سر الخلق في علاقه التماثل بين عيسى و آدم عليهما السلام . .
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
المرسل للعالمين إنسهم وجنهم أجمعين
***
أما بعد ،
ذكرت أخي قهرمان في مداخلتك الأخيرة أنه ليس بالضرورة أن يتطابق المتماثلان . . . حقا ً و أنا معك في ذلك غير
أن الإشكالية في مدلول الآية أنها لم تأتي لتزيد من تمجيد نبي الله عيسى وتترفع به ليجد النصارى حُجَة ً في إطراءه
أكثر مما فعلوا ليعبدوه ، فمجرد تفسيرنا الآية على تفرد المسيح مع آدم عليهما السلام في عدم وجود أب لكليهما في
الوقت الذي تسوي فيه الآية آدم والمسيح بمادة الطين التي خلقهما منها جميعا ً . . فإن افترضنا أن الآية تقصد معجزة
خَلقه ِعليه السلام ، فآدم خَلق جديد لذلك استوجب عدم وجود أب أو أم ، ومن الأولى أن يمثل معجزة خلقه ِ بخَلق حواء
ذلك لأنها خلقت من موجود ( آدم عليه السلام ) ، فتطابق بذلك حالة نبي الله عيسى عليه السلام الذي وجد أيضا ً من موجود
( مريم عليها السلام ) ومن حيث أنهما ( المسيح و حواء ) ليسا بداية خلق بل إن آية حواء تَرجُح آية خلق المسيح لأنها
وجدت من غير حمل أو مخاض أو رضاعة بل ولم تمر حتى بمرحلة طفولة ، لذلك أُرَجِح ألا يكون سبب عدمية الأب لكليهما
( المسيح وآدم ) هو المقصود في الآية الكريمة ، وكلما أراد نبي الله عيسى عليه السلام أن يضع نفسه أمام قومه لكي لا
يطروه فيعبدوه – دائما ً ما كان يذكرهم بأنه ابن الإنسان ؟!! . . فقط ابن الإنسان ، فما السر وراء ذلك ؟! . .
ولم يقول إنما أنا بشري أو أنا آدمي - بينما من السهل على الإنسان أن يقول أنا بني آدم - و ليس ( أنا إبن الإنسان ) ؟!! . .
لم نقرأ في القرءآن قول : ( عيسى ابن آدم ) ؟ !! . . بل عندما اجتمعا شبههما في الخلقة متجاوزا ً بذلك كل البشر بينهما ؟!
إن عدد المرات التي ذكر الله فيها آدم عليه السلام في القرءآن ( 25 ) خمسة وعشرون مرة ،
وعدد المرات التي ذكر الله فيها عيسى عليه السلام في القرءآن ( 25 ) خمسة وعشرون مرة
فهل تلك الملاحظة مجرد مصادفة في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؟! .
إقراء معي أخي الكريم: ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ( هل وصل الحد في تماثلهما لعدد مرات ذكرهما بالقرءآن
انظر إلى أي مدى وصل قول الحق كَمَثَلِ آدَمَ !! . .
و نلاحظ أنه كلما ذكر الله في قرآنه نبيه عيسى عليه السلام ، وأراد أن ينسبه للإنسانية بكل ما تعنيه فإنه يعطفه ُ على السيدة مريم !!
ولم يقل مرة واحدة ( عيسى ابن آدم ) ، لينهي إشكالية تأليهه التي ستظل فتنة لكثير حتى نزول السيد المسيح من جديد أخر الزمان .
لماذا وقد عهدنا من القرءآن عدم التصريح بأسماء النساء إلا في حالة مريم التي ذكر اسمها صريحا ً 31 إحدى وثلاثون مرة بسبب
إبنها المسيح عيسى عليه السلام ( تسع مرات بمفردها ، واثنين وعشرون مرة مقرونة باسم ولدها ) أليس هذا تكلف إن لم يكن لهدف ؟
وذلك الهدف يكمن وراء قبول الله عز وجل دعوة جدتهُ عندما وضعت مريم . .
( فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ
وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً )
ربما سألتني أخي قهرمان - و كيف لا يكون عيسى ابن آدم ما دامت ولدته امرأة من بنات آدم ؟ !! . .
يحق لك أن تسأل هذا السؤال ما لم نفرق بين إنسان وبشري لنعلم حالة مريم التي انفردت بها عن العالمين . .
{ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ }آل عمران42
وعندما نعلم لماذا كرر الله الاصطفاء وهل لكل واحدة ً منهما معنى أم أنه تكرار لمجرد التوكيد ، أو الإطناب ؟؟
ولكي نجيب على السؤال السابق يجب أن نعود لبعض المصطلحات التي توارثناها من غير بحث دقيق عن معانيها
تذكر معي أخي قهرمان قول الحق تبارك وتعالي الذي يقول :
{ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ }البقرة35
إلى هنا أبانا و أمنا إنسانين ( لم يزلهما الشيطان بمعصية ) طاهرين طائعين ، فلما تعاقبت الأحداث عليهما يقوله ربنا :
{ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىحِينٍ }البقرة36
***
إنهما كانا في إنسانيتهما الطاهرة فلما أطاعا الشيطان ( فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ) الطهارة والبراءة هم وذريتهما ليوم القيامة
إقراء معي أخي قهرمان قول الحق تبارك وتعالى :
{ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً }الإسراء64
***
ما أردت أخي أن أجيبك عليه من التساؤلات السابقة علمنى إياه حتى لا أطيل عليك - وإن كان لك تعقيب تفضل به ،
لننتقل لختام رؤيتى في المشاركة القادمة إن شاء الله . .
يتبع بإذن الله تعالى ، .
أخي قهرمان أرجو المعذرة لتغيبي لفترة
.
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خاتم المرسلين
***
أما بعد . . . . . . أخي قهرمان أرجو المعذرة - على تأخري في استكمال ما بدأناه ،
غير أني أمر بظروف متعاقبة تشغلني معظم النهار بحيث أعود مرهق فلا أستطيع تدوين شيء
ولي مشاركة في منتدانا الكريم هذا بعنوان :
هل حقا ً أن ( في البدء كانت الكلمة ) أم شيء أخر ؟!!
على هذه الوصلة :
http://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=21696
فيها الكثير مما أردت ختام موضوعنا به . . أرجو من سعادتكم قراءتها ، لحين تمكني من صياغة فكري الختامي لموضوعنا الحالي ،
أكرر أسفي وطلبي السموحة مؤقتا ً، ونحن على موعد قريب بإذن الله لاستكمال ما بدأناه سَوية ً،
لا تنسانا بدعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب ، بأن يفرج الله ما بي من كرب ويعجل بفرجه علينا جميعا بإذنه تعالى ،
أشكر لك ولجميع الإخوان مروركم الكريم .،
.