الكتاب المقدس يدين بطرس وبولس ويوحنا (1) إدانة بطرس
أولا : قول المسيح ـ عليه السلام ـ لبطرس (اذهب عني يا شيطان ) :
جاء في إنجيل متى: ( قال لهم وأنتم من تقولون إني أنا ؟ فأجاب سمعان بطرس وقال : أنت هو المسيح ابن الله الحي ، فأجاب يسوع وقال له : طوبى لك يا سمعان بن يونا ... وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات والأرض ... حينئذ أوصى تلاميذه أن لا يقولوا لأحد إنه يسوع المسيح ... من ذلك الوقت ابتدأ يسوع المسيح يُظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيرا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويصلب وفي اليوم الثالث يقوم . فأخذه بطرس إليه وابتدأ ينتهره قائلا: حاشاك يا رب لا يكون لك هذا ، فالتفت وقال لبطرس : اذهب عني يا شيطان .أنت معثرة لي.لأنك لا تهتم بما لله بل بما للناس ) 16/13ـ23.
وجاء في مرقس:( وفي الطريق سأل تلاميذه قائلا لهم : من يقول الناس إني أنا ؟ فأجاب بطرس وقال له : أنت المسيح ، فانتهرهم كي لا يقولوا لأحد عنه . وابتدأ يعلمهم أن ابن الإنسان ينبغي أن يتألم كثيرا ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وبعد ثلاثة أيام يقوم ، وقال القول علانية ، فأخذه بطرس إليه وابتدأ ينتهره فالتفت وأبصر تلاميذه فانتهر بطرس قائلا : اذهب عني يا شيطان لأنك لا تهتم بما لله بل بما للناس ) 8/27ـ33.
وجاء في لوقا ( فقال لهم وأنتم من تقولون إني أنا ؟ فأجاب بطرس وقال : مسيح الله ، فانتهرهم وأوصى أن لا يقولوا ذلك لأحد ، قائلا إنه ينبغي أن ابن الإنسان يتألم كثيرا ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم 9/20ـ22.... وأما هم فلم يفهموا هذا القول وكان مخفى عنهم لكي لا يفهموه . وخافوا أن يسألوه عن القول 9/45 )
في متى
أ ـ طوّب المسيح بطرس بعد أن قال له ( أنت المسيح ابن الله الحي ) وأعطاه لذلك مفاتيح العالم .
ب ـ أوصى يسوعُ المسيحُ تلاميذَه أن لا يقولوا لأحد إنه يسوع المسيح ، أليس هذا عجيبا؟!!!
ج ـ انتهر بطرسُ المسيحَ وأخذه لأنه أعلن أنه سيتألم و يقتل ويقوم!
د- التفت المسيح لبطرس وقال له ( اذهب عني يا شيطان!) .
في مرقس :
أ ـ انتهر المسيحُ التلاميذً حتى لا يقولوا لأحد عنه إنه المسيح !.
ب ـ لم يطوّب المسيح بطرس ! رغم أهمية الكلام عن ذلك التطويب.
في لوقا :
أ ـ انتهر المسيح التلاميذ بعد أن قال له بطرس إنه المسيح .
ب - أوصاهم أن لا يقولوا لأحد إنه المسيح.
ج ـ أخبرهم أنه سيتألم ويقتل ويقوم فلم يفهموا وأخفي القول عنهم حتى لا يفهموه وخافوا أن يسألوه عن هذا القول!!!
د ـ اختفت مسألة انتهار بطرس تحديدا؛ علما بأن لوقا ويوحنا كانا يؤكدان أن التلاميذ لم يكونوا يعرفون شيئا عن موت المسيح وقيامته (لوقا 9/45؛ يوحنا 20/9) ، لذا حذف يوحنا القصة برمتها ، وقد فعل خيرا من لوقا الذي جعل كلام المسيح كالطواطم والألغاز للتلاميذ، وبالتالي لم ينكر بطرس شيئا ولم ينتهره المسيح ـ عليه السلام ـ مما يخالف متى ومرقس .
في النصوص مشاكل تتمثل في :
أ ـ تطويب بطرس وإعطائه مفاتيح العالم ثم نعته بالشيطان في أصحاح واحد في متى.
ب ـ انتهار التلاميذ بلا سبب وجيه .
ج ـ أمْر المسيح للتلاميذ أن لا يقولوا لأحد إنه المسيح .
د ـ مشكلة أن التلاميذ في متى ومرقس فهمَتْ كلام المسيح عن موته ولم تفهمه قط في لوقا .
إذن ، لحل هذه المشاكل، وللوصول لنص صحيح، سوف لن نضيف منا شيئا ، لكننا :
أ ـ سنستبعد تطويب بطرس الذي تفرّد بذكره إنجيل متى، لأن سبب تطويبه منتف ٍ، فلو كان التطويب سببه أنه قال للمسيح إنك ابن الله الحي، فإن ذلك يعني أن بطرس هو الوحيد الذي يعلم بحقيقة المسيح كابن لله ـ تعالى وتقدس ـ ، وهذا ضد بطرس لا في صالحه، لأنه هو الوحيد الذي انتهره المسيح من بين تلاميذه، حسْب متّى! ، ثم إن التلاميذ أجمعين ـ بما فيهم يهوذا الإسخريوطي ـ نالوا هذا الشرف من قبل وأعطوا مفاتيح العالم !!! ( لوقا 9/1)
ب ـ سنستبعد كلام المسيح عن ألمه وموته وقيامته بعد ثلاثة أيام ؛ ذلك لأن الأناجيل صرحت بأن المسيح عيسى قد أدخل القبر ليلة السبت (مرقس 15/ 42)، ووجد القبر فارغا عنه فجر الأحد، والظلام باق (يوحنا 20/ 1) . فبالحساب، سوف نجد أن أقصى مدة يمكن أن يكون المسيح فيها في القبر هي ليلتان ويوما واحدا(ليلتا السبت والأحد ويوم السبت) ، لذا سنستبعد هذه الفقرة لوضوح خطئها، كذلك سنستبعدها لأن لوقا ويوحنا يؤكدان أن التلاميذ لم يعلموا شيئا عن موت المسيح وقيامته، كما تقدم.
ج ـ سنستبعد توصية المسيح للتلاميذ بأن لا يقولوا عنه إنه المسيح ، لأنها ساذجة .
د ـ سنستبعد أن انتهار بطرس كان بسبب قوله للمسيح : حاشاك يا رب لا يكون لك هذا .
أولا : لأنه لم يكن يعرف شيئا عن ألمه وموته كما ذكر لوقا ويوحنا .
ثانيا : لأن تعليل المسيح لانتهاره وهو قوله له: (لأنك لا تهتم بما لله بل بما للناس) ، كلام غير منطقي ، فلو كان بطرس رفض أن يُصلب المسيح الذي سيموت من أجل الناس ، لكان بطرس يهتم بما لله لا بما للناس ، إذ إن بطرس أراد للمسيح الحياة ، فهنا هو قد (اهتم بما لله) ، وبالتالي لن تـُكفـَّر ذنوب الناس ، فهو هنا أيضا (لا يهتم
بما للناس؛ لعلك أدركت غرابة هذا التعليل، لذا سنستبعده .
بمراعاة كل ما ذكرنا، سنجد النص المستساغ دون أي إضافة منا كما يلي :
( قال لهم : وأنتم من تقولون إني أنا ؟ فأجاب سمعان بطرس : أنت المسيح ابن الله الحي ، فالتفت وانتهر بطرس وقال له : اذهب عني يا شيطان ، أنت معثرة لي؛ وانتهرهم كي لا يقولوا لأحد ذلك عنه)
إن عبارة (أنت معثرة لي) لا تقل خطورتها عن خطورة النعت بالشيطان، فيوم القيامة سيُطْرَحُ (جميع المعاثر وفاعلي الإثم في النار حيث البكاء وصرير الأسنان) متى 13/36ـ40
إن الرجوع لإنجيل برنابا ضروري لحل المشاكل بالأناجيل ، ذلك لأن ما تتوصل إليه من الأناجيل بعد تدقيق، وإزالة للتناقضات والمشكلات ، فستجده يتفق وكلامه ، إليك هذه الحادثة ، انتهار بطرس ، مثالا :
قال برنابا في إنجيله : ( أجاب يسوع المسيح : وما قولكم أنتم فيّ ؟ أجاب بطرس : إنك المسيح ابن الله . فغضب حينئذ يسوع وانتهره بغضب قائلا : اذهب وانصرف عني لأنك أنت الشيطان وتحاول أن تسيء إليّ، وحذرهم من أن يقولوا مثل هذا الكلام ) برنابا 70.
ثانيا: إنكار بطرس للمسيح:
رغم اختلافات الأناجيل، إلا أنها اتفقت على إنكار بطرس للمسيح ـ عليه السلام ـ، ثلاث مرات! ، وذلك في قصته بعد أن تبع المسيح بعد القبض عليه.
ما يهمنا هنا هو وقوع بطرس في محظور خطير ، إذ إن المسيحـ عليه السلام ـ قال صراحة: ( فكل من يعترف بي قدام الناس أعترف به قدام أبي الذي في السماوات ، ولكن من ينكرني قدام الناس أنكره أنا أيضا قدام أبي الذي في السماوات) متى 10/ 32ـ33.
إذن، وتحقيقا لهذا الكلام ، سينكر المسيحُ ـ عليه السلام ـ بطرسَ قدام الله!
إن بطرس قد تنبّأ، أي صار نبيا، باسم المسيح، وصنع باسمه المعجزات، قال بطرس لأعرج: (باسم يسوع الناصري قم وامش، فقام ومشى) أعمال 3/6!
المفاجأة هي أن المسيح عليه السلام سينكر يوم القيامة الأنبياء الكذبة الذين صنعوا باسمه المعجزات، قال المسيح عليه السلام: ( ليس كل الذي يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يصنع إرادة أبي الذي في السماوات ، كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة؟حينئذ أصرّح لهم: إني لم أعرفكم قط، اذهبوا عني يا فاعلي الإثم) متى 7/21ـ23
وفي لوقا (.. وابتدأتم تقفون خارجا وتقرعون الباب قائلين يا رب يا رب افتح لنا فيجيب ويقول لكم لا أعرفكم ، من أين أنتم؟حينئذ تبتدئون تقولون : أكلنا قدامك وشربنا وعلمت في شوارعنا، فيقول أقول لكم لا أعرفكم ، من أين أنتم؟ تباعدوا عني يا جميع فاعلي الظلم ، هناك يكون البكاء وصرير الأسنان ..) لوقا 13/22ـ30.
