السلام عليكم
اسمحوا لي أن أعطي وجهة نظري بخصوص هدا الموضوع وشكرا لكم .
بغض النظر عن القصة التي كانت سبب نزول هده الآية الكريمة وقد قام أحد الإخوة بتفسيرها وتفصيلها حق تفسير وحق تفصيل فأنا أريد أن أتحدث عن الآية من جهة أخرى فأقول
فعلا هناك بعض الآيات في القرآن الكريم أنزلت لتوضح لنا بعض الأمور قد حدثت لمحمد عليه الصلاة والسلام أثناء دعوته للإسلام . لكن لو اكتفينا بهدا فسنعارض القول بأن القرآن صالح لكل زمان ومكان فلا يمكن لنا أن نرى أهمية هته الآية بالنسبة لنا ونحن في هدا الزمان وهدا المكان . وحتى لو قلنا بأن الله تعالى ومن خلال الآية الكريمة يريد أن يوضح لنا ما وقع لمحمد عليه الصلاة والسلام مع ابن أم مكتوم ليعطينا درسا وعبرة لنا فهدا أيضا سينقص من قيمة القرآن الكريم وعظمته .
ادن فأقول بأن كل آية في القرآن الكريم ليست فقط حدث حدث للرسول الكريم وليست فقط درسا وعبرة لنا وإنما أكثر من دلك فالآية في حد ذاتها علم وهو بمثابة مرشد لنا أثناء مسيرنا وطبعا باتخاذ محمد عليه الصلاة والسلام سراجا منيرا ينير لنا الطريق حتى لا نضل ونزيغ عن الطريق المستقيم .
أولا قبل إعطاء وجهة نظري بخصوص هده الآية الكريمة دعوني أوضح أمرا قال تعالى ( فإنها لا تعمى الإبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) من خلال هده الآية يمكن لنا أن نجزم ونؤكد بأن الله تعالى في غالب الأحيان حينما يتحدث عن العمى إنما يريد به القول عمى القلب وليس عمى العين فالله تعالى حينما قال ( صنعالله الذي أتقن كل شيء انه خبير بما تفعلون ) فقد بين لنا بأنه هو الصانع وقد أتقن صنع كل شيء بما في دلك جسد الإنسان فقد يولد الإنسان أو قد يتعرض في صغره لعمى العين لكن هدا لا ينقص شيئا من كمال جسده وإتقان صنعه ادن فأقول بأن العمى الذي هو عيب في الإنسان إنما هو عمى القلب وليس عمى البصر . يبقى الآن ما معنى عمى القلب وما علاقة محمد عليه الصلاة والسلام بهدا الأعمى .
قبل تبيان العلاقة بين محمد عليه الصلاة والسلام والأعمى أي أعمى القلب يجب توضيح بعض الأمور قال تعالى ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيراوداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ) هده الآية توضح لنا بأن محمد عليه الصلاة والسلام هو بمثابة السراج المنير فهو لا يهدينا إلى الطريق المستقيم لأن القرآن الكريم هو الهدى وهو المرشد وإنما ينير لنا هدا الطريق حتى نرى ولا نزيغ وهدا في كل زمان وفي كل مكان ولكل إنسان . ولكن كيف يمكن لمحمد عليه الصلاة والسلام أن يكون سراجا منيرا لنا وهو قد مات . فعلا لو اتبعنا الأحاديث النبوية الشريفة فنكون قد اتبعنا الرسول الكريم وبالتالي اتخذناه سراجا منيرا لنا ولكن هدا سيبعدنا عن الآية الكريمة التي نحن بصدد تفسيرها قال تعالى (عبس وتولى أن جاءهالأعمى ) فالأعمى هنا هو أعمى القلب وليس الجاهل للأحاديث النبوية الشريفة . ادن فهل هناك حل لهده المشكلة . نعم يوجد حل ويوجد توضيح قال تعالى (ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) من خلال هده الآية الكريمة يمكن الجزم بأن الدين قتلوا في سبيل الله لم يموتوا وإنما ذاقوا الموت وهم عند ربهم يرزقون ويمكنهم الوصول إلى هده الأرض التي نحن عليها وهدا قد يجرنا للحديث عن الأرض وندخل في موضوع آخر. لكن بهدا التحليل قد وقعنا في مشكل فالرسول عليه الصلاة والسلام لم يقتل وإنما مات . فهل يوجد حل لهدا المشكل . نعم يوجد دائما حل ويوجد دائما توضيح قال تعالى ( وما محمد إلارسول قد خلت من قبله الرسل أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلبعلى عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ) من خلال هده الآية يمكن لنا الجزم بأن محمد عليه الصلاة والسلام وباقي الرسل عليهم الصلاة والسلام موتهم كقتلهم أو موتهم هو بالضبط قتلهم وبالتالي فهم أحياء عند ربهم يرزقون . ادن فكيف يمكن للإنسان أن يتصل بمحمد عليه الصلاة والسلام .
لن أدخل هنا في التفاصيل لكن سأتحدث عن الأعمى الذي لا يمكنه الاستفادة من محمد عليه الصلاة والسلام لأنه أعمى القلب ولتوضيح الأمر أقول قال تعالى ( ياأيها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحولبين المرء وقلبه وانه إليه تحشرون ) هده الآية الكريمة توضح لنا بأنه يوجد سر كبير داخل القلب جعل الله يحول بينه وبين المرء فلا حوار يدور بين قلب الإنسان وعقله إلا بإشراف الله تعالى ولا شيء يمر من القلب إلى العقل إلا بموافقة الله تعالى ادن فيمكن أن أقول بأنه توجد في القلب معرفة منبعها قلوب أخرى أو أنفس أخرى كنفس محمد عليه الصلاة والسلام وهده المعرفة لا يمكن الاستفادة منها إلا ادا صعدت نحو العقل ليحللها ويترجمها إلى معان مفهومة ولن يكون هدا إلا بشروط . فالأعمى لا يمكنه أن يستفيد من هده المعرفة لأنها لا تصعد من القلب إلى العقل ودلك لسبب من الأسباب كأن يكون الله قد ختم على قلبه أو أن عقله لا يمكنه فهمها لضعف تفكيره وبالتالي يمنعها الله تعالى من الوصول إلى العقل أو لأسباب أخرى عديدة . لهدا عندما جاء هدا الأعمى إلى محمد عليه الصلاة والسلام ليعلمه من علمه أعرض عنه فلا يمكنه أن يفهم ويدرك شيئا من علم محمد عليه الصلاة والسلام بل سيحدث له ما حدث للنمرود مع إبراهيم عليه السلام قال تعالى ( الم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا احيي وأميت قال إبراهيم فان الله يأتي بالشمس من المشرق فات بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين ) . ولو تتبعنا هدا النهج في تفسير سورة عبس لتمكنا من فهم أمور كثيرة . وشكرا لكم .
وتقبلوا تحياتي.