الرد على السؤال رقم 10: جاء في سورة النور 33" وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ " ... وقد نقل الناقد عن تفسير البيضاوي سبب نزول هذه الآية وتفسيرها ... وخلاصته أنه كان لعبد الله بن أُبى بن سلول ست جواري من الإماء ... وكان يكرههن على الزنى ويطالبهن بدفع ضريبة مالية مقابل ذلك ... فشكا بعضهن الأمر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فأنزل الله الآية لذم عبد الله بن أُبى بن سلول ومنعه من فعله ... والناقد يسأل: أليس الأولى أن يأمر الفتيات أن يشهرن الطاعة لله والعصيان على البشر فلا يقبلن ارتكاب المنكر ؟؟؟ وكان الأولى بدل أن يقول إن الله غفور رحيم أن يقول إن الله شديد العقاب إلا على من تاب !!!
§ سنذهب أولاً لعدة تفاسير لفهم هذه الآية
التفسير الميسر:
ولا يجوز لكم إكراه جواريكم على الزنى طلبًا للمال ... وكيف يقع منكم ذلك وهن يُرِدْن العفة وأنتم تأبونها ؟؟؟ وفي هذا غاية التشنيع لفعلهم القبيح ... ومن يكرههنَّ على الزنى فإن الله تعالى من بعد إكراههن غفور لهن رحيم بهن ... والإثم على مَن أكْرههن.
أيسر التفاسير:
{ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا} أي لأجل مال قليل يعرض لكم ويزول عنكم بسرعة ... وقوله: {ومن يكرهن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم} أي لهن رحيم بهن ... لأن المكره لا إثم عليه فيما يقول ولا فيما يفعل.
§ مما ورد فإنه لا يجوز إكراه الجواري على الزنى أصلاً ... ولا يجوز ارسالهن الى الزنى ... حتى لو لم تكن مكرهات ... فالموافقة على زناهن حرام ... وارسالهن للزنى حرام ... واكراههن على الزنى حرام ... والشرط في قوله " إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا " ليس قيداً للنهى ... لأن النهى عن زناهن عام ... سواء أردن تحصناً أم لا ... لكن هذا الشرط ذكر لبيان وشرح ما حدث ووقع بالفعل ... حيث نزلت الآية في إماء تعففن وأردن التحصن (التحصن = التصون والتعفف من الزنا) ... فالزنا في كافة الأحوال والظروف حرام شرعاً ... قال تعالى " وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا "الإسراء 32
§ أما اقتراح الناقد ورغبته في أن تأمر الآية الفتيات بإشهار الطاعة لله والعصيان على البشر فلا يقبلن ارتكاب المنكر ؟؟؟ فهذا اقتراح سطحي بالطبع ... لأن هؤلاء كن آنذاك تحت سطوة مالكهن وفى حيازته ... والمالك الذي يجبر امرأة على الزنا ليتربح من ورائها هو شخص ظالم وخسيس لا يؤمن شره وبطشه على من كن تحت سطوته وحيازته ... والعقاب كل العقاب على من يكرههنَّ على الزنى ... والله سبحانه وتعالى من بعد إكراههن غفور لهن رحيم بهن ... والإثم على مَن أكْرههن.
§ ولكن يجب الا نغفل أنه بالرغم من المناخ الذي كانت هؤلاء الفتيات (الجواري) يعشن فيه ... إلا أن بعضهن شكين الأمر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فأنزل الله الآية لذم عبد الله بن أُبى بن سلول ومنعه من فعله ... كما ورد ذلك في التفسير الذي استشهد الناقد به ... الأمر الذي يدل على طاعتهن لله بالرغم مما كان يمارس عليهن من اكراه وذل ... ولكن في نفس الوقت يجب ألا نغفل عن أن كل البشر لا يمتلكون نفس القدرة على عصيان الظالم الذى يمكنه أن يبطش أو يفتك بهم ... ومن هنا كانت رحمة الله بهؤلاء الضعفاء الذى خلقهم في كونه غفور ورحيم بهن إذا اجبرن واكرهن على المعصية ... والإثم كل الإثم على مَن أكْرههن ... لأن المكره لا إثم عليه فيما يقول ولا فيما يفعل.
أما اقتراح الناقد ورغبته في:أن الأولى بدل أن تقول الآية " إن الله غفور رحيم " أن تقول " إن الله شديد العقاب إلا على من تاب " ... فإن الأنسب بالطبع هو ختم الآية بالترغيب بمغفرة الله ورحمته ... فقد يزنين هؤلاء مكرهات نافرات فتدعوهن الآية الى التوبة والاستغفار فالله غفور رحيم سيغفر لهن ويرحمهن ... أما الذي يكرههن فإن الله سيحاسبه على ذلك ويعذبه ... فالمقام هنا مقام مواساة ورأفة وعطف على هؤلاء المكرهات المظلومات المقهورات وتبشيرهن بمغفرة الله ورحمته ... وليس مقام ذكر عقاب والتنبيه عليهن بأن ... " الله شديد العقاب إلا على من تاب " ...
والله أعلم وأعظم
يتبع بإذن الله وفضله