الجرائم الصبيانية لإشعال الفتنة الطائفية

في انتظار تدخل البابا شنودة ومحاكمة المتهمين

الجرائم الصبيانية لإشعال الفتنة الطائفية
زينب عبداللاه

في القانون المصري جريمة اسمها السب والقذف وفيه جرائم أخري مثل تكدير الأمن العام وإثارة الفتن وإرهاب المواطنين إلخ..، ووضع المشرع عقوبات لتلك الجرائم.. وكلنا نعلم هدف المشرع السامي: تحقيق السلام الاجتماعي وضبط حركة الجماعة في اطار قانوني وافق عليه الجميع.

وبين أيدينا جريمة، نشرت تفاصيلها قبلنا الزميلة 'الميدان'.. وهي للأسف من نوع الجرائم الذي تحتار في تصنيفه، مثلما تحتار في تحديد المتهمين (المجرمين) وقبل كل ذلك ربما تحتار بين النشر والكشف وبين التواطؤ حتي لا نتهم بإيقاظ الفتنة النائمة التي لعن الله من يوقظها..

الجريمة هذه المرة علي شكل (سي. دي) عليه مسرحية (كوميدية خيالية) عن شاب مسيحي اضطر لدخول الاسلام واكتشف مدي وحشية المسلمين وتناقضهم وكذبهم فأفلت من بين براثنهم وعاد إلي شاطئ الكنيسة.. عاد مقتولا برصاصة مسلم (جماعات اسلامية طبعا) لكن الفيلم أحياه من جديد مكافأة له علي الإيمان!!

ولا نعتقد أن أحدا من الأقباط قبل المسلمين يوافق علي جريمة ثم يتواطأ عليها حتي تكتمل.. ونعتقد لازلنا أن السي دي عمل فردي (....) صبياني حقير لا يصح أن نحمل الكبار العقلاء المسئولية عنه.. حتي لو أشار صناع الفيلم إلي مباركة قداسة البابا للفيلم.. وحتي لو عرض في الكنيسة (أو الكنائس) وحتي لو ازدانت مقدمته بأسماء العشرات من رجال الكنيسة أو العاملين بها.. لنبدأ الفرجة علي المسرحية:

يبدأ التتر بتعليق صوتي يقول 'يسر كنيسة الشهيدة العظيمة مار جرجس والقديس العظيم الأنبا انطونيوس بمحرم بك أن تقدم كورال الكنيسة في مسرحية 'كنت أعمي والآن أبصر'.. مع عرض لقطات من فيلم المسيح وهو يضع يديه علي عيني رجل أعمي فيبصر. ثم تعرض عبارة 'نال العمل بركة صوت قداسة البابا شنودة الثالث' و'أن العمل تم تحت رعاية كل من أبونا أوغسطينوس فؤاد وأبونا أنطونيوس فهمي. ثم يبدأ عرض اسماء الممثلين بالمسرحية تسبقهم عبارة 'نال بركة هذا العمل' والاشارة إلي أن أعمال الجرافيك والفيديو كليب تمت بمركز الكمبيوتر بالكنيسة... وطوال فترة التتر يتم عرض مشاهد من برو÷ات المسرحية ومراحل اعدادها.

وتحكي المسرحية قصة الشاب مينا المسيحي الذي لم يجاوز عمره 19 عاما ويعيش في اسرة مسيحية فقيرة متمردا علي حاله وفقره وأنه لهذا السبب وتحت اغراء المال والشقة والزواج استقطبه صديقه المسلم أحمد الذي يعمل ضمن مجموعة أو جماعة اسلامية للدخول في الاسلام دون اقتناع وبهدف أساسي هو الحصول علي المال فقط..!!

ويعرض أحد مشاهد المسرحية التي تحمل جميعها تشويها واساءة لصورة الاسلام والمسلمين مشهدا لمجموعة من المسلمين ذوي الذقون يرتدون الجلابيب البيضاء يتناقشون مع زعيم بدين لهم أطلقوا عليه اسم الأمير حول كيفية استقطاب الشباب المسيحي للدخول في الاسلام وحديث حول التمويل وافتراءات علي الاسلام بثها معدو المسرحية علي لسان الأمير الذي يشير إلي أن الجهاد في الاسلام هو الطريق إلي الجنة وأن هذا الجهاد حاليا يعني قتال المسيحيين الذين أطلق عليهم الأمير لفظ المشركين ويقدم لذلك عدة تبريرات تحوي الكثير من المغالطات والتحريفات لأحاديث نبوية وتفسيرات خاطئة للقرآن وبعض القواعد الاسلامية مدعيا أن محمدا (صلي الله عليه وسلم) قد أمر بقتالهم حتي يدخلوا الاسلام.

وحينما يسأله أحدهم حول الآيات التي تقول 'لا إكراه في الدين'، 'وجادلهم بالتي هي أحسن' يستمر تقديم الافتراءات والأكاذيب علي لسان الأمير ليتحدث عن قاعدة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم مدعيا أن الله قد أنزل بعض التشريعات علي النبي وهو في مكة ليدعو الناس بالمودة والموعظة الحسنة لأن الاسلام كان ضعيفا وقتها ولكن حينما انتقل الرسول إلي المدينة وقوي الاسلام وقف العمل بآيات السلم وبدأ العمل بآيات القتال وأن هذا المبدأ هو الذي يسري ويتعامل به الاسلام مع المسيحيين باعتبارهم مشركين تجب محاربتهم وقتلهم حتي يدخلوا في الاسلام!
وينتهي هذا المشهد بأغنية تتحدث عن المحبة في المسيحية وتصور المسلمين وكأنهم ذئاب في عبارة تصور فيها الأغنية المسيح وهو ينادي علي مينا الذي دخل الاسلام ليقول:

'في الظلام ولوحده ماشي
ولحناني وحبي ناسي
من الدياب خايف عليه'

ويبدأ مشهد ثان يظهر فيه مينا وهو يقابل الأمير ومجموعة من المسلمين مع أحمد الذي أغراه بالدخول في الاسلام في منزل الأمير وهنا يقول له احدهم:
'انت فضلت تكون معانا علشان كده الأمير اختار لك (طه) وهو من أسماء المصطفي 'صلي الله عليه وسلم'.

وهنا يأمرهم الأمير بأن يأخذوا (طه مينا) ليلبسوه الزي الاسلامي ويعلموه كيف يتوضأ ويصلي..
ثم يجلس الأمير مع مجموعته في حوار هزلي يسألهم فيه عن آخر ما أنجزوه مع المشركين يقصد المسيحيين فيقول له أحدهم 'البنت اللي اتعرفت عليها اتفقت معاها علي الزواج العرفي وبعد الزواج هيكون كل شيء سهل'.
ويقول آخر 'جندت مجموعة من الاخوات المحجبات ليحاصروا أربعة من الفتيات المشركات حتي يدخلوا الاسلام..'
وهنا يضحك الأمير ويقول لهم انهم يستحقون المكافأة ويوزع كيس تمر علي كل منهم وحينما يتعجبون من هذه المكافأة يقول لهم انها بركة الأمير ثم يوزع عليهم الأموال وخاصة أحمد الذي نجح في مهمته في استقطاب مينا.
وهنا يسأله أحدهم 'الكفرة بيعملوا اجتماعات في الكنيسة وبيردوا علي أسئلتنا..'
فيرد عليه الأمير قائلا: 'احنا مجال عملنا مع الشباب البعيد عن الكنائس..'.
ثم تنصرف المجموعة ليدخل (مينا أو طه) وهو يرتدي جلبابا أبيض وطاقية بيضاء ويقول له الأمير 'إنت ربنا بيحبك علشان هداك للدين الاسلامي ولازم تعرف ان الاسلام نعيم في الدنيا والآخرة في الدنيا مال وبنون وفي الآخرة جنات وأنهار..'
فيعلق مينا 'مش مهم الآخرة المهم الدنيا..'

ثم يأتي أحمد وقد أحضر العشاء للأمير الذي جلس ليأكل بنهم وبطريقة مقززة تاركا طه أو مينا ينظر إليه جائعا ويتحدث أثناء أكله عن نعيم الجنة بطريقة بلهاء وساذجة وهو يصدر أصواتا مقززة ليقول: 'لكل مؤمن قصر في الجنة.. فيه حورعين.. أجمل بنات يمكن تخيلهم.. وتشرب كل ما تريد وتأكل كل أنواع الأكل مطبوخ مشوي وانت جالس علي أريكة زيي كدة... أهوه ده بقي ميزة الاسلام تتمتع في الدنيا والآخرة..'

ثم يعلق الأمير قائلا: 'كل من قال لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله واردها'.
وبعد أن يلتهم كل الطعام يقول لطه أو مينا 'تقدر تاكل دلوقتي..' فيقلب مينا في الاطباق والاكياس فلا يجد أي شيء ثم يعلق الأمير 'يا أخ طه مش تشيل مطرح ما أكلت...' وتجلس المجموعة مع مينا والأمير ليبدأ في الدعاء ويؤمنون عليه ليدعو علي المشركين الذين يقصد بهم المسيحيين قائلا: 'اللهم يتم أولادهم ورمل أزواجهم'.
وتتصاعد حدة الهجوم علي الاسلام وتشويه صورته وصورة المسلمين حتي تتجاوز ذلك إلي حد الاستهزاء بآيات القرآن الكريم حينما جلس الأمير ليعلم طه القرآن فيأمره بأن يفتح المصحف علي سورة العاديات، ويبدأ طه في القراءة بصورة ساخرة ليتعثر في كل أية لتضج القاعة بالتصفيق والضحك قائلا : 'والعاديات ضï ض بحا' فيعلق الأمير 'ضبحا' ثم يقول طه 'المواريات قï قï دحا' فتضج القاعة مرة ثانية بالضحك والتصفيق فيعلق الأمير 'قدحا' ثم يقول طه 'فالمغيرات صî صï صبحا' فيقول الأمير صïبحا'

ويستمر طه وتستمر القاعة في التصفيق والضحك ليقول 'فأثرنا به نïقعا'
ثم يعلق الأمير 'قراءة القرآن لا تكون هكذا يا بني انظر وتعلم' ويبدأ في قراءة الآية ليخطئ هو الآخرفي قراءتها وهو يتلوها بصورة مستهزئة... ليزداد ضجيج القاعة وتصفيقها، ويعلق (مينا أو طه): 'بس أنا مش فاهم حاجة فيقول له الأمير 'مش مهم تفهم ألم تلحظ الموسيقي في الكلام والقافية ألم تدرك البلاغة' فيعلق مينا 'كل ده كويس بس أنا برضه مش فاهم حاجة'، فيعلق الأمير 'الاعجاز القرآني يا بني في الموسيقي والبلاغة والشعر.. أما المعني فقد لا تدركه الآن وإذا اجتمع الأنس والجن لن يأتوا بمثله مددا..'.

وينصرف الأمير بعد أن يترك مينا لينام علي الأرض مدعيا أنه لم يتم تجهيز مكان لنومه ويرفض كذلك منحه أية أموال.. ليجلس مينا بمفرده ويحدث نفسه قائلا: 'معقولة سبت بيتنا وأبويا وأمي وأختي علشان أنام علي الأرض ومن غير عشا.. يا تري هيوفوا بوعدهم ولا هيضحكوا علي.. ده لو ضحكوا عليا هبقي خسرت دنيا وآخرة'.
ويضحك مينا ويضرب كفا بكف حين يتذكر الامام وهو يقرأ القرآن ويستمر 'المشهد في اهانة القرآن ليقول مينا: 'غريب قوي كلام القرآن ده. مش مفهوم خالص.. هوه ربنا هينزل كلام كده الناس مش فاهمينه.. قال والحاج الأمير عجباه قوي الموسيقي والشعر والقافية.. لكن برده مش فاهم حاجة.. بس دي حاجة تضحك كلهم كدة مش فاهمين'.
ويسمع صوت آذان الفجر ويأتي أحدهم ليوقظ مينا ليصلي فيعلق مينا قائلا: 'إيه الخنقة دي.. كل شوية قوم اتوضي قوم صلي.. لما نشوف ايه أخرتها'.

ويأتي أحمد فينهره مينا لأنه لم يحصل علي أي شيء حتي الآن فيعده أحمد بأنه سيسأل الأمير عن هذه الوعود ثم يأتي أحدهم ليقول 'اثنين من الاخوات جايين للأمير' وهذا في وقت الفجر ويعتقد مينا أن الأمير قد أحضرهما ليختار منهما واحدة ليتزوجها ويسأل أحمد 'مين الاخوات دول..' فيصرخ فيه عمر أحد أفراد المجموعة قائلا 'يا أخ أحمد النساء عورة ولا يجب الحديث عنهن هكذا..!!'

وهنا يسأله مينا 'ماتعرفش الأمير عمل ايه في موضوع السكن والفلوس والزواج'.
فيرد عمر في غضب 'واحد زيك مفروض يكتفي الآن بنعمة الاسلام'. فيرد مينا 'الأمير قال إن المال والبنون زينة الحياة الدنيا يعني نعمة الاسلام وحدها لا تكفي..' فيصرخ فيه عمر ويحاول ضربه قائلا: 'اخرس يا كافر' وهنا يتدخل الأمير لفض الاشتباك ويسأله أحمد ثائرا 'فين الوعود اللي وعدنا طه بيها'. فيأمره الأمير بألا يتعجل.
ويسأله مينا عن الفتاتين وعما إذا كان قد أحضرهما ليختار منهما زوجة فيعلق الأمير 'تختار ايه هو احنا بنلعب كوتشينه دول علشاني'.. فيصرخ أحمد ومينا معا 'الاثنين' فيرد الأمير ويعلق أحمد الذي ظهر وكأنه بدأ يتراجع عن أفكاره (طبعا) 'أنا أعرف انك متجوز أربعة والشرع بيقول مثني وثلاث ورباع'..

فيعلق الأمير موجها كلامه لهم أكمل له الآية يا عمر، وهنا يعبث عمر بنص الآية ويحرفها قائلا 'وما ملكت ايمانكم ومن وهبت أنفسهن..' وهو ما لا يوجد في القرآن من الأساس فيحرف الآية (3) من سورة النساء والتي تقول: 'وان خفتم ألا تقسطوا في اليتامي فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثني وثلاث ورباع فإن خفتم الا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت ايمانكم ذلك أدني ألا تعولوا'.

وما يحويه هذا من تعمد تدليس وكذب علي المسيحيين لإعطاء صورة مغلوطة عن القرآن وعن أحكام الاسلام في الزواج، ويعلق الأمير 'يعني اللي أقدر اشتريها واللي تحبني وتوهبني نفسها وكمان فيه زواج المتعة وهو زواج محدد المدة ومحدد الأجر'..
وفي هذا تحريف وتلاعب شديد بأحكام الشريعة الاسلامية التي تعتبر هذا الزواج زني صريحا لأن الأصل في الزواج هو الابدية والاستمرارية.. فيعلق أحمد 'معقولة هو ده الشرع طيب ده يفرق ايه عن العلاقات المشبوهة ما هيه برضه محددة المدة ومحددة الأجر'.
ويعلق مينا لتتصاعد وتتعالي حدة السخرية والتلاعب ليقول 'يظهر ان العملية عندكم باذنجان خالص واللي عايزين تعملوه بتعملوه والشرع عندكم بيتقيف علي المقاس'..
وهنا يطلب منه الأمير أن يفعل شيئا يثبت به ولاءه للاسلام حتي ينال نعمه وهو أن يختار بين أن يستقطب أحد معارفه من المشركين علي حد قول الأمير أو أن يخرب إحدي الكنائس أو أن يقتل أحد القساوسة.

وهنا يثور مينا 'وده مقابل شقة وفلوس وعروسة' فيعلق الأمير 'أمال عاوز تدخل الاسلام ببلاش' فيصرخ مينا 'عاوزين تحولوني لمجرم... هوه ده الاسلام أقتل وأخرب.. عمري ما سمعت الكلام ده في الكنيسة حتي المرات القليلة اللي كنت باروحها كانوا يتكلموا عن محبة الأعداء ومحبة الاخوة وخدمة الآخرين.. ياه فرق كبير قوي ما حستش بيه غير دلوقتي..'
فيعلق الأمير 'خلاص خليك في الفقر اللي أنت فيه مش هتطول حاجة..

ومن الطبيعي وفق السيناريو أن يكتشف مينا الحقيقة ويتمتم. 'أنا كنت أعمي ودلوقتي فتحت.. احتياجاتي المادية كانت عمياني... وعرفت أد ايه المسيحية عظيمة أد ايه المسيحية قوية علشان تحب ناس بتكرهها بالمنظر ده'. الكنيسة مطالبة بتوضيح، والبابا شنودة مطالب بابداء حسن النية، وبعض الحرص علي مستقبل البلد، تماما كالحرص الذي أبداه علي مستقبلها وهو يحض شعبه علي التصويت لمبارك، أو يحض الجميع علي استعادة وفاء قسطنطين بأي ثمن.

فهو ورجاله رجال الكنيسة الذين نحترمهم ونقدرهم وندعم دورهم في نشر الحب والسلام والاخاء مطالبون جميعا بإزالة ما تكون لدي بعض الجهلاء من عموم شعبهم من صور مشوهة عن شركائهم في الأرض والتاريخ والمصير، والبابا ورجاله يعلمون جيدا كيف تدار أمور مثل هذه. في بلاد تحترم فيها الأديان والعبادات ويحترم فيها الانسان.

http://www.elosboa.com/elosboa/issues/446/0405.asp