شبهة: لم يعذب الله الكفار ابدا؟ اليس من العدل ان يعذبهم مقدار ما عاشوه في الارض؟
السلام عليكم وارجوا ان اجد الاجابة عند الاخوة الكرام
قبل اسبوع من اليوم ، بينما نحن نوزع كتب اسلامية لغير المسلمين اذ دخل علينا شاب فاخد بعض الكتب واستأذن بطرح سؤال فقلنا نعم تفضل فقال:
لماذا يعذب الله الذين لايؤمنون به اشد العذاب ابد الابدين وهو غني عن تعذيبهم اليس من العدل ان تكون مدة تعذيبهم اياهم المقدار الذي عاشوه في الارض
فبدأ بعض الاخوة الحاضرين يحاولون اقناعه ولكن كل الاجابات لم تروي غليلي
فارجوا ان اجد ما يشفي الصدر عند احد الاخوة في هذا المجلس المبارك
-------------------------------------
من بلغه دين الاسلام ولم يؤمن فقد انقطع العذر في حقه وكان من الكافرين المستحقين للخلود في النار طال عمره أم قصر ما دام لم يحقق سبب النجاة
قبل حلول أجله؛
فإنه لو أسلم قبل الغرغرة بساعة كان من الناجين ولو عاش قبلها كافراً مئة سنة؛ فليست العبرة بمدة حياته كافراً بل العبرة بإتيانه بشرط النجاة.
والخلود في النار للكافرين هو عين العدل، رجل أرسل الله إليه الرسل وأنزل مع رسله الكتب وأزاح عنه العلل و زين له الحق وبين له طريقه وقبح له الباطل وحذره طريقه، ومكنه من الهداية وأمده بالنعم الدنيوية في الأبدان والمآكل والمشارب والمناكح والمساكن ثم كفر نعمة سيده وأشرك معه غيره واستكبر عن عبادته واتبع هواه وقدم طاعة شيطانه على طاعة خالقه ومدبره هل يستوي بعبد أذعن لربه بالتوحيد و أطاع رسله وإن قصر في العمل؟ ، ثم إن
هذا الخلود للكافرين شيء من أشياء يظهر بها عظيم منزلة التوحيد والايمان الذي هو مقصد خلق الخلق، وظهور حسن أحكام الله ودينه بل أصل دينه مما يحبه الله تعالى، ومما ينشرح أهل الايمان به نفساً ويزادادون به إيماناً ويثبتون به على الصراط المستقيم.
وثمة أصول محكمة في هذا الباب لا بد للمسلم من معرفتها منها:
الأول:
أن الله لا يظلم لا في أحكامه القدرية و لا الشرعية، قال تعالى: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة) وقال: (ولا يظلم ربك أحداً)،
وخلود الكافرين حكم قدري، ولا أحسن من الله حكما لمن أيقن قال تعالى: ( ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)
الثاني: أن الله يضع الضلال في محله اللائق به، قال تعالى: ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) وقال: ( ولو علم الله فيهم خيراً وأسمعهم ) وقال: ( أفرأيت من اتخذه الهاه هواه وأضله الله على علم ) فأضله الله عالماً به وبما يليق به.
إجابة عاجلة غفر الله لكاتبها تقصيره وضعفه ألزمني بها تأخر الإجابة من غيري ممن هو أولى مني، والله المستعان.
--------------------------------
قال الله عز وجل "ولو رُدوا لعادوا لما نهوا عنه" فهذه الآية إخبار من الله العليم بالغيب أن هؤلاء الكافرين المعذبين في النار لو أعيدوا لدار الدنيا لعادوا لكفرهم فاقتضى ذلك تخليدهم فلا يطهرهم إلا المكث الدائم..لكن يبقى سؤال:ولكنهم لم يكفروا إلا سبعين سنة أو ستين أو مئة ..إلخ..فكيف يخلدهم على مالم يصدر منهم؟, وإذا وصل النقاش إلى هنا فأمسكوا..وعدل الله لا يقاس بعدل المخلوقين وليس مدلوله مثله, كأي صفة من صفاته سبحانه وتعالى
واذكروا"لا يسأل عما يَفعل وهم يسألون"..وقولوا "آمنا بالله كل من عند ربنا"
واعلموا أن الله لا يخلد أحداً حتى يعذر إليه فيجعله بمثابة المختار لمصيره "لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسيل"
-------------------