مشاركة: رد شبهة سورة الأنعام 109
الرد
هؤلاء المشركين يقسمون بالله جهد أيمانهم أن لو جاءتهم آية - أي خارقة مادية كخوارق الرسل السابقة - ليؤمنن بها! الأمر الذي جعل بعض المسلمين حين سمعوا أيمانهم يقترحون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسأل ربه هذه الآية التي يطلبون!.. ويجيء الرد الحاسم على المؤمنين، ببيان طبيعة التكذيب في هؤلاء المكذبين:
{
وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها. قل: إنما الآيات عند الله. وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون؟ ونقلب أفئدتهم وأبصارهم، كما لم يؤمنوا به أول مرة، ونذرهم في طغيانهم يعمهون. ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة، وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلاً ما كانوا ليؤمنوا - إلا أن يشاء الله - ولكن أكثرهم يجهلون }..
إن القلب الذي لا يؤمن بآيات الله المبثوثة في هذا الوجود - بعد توجيهه إليها على هذا النحو العجيب الذي تكفل به هذا الكتاب العجيب - ولا توحي آيات الله المبثوثة في الأنفس والآفاق إليه أن يبادر إلى ربه، ويثوب إلى كنفه.. إن هذاالقلب هو قلب مقلوب.. والذي عاق هؤلاء عن الإيمان في أول الأمر، ما الذي يُدري المسلمين الذين يقترحون إجابة طلبهم، أن يعوقهم عن الإيمان بعد ظهور الخارقة؟ إن الله هو الذي يعلم حقيقة هذه القلوب.. وهو يذر المكذبين في طغيانهم يعمهون، لأنه يعلم منهم أنهم يستحقون جزاء التكذيب؛ كما يعلم عنهم أنهم لا يستجيبون.. لا يستجيبون ولو نزل إليهم الملائكة كما يقترحون! ولو بعث لهم الموتى يكلمونهم - كما اقترحوا كذلك! - ولو حشر الله عليهم كل شيء في هذا الوجود يواجههم ويدعوهم إلى الإيمان!.. إنهم لا يؤمنون - إلا أن يشاء الله - والله سبحانه لا يشاء، لأنهم هم لا يجاهدون في الله ليهديهم الله إليه.. وهذه هي الحقيقة التي يجهلها أكثر الناس عن طبائع القلوب..
إنه ليس الذي ينقص الذين يلجون في الضلال أنه لا توجد أمامهم دلائل وبراهين.. إنما الذي ينقصهم آفة في القلب، وعطل في الفطرة، وانطماس في الضمير..
وإن الهدى جزاء لا يستحقه إلا الذين يتجهون إليه، والذين يجاهدون فيه..