.
معجزة إبراهيم عليه السلام :
فمثلاً معجزة إبراهيم عليه السلام جاءت في قوم يعبدون الأصنام ويسجدون لها ويقدسونها .. ولذلك عندما أرادوا إحراق إبراهيم عليه السلام جاءوا أمام آلهتهم ليلقوه في النار .. وكان المفروض أن هذه الآلهة تنتقم لنفسها ممن حطمها إذا كانت تستطيع لنفسها نفعاً أو ضراً .. ولكنهم حين ألقوه بإبراهيم عليه السلام – الذي سفَّه (عاب) معتقداتهم – في النار لم تحرقه النار .. وخذلتهم آلهتهم..
على أن اختيار النار يمكن يكون له معنى آخر .. فكم من الناس عبدوا النار في الماضي..حتى خلال هذه الفترة نجد أن بعض الناس لا يزالون يتخذوا النار إلهاً مقدساً .
ولكن معجزة إبراهيم عليه السلام ليست أن ينجو من النار .. فلو أراد الله أن ينجيه من النار ما مكنهم من إلقاء القبض عليه ، أو لنزلت الأمطار لتطفئ النار .. ولكن الله شاء أن تظل ناراً متأججة محرقة ومدمرة .. وأن يؤخذ إبراهيم عليه السلام عيانا أمام كل الناس ويُرمى في النار .. وهنا يعطل ناموس أو قانون إحراقها
الأنبياء ..الآية 69
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ
لو أن إبراهيم عليه السلام نجا بأن هرب مثلاً .. لقالوا لو أمسكناه لأحرقناه . . ولو نزلت الأمطار لقالوا لو لم تنزل الأمطار لأحرقناه .. ولكن إبراهيم عليه السلام لم يهرب .. والأمطار لم تنزل .. والنار متأججة .. ولكنها لم تحرق إبراهيم .. فكأن آلهتهم التي كانوا يزعمون أنهم ينتقمون لها ليست آلهة كما يزعمون .. إنما هي أصنام لا تضر ولا تنفع .. وكل شئ في هذا الكون خاضع لمشيئة الله .. وإرادة الله .. عندما يقول (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا) .. تتعطل خاصية الإحراق .. وتقف قوانين الكون عاجزة أمام قدرة الله .. وتقف آلهتهم عاجزة عن أن يقول : يا نار أحرقي من حطمنا .
.