لن أنساك يا محمود

بسم الله الرحمن الرحيم

كنا في السنة الخامسة في كلية الطب في قسم الأطفال وكنا نجلس في أماكن التنويم بعد انتهاء الدروس العملية لنقدم لهم الحلوى ونتابع حالاتهم
وأثناء تواجدنا بين الأسرة البيضاء و المرضى لفت انتباهي صوت صاخب وضجيج ينبعث من أحد الأسرة مما استرعى انتباهي لأرى ماهو هذا الضجيج و عندما وصلت وجدت جهاز تسجيل بأعلى صوت مع صخب طفولي يصدر من طفل قد لا يتجاوز العاشرة وهو يصيح فيمن حوله ضاحكا مقهقها داعيا من حوله لللعب معه وقد أحاط نفسه من كل الاتجاهات باللعب الورقية وغيرها كان لا يكاد يسكت ينهي جملة ليبدأ أخرى
لكن هذا الصبي على كل هذا الضجيج كان لا يغادر مكانه فقد استحال لونه بين الأزرق والبنفسجي معلنا فشلا كبيرا في عضلة القلب ومن كبر بطنه تستنتج تضخما في الكبد ومن بروز عينيه فقدانا للوزن
لقد كان الصبي بل روح الصبي تستهزيء بالمرض بهذا الصخب الطفولي
لعله قال في نفسه اذا كان الموت قد أصبح قاب قوسين أوأدنى فليكن اللقاء وأنا أبتسم وأضحك لا وقت يضيع في البكاء على دنيا ما وجدت فيها الا مرضا هد جسدي الصغير فلم الحزن عليها
كانت روحه القوية تشع بالطاقة على من حوله
لا بد اذ تراه أن تقف متأملا من حكمته ولا يسعك سوى ان تبتسم له قائلا : لا يمكن نسيانك يامحمود, فتجده قد نصب عينيه نحوك وكأنها عينا حكيم كبير ورد برزانة تختلف عن نبرة اللعب التي كان يتحدث بها: كثيرون قالوا لي هذا. ثم يشيح بوجهه وكأنه يقول اليك عني لا ترثي لحالي
فأنا راحل راحل
راحل ولكن من سيداوي قلب امي الثكلى وفؤاد أبي المحطم
أنا ضحية الاهمال والفقر والعيش في الاماكن التي لا تليق بالبشر
صرت مصابا بروماتيزم القلب مبكرا جدا فما بلغت العاشرة حتى اعلنت الفشل
آسف أعلن جسدي الفشل أما روحي فلن تنال منها أيها المرض
غدا ساتحرر من الجسد العليل
غدا ستعلن روحي انتصارها المحتوم

لقد تذكرت محمود اليوم وقد هيج ذكره رؤية مأساة جديدة
فهل ستعلن الروح انتصارها؟؟؟؟؟؟؟؟؟

السلام عليكم
لا تعليق
جزاك الله خيرا

قصة حزينة وجميلة

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .