بسم الله الرحمن الرحيم
للمسيحيين فقط
بيان صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
باجتياز الاختبار الإلهي من الكتاب المقدس
مقدمة:
لا يؤمن المسيحي بان محمدا صلى الله عليه وسلم رسول من عند الله تبارك وتعالى ، ولكن المسيحي يؤمن بالكتاب المقدس على انه كلمة الله ، وحين يكتب في الكتاب المقدس قال الرب .. يعلم جيدا ان هذا الكلام هو كلام ووصايا الاله الذي يعبده ويقدسه،
ونحن نتفق في ان الله تبارك وتعالى كلي المعرفة ، وانه بكل شئ عليم، وبالطبع حين يدعي احد النبوة فان الله تبارك وتعالى يعلم جيدا ان كان هذا الانسان نبي حق ام لا لانه هو الذي ارسله ولكن البشر ليس عندها هذا العلم وقد تنخدع في شخص مدعي النبوة فتصدقه وتؤمن به وهو يكون ضال مضل ، لذلك وضع الرب في الكتاب المقدس اختبارا إلهيا لاي شخص مدعي النبوة من اجل ان يطمئن الناس لهذا الشخص ان اجتاز الاختبار الالهي بنجاح.
المعجزات وحدها لا تكفي
ليس كل من يصنع المعجزات مهما بلغت قيمتها انسان صادق مؤمن وان ادعى النبوة فهو نبي بلا شك ، لان المعجزات قد يستطيع ان يفعلها ما هم دون ذلك، فيخيلون للناس ويخدعوهم من اجل ان يضلوهم عن طريق الحق
فالرب في العهد القديم قال:
Deu 13:1«إِذَا قَامَ فِي وَسَطِكَ نَبِيٌّ أَوْ حَالِمٌ حُلماً وَأَعْطَاكَ آيَةً أَوْ أُعْجُوبَةً
Deu 13:2وَلوْ حَدَثَتِ الآيَةُ أَوِ الأُعْجُوبَةُ التِي كَلمَكَ عَنْهَا قَائِلاً:
لِنَذْهَبْ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لمْ تَعْرِفْهَا وَنَعْبُدْهَا
Deu 13:3فَلا تَسْمَعْ لِكَلامِ ذَلِكَ النَّبِيِّ أَوِ الحَالِمِ ذَلِكَ الحُلمَ لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ يَمْتَحِنُكُمْ لِيَعْلمَ هَل تُحِبُّونَ الرَّبَّ إِلهَكُمْ مِنْ كُلِّ قُلُوبِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَنْفُسِكُمْ.
Deu 13:4وَرَاءَ الرَّبِّ إِلهِكُمْ تَسِيرُونَ وَإِيَّاهُ تَتَّقُونَ وَوَصَايَاهُ تَحْفَظُونَ وَصَوْتَهُ تَسْمَعُونَ وَإِيَّاهُ تَعْبُدُونَ وَبِهِ تَلتَصِقُونَ.
واوضح يسوع في العهد الجديد ان هناك من الانبياء الكذبة كثيرين وسوف يفعلون معجزات عظيمة وعجائب قد تضل حتى المختارين
Mat 24:24لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضاً.
Mar 13:22لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ لِكَيْ يُضِلُّوا - لَوْ أَمْكَنَ - الْمُخْتَارِينَ أَيْضاً
لذا فان المعجزات وحدها لا تكفي في اثبات ما اذا كان مدعي النبوة صادق ام كاذب
ونحن بهذا لا نقول بان النبي الصادق لا يفعل معجزات، بل على العكس النبي الصادق قد يفعل معجزات ولكن هذه المعجزات وحدها قد لا تكون كافية لاثبات صدق رسالته.
الاختبار الإلهي
وضع الرب في العهد القديم اختبارا الهيا ليستطيع الناس ان يعرفوا هل الرجل الذي يدعي النبوة صادق فعلا في ادعائه بانه نبي او رسول من عند الله تبارك وتعالى ، ام انه مجرد مدعي كاذب يسعى وراء الشهرة وفقط.
نجد هذا الاختبار في سفر التثنية الاصحاح الثامن عشر
Deu 18:18أُقِيمُ لهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلكَ وَأَجْعَلُ كَلامِي فِي فَمِهِ فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ
Deu 18:19وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الذِي لا يَسْمَعُ لِكَلامِي الذِي يَتَكَلمُ بِهِ
بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ.
Deu 18:20وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ.
Deu 18:21 وَإِنْ قُلتَ فِي قَلبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ الكَلامَ
الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ؟
Deu 18:22فَمَا تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلمْ يَحْدُثْ وَلمْ يَصِرْ فَهُوَ الكَلامُ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ بَل بِطُغْيَانٍ تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ فَلا تَخَفْ مِنْهُ».
فهذا هو الاختبار الالهي الذي وضع في الكتاب المقدس ليستطيع البشر ان يفرقوا بين من يتكلم بالحق من عند الله تبارك وتعالى وبين من يتكلم بالباطل.
وهذا عن طريق اختبار كلام هذا الانسان، فانه ان تكلم باشياء وامور مستقبلية باسم الله تبارك وتعالى أي انها موحى بها من عند الله ولم تتحقق هذه الاشياء فمن المؤكد ان هذا الانسان كاذب ، لان الله بكل شئ عليم ، وان قال انسان انه مرسل من الله واخبر بان الله تبارك وتعالى قد اخبره بامر في المستقبل ولم يحدث هذا الامر فبلا شك هذا الانسان كاذب
لان الله لا يكذب ولا يخطئ
بل نرد هذا على الانسان الذي يدعي بانه يتلقى الوحي من الله تبارك وتعالى
محمد صلى الله عليه وسلم يخبر بالمستقبل
منذ ان اعلن محمد صلى الله عليه وسلم انه رسول من عند الله تبارك وتعالى وخاتم الانبياء حتى توفاه رب العالمين ، وحياته تحمل لنا العديد من الامور المستقبلية التي اخبر بها بوحي الله تبارك وتعالى والتي تحققت جميعها
ولم يخطئ منها نبوة واحدة.
غلبة الروم على فارس
اذا سألت اعظم الشخصيات العسكرية واكثرها حنكة وخبرة بسير الحروب فلن تستطيع ان تحكم بشكل قاطع على نتيجة معكرة حربية ، فنتيجة كل معركة تتحكم فيها عوامل عديدة ، فالى جانب الاستعداد العسكري من العدة و العتاد والخطة الحربية المحكمة، قد تؤثر عوامل جوية سيئة أو امراض معدية (طاعون) على نتيجة حرب فينقلب الخاسر منتصرا ويتردى المنتصر مهزوما ولنا مثال في دحر جيش نابليون عبر الاراضي الروسية عام 1812 بسبب الامراض المعدية ، حيث تم تحليل مواد مستخرجة من اسنان الجنود الفرنسيين الذين شاركوا بالحملة واكتشاف نوع من احد الامراض المعدية الي تتنتقل عن طريق القمل ، فهذا الامر الغير متوقع قد تسبب في هلاك العديد من جنود نابليون الذي نجح في اجتياح روسيا مع نصف مليون جندي لم ينج منهم سوى بضعة الاف فقط. وقدوصل 25 ألف جندي الى فيلنيوس في ذلك الشتاء ولكن ثلاثة آلاف فقط نجوا وتابعواالانسحاب، وقد دفن الموتى في مقابر جماعية!!
لهذه الظروف وغيرها لا يمكن تحديد نتيجة معركة بشكل محدد يقيني لا يقبل الاحتمال
هذا بالنسبة لمحنك عسكري يعتمد على خبرة السنين ، ولكن الحال ليس كذلك بالنسبة لنبي مرسل من الله تبارك وتعالى بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ،
فهذا الانسان حين يخبر بالمستقبل لا يتكلم من نفسه بكل بكل ما يسمع من الوحي الالهي يخبرنا بالامور الآتية ، لان الغيب لا يعلمه الا الله تبارك وتعالى ، وقد يعطي الله تبارك وتعالى جزء من علم الغيب لمن ارتضى من خلقه، وسوف نلقي الضوء على
الاختبار الالهي الذي وضع في سفر التثنية في ضوء احد النبؤات التي اخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم باسم الله، اي انه لم يتكلم بها بالخبرة بل تكلم بما اوحاه الله تبارك وتعالى له من علم الغيب ..
قال تعالى:
(الَمَ * غُلِبَتِ الرّومُ * فِيَ أَدْنَى الأرْضِ وَهُم مّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ *
فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلّهِ الأمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللّهِ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرّحِيمُ * وَعْدَ اللّهِ لاَ يُخْلِفُ اللّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنّ أَكْثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ)
[سورة: الروم – الأية1: 6]
كما نرى في الآيات الكريمات ان الله تبارك وتعالى قد اوحى الى نبيه صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى بهذا الامر الغيبي الذي لا يستطيع ان يبت فيه بشكل يقيني اكثر الرجال دهاءا في سير المعارك، فقط اطلعه تبارك وتعالى على ان الروم (اهل كتاب نصارى ) قد هزموا من فارس (عباد اوثان) وان الامر لن يتوقف عند هذا الحد بل ان الغلبة سوف تكون للروم بعد ذلك وسوف يتحقق هذا الوعد في بضع سنين والبضع كما هو معلوم من 3 الى 9 يعني سوف يتحقق هذا الوحد من 3 الى 9 سنين لن يكون قبل ولا يكون بعد، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حزينا مغتما لما علم بهزيمة اهل كتاب كالنصارى على يد عباد الوثن (الفرس) وعندما نزلت عليه هذه الايات البينات اخبر بها ، وقد ذهب ابو بكر رضي الله عنه الى اهل مكة من الكافرين واخبرهم الا يفرحوا طويلا بنصرة فارس على الروم لان الله تبارك وتعالى سوف يظهر الروم قريبا على فارس ، حتى انه راهن على هذا الامر من فرط الثقة في الله تبارك وتعالى فيما اخبر فمن اصدق من الله قيلا ،
وقد كان للروم الغلبة في السنة السابعة على فارس ويومها فرح المؤمنون بنصر الله ينصر ما يشاء ، وهكذا تحقق وعد الله تبارك وتعالى وعد ووعده الحق لا يخلف الله وعده ..
وقد ذكر الامام احمد في مسنده حديث قصة المراهنة:
قال الإمام أحمد رحمه الله في مسنده [1/276] : حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا أبوإسحاق عن سفيان عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله : ( ألم * غُلِبَتِ الرُّومُ ) ، قال غُلبت وغَلبت ، قال : كان المشركون يحبون أن تظهر فارسعلى الروم لأنهم أهل أوثان ، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لأنهم أهلكتاب ، فذكروه لأبي بكر فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسولالله صلى الله عليه وسلم : ( أما إنهم سيغلبون) ، قال فذكره أبو بكر لهم ، فقالوا : اجعل بيننا وبينك أجلاً فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا ، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا ،فجعل أجلا خمس سنين فلم يظهروا ، فذكر ذلك أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( ألا جعلتها إلى دون - قال أراه قال : العشر - ) قال : قال سعيد بن جبير : البضعما دون العشر ، ثم ظهرت الروم بعدُ ، قال : فذلك قوله ( الم * غُلِبَتِ الرُّومُإلى قوله : ( وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ [ قال : يفرحون ] * بِنَصْرِاللَّهِ ) ( الروم : 4-5 . صحيح على شرط الشيخين.
وذكر ابن القيم في الفروسية :
مراهنة الصديق للمشركين بعلمه وإذنه
وأما مراهنة الصديق للمشركين بعلمه وإذنه فروى الترمذي في جامعة من حديث سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قول الله تعالى عز وجل ( ^ آلم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون ^ ) [ الروم : 1-3 ] [ قال ]
كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم لأنهم وإياهم أهل أوثان وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب فذكروه لأبي بكر رضي الله عنه فذكره أبو بكر لرسول الله فقال [ له رسول الله ]
أما إنهم سيغلبون فذكروه لهم فقالوا اجعلوا بيننا وبينك أجلا فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا وإن ظهرتم كان لكم كذا فجعل أجل خمس سنين فلم يظهروا فذكروا ذلك للنبي فقال ألا جعلت إلى دون العشر قال سعيد والبضع ما دون العشر قال ثم ظهرت الروم بعد قال فذلك قوله ( ^ آلم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ^ ) [ الروم : 1-5 ]
قال سفيان سمعت أنهم ظهروا عليهم [ يوم بدر ] . قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح
وقد ذكر العديد من المفسرين ما تم ايضاحه حول هذه الواقعة التي تثبت اعجاز القرآن الكريم في اخباره بالغيب في انه من عند الله تبارك وتعالى حقا ، والتي تثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم هو رسول من عند الله وفقا للمعيار الكتابي الذي وضعه الرب ايضا في الكتاب المقدس بسفر التثنية من العهد القديم.
مقتطفات مختصرة من التفاسير
الامام الطبري في الجامع البيان:
غلبت فـارس الروم { فِـي أدْنَى الأرْضِ } من أرض الشام إلـى أرض فـارس { وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبهِمْ } يقول: والروم من بعد غلبة فـارس إياهم { سَيَغْلِبُونَ } فـارس { فِـي بِضْعِ سنِـينَ لله الأمْرُ مِنْ قَبْلُ } غلبتهم فـارس { وَمِنْ بَعْدُ } غلبتهم إياها، يقضي فـي خـلقه ما يشاء، ويحكم ما يريد، ويظهر من شاء منهم علـى من أحبّ إظهاره علـيه { وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الـمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللّهِ } يقول: ويوم يغلِب الروم فـارس يفرح الـمؤمنون بـالله ورسوله بنصر الله إياهم علـى الـمشركين، ونُصْرة الروم علـى فـارس { يَنْصُرُ } اللّهُ تعالـى ذكره { مَنْ يَشاءُ } من خـلقه، علـى من يشاء، وهو نُصرة الـمؤمنـين علـى الـمشركين ببدر { وَهُوَ العَزِيزُ } يقول: والله الشديد فـي انتقامه من أعدائه، لا يـمنعه من ذلك مانع، ولا يحول بـينه وبـينه حائل { الرَّحِيـمُ } بـمن تاب من خـلقه، وراجع طاعته أن يعذّبه. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل.
البيضاوي انوار التنزيل:
{ فِى بِضْعِ سِنِينَ } روي أن فارس غزوا الروم فوافوهم بأذرعات وبصرى، وقيل بالجزيرة وهي أدنى أرض الروم من الفرس فغلبوا عليهم وبلغ الخبر مكة ففرح المشركون وشمتوا بالمسلمين وقالوا: أنتم والنصارى أهل كتاب ونحن وفارس أميون وقد ظهر إخواننا على إخوانكم ولنظهرن عليكم فنزلت، فقال لهم أبو بكر: لا يقرن الله أعينكم فوالله لتظهرن الروم على فارس بعد بضع سنين، فقال له أبي بن خلف: كذبت اجعل بيننا أجلاً أناحبك عليه، فناحبه على عشر قلائص من كل واحد منهما وجعلا الأجل ثلاث سنين، فأخبر أبو بكر رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال البضع ما بين الثلاث إلى التسع فزايده في الخطر وماده في الأجل، فجعلاه مائة قلوص إلى تسع سنين ومات أبي من جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قفوله من أحد وظهرت الروم على فارس يوم الحديبية فأخذ أبو بكر الخطر من ورثة أبي، وجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تصدق به. واستدلت به الحنفية على جواز العقود الفاسدة في دار الحرب، وأجيب بأنه كان قبل تحريم القمار، والآية من دلائل النبوة لأنها إخبار عن الغيب.
تفسير الجلالين:
{ فِى بِضْعِ سِنِينَ } هو ما بين الثلاث إلى التسع أو العشر فالتقى الجيشان في السنة السابعة من الالتقاء الأول وغلبت الروم فارس { لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ } أي من قبل غلب الروم ومن بعده المعنى أن غلبة فارس أولاً وغلبة الروم ثانياً بأمر الله: أي إرادته { وَيَوْمَئِذٍ } أي يوم تغلب الروم { يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ }.
ابن الجوزي في زاد المسير:
قوله تعالى: { غُلِبَتِ الرُّومُ } ذكر أهل التفسير في سبب نزولها أنه كان بين فارس والروم حرب فغلبت فارس الرُّومَ، فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابَه، فشقَّ ذلك عليهم، وفرح المشركون بذلك، لأنَّ فارس لم يكن لهم كتاب وكانوا يجحدون البعث ويعبُدون الأصنام، والرُّوم أصحاب كتاب، فقال المشركون لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنكم أهل كتاب، والنصارى أهل كتاب، ونحن أُمِّيُونَ، وقد ظهر إِخواننا من أهل فارس على إِخوانكم من الرُّوم، فان قاتلتمونا لَنَظْهَرَنَّ عليكم، فنزلت هذه الآية، فخرج بها أبو بكر الصديق إِلى المشركين، فقالوا: هذا كلام صاحبك، فقال: اللّهُ أَنزل هذا، فقالوا لأبي بكر: نراهنك على أن الروم لا تغلب فارس، فقال أبو بكر: البِضْع ما بين الثلاث إِلى التسع، فقالوا: الوسط من ذلك ست، فوضعوا الرِّهان، وذلك قبل أن يُحرَّم الرِّهان، فرجع أبو بكر إِلى أصحابه فأخبرهم، فلاموه وقالوا: هلاَّ أقررتَها كما أقرَّها الله؟! لو شاء أن يقول: ستاً، لقال! فلمَّا كانت سنة ست، لم تظهر الروم على فارس، فأخذوا الرهان، فلمَّا كانت سنة سبع ظهرت الرُّومُ على فارس.
وكمان رأينا فإن هذه الحادثة تثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم مرسل من عند الله حقا .
خاتمة:
في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم العديد والعديد من الامور التي تنبأ بوقوعها منها ما تم في حياته ومنها ما يتحقق الى يومنا هذا ، فلم تقتصر المسالة على الاخبار بواقعة انتصار الروم على الفرس قبل حدوثها بسبع سنوات وانما تعددت لامور كثيرة
فقد روى البخاري في صحيحه ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان رجلا من الذين كانوا يقاتلون مع المسلمين في النار فتبعه احد الصحابة فوجدوه لم يتحمل جراحه فقتل نفسه ولا حول ولا قوة الا بالله ..
3062- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَحَدَّثَنِى مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ : شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَدَّعِى الإِسْلاَمَ :« هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ » . فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالاً شَدِيداً ، فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، الَّذِى قُلْتَ : إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ الْيَوْمَ قِتَالاً شَدِيداً وَقَدْ مَاتَ . فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم :« إِلَى النَّارِ » . قَالَ : فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ : إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ ، وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحاً شَدِيداً . فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الْجِرَاحِ ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ ، فَأُخْبِرَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ فَقَالَ : « اللَّهُ أَكْبَرُ ، أَشْهَدُ أَنِّى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ » . ثُمَّ أَمَرَ بِلاَلاً فَنَادَى بِالنَّاسِ :« إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ ،
وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ » .
وايضا كما روى مسلم في صحيحه من اخبار النبي صلى الله عليه وسلم بهلاك كسرى وقيصر والتمكين للمسلمين من كنوزهما لتنفق في سبيل الله ..
7513 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « هَلَكَ كِسْرَى ثُمَّ لاَ يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ وَقَيْصَرُ لَيَهْلِكَنَّ ثُمَّ لاَ يَكُونُ قَيْصَرُ بَعْدَهُ وَلَتُقْسَمَنَّ كُنُوزُهُمَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ » .
الى غير ذلك من الاحاديث الكثيرة التي تبين انه رسول من عند الله تبارك وتعالى ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى علمه شديد القوى ، فان ثبت هذا كما رأينا كان لزاما على كل من اراد طريق الحق ان يتبع هذا الرسول الكريم حتى يفز بسعادة الدنيا ونعيم الآخرة
اسأل الله تبارك وتعالى ان يهدي القلوب الى طريق الحق باذنه
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
