حمدا لله على نعمائه وصلاة وسلاما على رسله وأنبيائه
وبعد
فكنت قد تكلمت عن الكلمة وبينت أنها ثلاثة أقسام
1- الاسم : وهو ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بزمن ( والزمن ماض وحاضر ومستقبل ) .
2- الفعل : هو ما دل على معنى في نفسه واقترن بزمن .
3- الحرف : هو ما له دلالة في غيره .
وسيكون كلامنا في هذه المرة عن
الاسم
وسنتكلم عن
أ - مميزاته
ب - تقسيمه إلى معرب ومبني
جـ - تقسيمه إلى نكرة ومعرفة .
ونبدأ بـــــــــــ
المميزات
وعلماء اللغة تتبعوا أنواع الكلمة فوجدوا علامات للاسم تقترن به وتلازمه ، كما أنه - أي : الاسم - يقع في مكان من الجملة لا يقع فيه غيره ، ومن هذه المميزات
ما ذكره ابن مالك في ألفيته قائلا :
بالجر والتنوين والندا وأل
ومسند للاسم تمييز حصل
وهي مميزات خمس سنتكلم عنها ونتبعها بعلامات أخرى بإذن الله وفضله
وأول العلامات هي
الجر
والمراد به الكسرة وما ينوب عنها
وإليك قول الله تعالى : { بسم الله الرحمن الرحيم } . وأيضا قوله سبحانه : { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها } ف ( أحسن ) مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف . وانظر قوله سبحانه : { أحب إلى أبينا منا } تجد ( أبينا ) مجرور بالياء نيابة عن الكسرة لأنه من الأسماء الخمسة - أو الستة - ، وقوله { ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل } . ( أبويك ) مجرور بالياء ؛ لأنه مثنى ، وأيضا : { من المؤمنين رجال } . ( المؤمنين ) مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم .
فكل هذه الكلمات أسماء لماذا ؛ لأنها مجرورة ، يستوي في هذا عاملُ الجرِّ حرفٌ أو إضافةٌ أو تبعيةٌ .
والجر علامة للاسم سواء كان الجر ظاهرا كما تقدم أو مقدرا كما في قول الله سبحانه : { أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده } . ( فبهداهم ) كلمة ( هُدَى ) اسم لماذا ؛ لأن حرف الجر الباء دخل عليها وهي مجرورة ولكن تعذر وضع الكسرة لأن آخر الكلمة الألف ، أما لفظة ( هم ) فهي كلمة أخرى ( ضمير ) مبني على السكون في محل جر مضاف إليه .
والجر علامة لكل الأسماء المعرب منها كما تقدم أو المبني ( وسنتكلم عن الإعراب والبناء لاحقا ) مثل لفظة ( هم ) السابقة .
مما سبق يتبين لنا أحبتي في الله ما يلي
أن الاسمية ليست مرتبطة بالإعراب فقط ولكنها ترتبط بدخول حرف الجر مع إعرابها بالكسرة ظاهرة أو مقدرة أو بما ينوب عن الكسرة وقد تكون مبنية في محل جر مثل الضمير .
فائدة
قد نجد حرف الجر مقترنا بكلمة ولكننا إذا نظنا إليها لم نجدها اسما ، نعم يحدث هذا ، وإليك قول الله تعالى : { رضوا بأن يكونوا مع الخوالف } ، لا ليس المقصود كلمة الخوالف ، المقصود كلمة كلمة ( بأن ) ، ولكن هناك تنبيه ( أن يكونوا ) ما هو إلا تركيب يئول بالمصدر فنأولها ( كونهم ) فيكون التركيب [ رضوا بكونهم مع الخوالف ]
والفائدة هنا أن الاسم كما يكون صريحا فإنه أحيانا يكون مئولا .
خاتمة لموضوع الجر
اصطلاح الجر شائع عند النحاة وفي كتب النحو
والجر لغة : مد الشيء وسحبه ، ومنه الجريرة وهي : ما يجره الإنسان من ذنب ؛ لأنه شيء يجره إلى نفسه .
ولو تأملنا هذا المعنى لوجدناه غير مناسب للحركة التي توضع أسفل حرف الإعراب ولذا فمن الأفضل استخدام لفظة الخفض حيث إن معناه ما يقابل الرفع ، ومن ذلك : { خافضة رافعة } يقول الزجاج : المعنى أنها تخفض أهل المعاصي وترفع أهل الطاعة < معاني القرآن وإعرابه 5 / 107 >
وفي اللسان : (( في أسمائه سبحانه " الخافض " : وهو الذي يخفض الجبارين والفراعنة أي يضعهم ويهينهم ......... والخفض ضد الرفع )) .
وهذا الخليل بن أحمد - رحمه الله - يجعل حركة الإعراب هي الخفض لا الجر ، ويجعل حركة الجر مختصة بكسرة الفعل المضارع الذي يضطر الشاعر إلى كسره ، ومنه
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تعلم
< مفاتيح العلوم للخوارزمي 30 >
وقد يكسر الفعل تجنبا لالتقاء الساكنين مثل قول الله تعالى ( قلِ ادعوا الله ) . ومثل : اشربِ اشرب .
واغتفر هذا الكسر لأنه لضرورة النخلص من الساكنين
بهذا يكون الكلام قد انتهى عن الخفض أو الجر
ونتكلم بإذن الله تعالى - لاحقا - عن التنوين
فأسألكم الدعاء وجزاكم الله خيرا
وصلاة وسلاما على محمد وآله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين