سعادة البلوى: أرى رحمة الله في محنتي
أرى رحمة الله في محنتي
تجربتي من واقع الحياة بعد حادث أدى إلى كسر في فخذي الأيمن وإعاقتي فترة ذقت فيها آلام الليالي لكني رأيت بظل البلية لطفاً من الله إن شاء أنهى قهر ، رأيت مع الكسر إعزاز ناسي، رأيت التراحم في مجتمع المسلمين ، رجوت إلهي ، رأيت بعين اليقين السعادة وسطرت هذه القصيدة:
1. بِفَرْحَـةِ رَبِّـي إِذَا تَابَ عَبْدٌ *** وَكُلَّ الْخَطَايَا مَحَاهَا غَـفَـرْ
2. صَـلاَةٌ بِتَغْرِيدِ طَيْـرٍ يُسَـبِّحْ *** وَيَنْبُوعُ مَاءٍ جَـرَى فَانْفَجَـرْ
3. رَحِيقٌ بِفَجْـرِ نَسِـيمِ الرَّبِيعِ *** وَطَــلٌّ وَوَرْدٍ تَنَدَّى قَطَـرْ
4. شُـعَاعُ الصَّبَـاحِ يُبَدِّدُ لَيْـلاً *** وَغُصْنٌ تَمَايَلَ فَوْقَ الشَّـجَرْ
5. بِبُشْرَى رِيَاحٍ تَسُوقُ سَحَاباً *** لِتُحْيِي مَوَاتاً بِغَيـثِ الْمَطَـرْ
6. لأَشْـهَدَ لِلْـخَالِقِ اللهِ رَبِّـي *** إِذَا مَا رَأَيْتُ اخْتِلاَفَ الثَّمَـرْ
7. بِلأْمِ جِرَاحِي إِذَا مَا أُصِـبْـتُ *** وَكَسْـرِ عِظَامِي إِذَا مَا انْجَبَرْ
8. بِوَاسِـعِ رَحْمَـاتِ رَبٍّ رَحِيـمٍ *** يُخَفِّفُ إِنْ قَـدْ أَلَـمَّ الضَّـرَرْ
9. وَيَلْطُف عِنْدَ حُلُـولِ الْبَـلايَـا *** بِغَيْرِ حِسَـابٍ جَزَا مَنْ صَبَرْ
10. حَرِيـقُ اللَّيَالِي بِعَظْمِي وَلَحْمِي *** وَدَمْعُ حَبِيبَـةِ عُمْـرِي انْهَمَرْ
11. تَصَـبَّرْتُ كَيْ مَا أُخَفِّفَ عَنْهَـا *** وَقُلْتُ لَهَـا نُكْتَـةُ فِي السَّحَـرْ
12. وَقُلْتُ: إِلَـهِي الرَّحِيـمُ مَعِـي *** هُنَا ، تِلْكَ بُشْرَى الرَّسُولِ الأَغَرّ
13. بأَنَّ الإِلَـهَ يَعُـودُ مَـرِيضـاً *** كَذَا جَاءَنَا فِي صَـحِيحِ الْخَبَـرْ
14. يُـوَبِّـخُ مَـنْ لَمْ يَعُدْهُ بِمَعْنَى *** مَرِضْـتُ وَمَا عُـدْتَنِي يَا أَشَرّْ (1)
15. وَقُـلْتُ حَبِيبَةَ عُمْـرِي تَعَالَيْ *** نَطِـيرُ سَـوِيّاً لِِسَـطْحِ الْقَمَرْ
16. وَمَرْيَمْ وَأَحْمَدْ وَإِسْلاَمُ أَيْضـاً *** وَخِلُّو وَعَبْـدُو دَعَـا وَادَّكَـرْ
17. وَتَسْـنِيمُ تُرْسِـلُ نَظْرَاتِـهَـا *** تُوَاسِـي أَبَاهَا بِنُطْـقِ النَّظَرْ
18. لِتِلْكَ الرّضِيعَـةِ حِسٌّ تَنَامَـى *** تُشَـاطِرُ دَائِـي بِحُزْنٍ ظَهَرْ
19. رَضِيتُ وَأَسْـلَمْتُ للهِ طَـوْعاً *** بِهَدْيِ الرَّسُولِ عَلاَ وَانْتَشَـرْ
20. حِسَابُ عَطَايَا إِلَـهِي اسْتَحَالَ *** فَمَنْ عَـدَّهَـا عَادَ ثُمَّ انْحَسَرْ
21. رَأَيْـتُ بِظِـلِّ الْبَلِيَّـةِ رِفْقـاً *** مِنَ اللهِ إِنْ شَـاءَ أَنْهَـى قَهَـرْ
22. أَصَابَ يَمِينِي وَأَبْقَـى شِمَالِي *** وَظَهْرِي وَصَدْرِي وَنُورَ الْبَصَرْ
23. يَدَايَ لِكَـيْ أَتَـوَكَّـأَ أَمْشِـي *** وَأَلْهَمَنِي سَـجْدَةً فِـي السَّـحَرْ
24. وَيُـونُسُ ذُو الْعَقْلِ أُسْتَاذُ عَظْمٍ *** وَعَـدَّلَ عِـلَّـةَ فَخْـذِي جَبَـرْ
25. وَعَبْـدُ الْحَكِيمِ اسْتِشَارِي عِظَامٍ *** بِعِـلْـمٍ مِنَ اللهِ دَاوَى ابْـتَـكَرْ
26. هُمَا مِنْ بِلاَدِي الْحَبِيبَةِ مِصْـرَ *** عَلَـى ضَفَّـةِ النِّيـلِ سِرُّ النَّهَرْ
27. بِنُـبْـلِ زَمِيلٍ وَصَاحِبِ شُـغْلٍ *** وَإِنِّـي لِحِرْصِهِمُو قَـدْ شَـكَرْ
28. وَمُجْتَـمَـعُ الْمُسْـلِمِينَ كَـذَلِكْ *** أَوَاصِرُنَا حِـكْـمَـةٌ فِي العِبَرْ
29. كَأَعْضَـاءِ جِسْـمٍ نَشِـيطٍ قَوِيٍ *** إِذَا اخْتَـلَّ عُضْـوٌ دَهَاهُ السَّهَرْ
30. وَتَحْـسُـدُنَا أُمَـمٌ فِى ذُهُـولٍ *** بِشَـرْقٍ وَغَرْبٍ كَأَرْضِ الْمَجَرْ
31. أَخِي وَرَفِيقِي وَأَهْلِي وَصِهْرِي *** لِوِحْدَتِـهِمْ يَسْـتَجِيـبُ الْقَـدَرْ
32. رَأَيْتُ مَعَ الْكَسْرِ إِعْزَازَ نَاسِي *** وَبَيْتَ شَقِيقِي وَإِخْـوَةْ عُمَـرْ
33. صَـدِيقِـي ( ) يُؤَجِّـلُ أَعْمَالَهُ *** وَرُغْمَ مَشَـقَّـتِـهِ قَدْ حَضَـرْ
34. وَأَرْجَـأَ تَجْـهِـيـزَ أَسْـفَارِهِ *** لِيَـنْـقُـلَنِـي لِلْعِيَـادَةِ مَـرّْ
35. بِحَبْلِ الإِلَـهِ اعْتَصَمْنَا جَمِيعاً *** أُخُوَّتُـنَـا أَمْ نَفِيـسُ الـدُّرَرْ ؟
36. أُخُـوَّتُـنَا مِنْ قَدَاسَـةِ رَبِّـي *** وَكَمْ مِنْ ثَـرِيِّ خَبَا فَافْتَقَـرْ
37. وَإِنَّ الْمَحَـبَّـةَ رُوحُ الْحَيَـاةِ *** تُذِيبُ الْمَـكَارِهَ تَمْحُو الْكَـدَرْ
38. حَيَاتِي نَعِيـمٌ عَلَـى أَيِّ حَالٍ *** وَقَلْبِي بِذِكْرِ الإِلـهِ اسْـتَقَـرّ
39. سَعَادَتُنَا فِي الْحَيَاةِ دَوَاماً *** رَسُـولُ الإِلَـهِ هَـدَانَا أَمَـرْ
40. فَقَاتَلْتُ يَأْساً قَهَرْتُ قُنُوطاً *** وَسُخْطاً هَزَمْتُ دَفَنْتُ الضَّجَرْ
41. وَبِالصَّبْرِ تَلْقَى قُوَى الْمُؤْمِنِينَا *** صَـلاَبـَتـُنَا كَـعِنَادِ الْحَجَرْ
42. تَلاَشَى الْبَئِيسُ أَمَامَ الْبَلاَيَا *** وَنَحْنُ ثَبَتْنَا كَجُلْمُـودِ صَـخْرْ
43. فَفِي الضُّرِّ صَبْرٌ وَللهِ شُكْرٌ *** وَلَسْتُ كَمَنْ قَدْ تَرَدَّى كَـفَـرْ
44. فَذَاقَ شَقَاءَ الْحَيَاةِ بِيَأْسٍ *** وَفِي أَزْمَةِ الْكَرْبِ رَاحَ انْتَحَرْ
45. شِدَادَ الْمَلاَئِكِ سُودَ الْوُجُوهِ *** وَغَمْرَةَ مَوْتٍ إِذَا مَا احْتَضَرْ
46. وَضَمَّـةَ قَبْـرٍ لأَضْلاَعِـهِ *** ثُبُوراً وَوَيْلاً بِضِيقِ الْحُـفَرْ
47. وَقَالَ إِلَهِى اقْضِ وَاحْكُمْ عَلَيْنَا *** وَيَوْمَ الْقِـيَـامَـةِ أَدْهَى أَمَرّ
48. وَمَا نَالَ ظِـلاًّ وَشَرْبَـةَ مَاءٍ *** وَشَمْسٌ مِنَ الرَّأْسِ تَدْنُو بِحَرّ
49. يَقُولُ بِخَيْبَةِ آمَالِهِ: *** أُرِيدُ لُجُوءاً فَأَيْنَ الْمَفَـرّ
50. وَيَبْحَثُ كَيْ يَحْتَمِي بِمَلاَذٍ *** إِلَى رَبِّنَا يَومَـهَا الْمُسْـتَقَرّ
51. بِيَوْمٍ طَوِيلٍ عَسِيرٍ عَلَيْهِ *** وَفَوْقَ الصِّرَاطِ هَوَى مَا عَبَرَْ
52. وَحَسْنَاتُهُ إِذْ تَضِيعُ بِكُفْرٍ *** هَبَاءًَ ؛ لِيَصْلَى الْجَحِيمَ اسْتَعَرْ
53. وَإِنْ قَالَ مَاءً تَلَقَّى حَمِيماً *** يُقَطِّـعُ أَمْعَاءَ أَصْحَابِ شَـرّ
54. بِضَنْكِ الْحَيَاةِ وَضَنْكِ الْمَمَاتِ *** خُلُودُ عَـذَابِ الشَّـقِيِّ اسْتَمَرّ
55. فَيَا مَنْ أَرَدْتَ السَّعَادَةَ أَسْلِمْ *** بِدِيـنٍ عَـلَى غَيْرِهِ قَدْ ظَهَـرْ
56. وَلِي فِيكَ يَا رَبِّ كُلُّ رَجَائِـي *** تَأَلَّمْتُ لَـكِنَّ قَلْبِـي حَضَـرْ
57. دُعَائِي لأَهْلِـي مَعَ الْوَالِدَيـنِ *** وَمُجْتَمَعِ الْمُسْـلِمِينَ الأَبَـرّ
58. بِكُـلِّ مَكَـانٍ وَكُـلِّ زَمَـانٍ *** مِنَ الإِنْسِِ وَالْجِنِّ كُلِّ الْبَشَرْ
59. وَمَنْ قَدْ ذَكَرْتُ بِتِلْكَ الْقَصِيدَةْ *** وَمَنْ قَدْ وَعَاهَا وَمَنْ قَدْ نَشَرْ
60. تَقَبَّلْ دُعَائِـي بِلَيْلَـةِ قَـدْرٍ *** لِتَشْـمَلَنَا فِي نَعِيـمِ الْقَـدَرْ
61. وَتَكْسُـوَنَا بِثِيَـابِ الرِّضَـا *** وَتَقْبَلَ عَبْداً إِذَا مَا صَـبَـرْ
62. وَتُبْـرِئَ دَاءً لِكُـلِّ مَرِيضٍ *** مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَتَاهُ الضَّـرَرْ
63. رَجَائِي إِذَا مَا رَجَعْنَا إِلَهِي *** لِتَرْحَمَنَا مِنْ لَهِيبِ الشَّـرَرْ
64. وَنَلْقَى مَعَ الصَّابِرِينَ مَفَازاً *** نَعِيماً بِفِرْدَوْسَ فَاضَ غَمَرْ
65. إِلَـهِي أَغِثْنَا لِتَكْشِـفَ كَرْباً *** لِعَبْدٍ ضَعِيفٍ أُصِـيبَ انْكَسَرْ
-------------------------------------
(1) قَالَ رَسُولُ اللّهِ (ص): "إِنّ اللّهَ عَزّ وَجَلّ يَقُولُ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ: يَا رَبّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبّ الْعَالَمِينَ. قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنّ عَبْدِي فُلاَناً مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ. أَمَا عَلِمْتَ أَنّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي. قَالَ: يَا رَبّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ؟ وَأَنْتَ رَبّ الْعَالَمِينَ. قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي؟ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي. قَالَ: يَا رَبّ كَيْفَ أَسْقِيكَ؟ وَأَنْتَ رَبّ الْعَالَمِينَ. قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ. أَمَا إِنّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي".
(2) صديق كان يترك أعماله ويأتيني بسيارته لأراجع المستشفى ، وحينما أقول له أثقلت عليك يقول دعنا نغرسها في فدان بالجنة. تلك هي طبيعة الأخوة في الله وهذا هو الإسلام الذي قدمه رسول الله (ص) للبشرية رحمة للعالمين دون تشويه إعلام مغرض.
