بالعدل يستقيم ميزان الحياة
بالعدل يستقيم ميزان الحياة
الحمد لله الرؤوف الرحيم الجبار العظيم المنتقم من الظالمين , واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , واشهد أن محمدا عبده ورسوله ,نشر العدل بين أصحابه وجعله منهاجا في رسالته , وجعله حلية في كل عمل , اللهم صلى وسلم وبارك عليه وعلي أصحابه ومن اهتدى بهديه وسلك سنته إلى يوم الدين . آمين ...
اما بعد :-
ما أحلى العدل في كل الأمور , به ميزان الحياة يستقيم , وتستريح النفوس , وتنشرح الصدور , وتخلص النيات , ويسود الأمن والاستقرار , وتزداد الألفة والمحبة بين الناس .
والظلم هو عدو العدل وعكسه في التصرفات , وهو نتيجة الحقد والحسد , وهو مشين من الفرد أو من الأمة , فالشريعة تأبى الظلم في كل صوره، والنهي عن ذلك واضح في آيات وأحاديث لا تُحصَى، وهو مرفوض إلى يوم القيامة .. بل يقول الله عز وجل في صفة الحساب يوم القيامة: "وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ" فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا "
وقد يغتر الإنسان بقوته أو ماله , فيستعمل ما في جسده من قوة وشهوة وتجبر فيظلم الآخرين ؛ لأنه استخدم جانب النفس الأمارة بالسؤ , وشخص آخر استخدم الجانب الروحي فيه , فرأى أنه فرد من هذه المجموعة يصلح بصلاحها فعمل علي ذلك .
وما نراه في هذا العصر من ظلم بين الشعوب والأمم , واعتداء الدول علي بعضها البعض , إلا نتيجة تقدم البشرية وتطورها السريع في مجالات الحياة فكل هذا الإنتاج يمثل غذاء الجسد فقط , ونتيجة زهوة هذا المخلوق العجيب بما أنتج من أدواة للحياة , وافتخاره بقدرته علي ذلك , فقد نسي الجانب الإنساني فيه , وتهاون في طلب غذاء الروح .
وعليه فإننا نرى تقدم الجانب البشري علي حساب تعثر الجانب الإنساني الذي يمثل كل الفضائل التي لا تزول بزوال فاعلها وإنما تبقى بعد الموت مكسبا لصاحبها يسعد بها في آخرته يوم لقاء ربه . يوم لا ينفع مال ولا بنون , كما يسعد بها أفراد مجتمعه في تعاملهم مع بعضهم ومع غيرهم , لأن الإنتاج الفكري هو ملك للأمة بقدر ما هو مفخرة لصاحبه ؛ فمسئولية المفكرين في الأمة عظيمة لا تقل عن مسئولية قادتها السياسيين .
نأمل أن نفتح بهذه الأسطر البسيطة مجالا للنقاش في دور مفكري الأمة في تبصرة قادتها وأهل الحل والعقد فيها بما يجب ان تكون عليه سياساتهم في إدارة شؤنها وشؤن رعيتها . الله الموفق لما فيه خير البلاد والعباد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
