السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أخى في الله rt_1984
لقد راجعت تفسير الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي واليك تفسير ماأشكل عليك00
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى(لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفربالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروه الوثقى لاانفصام لها والله سميع عليم الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)
يخبر تعالى أنه لا إكراه في الدين لعدم الحاجه إلى الإكراه عليه ، لأن الإكراه لايكون إلا على امر خفية أعلامه ، غامضه آثاره ، أو أمر في غاية الكراهه للنفوس،وأما هذا الدين القويم والصراط المستقيم فقد تبينت أعلامه للعقول،وظهرت طرقه وتبين امره ،وعرف الرشد من الغي ، فالموفق إذا نظر أدني نظر إليه آثره واختاره ،وأما من كان سيء القصد فاسد الإراده ،خبيث النفس يرى الحق فيختار عليه الباطل ويبصر الحسن فيميل إلى القبيح ،فهذا ليس لله حاجه في إكراهه على الدين ،لعدم النتيجه والفائده فيه ،والمكره ليس إيمانه صحيحا ولا تدل الآية الكريمه على ترك قتال الكفار المحاربين ،وإنما فيها أن حقيقة الدين من حيث هو موجب لقبوله لكل منصف قصده اتباع الحق وأما القتال وعدمه فلم تتعرض له وإنما يؤخذ فرض القتال من نصوص أخرى،ولكن يستدل في الآيه الكريمة على قبول الجزيه من غير أهل الكتاب كما هو قول كثير من العلماء .
أما الآيه الكريمة((وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين * واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم في فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم* وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين لله))
هذه الآيات ،تتضمن الأمر بالقتال في سبيل الله ،وهذا كان بعد الهجره إلى المدينه ، لما قوي المسلمون للقتال أمرهم الله به ، بعدما كانوا مأمورين بكف أيديهم وفي تخصيص القتال (في سبيل الله) حث على الإخلاص ، ونهي عن الاقتتال في الفتن بين المسلمين
(اللذين يقاتلونكم) أي : اللذين هم مستعدون لقتالكم ، وهم المكلفون الرجال ، غير الشيوخ اللذين لا رأي لهم ولا قتال .
والنهي عن الإعتداء يشمل انواع الإعتداء كلها، من قتل من لا يقاتل من النساء والمجانين والأطفال والرهبان ونحوهم،والتمثيل بالقتلى ،وقتل الحيوانات ، وقطع الأشجار [ونحوها...] لغير مصلحه تعود للمسلمين .ومن الإعتداء مقاتلة من تقبل منهم الجزيه إذا بذلوها ،فإن ذالك لا يجوز .
.
لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ / وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ
أحسنتي أختي الفاضلة ( ام الزبير) .
اضيف
(لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم "256")
إن الحق سبحانه وتعالى يوضح لنا نحن العباد المؤمنين ولسائر البشرية أنه: "لا إكراه في الدين". والإكراه هو أن تحمل الغير على فعل لا يرى هو خيراً في أن يفعله. أي لا يرى الشخص المكره فيه خيراً حتى يفعله. ولكن هناك أشياء قد نفعلها مع من حولنا لصالحهم، كأن نرغم الأبناء على المذاكرة، وهذا أمر لصالح الأبناء، وكأن نجبر الأطفال المرضى على تناول الدواء.
ومثل هذه الأمور ليست إكراهاً، إنما هي أمور نقوم بها لصالح من حولنا؛ لأن أحداً لا يسره أن يظل مريضاً.
إن الإكراه هو أن تحمل الغير على فعل من الأفعال لا يرى فيه هو الخير بمنطق العقل السليم. ولذلك يقول الحق سبحانه: "لا إكراه في الدين".
ومعنى هذه الآية أن الله لم يكره خلقه ـ وهو خالقهم ـ على دين، وكان من الممكن أن الله يقهر الإنسان المختار، كما قهر السماوات والأرض والحيوان والنبات والجماد، ولا أحد يستطيع أن يعصى أمره.
فيقول سبحانه:
{لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً }
(من الآية 31 سورة الرعد)
لكن الحق يريد أن يعلم من يأتيه محباً مختاراً وليس مقهوراً، أن المجيء قهراً يثبت له القدرة، ولا يثبت له المحبوبية، لكن من يذهب له طواعية وهو قادر ألا يذهب فهذا دليل على الحب، فيقول تعالى: "لا إكراه في الدين" أي أنا لم أضع مبدأ الإكراه، وأنا لو شئت لآمن من في الأرض كلهم جميعاً. فهل الرسل الذين أرسلهم سبحانه يتطوعون بإكراه الناس؟. لا ، إن الرسول جاء لينقل عن الله لا ليكره الناس، وهو سبحانه قد جعل خلقه مختارين، وإلا لو أكرهم لما أرسل الرسل، ولذلك يقول المولى عز وجل:
{ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين "99"}
(سورة يونس)
إن الرسول له مهمة البلاغ عن الله؛ لأن الله لم يرد خلقه مكرهين على التدين، إذن فالمبلغ عنه لا يكره خلقه على التدين، إلا أن هنا لبساً. فهناك فرق بين القهر على الدين، والقهر على مطلوب الدين، هذا هو ما يحدث فيه الخلاف.
وقد أراد خصوم الإسلام أن يصعدوا هذه العملية فقالوا كذباً وافتراء: إن الإسلام انتشر بحد السيف.
ونقول لهم: لقد شاء الله أن ينشأ الإسلام ضعيفا ويضطهد السابقون إليه كل أنواع الاضطهاد، ويعذبون، ويخرجون من ديارهم ومن أموالهم ومن أهلهم، ولا يستطيعون عمل شيء. إذن ففترة الضعف التي مرت بالإسلام أولا فترة مقصودة.
ونقول لهم أيضا : من الذي قهر وأجبر أول حامل للسيف أن يحمل السيف؟! والمسلمون ضعاف ومغلبون على أمرهم، لا يقدرون على أن يحموا أنفسهم، إنكم تقعون في المتناقضات عندما تقولون: إن الإسلام نشر بالسيف. ويتحدثون عن الجزية رفضاً لها، فنقول: وما هي الجزية التي يأخذها الإسلام من غير المسلمين كضريبة للدفاع عنهم؟ لقد كان المسلمون يأخذون الجزية من البلاد التي دخلها الفتح الإسلامي، أي أن هناك أناساً بقوا على دينهم. ومادام هناك أناس باقون على دينهم فهذا دليل على أن الإسلام لم يكره أحداً.
:kaal:
وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ {2/190} وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ {2/191} فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {2/192} وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ {2/193}
أرجو أن تقرأ الآيات بهدوء
الآية الأولى : وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ {2/190}
إذن وجب قتال الذين يقاتلوننا بقول (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ) وليس الامر جاء بهمجية .
الآية الثانية : وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ {2/191}
يقول الحق: "واقتلوهم حيث ثقفتموهم" أي لا تقولوا إنهم أخرجوكم من هنا، وإنما أخرجوهم من حيث أخرجوكم، أي من أي مكان أنتم فيه، وعن ذلك لن تكونوا معتدين .
والفتنة في دين الله أشد من القتل، لأن الفتنة إنما جاءت لتفسد على الناس دينهم، صحيح أنها لا تعوق الناس عن أن يتدينوا، ولكنها تفتن الذين تدينوا، وقد حاولوا إجبار المسلمين الأوائل بالتعذيب حتى يرتدوا عن الدين، وكان ذلك أشد من القتل لأنها فتنة في الدين.
فالقاتل في الإسلام جاء دفاعاً .
وبعد ذلك هل يظل القتال دفاعا كما يريد خصوم الإسلام أن يجعلوه دفاعا عمن آمن فقط؟ أو كما يريد الذين يحاولون أن يدفعوا عن الإسلام أنه دين قتال ويقولون: لا ، الإسلام إنما جاء بقتال الدفاع فقط .
نقول لهؤلاء: قتال الدفاع عمن؟ هل دفاع عمن آمن فقط؟ أم عن مطلق إنسان نريد أن ندفع عنه ما يؤثر في اختيار دينه؟ هو دفاع أيضا، وسنسميه دفاعا، ولكنه دفاع عمن آمن، ندفع عنه من يعتدي عليه، وأيضا عمن لم يؤمن ندفع عنه من يؤثر عليه في اختيار دينه لنحمي له اختياره، لا لنحمله على الدين، ولكن لنجعله حراً في الاختيار؛ فالقوي التي تفرض على الناس دينا نزيحها من الطريق، ونعلن دعوة الإسلام، فمن وقف أمام هذه الدعوة نحاربه؛ لأنه يفسد على الناس اختيار دينهم، وفي هذا أيضاً دفاع."
الآية الثالثة : فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {2/192}
إذن : القتال ليس للهمجية ، فأمر الله المسلمين بعدم قتالهم إن توقف الكفار عن الفتنة .
الآية الرابعة : وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ {2/193}
إن الحق يختبر الإيمان بالفتنة، ويرى الذين يعلنون الإيمان هل يصبرون على ما فيه من ابتلاءات أم لا؟ فلو كان دخول الإسلام لا يترتب عليه دخول في حرب أو قتال ولا يترتب عليه استشهاد بعض المؤمنين لكان الأمر مغريا لكثير من الناس بالدخول في الإسلام، لكن الله جعل لهم الفتنة في أن يهزموا ويقتل منهم عدد من الشهداء، وذلك حتى لا يدخل الدين إلا الصفوة التي تحمل كرامة الدعوة، وتتولى حماية الأرض من الفساد، فلابد أن يكون المؤمنون هم خلاصة الناس.
لذلك قال سبحانه : "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة". معنى أن يكون الدين لله، أي تخرجوهم من ديانة أنفسهم أو من الديانات التي فرضها الطغيان عليهم، وعندما نأخذهم من ديانات الطغيان، ومن الديانات التي زينها الناس إلى ديانات الخالق فهذه مسألة حسن بالنسبة لهم، وتلك مهمة سامية. كأنك بهذه المهمة السامية تريد أن ترشد العقل الإنساني وتصرفه وتمنعه من أن يدين لمساو له؛ إلى أن يدين لمن خلقه. وعلى صاحب مثل هذا العقل أن يشكر من يوجهه إلى هذا الصواب.
ويختم الحق هذه الآية الكريمة بقوله: "فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين" أي أنهم إذا انتهوا إلى عدم قتالكم، فأنتم لن تعتدوا عليهم، بل ستردون عدوان الظالم منهم. والظالم حين يعتدي يظن أنه لن يقدر عليه أحد، والحق يطلب منا أن نقول له: بل نقدر عليك، ونعتدي عليك بمثل ما اعتديت علينا.
.
والله أعلم
الشيخ / محمد متولي الشعراوي .
.