيره عن أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال : كان يقرأ ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ) فقال : هو أن يتزوجها إلى أجل مسمى ثم يحدث شيئا بعد الأجل .
وروى العياشي أيضا في تفسيره ما نصه بالحرف : وكان ابن عباس يقول : " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة .
وجاء في تفسير ناسخ القرآن ومنسوخه لسعد بن عبد الله : برواية جعفر بن قولويه بإسناده قال : قرأ أبو جعفر وأبو عبد الله " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة .
وقال ابن بابويه القمي في الفقيه وعلله ما نصه : وقرأ ابن عباس " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة .
نلخص من كل ما تقدم أن القائلين بالمتعة - وهم الفرقة الوحيدة - الشيعة الاثنا عشرية- اختلفوا في " إلى أجل مسمى " هل هي قول الله تعالى أي بمعنى آخر هل هي آية أم قراءة ؟ وإذا كانت آية ، فهل هي قبل قوله تعالى {فآتوهن أجورهن فريضة } أم بعدها ؟؟
فمنهم من أثبتها بعد قوله تعالى {فآتوهن أجورهن فريضة } ومنهم من أثبتها قبل قوله تعالى{فآتوهن أجورهن}.
فما أكثر الاختلافات والكل يدعي أن هذا من عند الله ........ فهذا الاختلاف أن دل على شيء فإنما يدل على أن هذه اللفظة " إلى أجل مسمى " ليست من القرآن !!
قال تعالى { أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } النساء /82
وأما احتجاجهم بحديث ابن عباس على متعتهم بهذا النص المقطوع ، فالجواب من وجوه :
أولا : أن الحديث لم يرووه بتمامه كما أشاروا إليه في السنن الكبرى.... ، واليك متن الحديث في كتب الحديث .
أ- رواية البيهقي في السنن :
عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب عن ابن عباس رضي الله عنهم قال كانت المتعة في أول الإسلام وكانوا يقرؤن هذه الآية فما استمتعتم به منهن إلى اجل مسمى الآية فكان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج بقدر ما يرى انه يفرغ من حاجته لتحفظ متاعه وتصلح له شأنه حتى هذه الآية ( حرمت عليكم أمهاتكم ) إلى آخر الآية فنسخ الله عز و جل الأولى فحرمت المتعة وتصديقها من القرآن { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم } وما سوى هذا الفرج فهو حرام .
ب- رواية الترمذي :
عن موسى ابن عبيدة عن محمد بن كعب إنما كانت المتعة في أول الإسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم فتحفظ له متاعه وتصلح له شيئه حتى إذا نزلت الآية { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم } قال ابن عباس : فكل فرج سوى هذين فهو حرام .
ج- رواية الحازمي :
عن موسى بن عبيدة سمعت محمد ابن كعب القرظي يحدث عن ابن عباس قال : كانت في أول الإسلام :متعة النساء فكان الرجل يقدم بسلعته البلد ليس له من يحفظ عليه ضيعته ويضم إليه متاعه فيتزوج المرأة إلى قدر ما يرى أنه يقضي حاجته وقد كانت تقرأ ( فما استمتعتم به منهن- إلى اجل مسمى- فآتوهن أجورهن ) الآية حتى نزلت : {حرمت عليكم أمهاتكم و بناتكم } إلى قوله : {محصنين غير مسافحين}فتركت المتعة وكان الإحصان إذا شاء طلق وإذا شاء امسك ، ويتوارثان وليس لهما من الأمر شيء .
ثانيا : إن هذا الحديث ضعيف ، فقد رواه البيهقي والترمذي والحازمي كلهم من طريق موسى بن عبيدة .
قال الحازمي بعد إيراده الرواية كما سبق 0 ما نصه : هذا إسناد صحيح لولا موسى بن عبيدة وهو الربذي كان يسكن الربذة .
وقال ابن حجر في الفتح :و أما ما أخرجه الترمذي من طريق محمد بن كعب عن ابن عباس قال : إنما كانت المتعة في أول الإسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى انه يقيم فتحفظ له متاعه " فإسناده ضعيف ، وهو شاذ مخالف لما تقدم من علة إباحتها .
وقال في " تقريب التهذيب ": موسى بن عبيدة ضعيف من صغار السادسة .
وأما احتجاجهم بحديث عبد الله بن مسعود بأنه قرأ : فما استمتعتم به منهن إلى أجل إلخ ......
فقد تقدم الجواب عن هذه القراءة من أكثر من وجه وأضيف هنا ما قاله الإمام المازري .
قال رحمه الله تعالى : هذه القراءة ليست عندنا بحجة لأنها من طريق الآحاد والقرآن لا يثبت بخبر الواحد ولا يلزم العمل بخبر الواحد في مثل هذه النقول على أنه قرآن على الصحيح من القول في ذلك .
فالمخالف ملزم بإثبات أن ابن مسعود كان يقرأ ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ) على إنها قراءة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وان نسبت بعض كتب التفسير ذلك القول إليه ، وإذا لم يستطع المخالف إثبات ذلك ولن يستطيع أبداً ، فيلزم أن يفتري على الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .. وُيلزم المسلمين بقراءة شاذة لا يستطيع هو أن يثبتها أنها من قراءة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
من كتاب تحريم المتعة في الكتاب والسنة للكاتب يوسف جابر المحمدي