مفسدون فى ثياب الناصحين ...!!!
مفسدون فى ثياب الناصحين ...!!!
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انتشرت ظاهرة فى مجتمع المسلمين فيها الحسد أحياناً من طرف الناصح وضعف العقل وسوء التصرف . من الطرف المنصوح فكانت النتائج السيئة والعواقب الوخيمة ، وقد أخذنا بعض مشاهد من حياتنا لنرى معاً خطورة تلك الظاهرة ، وما هو الأدب المفقود ، والفقه الضائع الذي في وجوده تؤمن المفاسد ، وتبقى بيوت المؤمنين تملؤها السكينة وتعشش عليها المودة والرحمة بدلاً من أن ترحل عنها كل هذه المعاني .
نشوز وإعراض
حدث بينهما شد وجذب يمكن أن يحدث بين أي متعاشرين ، ومرت الحادثة كما يمر غيرها في الغالب ، بتوتر يعقبه النسيان ، لتعود بعد ساعات العلاقة إلى الهدوء والإستقرار ، وقررت الزوجة العاقلة أن تستقبل زوجها الذي خرج بعد هذا التوتر لعمله ، قررت أن تستقبله بالصلح وترضيَّه بمجرد مجيئه من العمل واستحضرت في ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " نساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العئود على زوجها 000 " . صحيح الجامع 2604
ودق جرس الباب ! فإذا بها جارتها التي ما أن استشعرت الأمر حتى ساقها الفضول للعلم به ثم للمشاركة بالنصيحة ، فأبدت تلك الجارة لأختنا العطف عليها والشفقة على حالها مع هذا الزوج الشرس الجبار ، وأوصتها ألا تتنازل فيذهب ما بقي لها من كرامة لديه ، وقالت : لماذا تبدئين بإرضائه وأنتِ لم تبادري بالخطأ أصلاً ؟! دعيه حتى يعترف بخطئه !!
بطر وضجر
في مجلس ودي تحدثن عن غلاء الأسعار وضعف المُرتّبات ، فما إن صرّحت لهن بمقدار راتب زوجها حتى ارتفعت الأصوات بالصراخ ، وتتابعت عبارات الاستنكار والشجب الصريحة أو المكنية في صورة أسئلة مُفادها : كيف تعيشين يا مسكينة على هذا الحال وراتبه بهذا القدر ؟!
حتى تغير صدرها على وضعها الاجتماعي والمعيشي مع زوجها ، وتحول الهمّ من غلاء الأسعار إلى عدم الرضا بالمعيشة مع هذا الزوج الفقير على تلك الحال 00
خسة ونكران
رأت زوجها الكريم الذي لا يبخل عليها ولاعلى أولادها وقد وقع في شدة حيث اقترب موعد سداد قسطه والمرتب لم يَعُد يبقى منه شيء ، وطكان معها بعض مالها الخاص ، فقررت أن تعطيه له دون أن تضعه في حرج ليُسدد قيمة القسط ،ولكن هذا المال كانت قد ادخرته مع أخت لها فلما سألتها عما ستشتريه بهذا المال من حلي أو زينة وملابس أخبرتها المسكينة أنها ستعطية زوجها ليسدد به دينه ، فحذرتها ـ تلك الناصحة المؤتمنة ـمن الانسياق وراء طيبتها التي تتسم بها دائماً ، وراحت تحكي لها قصصاًمن مسلسلات الخيانة وعدم وفاء الأزواج ، وتكهنت لها بمستقبل مؤلم مع زوجها الذي ضحت له بمالها ونفسها ، وقالت : إياك أن يستغلَّلك ، فأنا أكبر منك سناً وأكثر منك خبرة ، وسَليني أنا عن الرجال ، فحافظي على مالك ولا تبدديه بلا فائدة حتى ينفعك لو ترككِ بدلاً من أن تعضي أصابع الندم .
تمرد وعصيان
في ثنايا عن حديثهن عن الخدمة وشئون المنزل تذكرت إحداهن أمراً قد لفت زوجها انتباهها إليه لإصلاحه في البيت اليوم ، وقد اقترب موعد مجيء زوجها من عمله ، فأرادت الاستئذان من هذه الجلسة ، لكن لم يَرُق للجالسات أن يرين من تُعلن طاعتها لزوجها وسعادتها بذلك حتى يُفسدن عليها عِيشتها وسعادتها ، فأخذن يلمنها ، فواحدة تقول : حتى من تتعبين نفسك ، حتى تذبلي ويتركك لغيرك؟
وثانية تقول : ولماذا يتدخل في شئون بيتك ، أنا لا أسمح لزوجي بهذا أبداً ؟
وثالثة تقول : دعيها تصبح كالإمّعة ، خادمة له ولن تظفر منه بشىء ، وهل ينفع من جنس الرجال معروف ؟
فجلست وأطاعتهن في معصية الله معلنة تمردها على زوجها 00
تخريب للبيوت
قبل حفل زفافها بأيام ، والسعادة تملأ صدرها وحبها لزوجها يكبر في قلبها يوماً بعد يوم ، ومع اقتراب ساعة الزفاف والبناء انهالت على مسامعها نصائح القريب والبعيد ، حتى ممن لم ترى منهن خيراً قبل ذلك ، فهذه توصيها بعدم التنازل عن شىء من حقوقها مهما صغر حتى لا يأخذ الزوج على هذا فيُضيع كل حق لها وتبقى عنده مَهينة ! وثانية تؤكد كلام السابقة بقولها : المهم أن تفرضي شخصيتك بكل ما أوتيتِ من قوة ، فإن الرجال لا ينفع معهم اللين !
وثالثة أتتها في صورة العاقلة الحكيمة لتقول : الرجل كالطفل ينشأ على ما تعوديه ، فاتعبي معه في البداية لتستريحي في النهاية ، فتغير حال عروسنا وشعرت وكأنها ستزف لا إلى زوج ودود رحيم وإنما إلى وحش كاسر عنيد ، واسودت أمامها آمالها في الزواج السعيد.
شجار بعد غياب
لم تبق إلا أيام وينتهي نفاسها وتعود إلى بيت زوجها ، فقالت لها إحدى صديقاتها : وبماذا وعدك زوجك حين تعودين بالسلامة إلى بيتك ومعك المولود السعيد ، قالت لها : وبماذا يعدني ؟!
فتطوعت بالبيان والنصيحة قائلة : الذي ينبغي على من يحب زوجته بصدق أن يحتفي بزوجته وأم ولده بما يُدخل السرور على قلبها وينسيها تعبها ، ويُشعرها بمكَانتها عنده .
فتغير صدر الزوجة على زوجها الذي غفل عن هذه القضية كما كانت غافلة هي أيضاً عنها ، فما إن دخلت بيتها مع زوجها وهو مسرور إلا وافتعلت نزاعاً معه لتعكر به صفو اللقاء بعد الغياب .
قطيعة للأرحام
تقدمت إلى أختها تطلب ابنتها لولدها ، لكن ردَّتها أختها بالأدب واللطف ، وأخبرتها أنها على استعداد للبحث له عن زوجة مناسبة ، تقبلت الأخت الأمر بقبول حسن ، ولم يؤثر في نفسها هذا الموقف شيئاً ، لأن الأمر قسمة ونصيب ، ولكن بناتها لم يهدأ لهن حال أو يستريح لهن بال حتى أوغرن صدر أمهن على أختها وأكدن أن الخالة تبحث عن وسائل القطيعة والهجران ، فما هو الذي يعيب أخانا حتى ترفض أن يخطب ابنتها ؟ ولم يهدأ أن حتى فرقن بين الأختين ، وكانت القطيعة في العائلة .
عقوق الوالدين
أم الزوج وأبوه كبيران في السن ، وهو ينفق عليهما ، وبيته لا يحتاج لشيء إلا ولله وحده الفضل في توفيره ، لكن زوجته تدَّعي أن أولاده أوْلى بهذا المال الذي ينفقه على والديه ، وخصوصاً إن إخوته أحوالهم المادية مثل حالته وأفضل ، فتقول الزوجة : لماذا لا ينفقون هم على والديك مثلما تنفق أنت ، هم يّدخرون هذا لعيالهم ، وهم يمتلكون ويمتلكون 000 ونحن بالكاد نعيش ، فلو رفعت يدك عن النفقة على والديك أو قللت منها حتى تُجْبِر إخوتك على البرّ وعدم الجحود على والديك فيدفعوا كما تدفع أو يقاسموك نفقاتهما التي تتحملها وحدك ؟!.
إفساد للقلوب
تحكي مع أخواتها – على سبيل التسلية – موقفاً عابراً لأبنتها معها ، لا تقصد منه الشكوى ، بل لم يخطر ببالها أصلاً .
لكن إحدى الحاضرات قالت مُعلقة على الموقف : لا إن ابنتي ( فلانة ) ربنا يحميها ، ما إن تصبح إلا وتأتي لتُقبَّل يدي – وربما هي بعد ذلك لا تطيع لأمها أمراً أو تسمع لها كلمة ، لكن تقبيل الأيدي لها عادة – فترى أختنا أن ابنتها لا تفعل معها هذا – وإن كانت ترى أنها لا تؤخر لها طلباً أو أمراً – فيتغير قلبها على ابنتها وبمجرد أن رأتها حتى ادّعت لها خطأً تنفعل به عليها ، وتعكر صفوها ، وتُفسد به ما بينها وبين ابنتها التي هي عندها من أقرب الناس إلى قلبها 000
صد عن سبيل الله
التزم والدها وابنتها فتغير حالهما وبدت معالم الإيمان عليهما وتغير سلوكهما وعرفا طريق المسجد ، فسعدت الأم وسعد الأب بهذا التغير الطيب ، ولسانهما لا يفتر من الدعاء ، لهما بالهداية والصلاح ، وعيونهما ملؤها الإعجاب من حالهما ، والبيت عششت عليه السكينة وراحة البال بعد كثرة المشاكل والضوضاء التي كانت مثارة في البيت من جراء طيش الشباب وتفاهة عقله .
وفي يوم دق جرس الباب فإذا بامرأة من الحي لأول مرة تدخل هذا البيت وقد ترسَّمت على وجهها معالم الجِدّ وقالت : إنه ما أتى بها سوى أمر هام ؟!
اضطرب قلب الأم وقالت بلهفة : خير يا أختي إن شاء الله ، فقامت الزائرة المتطوعة تمدح الأسرة وتتحدث عن طيبة الأم وزوجها وكرم أخلاقهما وأخلاق أولادهما ، وعن حبها لهم ، ثم رسمت تعبيرات الأسى والخوف على وجهها وهي تقول : ولكن حبي لكم وخوفي عليكم وعلى الأولاد وقد ارتدت البنت النقاب ، وأطلق الولد لحيته هو الذي دفعني إلى هنا ، فإنا نسمع ونرى ما يحدث ، وبدأت تحكي لها وتُهوَّل الواقع والأحداث ، صدَّقتها الأم المسكينة وحدثت زوجها عن زيارة تلك الجارة ، فكانت النتيجة أن اتفق الزوجان على صَدَّ أولادهما عن طريق الالتزام تحت ضغط العاطفة التي أثارتها تلك الجارة 000
عودة للشيطان إلى البيت
اقتنعت الأم والأولاد بخطورة ما يُبث في التلفاز وعلى الشاشات وقرر الأب رفع هذا الجهاز المدمَّر من البيت ، فهي أسرة محترمة تحب أن تربَّي أولادها على العفة والفضيلة .
وفي يوم زراهم أحد أقاربهم ومعه زوجته وأولاده ، فرأت الزوجة الزائرة أن مكان ( التلفاز ) فارغ فسألت بفضول : هل فسد ( تلفازكم ) الجديد حتى تصلحوه ؟!
قالت الأم : لا إننا أغلقناه ورفعناه عن الأولاد لخطورته .
الزائرة : ولماذا لا تبقونه مفتوحاً وتنتقون أنتم البرامج المفيدة منه بدلاً من إشعار الأولاد بالنقص والكبت وهم يرون كل من حولهم يشاهدونه بينما يُحرمون هم منه ؟!
ومع تمسك الزوجة الصالحة بالمبدأ وعدم اقتناعها بما تقوله تلك المرأة ، وخصوصاً أنها تعلم كيف تربي أولادها على العفة والطهارة والأخلاق ، إلا أنها ضعفت أمام زوجها الذي قد أقنعه قريبه بهذا الأمر فعاد الشيطان إلى البيت من جديد 0
عون للشيطان
علمت من صديقاتها المخلصات مشروعية النقاب ، وأرادت أن تلتزم به صيانة لعفتها وكرامتها في زمان الفتن وعصر الذئاب ، فما أن لبسته وبدت به أما أعين الناس تنتظر من يشاركها فرحتها بطاعة الله تعالى إذا بها تتلقى أفواجاً من المتطوعين بالنصيحة لا لله وإنما للشيطان 0
فهذه تخوفها من إعاقته لزواجها أو تأخيره على الأقل ، فمن يراها حتى يأتي لخطبتها إذن ؟!
وثانية تحذرها من تسلط ألسنه الناس عليها بالسخرية .
وثالثة تشفق عليها من أيام الحر وضيق التنفس .
ورابعة تصف لها صعوبة ممارسة الحياة العادية وبخاصة وسط الأهل من أولاد الخال والخالة والعم والعمة وأزواج الخالة والعمة وغيرهم ، هذا غير ما يمليه عليها حجابها من تقييد لحركتها وظهورها !!!
وسادسة تدعوها للتنازل عن نقابها بدعوى التدرج قائلة لها : وهل أدَّيت كل الواجبات حتى ترتدي النقاب ؟ !
هذه بعض نماذج منتشرة لم تعد خاصة بجنس ولا بسن ولا بموقف محدد من حياتنا بل صارت وللأسف وباءاً منتشراً في المجتمع بأسره يقتحم حياتنا فيتسبب في الكثير من الفساد المنتشر 000
فكم من بيوت خربت ؟!!!
وعلاقات فسدت ؟!!!!
وأرحام تقطعت ؟!!!
ومصالح تعطلت من جرّاء تلك الظاهرة ، فالكل يسعي لطرح الرأي وإعطاء التوجيه بقصد الإفساد أو بغير قصده نتيجة للحسد أو عدم الوعي والجهل ، أو قلة الحكمة وسوء التصرف 000
ومفهوم النصيحة التي حث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : " الدين النصيحة " إنما هي نصيحة الإرشاد والتوجيه للصالح ، فهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ولا يكفي لهؤلاء الناصحين – أقصد المفسدين – ادعاء سلامة النية وحُسن القصد وصلاح الطوية وعدم إرادة الإفساد ، فليس هذا بمبرر مقبول ، لأن الجاهل لا يعذر بجهله على كل حال ، والمفسد لحال الغير أو لبعض شئونه ضامن ومؤاخذ بفعله دون نظر إلى قصده .
ولا يعني صلاح النية فحسب صلاح العمل عند الله ، بل إن النية الصالحة لا تُصلح عملاً فاسداً ، فهو عند الله فاسد وإن صلحت نية فاعله ، وصاحبه مؤاخذ بفعله وإن ادعى سلامة نيته ، وكذا يجب على المنصوح أن لا يقبل النصح إلا ممن يثق في دينه وأمانته في نصحه له ، وإذا كانت الرؤيا التي هي في عالم الغيب والخيال لا تُقَصّ إلا على عالم ناصح كما في الحديث الذي فيه : " لا تُقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح " . الترمذي 228
فكيف بحادثة من عالم الواقع تَقُصُّها على كل أحد دون أن تلتمس لها أحداً من أهل العلم والخبرة والأمانة ؟.
ما أحوجنا إلى تعلم آداب النصيحة عند نصح الآخرين والتي من أهمها :
( 1 ) أن تكون النصيحة لله ، الدافع إليها طلب مرضاة الله ، لا دوافع خفية أو رغبات شخصية ، فنقول الحق في النصيحة ولو كان بضد رغبتنا أو على حساب مصلحتنا الظاهرة .
( 2 ) ألا يترتب على النصيحة مخالفة شرعية كالإفساد أو القطيعة أو الهجران ، فإن الإفساد بين الناس عظيم وكبير عند الله تعالى ، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، فإن كانت النصيحة صالحة في ذاتها لكن تجلب مفسدة أعظم فالسكوت عنها أولى .
( 3 ) مراعاة أصل عظيم من أأصول الأدب في الدين ، وهو قوله : صلى الله عليه وسلم " من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " . صحيح الجامع 5911
فكم منا يخالط هؤلاء البشر ؟!!!
وصلى اللهم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقول
.................................................
