الرد على فهم سقيم لقول أبي بكر لعمر وزيد : اقعدا على باب المسجد فمن جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه
فهم بعض المغرضين من قول أبي بكر لعمر وزيد : " اقعدا على باب المسجد فمن جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه " أن من المحتمل أن تكون بعض الآيات لم يتوفر لها شاهدان أو لم يلتفت لها أصلاو استدلوا بأن عمر بن الخطاب جاء شاهدا على جملة ادعى قرآنيتها فرفض زيد بن ثابت دمجها في المصحف لأن ابن الخطاب كان وحده ولم يشهد معه رجلٌ آخر .
و هذا فهم سقيم فمن المعروف أن القرآن يؤخذ بالسماع لا الكتابة و الكتابة كانت للتوثيق و لزيادة التأكد من الحفظ فالكثير من الصحابة كانوا يحفظون القرآن ، و زيد بن ثابت كان من حفظة القرآن و عمر بن الخطاب كان من حفظة القرآن أضف إلى ذلك وجود الكثير من كتبة القرآن و زيد نفسه كان من كتبة القرآن في زمن النبي – صلى الله عليه و سلم - .
و مما يدل على ذلك قول زيد بن ثابت - رضي الله عنه - : " فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ ، قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ بِهَا ، فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ : ﴿ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ ( سورة الأحزاب من الآية 23) فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي المُصْحَفِ "[1] فلأن زيد يعلم هذه الآية لذلك بحث عمن كتبها بين يدي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، و لو لم يكن زيد يعلمها ، و يحفظها ما علم بفقدانها أصلا .
أما قولهم بأن عمر بن الخطاب جاء شاهدا على جملة ادعى قرآنيتها فرفض زيد بن ثابت دمجها في المصحف لأن ابن الخطاب كان وحده ولم يشهد معه رجلٌ آخر فهذا مجرد ادعاء ، وعلى التسليم الجدلي بصحته فهو يدل على دقة المنهج الذي اتبعه زيد بن ثابت في جمع القرآن ، و لو كانت هذه الآية من القرآن لحفظها الكثير من الصحابة و لأثبتوها في المصحف ، و كان الصحابة لا يخشون في الله لومة لائم .
[1]- رواه البخاري في صحيحه 6/183 حديث رقم 4987