لاصحاب العقل ..
والي من يستطيع استخدام المنطق
الثالوث القدوس .. هل هو بدعة مسيحية؟!
الدراسة في هذا الموضوع اللاهوتي لا تكفينا يا أحبائي ..أننا نحتاج لكثير من الاتضاع و نحتاج إلى عمق في الصلوات حتى يكشف لنا الله روح أسراره ..فمن يعرف أسرار الله إلا روح الله..و من المستحيل أن عقل الإنسان المحدود أن يحوي الله الغير محدود .. لذلك عرفنا من الكتاب المقدس بعض المعرفة عن الله ..لكن الروح يفحص كل شي حتى أعماق الله كما يقول معلمنا بولس الرسول و أول ما عرفناه عن الخالق انه :-
1. الله روح بسيط لا تركيب فيه ..غير قابل للتقسيم و التجزئة.
2. الله روح بسيط ليس فيه مادة ، و عقل كامل ليس فيه جسم.
3. الله غير محدود و غير متناه .. يملأ كل مكان و زمان .. لا يخلو منه مكان ،، و حاضر في كل زمان،، وهو أزلي قبل الأكوان ..أبدي لا نهاية له.
4. الله لا بداية لأزليته و لا نهاية لأبديته .. عديم التغير و التحول لأنه كمال متناه..لا يمكن آن يتطور إلى الأكمل،وهو كامل في رحمته وفي عدله .
5. الله خالق كل شيء بكلمته و مانح الحياة بروحه القدوس..مدبر كل الخليقة،ضابط الكل.
+ المسيحية تعترف باله واحد لا شريك له و من الكتاب الآيات الكثيرة التي تظهر هذه الحقيقة الهامة و منها:-
1." لا يكن لك آلهة أخرى أمامي" (خر3:20)
2." لتعلم أن الرب هو الإله.. ليس أخر سواه" ( تث35:4)
3." اسمع يا إسرائيل ،الرب إلهنا رب واحد " ( تث4:6)
4. " لأن الله واحد " (رو3:3)
+ وحدانية اللههي الدرس الأول في المسيحية حيث تعلمته الكنيسة و علمته للعالم كله ..و كم ضحت الكنيسة بآلاف الشهداء لتمسكها بعبادة الإله الواحد و في صلوات القداس و الأجبية نحرص علي ترديد قانون الإيمان " بالحقيقة نؤمن باله واحد " .
+ بعض الاخوة المسلمون يعتقدون إننا مشركون و فاتهم أن القرآن يشهد لنا بأننا نعبد الله الواحد..دعونا نلقي الضوء علي كلامنا هذا:-
1.في سورة البقرة 62: " إن الذين آمنوا و الذين هادوا و النصارى و الصابئين من آمن بالله و اليوم الآخر وعمل صالحا فلهم آجرهم عند ربهم و لا هم يحزنون"
لو كان المسيحيون مشركين آلا كانوا يستحقون العقاب؟ثم كيف يطمئنهم بأنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون بل و أيضا لهم آجرهم الصالح عند ربهم؟
2. في سورة آل عمران (114،113) : " ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله وهم يسجدون "
+ أهل الكتاب طائفتان ( اليهود – النصارى) و القرآن يشهد علي اليهود بقسوتهم و شدة عدائهم للمسلمين بينما يشهد للنصارى بأنهم اقرب مودة ..
# و الآن ماذا لو سألنا العقل ؟
1. هل لنا أن ندرس الحقائق الإيمانية مثل دراستنا للحقائق العلمية ؟
2. لماذا أراد الله أن يعجز العقل عن إدراك بعض الحقائق الإيمانية ؟ وهل عدم إدراكها يلغي وجودها ؟ و هل هي ضد العقل ؟
- نجيب علي هذه الأسئلة بان الحقائق العلمية تبدأ بالشك في صحتها ثم نقبلها بعد الاقتناع بها.
- لكن في الحقائق الإيمانية فالأمر يختلف فنحن نؤمن بصحتها و نقبلها ثم نحاول فهمها بالإيمان والثقة مع الدراسة و البحث و روح الله هو الذي يفهمنا علي قدر إدراكنا
- لقد سمح الله آن يقف العقل عاجزا أمام الحقائق الإيمانية لكي يفصل بين إنسان يؤمن وأخر يشك ..كذلك الحقائق الإيمانية فوق مستوى العقل ولكنها ليست ضده ..
مثال بسيط لذلك:- هذا يشبه تماما لقولنا أن : 1 + 1+1= 1 _______ هذا ضد العقل
لكن 1* 1*1=1 ______ هذا صحيح عقليا
كذلك الحقائق الإيمانية للخارجين عن الإيمان تبدو صعبة و عقولهم ترفضها ...مساكين هؤلاء العقلانيون أما نحن فروح الله الساكن فينا يفهمنا و يرشدنا إلى جميع الحق "وتعرفونني و تعرفون الطريق"ويتحقق فينا قول السيد له المجد : " أحمدك آيها الآب لأنك أخفيت هذه عن الحكماء و أعلنتها للأطفال الصغار " .
-بداية بحثنا في موضوع التثليث و التوحيد نقول فيه أن :-
+ الله له نوعان من الصفات :-
1. الصفات الأولى :- وهي الصفات أو الخواص الذاتية و هي الصفات التي تقوم عليها الذات الإلهية و هي ثلاثة صفات ذاتية:- + صفة الوجود + صفة المعقولية ( العقل الناطق)
+ صفة الحياة
-لا يمكن أن نتصور الله بلا وجود .
-لا يمكن أن نتصور الله بلا عقل .
-لا يمكن أن نتصور الله بلا حياه .
2 . الصفات الثانية :- وهي الصفات الغير ذاتية ..الصفات التي يمكن أن نتصور وجود الذات الإلهية بدونها، أو بمعني أدق هي الصفات التي لا يلغي عدم وجودها وجود الله أي ليست مرتبطة بوجود الذات الإلهية من عدمه فهي ليست كصفة الوجود أو العقل أو الحياة فلو فرضنا جدلا آن الرحمة الكاملة آو البساطة الكاملة أو الجمال الفائق ...كل هذه الصفات ليست في الله ..فهذا لا يلغي وجوده .
مثلا اكثر وضوحا :- الإنسان المخلوق علي صورة الله له خواص و صفات ذاتية و بدونها يصبح ناقصا أو غير موجود مثل صفة الوجود و العقل..، بدونهما فهو ناقص و صفة الحياة بدونها يصبح ميتا ، و فيه نوعا أخر من الصفات و هي الصفات الغير ذاتية التي لو لم تتوافر فيه فهي لا تلغي وجوده مثل الذكاء أو الجمال أو الرحمة أو العدل و غيرها من الصفات.
- الصفات الغير ذاتية في الله بعضها ظاهر منذ الأزل مثل الجمال الفائق و البساطة الكاملة و الكمال المطلق وبعضها ظهر في زمن معين مثل صفة الخلقة و العناية بالمخلوقات و صنع المعجزات .
+ ننتقل معا إلى نقطة أخرى في نطاق بحثنا في صفات الله و ثمة نقطة هامة جدا نريد توضيحها قبل آن نستكمل الحديث عن صفاته وهي التفرقة بين الجوهر و الاقنوم :-
1. الجوهر الإلهي :- جوهر الله = طبيعة الله = كيان الله = ذات الله ..... كلها نفس المعني حيث الجوهر الإلهي هو الطبيعة الإلهية هو الكيان الإلهي هي الذات الإلهية .
2. الاقنوم الإلهي :- يجب أن نعي و ندرك جيدا أن هذه الذات الإلهية أو الكيان الإلهي الذي سبق تعريفه ليس كيان مصمد بمعني أنه كيان واحد و لكن وحدانيته ليست وحدانية صماء مصمدة و لكنها :-
+ وحدانية موجودة + وحدانية عاقلة و مدبرة .
+ وحدانية حيــــــــة
ثلاثة صفات ذاتية في الجوهر الالهي الواحد و لا يمكن تصور وجوده بدونها .
- نستنتج من كلامنا الأخير أن :-
1. الجوهر الإلهي الواحد يحوي ثلاثة صفات ذاتية .
2. الله واحد في الجوهر مثلث في الصفات الذاتية.
3. الله إحدى الذات مثلث الصفات أو الخصائص الذاتية.
4. الصفات الذاتية متمايزة عن بعضها البعض حيث صفة النطق غير صفة الوجود غير صفة الحياه.
5. الله في البحث عنه جوهر واحد ، وفي البحث فيه ثلاث صفات ذاتية.
+ أطلقت الكنيسة الأرثوذكسية لفظة ( أقنوم ) علي الصفة الذاتية...لماذا ؟!
- لان كلمة أقنوم كلمة سريانية تطلق علي كل من يتميز عن سواه في صورة من الصور و تشير إلى كائن حي قدير مستقل ينسب كل أفعاله إلى نفسه و يقسم بها كذلك كلمة أقنوم بالسريانية تقابلها كلمة " هيبوستاسيس " باليونانية وهي تتكون من مقطعين و هما :- " هيبو " = تحت
" ستاسيس " = الكيان و معناها الكامل " تحت الكيان " أو بمعني أدق " ما يقوم عليه الكيان " .
- لذلك يا أحبائي فهي تشير بوضوح إلى الصفات الذاتية الثلاثة في الجوهر الإلهي الواحد والتي لا يمكن بدونها أن يقوم الكيان الإلهي ( الوجود – العقل الناطق بالكلمة – الحياة بالروح القدس ) .
- و لكن هل يوجد تعارض بين عقيدة التثليث و عقيدة التوحيد :-
+ من يتصور أن يكون لله وجود بلا نطق و بلا حياه ...؟!
+ من يتصور أن يكون لله حياه بلا وجود و بلا نطق ...؟!
+ من يتصور أن يكون لله نطق بلا وجود وبلا حياه ...؟!
قال القانون الاثناسي " للقديس أثناسيوس الرسولي " ( هكذا الآب اله واحد والابن اله واحد و الروح القدس اله واحد لكنهم ليسوا ثلاثة آلهة بل اله واحد "
و قال القديس غريغوريوس "الناطق بالإلهيات ":-
1.إذا نظرنا إلى الذات باعتبارها معني ( الأبوة) كان أقنوم الآب هو الإله
2.إذا نظرنا إلى الذات باعتبارها معني (النطق) كان أقنوم الابن هو الإله
3.إذا نظرنا إلى الذات باعتبارها معني (الحياة) كان أقنوم الروح القدس هو الإله .
- فكل واحد من الاقانيم أو الخواص الذاتية الثلاثة هو الله و لا نقول ثلاثة آلهة بل هو جوهر واحد ثابت غير منقسم مثلث الصفات و الخصائص .
- في صلوات القداس الإلهي نقول" واحد هو الآب القدوس ، واحد هو الابن القدوس ، واحد هو الروح القدوس"
+ عقيدة التثليث تشرح عقيدة وحدانية الله ، ففي العهد القديم دعي الله الواحد بصفة الجمع .." في البدء خلق الوهيم السماوات و الأرض"..... و هنا نلاحظ أن الوحي وضع الفعل في صيغة المفرد بينما وضع الفاعل في صيغة الجمع ( الوهيم) فكلمة " الوهيم" كلمة عبرية معناها( الآلهة) و تقابلها في العربية كلمة " اللهم"
+ و الآن دعونا نتحدث عن كل أقنوم بشيء من التفصيل:-
أولا :- 1. أقنوم الآب :- هو صفة الوجود في اللهو قد أطلق الكتاب المقدس علي صفة الوجود لفظة " " الآب" و هي لفظة سامية معناها " أصل الوجود" - " الله هو أصل الوجود"
- آذن الآب موجود بذاته ناطق بصفة (أقنوم) العقل حي بصفة (أقنوم) الحياه......." الروح القدس"
- نستطيع أن نقول باسم الله الموجود و الناطق الحي – اله واحد آمين.
- نستطيع أن نقول باسم الله الموجود و كلمته و روحه – اله واحد آمين .
- نستطيع أن نقول باسم الآب و الابن و الروح القدس – اله واحد آمين .
+ الآب كائن بذاته ...الآب والد للنطق .. الآب باثق للحياه .
* ولكن ما معني كلمة والد للنطق ؟! ... و ما هي نوع هذه الولادة ؟
- البعض يظنون أن هذه الولادة جسدية جنسية و الحقيقة أنها لا تمت للجسد أو للمادة بصلة .. فهي ولادة روحية (نستطيع نحن المسيحيين أن نفهمها و نقبلها) .... مثل ولادة النور من النار أو ولادة الشعاع من قرص الشمس لذلك نقول في قانون الإيمان الأرثوذكسي عن الله "الابن":- " المولود من الآب قبل كل الدهور ، نور من نور ، اله حق من اله حق ، مولود غير مخلوق ، مساو للآب في الجوهر ، الذي به كان كل شيء " و هذا طبيعي فهو الكلمة الخالقة و التي بها أبدع العالم ، و هو العقل الناطق و الذي به خلق الوجود .
+ أظن الآن أن ما نردده في قانون الإيمان يوميا أصبح الآن معناه أمامنا واضح جليا .
نوضح أكثر فنقول :- 1. ولادة الابن من الآب ليست ولادة حسية تحتاج إلى ذكر و أنثى.
2. في الولادة الجسدية نري الأب والأم سابقي الوجود عن الابن لكن في هذه الولادة الروحية لم يمر زمان كان فيه الآب بدون الابن.
3. في الولادة الجسدية ينفصل المولود عن الأم و يكون له كيانه المستقل أما هنا فالابن مولود من الآب بدون انفصال .... مثل الفكرة التي تصدر من العقل و تسجل في كتب تصدر لأقصي أنحاء العالم و لكنها لم تفارق العقل الذي خرجت منه .
ثانيا :- 2. أقنوم الابن:- + أقنوم الابن هو عقل الله الناطق ... هو نطق الله العاقل ...، هو العقل الأعظم خالق جميع العقول و مانحها الحكمة ..، هو اللوغوس .. الله عقل لا نهائي .
+ الله الابن هو العقل الإلهي الكائن في الذات الإلهية .
+ الله الابن هو الفكر الإلهي والكلمة الأزلي الكائن في الذات الإلهية بدون انفصال .
+ و قد دعي الاقنوم الثاني بالكلمة والابن ...، لماذا ؟!
1. كلمة الإنسان تعلن أفكاره و الاقنوم في تجسده أعلن لنا أسرار الله .
2. كلمةالإنسان تحمل قوة و سلطة المتكلم ..، هكذا الاقنوم الثاني في تجسده رأينا فيه سلطة و قوة و عظمة ومحبة الله لنا.
3. كذلك دعي بالابن لان الفكر أو النطق صادر من الكيان الإلهي و الشيء الصادر من الشيء يدعي مولودا منه. ، مثلما نقول عن الأفكار ( بنات الأفكار) فنحن نسبنا الأفكار الصادرة من العقل .. نسبت إلى الذات في علاقة بنوة . لذلك دعي الاقنوم الثاني بالابن.
4.دعي السيد المسيح (عيسي ابن مريم) في الإسلام .. دعي كلمة الله (أقنوم الكلمة) حيث قيل عنه في القرآن سورة آل عمران 45 " و إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسي ابن مريم وجيها في الدنيا و الآخرة و من المقربين " و هنا لمن يفهم معني الآيات يسال سؤالان :
الأول : الهاء في " منه " عائدة علي من ؟
الثاني : الهاء في " اسمه " عائدة علي من ؟
- " الهاء" في "منه" عائدة علي" الله " . أي أن المسيح كلمة من الله أي انه هو كلمة الله (الله يبشرك بكلمة منه) و" الهاء" في" اسمه" عائدة علي" الكلمة" (بكلمة منه اسمه) ....، ليس المقصود بالكلمة هنا أنها كلمة لفظية وإلا كان قال (بكلمة منه اسمها) بل يقصد (أقنوم الكلمة) و بنفس المعني يقول القديس يوحنا اللاهوتي في بداية إنجيله (في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله و كان الكلمة الله) فهو يتكلم عن أقنوم الكلمة (الله الابن - السيد المسيح) ولايقصد الكلمة بالمعني اللفظي وإلا فكان قال (في البدء" كانت" الكلمة و الكلمة كانت عند الله و كانت الكلمة الله) .... نتحدث في هذا الموضوع بالتفصيل اكثر في الحلقة الرابعة من هذه السلسلة عن( لاهوت الكلمة في الإسلام ) ...
ثالثا :- 3. أقنوم الحياه:- الله هو الحياه ..، حي بروحه و الروح القدس ينبعث أو ينبثق من الآب انبثاقا مستمرا غير متوقف و غير محدود بزمن معين مثل انبثاق الحرارة من النار كقول الإنجيل ( روح الحق الذي من عند الآب ينبثق) ..، إذا الروح غير منفصل عن الجوهر الإلهي و لا خارج عنه بل كائن فيه و قد دعا الكتاب الروح..الله (أع 5: 3،4 ) و دعاه ربا (2كو17:3) و دعاه أزليا (عب 14:9) وغير محدود (1كو 10:2) .
في علاقة الاقانيم الثلاثة ببعضها البعض نلاحظ الأتي:
1. الاتصال:- الاقانيم الثلاثة ليس فيهم انفصالا ، مثال علي ذلك قول الابن" الذي رآني فقد رأي الآب ..ألست تؤمن أنى في الآب و الآب في .. صدقوني أني في الآب و الآب في" (يوحنا 14 : 8-11) و
" الذي يراني يري الذي أرسلني"....( يو 45:12)
2. التخاطب :- كل أقنوم يتكلم مع الاقنوم الأخر و يتكلم عنه حيث نري الآب يشهد للابن قائلا لحظة عماده في نهر الأردن " هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت " كذلك ظهر وقتها الروح القدس متجسدا في هيئة حمامة ففي لحظة العماد ظهرت الأقانيم الثلاثة " الاب بصوته و الابن بشخصه و الروح بهيئة حمامة " و نري كذلك الابن يخاطب الآب قائلا :- " آيها الآب أشكرك لأنك سمعت لي" فهو يخاطبه و يتحدث معه .
- نأتي إلى نقطة هامة في الموضوع و هي ( التثليث و التوحيد : كتابيا - كنسيا - عقليا ) ......
1. كتابيا :- الوحي الإلهي في العهد القديم لم يكشف عن سر التثليث لليهود إلا كشفا بسيطا ... لماذا؟
- لان الشعب اليهودي كان محاطا بالأمم التي تؤمن بتعدد الآلهة و الشعب اليهودي كثيرا ما سقط في عبادة الأمم ، فلو أن الوحي كشف عن سر التثليث لقوي الشعور عند اليهود بتعدد الآلهة . حيث نلاحظ الآتي :
1 . في (تك 1:1) " خلق الوهيم السماوات و الأرض" نلاحظ أن الوحي وضع الفعل في صيغة المفرد (خلق) بينما وضع الفاعل في صيغة الجمع (الوهيم) ، خلق تشير إلى وحدانيته ، الوهيم تشير لله في تثليثه .
2 . كذلك في ( تك 26:1) " قال الله نعمل الإنسان علي صورتنا كشبهنا" نلاحظ أن الوحي وضع الفاعل في صيغة المفرد (الله) بينما وضع الفعل في صيغة الجمع (نعمل) ثم اكمل بأسلوب الجمع (علي صورتنا كشبهنا)
- قد يقول البعض أن أسلوب الجمع للتعظيم ؟ ...
- أسلوب الجمع للتعظيم غير معروف في اللغة العبرية و الدليل علي ذلك :
- فرعون مصر يتكلم بصيغة المفرد (تك 41:41)
- نبوخذ نصر ملك بابل العظيم يتكلم بصيغة المفرد ( دا 6:41)
3 . في (تك 22:3) " وقال الرب اله هوذا الإنسان قد صار كواحد منا " لو كان الجمع هنا بهدف التعظيم لكان يقول " قد صار مثلنا"ولكن قوله" قد صار كواحد منا" فهذه إشارة واضحة للاقانيم الثلاثة .
4 . في (تك 22:3) " هلم ننزل و نبلبل هناك ألسنتهم " و غيرها من الأمثلة الكثيرة في الكتاب المقدس..هناك إشارات واضحة للاقانيم الثلاثة حيث يمكنك الرجوع للشواهد التالية: (أش 48: 12- 16) –
(مز 6:33) - (أش 3:6) – (متي 19:28) – (يو 26:15) – (اع 32:5) – ( 2كو 14:13) - (غل 6:4)
(1يو 7:5).
2. كنسيا :- 1. البسملة: في صلوات الكنيسة نرشم الصليب قائلين " بأسم الآب و الابن و الروح القدس" لاحظ كلمة" بأسم" و ليست" بأسماء"
2. قانون الإيمان :- - " بالحقيقة نؤمن باله واحد الله الآب"
- " نعم نؤمن برب واحد يسوع المسيح "
- " نؤمن بالروح القدس الرب المحي "
+ " الإيمان هو أن نعبد إلها واحدا في ثالوث ، في وحدانية بغير اختلاط في الأقانيم و لا تقسيم في الذات لان أقنوم الآب غير أقنوم الابن غير أقنوم الروح القدس ولكن الآب و الابن و الروح القدس ليسوا إلا إلها واحدا"
- الله كائن بذاته و موجود ــــــــــــــــــــــــــ أقنوم الآب ....... صفة الوجود .
- الله عاقل بكلمته و ناطق بها ــــــــــــــــــــــــــ أقنوم الابن ........ صفة العقل الناطق .
- الله حي بروحه القدوس ـــــــــــــــــــــــــ أقنوم الروح ........ صفة الحياه .
أي أننا :- نستطيع أن ندعو الله الكائن بذاته آب .... والعقل المولود منه أبن و الحياه المنبثقة منه روح .
- معني هذا أن :- الله الكائن بذاته الناطق بعقله الحي بروحه القدوس هو الآب و الابن و الروح القدس
3. عقليا :- * نقطة أخري أحدثكم عنها و هي حتمية التثليث و التوحيد ... لماذا ؟
- من صفات الله أنه :- " سميع - بصير - كليم- محب - ودود "
وهنا السؤال الأول :- 1. هل هذه الصفات أزلية أم مكتسبة فيه بعد الخلقة ؟
- من الطبيعي أن هذه الصفات أزلية في الله قبل أي خلقة ... كانت فيه لان الله ليس فيه تغيير أو ظل دوران .
السؤال الثاني :- 2. هل هذه الصفات كانت معطلة أم عاملة ؟! ..
- بلا شك أن هذه الصفات كانت عاملة .. فكيف كانت عاملة !! ...أليس السمع و البصر و النظر و الحديث و الحب يحتاج إلى اكثر من واحد ؟!!! ... قبل بدء الخليقة :- الله كان يسمع من ؟... و يكلم من ؟.. و يحب من ؟
+ الإجابة سهلة : إذ أن الله كامل في ذاته متكامل في صفاته ولا يعتمد في تكامل صفاته علي أي مخلوق كان ..إنما في الله الواحد الوجود و العقل و الروح و بين الاقانيم الثلاثة تتكامل صفات الخالق.. الآب يحب الابن و يمجده و الابن يحب الآب و ينفذ مشيئته حتى أننا نري الابن يخاطبه "لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم"
( يو 14:17 ) .
+ في أثناء التجسد كثيرا ما كنا نري الابن واقفا يصلي !! حتى أن الكتاب يقول عنه انه كان يقضي الليل كله في الصلاة.. تري لمن كان يصلي ؟! ... انه يناجي الآب السماوي و هذه المناجاة قد تستغرق الليل كله ( مثلما يجلس الإنسان إلى نفسه متأملا و يقول جلست إلى نفسي و هو نفسه شخص واحد لا أكثر ) .
+ نقطة أخري :- من أسماء الله الحسني في الإسلام (المؤمن) و من المعروف أن الإيمان علاقة تحتاج علي الأقل إلى اثنين ( مؤمن – مؤمن به ) فعندما نقول أن الإنسان مؤمن فهذا معناه أن هذا الإنسان يؤمن بوجود الله ، فنحن هنا أمام اثنين و لكن عندما نقول أن الله مؤمن فكيف نفسر علاقة الإيمان هذه ؟!
أم هل الله يؤمن باله آخر ؟!...
+ أتعرفون يا اخوتي ما هي اقرب التشبيهات لموضوع التثليث و التوحيد ...، طبعا الله ليس له شبيه و لكن لنحاول لتقريب المعني أن نترك الخالق و ننظر إلى المخلوق الذي هو صورة جابله كوسيلة لإيضاح ما نقصده في تفسير الثالوث القدوس:- فمثلا الإنسان كيان أو جسد منظور ... له عقل مفكر و له روح حية ( الكيان - العقل – الروح ) الثلاثة في الإنسان الواحد ...، كذلك ( الآب – الابن – الروح القدس ) الثلاثة في الله الواحد .
العقل والروح كائنان في جسد الإنسان مثال الابن و الروح القدس الكائنان في الآب .
- الكيان غير العقل غير الروح فالإنسان عندما يأكل أو يشرب أو يلبس إنما يفعل هذا بجسده و ليس بروحه أو بعقله و عندما يفكر أو يحل مسألة أو مشكلة إنما يحلها بعقله و ليس بجسده أو روحه و عندما يحيا و يتحرك إنما يفعل هذا بروحه ليس بجسده أو عقله .. هذا يوضح لنا التمايز بين عمل الاقانيم في الثالوث الأقدس .. فعمل التجسد و الصلب و الفداء ..ينسب لله الابن ..أقنوم الكلمة اللوغوس (العقل الناطق و المفكر و المدبر) .. و لا يصح أن ننسبه للاب أو الروح القدس ..، و إذا تحدثنا عن الله ( الروح القدس) إنما نتحدث عن التقديس و الإرشاد و روح الحكمة و المعرفة .. أقنوم الروح .. النعمة الإلهية المنصبة من الآب علي البشر .
+ " إلهنا نار آكلة" في النار نري اللهب ( الوجود ) و من اللهب يتولد النور .. و أيضا من اللهب تنبعث الحرارة
+ الشمس قرص و شعاع من النور و يتولد من هذا القرص النور و حرارة .
+ سؤال هام :- هل الثالوث الذي هاجمه القرآن هو الثالوث المسيحي ؟
+ لكي نعرف كيف و بماذا نجيب تعالوا نعرف ماذا قال القرآن و هل ما قاله ينطبق علينا نحن المسيحيين أم لا؟
1 . في سورة المائدة 73 : يقول " لقد كفر الذين قالوا أن الله ثالث ثلاثة و ما من اله إلا اله واحد " و هو يهاجم ثالوث ينادي بثلاثة آلهة والله واحد منهم ومن الطبيعي أن هذا الكلام لا ينطبق علي المسيحيين لأنهم لا يعترفون إلا باله واحد فقط عاقل و حي .
2 . في سورة الإنعام 101: يقول " بديع السماوات و الأرض آني أن يكون له ولد و لم تكن له صاحبة " و هنا يهاجم الذين يقولون أن الله تزوج من صاحبة و انجب منها ولدا و نحن ننزه الله عن مثل هذه التصرفات و التي هي معتقدات وثنية .
3 . في سورة المائدة 116 : " و إذ قال يا عيسي ابن مريم أنت قلت للناس اتخذوني الهين من دون الله " و هذا يهاجم الذين ألهوا السيد المسيح و السيدة العذراء و المسيحية بريئة من هذه البدعة إذ انه العذراء مريم تدعوها الكنيسة العذراء و الأم .
+ ظهرت أنواع أخرى من البدع و الهرطقات التي حاربتها المسيحية و منها:-
1 . المرقونية :- نادت بثلاثة آلهة : اله عادل أنزل التوراة و اله صالح انزل الإنجيل لينسخ التوراة و اله شرير هو إبليس.
2 . بدعة المريميين :- ظهرت في شبه الجزيرة العربية بدأت بالقرن الخامس الميلادي و انتهت في القرن السابع و كانت منتشرة وقت ظهور الإسلام و أصحابها من الوثنيين المتنصرين ، و كانوا يعبدون الزهرة و يلقبونها ملكة السماء فعندما تنصروا أرادوا أن يحافظوا علي معتقداتهم فنادوا بالعذراء اله و تسموا بالمريميين نسبة إليها و قد أشار إليها احمد المقريزي في كتابه القول الابريزي .
وهبقي اتفرغ في الرد بعد حواري مع اخ نجم