السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أستاذنا أيوب .. جزاك الله خيراً على الدعوات الطيبة و لك مثلها و أكثر إن شاء الله .
بالنسبة للسؤال : (أول من عبد المسيح) فكانت إجابتى - قبل أن تضع ردك - كالتالى :-
- ليس أول من عبده هو بولس ، بل إن بولس نفى أن يكون المسيح هو الله من الأساس ، فهو لم يظن هذا مجرد ظن .
حيث جاء فى العهد القديم فيما نُسِب لله أنه قال :
إش 46 : 5
بِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي وَتُسَوُّونَنِي وَتُمَثِّلُونَنِي لِنَتَشَابَهَ ؟
إذاً الله لا يتشابه مع أى شخص .
و نعلم جميعاً مدى غيرة بولس على الله ، و علمه بالناموس ، إذ يقول عن نفسه :
أع 22 : 3
أَنَا رَجُلٌ يَهُودِيٌّ وُلِدْتُ فِي طَرْسُوسَ كِيلِيكِيَّةَ، وَلكِنْ رَبَيْتُ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ مُؤَدَّبًا عِنْدَ رِجْلَيْ غَمَالاَئِيلَ عَلَى تَحْقِيقِ النَّامُوسِ الأَبَوِيِّ. وَكُنْتُ غَيُورًا للهِ كَمَا أَنْتُمْ جَمِيعُكُمُ الْيَوْمَ .
لكننا نجد فى الرسالة إلى العبرانين التى كتبها بولس تشبيهه لملكى صادق بالمسيح ، فيقول :
عب 7 : 3
بِلاَ أَبٍ، بِلاَ أُمٍّ، بِلاَ نَسَبٍ. لاَ بَدَاءَةَ أَيَّامٍ لَهُ وَلاَ نِهَايَةَ حَيَاةٍ. بَلْ هُوَ مُشَبَّهٌ بِابْنِ اللهِ هذَا يَبْقَى كَاهِنًا إِلَى الأَبَدِ .
إذاً :- بولس الغيور على الله العالم بالناموس و بأن الله لا يتشابه مع أى شخص آخر ، جعل هناك تشابه بين المسيح و ملكى صادق ، و بالتالى بولس لا يعتقد أصلاً أن المسيح هو الله .
- لا أمه و لا يوسف و لا أهله و لا إخوته و لا التلاميذ و قدمنا الأدلة على ذلك ، و لا حتى لوقا لكونه تلميذ بولس الذى لم يؤمن أن المسيح هو الله .
- البداية كانت بسبب العقائد الوثنية التى أدخلها بولس على المسيحية ، و هذه العقائد كانت منتشرة فى الإمبراطورية الرومانية ، و ذلك هو ما سهل من إنجذاب الوثنيين إلى المسيحية ، فلم يروا فيها جديداً عن عقائدهم ، و كان من السهل أن ينتقل الوثنى من عقيدة وثنية إلى غيرها ، بل و يشترك فى أكثر من واحدة .
أساس هذه العقائد الوثنية فى ذلك الوقت هو أن الإنسان فى حاجة إلى الخلاص من الإحساس بالخطيئة ، و الخوف من الموت ، ثم ضمان الخلود .
و هذا ما تحدث عنه القس فهيم عزيز فى كتاب المدخل إلى العهد الجديد ، ص : 66
أما الإحساس بالخطيئة فقد أدخله بولس فى المسيحية حين قال : "إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ"(رو 3 : 23)
أما الخوف من الموت فقد أدخله بولس إلى المسيحية حين قال : "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ."(رو 5 : 12) و كأن الموت وحش كاسر يلتهم الناس دخل البشرية بالخطيئة و لم يكن مُقدراً منذ الأزل !
و الحاجة إلى ضمان الخلود بالخلاص من هذه الخطيئة بواسطة المخلص قد أدخلها بولس أيضاً حين قال : "وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ" (2 تى : 1 - 10)
قبل الإنتقال إلى نقطة تأليه المسيح ، لابد لنا أن نعلم أن العقائد الوثنية لا تنكر بعضها بعضاً بل تشترك فى نفس الطقوس ، و يمكن للفرد الوثنى الإنتقال من إحداها إلى الآخرى بسهولة و يسر ، بل و الإشتراك فى أكثر من واحدة .
هذا ما قاله القس فهيم عزيز فى نفس الكتاب ، ص : 68
و بالتالى كان الإنتقال من الوثنية إلى المسيحية سهل يسير ، لكونها توفر النقاط الثلاث المهمة : الخلاص من الإحساس بالخطيئة ، و الخوف من الموت ، ثم ضمان الخلود .
ثم إن الوثنيين الذين إنتقلوا من الوثنية إلى المسيحية هم أنفسهم من جعلوا المسيح إله و هم من عبدوه ، لكون عقيدتهم تؤمن بأن الإله يشترك مع الناس فى الألم و يموت و يقوم من الموت ، فالموت و القيامة عند الوثنيين خاصة بإله لا ببشر .
و هذا ما ذُكِرَ فى نفس الكتاب ، ص : 67
فقول بولس : "لأَنَّهُ لِهذَا مَاتَ الْمَسِيحُ وَقَامَ وَعَاشَ، لِكَيْ يَسُودَ عَلَى الأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ"(رو 14 : 9)
إذاً من هذا نعلم أن أول من أله المسيح هم الوثنيين ، الذين تحولوا إلى المسيحية بسهولة لكونها لا تختلف عن عقائدهم فى النقاط الثلاث الرئيسية ، ثم إن من يقوم من الأموات لديهم هو إله ، و بالتالى جعلوا من المسيح إله و عبدوه .
- و حقيقةً كنت سأتحدث عن إثناسيوس ، لكن كنت سأقول أنه ليس أول من عبده .