اتفق جمهور العلماء علي أن الباعث علي القتال هو رد الاعتداء, وقرر الجمهور أن مناط القتال هو الاعتداء كما تدل علي ذلك النصوص المحكمة, فلا يقتل شخص بمخالفته للإسلام أو بعبارة أخري لا يقتل شخص لكفره, وانما يقتل لاعتدائه علي الإسلام.
هناك نص قرآني صريح يقول: و قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين, واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتي يقاتلوكم فيه, فإن قاتلوكم فاقتلوهم, كذلك جزاء الكافرين, فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم, وقاتلوهم حتي لا تكون فتنة ويكون الدين لله, فإن انتهوا فلا عدوان إلا علي الظالمين.
هذه الآية تعد دستور القتال في الإسلام, وقد استنبط منها ابن تيمية أنها تدل علي أن القتال في الإسلام لمجرد دفع الاعتداء.
يقول العدد القليل من الشافعية في هذا النص أنه منسوخ أو مخصص, ولكنه عند النظر الصحيح لا نجده منسوخا للوجوه التالية:
أولها ـ إن النسخ لابد له من دليل, ولا دليل يدل علي النسخ, ويقول ابن تيمية في ذلك إن دعوي النسخ تحتاج إلي دليل وليس في القرآن ما يناقض هذه الآية, بل فيه ما يوافقها.. فأين النسخ؟
ثانيها ـ إن ما تضمنته الآية من معان لا تقبل النسخ, لقد تضمنت النهي عن الاعتداء, والاعتداء ظلم, والظلم من المعاني المحرمة في كل الشرائع, وفي أحكام العقول, فالنهي عنه لا يقبل النسخ ولو جري فيه النسخ لكان معناها أن الله تعالي يبيح الظلم, وذلك غير معقول في ذاته, فما يؤدي إليه وهو دعوي النسخ باطل أيضا.
ثالثها ـ إنه لو كان القتل للكفر جائزا وأن آية منع الاعتداء منسوخة, لكان الإكراه في الدين جائزا, وقد ذكرنا أن ذلك غير صحيح.