هل يعيد العالم اكتشاف الإسلام؟
هل يعيد العالم اكتشاف الإسلام؟
"عندما أكملت القرآن الكريم غمرني شعور بأن هذا هو الحق الذي يشتمل على الإجابات الشافية حول مسائل الخلق وغيرها، وأنه يقدّم لنا الأحداث بطريقة منطقية، لم نجدها في غيره من الكتب الدينية إلا متناقضة مع بعضها البعض، أما القرآن فيتحدث عنها في نسق رائع وأسلوب قاطع لا يدع مجالا للشك بأن هذه هي الحقيقة وأن هذا الكلام هو من عند الله لا محالة.. ولقد تبيَّن لي أن المضمون الإلهي للقرآن الكريم هو المسؤول عن النهوض الإنساني وهدايته إلى معرفة الخلق، هذه المعرفة التي تنطبق على كل عصر.. ولقد دهشت واعتراني العجب كيف استطاع محمد الرجل الأمِّي الذي نشأ في بيئة جاهلية، أن يعرف معجزات الكون التي وصفها القرآن الكريم، والتي لايزال العلم الحديث حتى يومنا هذا يسعى لاكتشافها؟ لابد إذن أن يكون هذا الكلام هو كلام الله عز وجل".
عن "ديبوار بوتيه" التي ولدت عام 1954 بمدينة ترافيزا في ولاية متشيجان الأمريكية، وتخرَّجت في فرع الصحافة بجامعة متشيجان، واعتنقت الإسلام سنة 1980م بعد إقتناع عميق بالإسلام وبأنه ليس ثمة دين غيره يمكن أن يستجيب لمطالب الإنسان.
ولاشك أن الإنسان المعاصر اليوم بأمسِّ الحاجة إلى يقين ديني يعيد إليه وحدته الضائعة وسعادته المفقودة، وأمنه المسلوب، ولاشك أن القناعة المبنية على الحقائق العلمية هي اليوم من أكثر القناعات فاعلية للتحقق من هذا اليقين، ومادام القرآن يمنحنا هذا القدر الكبير المعجز من هذه الحقائق التي راحت تتكشف عقدا بعد عقد، وقرنا بعد قرن، فلماذا لانتحرك على ضوء هذه المعادلة العظيمة لإنقاذ الإنسان المعاصر من ورطته بفقدانه اليقين؟
ولقد دلت الدلائل الكثيرة والتي تحملها الأخبار كل يوم على أن العلماء الذين درسوا الآيات الكونية والإنسانية في القرآن والسنة، وطبقوها على ما وصل إليه العلم في العصر الحديث في الفلك أو الطب أو الكيمياء أو الإحياء، وغير ذلك من العلوم، قد وجدوا تطابقا وتوافقا علميا رائعا، أكد لهم بما لا يدع مجالا للشك أن القرآن الكريم من عند الله، وأنه الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وهذا ما دعا العالم والطبيب النفسي "موريس بوكاي" أن يدرس القرآن عشرة أعوام ويضطر إلى تعلم اللغة العربية ليقف بنفسه على ما يوحي به النص القرآني، وقد خرج بنتيجة بعد البحث يقول فيها: "لقد أثارت الجوانب العلمية التي يختص بها القرآن دهشتي العميقة في البداية، فلم أكن أعتقد فقط أن بإمكان أحد أن يكتشف عددا كبيرا إلى هذا الحد من الدعاوى الخاصة بموضوعات شديدة التنوع ومطابقة تماما للمعارف العلمية الحديثة، وذلك في نص كتب منذ أكثر من ثلاثة عشر قرنا، في البداية لم يكن لي أي إيمان بالإسلام، وقد طرقت دراسة هذه النصوص بروح متحررة من كل حكم مسبق وبموضوعية تامة، ولقد تناولت القرآن منتبها بشكل خاص إلى الوصف الذي يعطيه عن الحشد الكبير من الظواهر الطبيعية.
ولقد أذهلني دقة بعض التفاصيل الخاصة بهذه الظواهر وحتى التفاصيل التي لايمكن أن تدرك إلا في النص الأصلي أذهلتني مطابقتها للمفاهيم التي نملكها اليوم عن هذه الظاهرات، والتي لم يكن ممكنا لأي إنسان في عصر محمد صلى الله عليه وسلم "أن يكوِّن عنها أدنى فكرة"، إلى أن يقول: إن القرآن قد تحدث في ثراء عجيب عن علم الخلق والفلك والحيوان والنبات والتناسل الإنساني، وقد دفعني ذلك لأن أتساءل: لو كان القرآن قد كتبه إنسان، كيف استطاع في القرن السابع من العصر المسيحي أن يكتب ما اتضح أنه يتفق اليوم مع المعارف العلمية الحديثة؟!! ليس هناك أدنى شك في أن النص القرآني الذي نملك اليوم هو فعلا نفس النص الأول".
ويروي الأستاذ عبدالمجيد الزنداني عن المؤتمر الدولي في الإعجاز الطبي في القرآن والذي عقد بالقاهرة عام 1985م قائلا: "إن مذيع إذاعة لندن وقف بعد المؤتمر قائلا: لأول مرة يتمكن علماء الإسلام من التحدث لعلماء الغرب بلغة يفهمونها، ولقد شهد هذا المؤتمر إسلام عَلَمٍ من أعلام أوروبا وهو "آرثر ألسون" من بريطانيا، إذ قال في نهاية المؤتمر: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ثم خاطب المؤتمرين قائلا: كيف يكون هذا العلم عندكم ولا تقدِّمونه لنا؟! ثم قال: "إن لي زملاء لو علموا ما علمت لأسلموا كما أسلمت".
ولكن من يستطيع أن يبلِّغ هؤلاء ويحرص على ذلك، وقد بلغ كسل المسلمين حدا مرضيا وذلك في الفرد والأمة على سواء، وهذا ما دعا رجلاً مثل "دوكلاس أرثر" أن يقول: "لو أُحْسِنَ عرض الإسلام على الناس لأمكن به حل كافة المشكلات، ولأمكن تلبية الحاجات الاجتماعية والروحية والسياسية للذين يعيشون في ظل الرأسمالية والشيوعية، على السواء، فقد فشل هذان النظامان في حل مشكلات الإنسان، أما الإسلام فسوف يقدَّم السلام للأشقياء، والأمل، والهدى للحيارى والضالين، وهكذا فالإسلام لديه أعظم الإمكانات لتحدى هذا العالم وتعبئة طاقات الإنسان لتحقيق أعلى مستوى من الإنتاج والكفاية".
وفي هذا أيضا يقول: "سير توماس أرنولد" إن عدم وجود التعصب الطائفي في الإسلام يكوّن القوة الحقيقية للإسلام في الهند، ويمكن له أن يجذب إليه عددا كبيرا جدا من الهندوكية.
وفي سنة 1867م عبَّر كاتب روسي في كتاب هام كتبه عن الإسلام في الصين، عن الفكرة التي تقول بأن الإسلام مهيأ لأن يصبح الدين القومي للإمبراطورية الصينية، ولأن يقلب تبعا لذلك الأوضاع السياسية في العالم الشرقي رأسا على عقب، وكذلك في الجمهورية الروسية، وقد كان القانون الروسي يحرِّم اعتناق غير الديانة الأرثوذكسية في روسيا، ومن ثم توقف الإسلام عن التقدم إلى أن صدر مرسوم التسامح الديني سنة 1905م وترتب على ذلك أن دخلت جموع كثيرة في الإسلام بين طوائف الأبخاز الذين كانوا يدينون بالمسيحية، وأصبحوا مسلمين بجمهرة كبيرة بلغ من ضخامتها أن رجال الكنيسة قد أخذهم الخوف كل مأخذ وجنَّدوا أنفسهم لمحاربة الإسلام، إلى أن جاءت الشيوعية.
والحقيقة التي لامراء فيها أن الإسلام بصفته دينا عالميا وعقيدة كونية يعتبر مناسبا لكافة مراحل تطور الحياة الإنسانية في المستقبل، حيث ينسجم مع منجزات الإنسان الحديثة في كافة مجالات النشاط الإنساني. إن الإسلام دين حركي يستطيع بفضل جهود المسلمين بعد عون الله أن يشكل قوة فعلية تحرر الإنسان من العبودية وتقوده إلى البناء. هذا ما يقرره العلماء والمنصفون ويكتشفونه جيلا بعد جيل فهل يساعد المسلمون على ذلك؟ وإذا لم يستطيعوا فهل يكفُّون عن معاداته وتلويثه؟ نسأل الله ذلك