قطع نظر من يفكر في هل يقدر الله أن يتجسد في صورة بشر ؟
قطع نظر من يفكر في هل يقدر الله أن يتجسد في صورة بشر ؟
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين
أما بعد :
فقد انتشر عند المنصرين و القساوسة الكافرين إجابة للرد على كلام المسلمين و اعتراضهم على تجسد الله في صورة إنسان ، وهذه الإجابة هي أن الله يقدر أن يتجسد في صورة بشر فالله على كل شيء قدير و الله يقدر أن يتجسد في صورة بشر لذلك تجسد في صورة بشر و كان تجسد الرب في صورة بشر لغاية عظمى كما يزعمون ألا وهي حتى تتم عملية غفران خطئية آدم عليه السلام و تجد بعض المسلمين لا يجد عنده ردا لهذه الإجابة الساقطة لذلك كتبت ردا على إجابتهم و اسميته قطع نظر من يفكر في هل يقدر الله أن يتجسد في صورة بشر ؟ فالمسألة لا تحتاج تفكير فهي من البديهيات فمن يفكر فيها فيجب أن نقطع تفكيره و نعطيه هذه الردود كي لا يفكر نسأل الله الهداية والتوفيق
الله عند النصارى إله متجسد
الله عند النصارى إله متجسد
يقول النصارى أن الله إله متجسد و يحتجون لذلك بأن الله على كل شيء قدير، ومن قدرته أنه تجسد في صورة البشر و لا يمتنع على الله أن يتحول بذاته لإنسان حقيقي مخلوق كتحول الملائكة إلى صورة إنسان إذ الملك من الملائكة قد يحل بين البشر فيكون أمامهم إنسانا ، ولا يشكون في أنه إنسان ، ولا أحد يعرف أنه ملك من الملائكة فإذا جاز للملك المخلوق أن يتحول فخالقه من باب أولى و إذا سألت النصارى لما يتجسد الله في صورة إنسان ؟ يقولون الله تجسد في صورة بشر لغاية عظمى و هدف نبيل و هذا الهدف هو أن تتم عملية غفران خطئية آدم عليه السلام تعالى الله عما يقول الظالمون
نقض مبرر تجسد الله في صورة إنسان
نقض مبرر تجسد الله في صورة إنسان
إن تجسد الله في صورة بشر عبث و الله منزه عن العبث فما الحاجة من تجسد الله في صورة بشر كي تتم عملية غفران خطئية آدم عليه السلام ؟ فالله غافر الذنب و قابل التوب قال تعالى : ﴿ غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾[1] و قال تعالى : ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾[2] غفران ذنب آدم عليه السلام أو غيره لا يحتاج لتجسد الله في صورة بشر فكلمة من الله تبت على فلان انتهى الأمر لا يحتاج الرب لكي يظهر نفسه في صورة بشر حتى يقيم الحجة على الناس بنفسه و يغفر خطيئة آدم أو يغفر خطيئة غيره
[1]- غافر آية 3
[2] - التوبة الآية 104
نقض تجسد الله في صورة بشر بأدلة من الكتب المعتمدة عند النصارى
نقض تجسد الله في صورة بشر بأدلة من الكتب المعتمدة عند النصارى
تجسد الله في صورة بشر يبطله ما في كتب النصارى المعتمدة عندهم فتجسد الله في صورة بشر إما أن يقصد النصارى أن الله هو الذي تجسد أو يقصد النصارى أن غير الله هو الذي تجسد فإن قالوا إن الله هو الذي تجسد نقول لهم هناك أدلة كثيرة من كتبكم المقدسة لديكم تمنع أن يكون المسيح هو الله فقد قال المسيح : (( وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب ))[1] فكيف يكون الإله المتجسد الله و يجهل الساعة ، ويترك علمها للآب الذي هو الله ؟!!،وكيف يستقيم هذا الكلام والمسيح عليه السلام يقول : (( الذي يؤمن بي ليس يؤمن بي بل بالذي أرسلني ))[2] فهذا الكلام فيه نص بأن المسيح مرسَل من عند الله ،و رسول لله ومادام المسيح عليه السلام رسولا فلا يمكن أن يكون المسيح إلها ؛ لأن الإله يرسل الرسل و الإله يعرف نفسه لعباده عن طريق رسله وأنبيائه لا عن طريق نزوله لهم إذ هذا لا يليق لملك من ملوك الأرض فكيف بالله خالق السماوات والأرض ؟!! فالملك يرسل رسله للناس لكي يعرفه الناس ،و لا ينزل من ملكه للناس ليعرفهم بنفسه ،والخالق أجل وأعظم من كل ملوك الأرض ،ولا نقول إن من التواضع أن ينزل الرب من ملكه لنا حتى يعرفنا نفسه ، ويقيم علينا الحجة بنفسه فالتواضع من صفات المخلوق لا الخالق ، والكبرياء من صفات الخالق لا المخلوق ثم هذا ينافي كل الكتب السماوية التي تدل أن الله في السماء فوق خلقه ، وليس في الأرض ، وكيف يكون الخالق وسط خلقه ؟!! أيكون الخالق داخل خلقه ؟ََ!! و أيضا كيف يكون المسيح هو الله مع صلاة المسيح لله أيصلى الله لله ؟!!! وإن قال النصارى الإله المتجسد غير الله فقد جعلوا مع الله شريكا في ملكه ، وهذا ينافي توحيد الله في ذاته وفي أسمائه وصفاته ، وهذا يبطله الأدلة على وحدانية الله ، وقد قال المسيح : (( أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته ))[3] فالله هو الإله الحقيقي ، وما عاداه ليس بإله حقيقي بل إله باطل ، والمسيح رسول ، والرسول يكون من جنس قومه وهم البشر فالمسيح إذاً بشر.
[1] - مرقس إصحاح 13 عدد 32
[2] - يوحنا إصحاح 12 عدد 44
[3] - يوحنا إصحاح 17 عدد 3
لا يليق بالله التجسد في صورة بشر
لا يليق بالله التجسد في صورة بشر
إن تجسد الله في صورة بشر لا يليق به سبحانه فكيف يتجسد الخالق المنزه عن النقائص بالمخلوق المتسم بالنقص ؟ فمن يقول الله يمكن أن يتجسد في صورة إنسان فهو ينتقص من قدر الله جل وعلا و لا يمدح فيه ، و يثبت لله صفة نقص لا صفة كمال وكل وصف أسند إلى الله يؤدي إلى الطعن فيه فهو باطل ،إذ كل صفات الله صفات كمال لا نقص فيها قال تعالى : ﴿ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾[1] أي : للذين لا يؤمنون بالآخرة ولا يعملون لها, الصفة القبيحة من العجز والحاجة والجهل والكفر, ولله الصفات العليا من الكمال والاستغناء عن خلقه, وهو العزيز في ملكه, الحكيم في تدبيره[2] وليس معنى أن الله قدير على كل شيء أن نصف الله بالاستطاعة على فعل شيء لا يليق به سبحانه كمن يقول مادام الله قادرا على كل شيء فهو قادر على خلق من يقهره ، ومادام الله قادرا على كل شيء فهو قادر على أن يميت نفسه ، ومادام الله قادرا على كل شيء فهو قادر على إهلاك نفسه ، ومادام الله قادرا على كل شيء فهو قادر على أن يخلق إنسانا ولا يعلم عنه شيئا ومادام الله قادر على كل شيء فهو قادر على أكل الخراء ، و مادام الله قادر على كل شيء فهو قادر على أن يدخل في دبر إنسان ، و من يثبت قدرة الله على مثل هذه الأشياء فهو يثبت لله النقص لا الكمال ، و الله قادر على كل شيء يليق به أن يقدر عليه ، وهؤلاء النصارى ما قدروا الله حق قدره و تشبيههم تغير صورة الإله إلى صورة البشر بتغير صورة الملك إلى صورة الإنسان تشبيه مع الفارق ؛ لأن تحول صورة الملك إلى صورة الإنسان لم يخرجه عن طبيعته الأصلية أما تحول الإله لصورة البشر فهو لا يليق بالله أصلاً فكيف يحول الإله المنزه عن النقص المتصف بالكمال المطلق صورته سبحانه لصورة الإنسان المتسم بالنقص ؟ و الواجب علينا ألا نفترض أن الله يقدر على فعل شيء ، وهذا الشيء لا يليق بمثله سبحانه ، ونحن المسلمون لا يؤدي بنا اعتقادنا في الله بمثل هذا الهراء الذي فيه انتقاص صريح للرب سبحانه أما هؤلاء الكفار فلم يقدروا لله قدره قال تعالى : ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾[3] هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و كتب ربيع أحمد سيد بكالوريوس الطب والجراحة الأربعاء 15/9/2008م 15 شوال 1429 هجريا
[1] - النحل الآية 60
[2] - التفسير الميسر النحل الآية 60
[3] - الزمر الآية 67