هكذا خططوا لتنصير الجزائريين- حقائق تاريخية عن التنصير في شمال افرقيا-

ما سنخطه في هذا المقال عبارة عن ملخص لأهم ما جاء في محاضرة لأحد المبشرين (قريقوري لفنغستون) والتي ألقاها في المؤتمر التبشيري الذي عقد في مدينة جلين آيري بولاية كولورادو في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1978, وقد جاءت تلك المحاضرة تحت عنوان: "مقارنة بين وضع النصرانية والاسلام في شمال إفريقيا".
قبل التطرق إلى مداخلة لفنغستون عن الجزائر خاصة وشمال إفريقيا عامة ، نود التعريف ولو باختصار شديد بمؤتمر كولورادو لعام 1978.
لقد جاء هذا المؤتمر الإستراتيجي ليضع جملة من الحلول للتحديات التي تواجهها الكنيسة ورجالاتها أثناء عملية تنصير المسلمين، وقامت لجنة التنصير في لوزان بسويسرا بتبني اقتراح عقده في أمريكا الشمالية بالتعاون مع منظمة التصور الدولية التي وفرت الدعم المالي السخي لإنجاحه، وعقد المؤتمر في 15 ماي 1978 بمشاركة 150 شخصا اختيروا بعناية كبيرة وفق شروط نوعية مميزة وعلى أساس حماسهم وبروزهم في العمل التنصيري ، وينتمون إلى مختلف الكنائس والدوائر والهيئات التنصيرية . وقد خرج المؤتمرون وهم أشد حرصا وعزما أكثر من أي وقت مضى على تنصير المسلمين، وضرورة تنسيق جهودهم وجمع طاقاتهم من أجل الوصول إلى هذه الغاية.
ماذا قال لفنغستون عن الجزائر؟
بدأ هذا المبشر محاضرته بالتعريف بالجزائر من حيث موقعها الجغرافي ومساحتها ونظام حكمها، وأكد بقوة على دور الإسلام كمقوم أساسي في شخصية الإنسان الجزائري وكمؤثر قوي في حياته من خلال الإلتزام الظاهر بمعظم الشعائر الإسلامية كالصيام ...
ثم انتقل بعد هذا إلى وصف حال ووضعية عملية التنصير ، وكان مما قاله ما يلي:
•تعرض من يتحول عن الإسلام إلى النصرانية للإضطهاد الكبير والتهديد من قبل الأقارب والمجتمع.
•هروب الكثير ممن تنصروا إلى فرنسا وأوربا عامة لاستحالة العيش في بلدهم.
•يوجد في الجزائر ثلاث مجموعات كنسية تقيم شعائرها ، ويبلغ عدد النصارى بها حوالي ستين (60) شخصا.
•يظن البعض ( المنصرين ) بأن مجموعات منعزلة من البربر لديهم استعداد للتنصر الجماعي وذلك إذا توفرت لهم الظروف الملائمة.
•ولنا أن نتساءل عن أي اضطهاد يتكلم هذا المنصر وهو يعترف بمثل هذا العدد الذي لا يكاد يذكر للنصارى في الجزائر؟ كما يجدر بنا التوقف مليا عند الفقرة الأخيرة من هذا الوصف ومغزى تركيز المنصرين على سكان منطقة القبائل في خططهم الماكرة والدنيئة.
ملامح ومميزات الكنيسة في شمال افريقيا
يذكر المحاضر تحت هذا العنوان أن الكثير من النصارى من الشباب الغير متزوجين أو المراهقين، وفي بعض المناطق تكون غالبيتهم من النساء والفتيات، وهذا حسب رأيه يشكل تهديدا خطيرا على مصير الكنيسة والنصرانية بحد ذاتها، لذلك يؤكد على أن الكنيسة المستمرة بحاجة إلى عائلات نصرانية، أي وبعبارة أوضح لا بد من تكوين أسر نصرانية وتشجيع الزواج بين المتنصرين.
كما يعيب على المجموعات الكنسية عقد اجتماعات أفرادها في البيوت، ويصفها بأنها فكرة غير صائبة، وبالتالي فهو يدعوها إلى تصحيح هذا الخلل بتوفير وإيجاد الكنائس الدائمة والظاهرة.
ثم ينتقل إلى تحديد احتياجات الكنيسة في شمال إفريقيا ومن بينها الجزائر فيقول:
"إن مجموعات العبادة بحاجة إلى ضم أسر كاملة ، وأن تكون تحت قيادة وطنية مهتمة، تعطي المؤمنين النصارى هوية وانتماء اجتماعيا. والحاجة ملحة أيضا إلى وجود قادة وطنيين للكنيسة لا يسهل تهديدهم وإكراههم، ويكونون بمثابة مظلة لحماية المؤمنين السريين".
ثم يواصل ذكر احتياجات الكنيسة قائلا: " فالكنيسة في حاجة إلى حرية كافية لكي تتنفس، وكذلك هي في حاجة إلى شيئ من الحرية لعقد الإجتماعات.. "
وفي ختام تدخله يخلص إلى جملة من التساؤلات حول النتائج الهزيلة لعمليات التنصير في شمال إفريقيا, من هذه التساؤلات مثلا قوله: من الذي يتحمل الخطأ في عدم وجود كنائس في المغرب والجزائر؟ هل هو خطأ الرب؟ هل هو خطأ الشيطان؟ هل هو خطأ سكان شمال إفريقيا؟ إذا كانوا مقاومين ومستعصين فهل يعني ذلك ببساطة أنهم لا يريدون معرفة الحقيقة؟ هل هو خطأ المنصرين؟...
ثم أنهي محاضرته باقتراح استراتيجية خاصة بشمال إفريقيا ومما جاء فيها:
زيادة عدد المنصرين.
اختيار منصرين لديهم موهبة وقدرة على مخالطة الناس وإقامة صداقات معهم وممن لهم اهتمام بثقافة المنطقة.
تجديد الذين لا يخافون ولا يترددون، ويجب البحث عن مواطنين من المنطقة وإيجاد أشخاص لا يسهل تخويفهم وتهديدهم لثنيهم عن عملهم.
يجب عدم اعتبار المتنصرين الجدد مؤمنين .. حتى يفهموا أن الإلتزام بيسوع المسيح يعني الإلتزام بجسد المسيح (أسرتهم الجديدة)، والإلتزام بمصلحة أصدقائهم وأقاربهم (أسرتهم الطبيعية).
• يجب أن يكون لدى المؤمنين المواطنين تصور للكنائس المحلية وأن يكونوا زعماء لها.
• فكروا دائما "بالكنيسة" ، فما لم تكن هناك كنائس ذات قيادة وزعامة وطنية محلية في المغرب والجزائر... فلن تبلغوا أهداف الرب.
هذا جل ما تضمنته محاضرة المبشر لفنغستون، أما التدخلات والتعقيبات حولها فقد جاءت كلها معبرة عن الأسف والحزن والأسى والحسرة، ووصفت الإحصائيات التي قدمها الأب " لفنغستون " بأنها إحصائيات مدمرة، وتساءل أحدهم قائلا: قرأت ذلك والأسف يملأ نفسي ، ماذا كان يفعل الفرنسيون والإيطاليون عندما كانوا هناك؟
كما أثنى المتدخلون على الإقتراحات الإستراتيجية التي قدمها الكاتب وطالبوا بضرورة تطبيقها بقوة.
لقد كان هذا المؤتمر منذ 26 سنة خلت، وهو يؤكد بما لا يدع مجالا لأدنى شك على حرص وعزم الكنيسة بمختلف توجهاتها وطوائفها على المضي قدما في محاولاتها لتنصير منطقة المغرب العربي والتي منها بلدنا الجزائر قلعة الإسلام ودار الجهاد التي كانت منطلق الحملات التي تصدت وواجهن أساطيل أوربا ، وكانت قوة رادعة لأطماع الصليبيين فترة طويلة من الزمن، وليس ما يحدث اليوم من أنشطة تنصيرية في مختلف بقاع الجزائر إلا حلقة من السلسلة التي شكلت منذ أمد بعيد، وبلغت ذروتها مع مجيئ الإستعمار وجيوش المبشرين من الآباء البيض واحتلالهم لهذه الأرض الطيبة، لكن وكما استعصت على الأوائل فإنها بإذن ربها ثم بوعي وعزيمة وعمل أبنائها ستستعصي على الأواخر من عبدة الصلبان، وستظل كما أرادها الفاتحون قلعة صلبة من قلاع الإسلام الحنيف تتحطم على أسوارها كل محاولات طمسها وردها عن حضارتها ودينها.

يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٣٢) التوبة


	ما سنخطه في هذا المقال عبارة عن ملخص لأهم ما جاء في محاضرة لأحد المبشرين (قريقوري لفنغستون) والتي ألقاها في المؤتمر التبشيري الذي عقد في مدينة جلين آيري بولاية كولورادو في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1978, وقد جاءت تلك المحاضرة تحت عنوان: "مقارنة بين وضع النصرانية والاسلام في شمال إفريقيا". قبل التطرق إلى مداخلة لفنغستون عن الجزائر خاصة وشمال إفريقيا عامة ، نود التعريف ولو باختصار شديد بمؤتمر كولورادو لعام 1978. لقد جاء هذا المؤتمر الإستراتيجي ليضع جملة من الحلول للتحديات التي تواجهها الكنيسة ورجالاتها أثناء عملية تنصير المسلمين، وقامت لجنة التنصير في لوزان بسويسرا بتبني اقتراح عقده في أمريكا الشمالية بالتعاون مع منظمة التصور الدولية التي وفرت الدعم المالي السخي لإنجاحه، وعقد المؤتمر في 15 ماي 1978 بمشاركة 150 شخصا اختيروا بعناية كبيرة وفق شروط نوعية مميزة وعلى أساس حماسهم وبروزهم في العمل التنصيري ، وينتمون إلى مختلف الكنائس والدوائر والهيئات التنصيرية . وقد خرج المؤتمرون وهم أشد حرصا وعزما أكثر من أي وقت مضى على تنصير المسلمين، وضرورة تنسيق جهودهم وجمع طاقاتهم من أجل الوصول إلى هذه الغاية. ماذا قال لفنغستون عن الجزائر؟ بدأ هذا المبشر محاضرته بالتعريف بالجزائر من حيث موقعها الجغرافي ومساحتها ونظام حكمها، وأكد بقوة على دور الإسلام كمقوم أساسي في شخصية الإنسان الجزائري وكمؤثر قوي في حياته من خلال الإلتزام الظاهر بمعظم الشعائر الإسلامية كالصيام ... ثم انتقل بعد هذا إلى وصف حال ووضعية عملية التنصير ، وكان مما قاله ما يلي: •تعرض من يتحول عن الإسلام إلى النصرانية للإضطهاد الكبير والتهديد من قبل الأقارب والمجتمع. •هروب الكثير ممن تنصروا إلى فرنسا وأوربا عامة لاستحالة العيش في بلدهم. •يوجد في الجزائر ثلاث مجموعات كنسية تقيم شعائرها ، ويبلغ عدد النصارى بها حوالي ستين (60) شخصا. •يظن البعض ( المنصرين ) بأن مجموعات منعزلة من البربر لديهم استعداد للتنصر الجماعي وذلك إذا توفرت لهم الظروف الملائمة. •ولنا أن نتساءل عن أي اضطهاد يتكلم هذا المنصر وهو يعترف بمثل هذا العدد الذي لا يكاد يذكر للنصارى في الجزائر؟ كما يجدر بنا التوقف مليا عند الفقرة الأخيرة من هذا الوصف ومغزى تركيز المنصرين على سكان منطقة القبائل في خططهم الماكرة والدنيئة. ملامح ومميزات الكنيسة في شمال افريقيا يذكر المحاضر تحت هذا العنوان أن الكثير من النصارى من الشباب الغير متزوجين أو المراهقين، وفي بعض المناطق تكون غالبيتهم من النساء والفتيات، وهذا حسب رأيه يشكل تهديدا خطيرا على مصير الكنيسة والنصرانية بحد ذاتها، لذلك يؤكد على أن الكنيسة المستمرة بحاجة إلى عائلات نصرانية، أي وبعبارة أوضح لا بد من تكوين أسر نصرانية وتشجيع الزواج بين المتنصرين. كما يعيب على المجموعات الكنسية عقد اجتماعات أفرادها في البيوت، ويصفها بأنها فكرة غير صائبة، وبالتالي فهو يدعوها إلى تصحيح هذا الخلل بتوفير وإيجاد الكنائس الدائمة والظاهرة. ثم ينتقل إلى تحديد احتياجات الكنيسة في شمال إفريقيا ومن بينها الجزائر فيقول: "إن مجموعات العبادة بحاجة إلى ضم أسر كاملة ، وأن تكون تحت قيادة وطنية مهتمة، تعطي المؤمنين النصارى هوية وانتماء اجتماعيا. والحاجة ملحة أيضا إلى وجود قادة وطنيين للكنيسة لا يسهل تهديدهم وإكراههم، ويكونون بمثابة مظلة لحماية المؤمنين السريين". ثم يواصل ذكر احتياجات الكنيسة قائلا: " فالكنيسة في حاجة إلى حرية كافية لكي تتنفس، وكذلك هي في حاجة إلى شيئ من الحرية لعقد الإجتماعات.. " وفي ختام تدخله يخلص إلى جملة من التساؤلات حول النتائج الهزيلة لعمليات التنصير في شمال إفريقيا, من هذه التساؤلات مثلا قوله: من الذي يتحمل الخطأ في عدم وجود كنائس في المغرب والجزائر؟ هل هو خطأ الرب؟ هل هو خطأ الشيطان؟ هل هو خطأ سكان شمال إفريقيا؟ إذا كانوا مقاومين ومستعصين فهل يعني ذلك ببساطة أنهم لا يريدون معرفة الحقيقة؟ هل هو خطأ المنصرين؟... ثم أنهي محاضرته باقتراح استراتيجية خاصة بشمال إفريقيا ومما جاء فيها: زيادة عدد المنصرين. اختيار منصرين لديهم موهبة وقدرة على مخالطة الناس وإقامة صداقات معهم وممن لهم اهتمام بثقافة المنطقة. تجديد الذين لا يخافون ولا يترددون، ويجب البحث عن مواطنين من المنطقة وإيجاد أشخاص لا يسهل تخويفهم وتهديدهم لثنيهم عن عملهم. يجب عدم اعتبار المتنصرين الجدد مؤمنين .. حتى يفهموا أن الإلتزام بيسوع المسيح يعني الإلتزام بجسد المسيح (أسرتهم الجديدة)، والإلتزام بمصلحة أصدقائهم وأقاربهم (أسرتهم الطبيعية). • يجب أن يكون لدى المؤمنين المواطنين تصور للكنائس المحلية وأن يكونوا زعماء لها. • فكروا دائما "بالكنيسة" ، فما لم تكن هناك كنائس ذات قيادة وزعامة وطنية محلية في المغرب والجزائر... فلن تبلغوا أهداف الرب. هذا جل ما تضمنته محاضرة المبشر لفنغستون، أما التدخلات والتعقيبات حولها فقد جاءت كلها معبرة عن الأسف والحزن والأسى والحسرة، ووصفت الإحصائيات التي قدمها الأب " لفنغستون " بأنها إحصائيات مدمرة، وتساءل أحدهم قائلا: قرأت ذلك والأسف يملأ نفسي ، ماذا كان يفعل الفرنسيون والإيطاليون عندما كانوا هناك؟ كما أثنى المتدخلون على الإقتراحات الإستراتيجية التي قدمها الكاتب وطالبوا بضرورة تطبيقها بقوة. لقد كان هذا المؤتمر منذ 26 سنة خلت، وهو يؤكد بما لا يدع مجالا لأدنى شك على حرص وعزم الكنيسة بمختلف توجهاتها وطوائفها على المضي قدما في محاولاتها لتنصير منطقة المغرب العربي والتي منها بلدنا الجزائر قلعة الإسلام ودار الجهاد التي كانت منطلق الحملات التي تصدت وواجهن أساطيل أوربا ، وكانت قوة رادعة لأطماع الصليبيين فترة طويلة من الزمن، وليس ما يحدث اليوم من أنشطة تنصيرية في مختلف بقاع الجزائر إلا حلقة من السلسلة التي شكلت منذ أمد بعيد، وبلغت ذروتها مع مجيئ الإستعمار وجيوش المبشرين من الآباء البيض واحتلالهم لهذه الأرض الطيبة، لكن وكما استعصت على الأوائل فإنها بإذن ربها ثم بوعي وعزيمة وعمل أبنائها ستستعصي على الأواخر من عبدة الصلبان، وستظل كما أرادها الفاتحون قلعة صلبة من قلاع الإسلام الحنيف تتحطم على أسوارها كل محاولات طمسها وردها عن حضارتها ودينها.