هل المصريون أصلهم فراعنة؟؟
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد فهذا رد على من زعم أن النصارى لهم الحق في حكم مصر لأنهم أهلها الأصليون من نسل الفراعنة:
أولا: المصريون الذي هم من نسل الفراعنة القبط اليوم نسبتهم قليلة جدا بالنسبة للشعب المصري.. لأننا لو قلنا إنهم هم النصارى الأرثوذكس لما وجدنا أكثر من 7%، إذا أخرجنا النصارى الذين لهم أصول يونانية أو شامية أو أروبية... فإذا قلنا إن هؤلاء الأقباط النصارى قد دخل ضعفا (أي مرتان) عدد الموجودين اليوم في الإسلام بعد الفتح الإسلامي لكانت نسبتهم لا تزيد عن 21%... أما بقية الشعب المصري فهم خليط من الشعوب التي عاشت في مصر بعد الفراعنة.. والفراعنة كانوا حقبة من التاريخ ليس التاريخ كله... فلم يكن لهم وجود قبل الطوفان... أما بعد الطوفان فهم ينسبون إلى قبط بن مصرايم بن حام بن نوح، كما هو مشهور في كتب التاريخ، وكما ذكر السويدي في "سبائك الذهب" أن القبط وأهل النوبة وجميع السود من أهل الفرع الحامي... وبعد الفراعنة عاش في مصر شعوب أخرى. فيصعب أن يؤكد أحد أنه من نسل الأقباط اليوم أو من تلك الشعوب... فعاش في مصر الفرس ثم الباطالمة الإغريق ثم الرومان ثم العرب ثم الأتراك الإخشيديون ثم البربر المغاربة في العصر الفاطمي ثم الأتراك الأكراد ثم الأتراك المماليك ثم الأتراك العثمانيون والشراكسة والألبان الذين هم أصل أسرة محمد علي... فمن الصعب الآن أن يؤكد أحد من نسل أحد تلك الشعوب خالصا دون اختلاط إلا في القبائل المشهورة التي لم تختلط بغيرها. وكذلك فمن المؤكد أن أقباط اليوم ليس كلهم نصارى ولكن بالتأكيد فإن كثيرا منهم مسلمون.
وثانيا: من الذي يستطيع أن يؤكد أن حكام مصر ووزراءها في هذا العصر وقبله ليس أصلهم أقباط دخلت أسرهم في الإسلام قديما؟ فربما يكون أصلهم أقباط من الشعب المصري الفرعوني القديم..
وثالثا: ذكر القلقشندي في صبح الأعشى أن بعض الأسر الفرعونية فيها اختلاف هل هي من القبط؟ أولاد قبط بن مصرايم أم من القبائل العربية المهاجرة؟. وكذلك من المعروف تاريخيا أن القبائل العربية تسكن بعض مناطق في مصر من قديم الزمان قبل الإسلام، وهي المناطق الواقعة بين حدود الجزيرة العربية وبين نهاية الصحراء الشرقية وحتى مسافة قريبة من القاهرة نفسها أي التي تسمى اليوم بسيناء ومنطقة القناة والشرقية...
ورابعا: لو أراد أحد من النصارى الذين يعيشون في أمريكا أن يطبق هذه القاعدة على مصر، فإننا سوف نطالبهم بتطبيقها أولا على أمريكا نفسها.... فإن سكان القارة الأمريكية الأصليين هم الهنود الحمر.. فقبل أن يقول نصارى المهجر إلى أقباط مصر أي شيء فليقولوا إلى الأمريكان أولا: كل من له أصل أوروبي فليرجع إلى أوروبا كما كان وليترك أمريكا لسكانها الأصليين الذين كانوا يسكنونها وحدهم قبل ثلاثمائة سنة فقط، وليس ثلاثة آلاف سنة مثل الفراعنة...
خامسا: أن أصل كلمة القبط ليس معناها أولاد "قبط بن مصرايم"، لكن من كلمة "القباطي المصرية" لشهرة أهل مصر بصناعة القباطي وهو زي قديم مشهور كان يلبس في عصور قديمة، شبيه ب"الجاكت" الآن ولا تزال هذه الكلمة تتداول عند عرب البادية في بلاد الشام والجزيرة العراقية.
ففي دعواهم هذه تزييف للتاريخ ومخالفة للعقل السليم والتفكير الصحيح..
ولماذا لا يرضى نصارى اليوم بحكم المسلمين، بينما نجد أن المسيح عليه السلام قد رضي بحكم قيصر الوثني الملعون في العهد الجديد والعهد القديم والتوراة والإنجيل... فعندما أراد اليهود الوقيعة بينه وبين الرومان فقالوا له :أندفع الجزية لقيصر؟ لأنهم يعلمون أن الأنبياء يجاهدون ضد الوثنيين، فينتظرون أن يلعن المسيح قيصر فينقلوا كلامه للرومان.. فعلم المسيح عليه السلام مكيدتهم فقال لهم:اعطوا لقيصر ما لقيصر واعطوا لله ما لله.... فالمسيح عليه السلام لم يخرج عن حكم قيصر وعن حكم الوثنيين ولم يأمر بالثورة عليهم.. فشريعة المسيح عليه السلام وأتباعه عدم الخروج على الحاكم وعدم الثورة عليه وإن كان أفسد أهل الأرض وإن كان وثنيا.. وكذلك فإن المسيح عليه السلام لم يعلن القتال والجهاد، فهو من الأنبياء الذين لم يفرض عليهم الجهاد والقتال ضد الوثنيين ولا ضد أحد بخلاف بعض الأنبياء الذين شرع لهم الجهاد والقتال مثل موسى عليه السلام وداود وسليمان ويوشع عليهم السلام.. فهو كإبراهيم وإسماعيل ويحيى (يوحنا) وزكريا والأنبياء الذين لم يفرض ولم يشرع لهم الجهاد والقتال ضد أحد... وسار جميع أتباعه على هذا المنهج حتى القرن الرابع الميلادي، فلم يعلنوا القتال ولا الجهاد ضد اليهود والوثنيين الذين أعلنوا الحرب على النصرانية وقاموا بتقتيل الرهبان وتعذيبهم واضطهادهم....
فكيف يدعو نصارى اليوم الخروج على حكم المسلمين الذين يعبدون الله عز وجل ويسجدون لله عز وجل كما أمر وشرع المسيح عليه السلام فقال :"لله وحده تسجد وإياه وحده تعبد"؟... وكيف يرضى نبيهم المسيح عليه السلام بحكم الوثنيين" وهم لا يرضون بحكم المسلمين الذين رفعوا شعار جميع أنبيائهم وهو النص المذكور في العهد الجديد والعهد القديم: "أول الوصايا كلها اسمع يا إسرائيل الرب إلهك رب واحد". فأول وأهم تشريع في الكتب السماوية كلها وأساس دين ورسالات جميع الأنبياء هو هذا النص الذي يعني التوحيد الذي يدين به المسلمون والشعار الذي لا يرفعه أحد اليوم من الأمم والملل والنحل مثلما يرفعه المسلمون ويدينون به ويجعلونه في صلاتهم وفي آذانهم ودعوتهم إلى الصلاة بل تبطل صلاتهم بدونه، وهو قول "لا إله إلا الله" أي هو نفسه "الرب إلهك رب واحد"، وهو أساس دين المسلمين كما هو أساس دين جميع الأنبياء كما هو مذكور في العهدين الجديد والقديم.. وهو عند المسلمين أول الألفاظ التي من ينطقها يدخل بها إلى الإسلام...